×

مؤسسة الحريري عملاق اجتماعي... تدور محرّكاته في كل الاستحقاقات

التصنيف: الشباب

2009-11-07  07:53 ص  1769

 

 

كلير شكر
وفي الرابع عشر أيضاً... من أيار 1979 عاد رفيق الحريري إلى لبنان «المهددّ بالزوال، ليبدأ مسيرة البناء...».
تتردد أصداء تلك الكلمات على لسان بهية الحريري، بحضور عدد من محبي الرجل، في الذكرى الثلاثين لانطلاقة «مؤسسة الحريري»، بما مثّلته وما تزال من «قوة دعم» للزعامة «الحريرية».
التقديمات الاجتماعية، حملت منذ ثلاثين عاماً رجل أعمال صيداوياً على متن طائرة ومنحته لاحقاً «فيزا» الدخول إلى عالم الزعامة السنيّة. وسنة بعد سنة، تضاعفت الخدمات باتجاهات ومجالات عدة... وعلى خلاف نماذج الأحزاب اللبنانية التي تدعّم جدران بيتها التنظيمي بالحضانة الاجتماعية، كانت «مؤسسة الحريري» تقوم بالمهمة من دون واجهة حزبية. وحده رفيق الحريري في دائرة الضوء.
في زمن الاستحقاقات تظهر «غّلة» المؤسسة إلى العلن، تتحول البطاقات الصحية والمنح المدرسية والجامعية المختومة بختم المؤسسة، إلى أوراق اقتراع تزيد من رصيد الحريري الشعبي.
تكفي مراجعة أرقام الانتخابات النيابية الأخيرة التي بلغ فيها حجم «المتطوعين» في ماكينة «تيار المستقبل» أكثر من مئة ألف شخص، لتقدير حجم «التوغل» الاجتماعي للمؤسسة، وقدرتها على استنهاض المؤيدين... والمستفيدين خدماتياً.
لا يمكن لـ«منجم الذهب» الذي حفر الحريري آثاره بيده، أن يعزل نفسه عن مسار التنظيم الذي يولد على «أرضية اجتماعية»، شكّلت المؤسسة حجر الزاوية في «الصرح الخدماتي». ومن السذاجة السياسية، إهمال هذا «العملاق الاجتماعي» الذي تمكّنت المساعدات من بنائه على مرّ السنوات، وبإشراف «دولة الرئيس» مباشرة، وتركه يتكدس «إيصالات» في أدراج المؤسسة.
على هامش الورشة التنظيمية التي يشهدها «التيار»، تحرص «مؤسسة الحريري» على تعزيز استقلاليتها، خدمات صحية واجتماعية وثقافية (ولو أنها تعاني راهناً من تقلّص في الموارد المالية)، وتشجيع للأنشطة الثقافية والأعمال الخيرية للأطفال.
على المستوى الرسمي، ثمة خط أحمر فاصل بين الشأنين الاجتماعي والسياسي، وفق ما تؤكد مصادر «تيار المستقبل»، لكلّ منهما إدارته واهتماماته، عملاً بـ«وصايا» الشهيد، فإن التقديمات لا تُصرف بالسياسة ولا يسأل المستفيد عنها. «يوم الحساب» لا يرد في قاموس المؤسسة، بحسب تأكيد المصادر، لأن المساعدات الاجتماعية لا تقدّم إلى عيّنة واحدة من المجتمع، بعضها يذهب إلى شرائح غير موالية لـ«تيار المستقبل»، من دون أن يطالب المستفيدين بردّ «الجميل. «مؤسسة الحريري» مستقلة إدارياً وحتى في طريقة عملها، ولن يؤثر تنظيم «التيار» على مسارها أو مصيرها، «بدليل عدم تمتع محازبي التيار بأي أفضلية عن غيرهم من المواطنين، للاستفادة من البطاقات الصحيّة».
ولكن هذه الإجابة الحاسمة، لا تحجب بعض المحاولات التي يسوقها بعض قياديي «التيار» لوضع المؤسسة تحت جناح التنظيم، في محاولة لتسييل «سبائك» الخدمات إلى أصوات توضع «تحت التصرف». إلا أنه يبدو أن هناك من يقف لهذا الخيار بالمرصاد، وإن كان التنظيم لن يوفر «جيش» المستفيدين من المساعدات في زمن الاستحقاقات، وسيفتح «الدفاتر» ويراجع لوائح الأسماء، ليطلق صفارة «الاستدعاءات».
دخل من بوابة التعليم
من بوابة التعليم دخلت المؤسسة إلى المجتمع اللبناني، لتوسع فيما بعد بيكار اهتماماتها. الرجل الذي فتح أبواب الجامعات أمام آلاف الطلاب، أدرك جيداً أنه يمسك بمفتاح الزعامة. يذكر الكثيرون قولاً للحريري أنه « ينبغي أن يكون للطالب الحرية في اختيار موضوعه والمستوى الجامعي والبلد الذي يدرس فيه».
وضع الحجر الأساس للمؤسسة في صيدا، مسقط رأسه، حيث أسس «المعهد الإسلامي للتعليم العالي». وعرفت باسمها الحالي في مطلع عام 1984، بعد ان انتقل مركزها الرئيسي الى بيروت. وافتتحت مكاتب لها في البقاع وطرابلس وصيدا، لتيسر امام طلاب لبنان من جميع المناطق، الإفادة من القروض التي تقدمها لهم لتمكينهم من الالتحاق بالجامعات والمعاهد في لبنان. كما افتتحت مكاتب لها في كل من باريس ولندن وواشنطن لرعاية طلابها المنتشرين في الخارج. وقد وفرت فرص التعليم لأكثر من 33 ألف طالب من مختلف الطوائف والمناطق اللبنانية، بينهم حملة درجة الدكتوراه في مختلف العلوم والاختصاصات.
في موازاة نشاطه السياسي، كان الحريري يتابع بدقّة نمو «رصيده» الخدماتي بين اللبنانيين، لأن «أرقامه» كانت تدغدغ مشاعره. ويتطرق الوزير السابق الفضل شلق في كتابه «تجربتي مع الحريري» إلى هذا الفصل في أكثر من محطة، في دلالة على الاهتمام الذي كان يوليه «دولة الرئيس» إلى الشأن الاجتماعي والطالبي تحديداً، «في أحد الأيام اتصل الحريري بالفضل بعد الساعة العاشرة ليلا وسأله عن «الغلّة» (أي عدد الطلاب الذين سجلهم) فقال له الفضل «لقد اتصلت بي في النهار وأخبرتك، فقال له الحريري «كان ذلك في النهار ونحن الآن في الليل. كرر لي الرقم كي أتلذذ».
اهتمام صاحب العلاقة لا يقل شأناً عن اهتمام السفارات الغربية بتلك «الظاهرة» التي وضعتها تحت مجهرها، منذ انطلاقتها، إذ على سبيل المثال، «أعطت السفارة الفرنسية ختم الفيزا لمؤسسة الحريري ليختموا لطلابهم بدل أن يأتي الطلاب إلى السفارة». وفي إحدى المرات «وافق السفير الأميركي على إعطاء خمس وعشرين فيزا كل يوم لطلابهم وبدل أن يرسلوا خمس وعشرين طلبا كل يوم كانوا يرسلون مئة طلب إلى السفارة الأميركية في دمشق وكانوا يعطونهم مئة فيزا كل يوم بدل خمس وعشرين التي وعدهم بها السفير الأميركي في بيروت، وخلال عشرين يوماً كانوا قد حصلوا على ألفي فيزا»، كما يقول شلق.
برامج المؤسسة
تتوزع برامج المؤسسة على عدد من الأنشطة الثقافية والتربوية والعلمية، أهمها:
ـ برنامج القروض الجامعية: استفاد الطلاب بموجب هذا البرنامج من قروض ساعدتهم على تسديد الأقساط الجامعية كلياً أو جزئياً.
ـ برنامج التأهيل الجامعي: اعتمدت المؤسسة برامج للتأهيل اللغوي والأكاديمي تمكن الطلبة من متابعة الدراسة الجامعية او التخصص العالي.
ـ برنامج تأهيل الجامعيين: أرسلت المؤسسة سنة 1985، 144 جامعياً الى أميركا وكندا لمتابعة برامج تأهيل متخصصة في عدد من المراكز للاطلاع على المستجدات العلمية في حقل اختصاصهم. وفضل اكثر الملتحقين بالبرنامج متابعة الدراسة الاكاديمية على مستوى الماجيستير مما ادى الى اقتصار البرنامج على دفعته الأولى.
ـ برنامج التأهيل الطبي: أعدت المؤسسة هذا البرنامج لتأهيل بعض الأطباء اللبنانيين الذين أنجزوا دراستهم الجامعية في الخارج، والذين يرغبون في متابعة تخصصهم في لبنان. وقد استفاد من هذا البرنامج 126 طبيباً وطبيبة وتوقف مع نهاية سنة 1991.
ـ التخطيط والتوجيه لتوفير اختصاصات متنوعة: أمام تزايد الطلب على قروض مؤسسة الحريري في بعض الاختصاصات دون غيرها، وضعت المؤسسة مخططاً لترشيد الطلبة وتوجيهها في ضوء احتياجات سوق العمل ومتطلباته.
كما ساهمت «مؤسسة الحريري» في تبني مؤسسات تعليمية بدأت تعاني من التدهور نتيجة الوضع الاقتصادي المتردي كدعم مدارس جمعية المقاصد الإسلامية، إضافة الى إنشاء مؤسسات تعليمية نموذجية جديدة. من هذه المؤسسات: مدرسة الحريري الثالثة في بيروت، مدرسة الحاج بهاء الدين الحريري ـ صيدا، جامعة الحريري الكندية ـ المشرف. إضافة إلى مساهمتها منذ إنشائها تقريبا في تنظيم نشاطات تربوية تهدف الى معالجة القضايا التربوية.
إلى ذلك اهتمت «مؤسسة الحريري» بمعالم التراث العميق في لبنان عامة وفي مدينة صيدا خاصة، ومن الأعمال التي قامت بها المؤسسة: ترميم بناء الجامع العمري الكبير في صيدا، ترميم بناء مسجد الكتخدا في وسط مدينة صيدا القديمة، ترميم خان الإفرنج في مدينة صيدا، إعداد الخرائط المعمارية الخاصة بمبنى والي صيدا العثماني المعروف حالياً بمدرسة عائشة أم المؤمنين بهدف ترميمه، والمساهمة في الكشف عن الآثار المطمورة تحت مدينة بيروت.
أما الشأن الاستشفائي، فقد أولي إلى «المؤسسة الصحية» التي وزعت أكثر من خمسمئة ألف بطاقة صحية، وفق خريطة تشمل مختلف المناطق اللبنانية، وتم ربطها بواسطة نظام معلوماتي متطور جداً، إلى جانب شبكة واسعة من المراكز الصحية المنتشرة على كافة الأراضي اللبنانية.
يحتاج «العملاق الاجتماعي» (المؤسسة) كلفة مادية كبيرة، ولكن التعويض المعنوي هو الأساس. «عام 2003 زار الفضل شلق بهية الحريري فقالت له «أرسلنا حتى هذه اللحظة واحداً وثلاثين ألفا وستمئة طالب، كلفونا خمسمئة مليون دولار» وحتى يومنا هذا، فإن هذه المبالغ إلى ارتفاع متزايد

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا