×

صيدا :أمسيات حتى الفجر وحركة بطيئة داخل الأحياء

التصنيف: إقتصاد

2009-09-09  04:32 ص  1927

 

صيدا - مكتب <اللـواء>:

كرّست مدينة صيدا نفسها هذا العام <عاصمة رمضانية> بإمتياز، إذ لم تكن الأولى في لبنان، ففي هذا الشهر الفضيل تنقلب حياة أبنائها رأساً على عقب، ويتحول ليلها على غير عادة إلى نهار يضج بالحركة والحياة، وما ساهم هذا العام في إستقطاب المزيد من الزائرين والوافدين من مختلف المناطق اللبنانية، خلافاً للسنوات الماضية، تلك النشاطات الرمضانية التي نظمتها كل من <لجنة مهرجانات صيدا الدولية> و<مؤسسة الحريري>، تحت عنوان <مهرجان المدينة·· صيدا مدينة للحياة>·· وبلدية صيدا تحت عنوان <صيدا عاصمة رمضانية بإمتياز>، ليتكاملا معاً ويعوّضا غياب المهرجانات السياحية التي كثيراً ما كان يتغنى بها الصيداويون، إذ أنها كانت السباقة قبل نصف قرن تقريباً، إلى إطلاق فعاليات <مهرجانات الربيع في صيدا>، قبل أن يقتصر الأمر في السنوات الأخيرة على نشاطات فنية غير منتظمة عام بعد آخر وبمبادرات فردية··

اليوم تعيش صيدا تألقها الرمضاني بكل ما للكلمة من معنى، ويشهد كورنيشها البحري الممتد من قلعة صيدا البحرية إلى <خان الإفرنج>، ذروة التألق، إلى جانب المقاهي الشعبية والمطاعم التي تحاكي البحر، وميناء الصيادين والمرفأ والأنوار الخلابة التي إنتشرت في كل المنطقة، فيما تغيب الحركة المزدحمة عن الأحياء القديمة والمقاهي الشعبية والحارات الضيقة التي عرفت مجدها الذهبي قبل أربع سنوات، حين لم يكن يوجد مكان لوضع كرسي واحد وإجلاس ضيف جديد··

<لـواء صيدا والجنوب> يسلط الضوء على مشهد المدينة الرمضاني في النهار، كما الليل الذي جمع بين العبادة والعادات، بين الطاعات والسهرات ليجعل من المدينة قالباً خاصاً بإلتزامه الديني وإنفتاحه الثقافي··

 

مشهدان وإختلاف

يختلف مشهد المدينة في النهار عنه في الليل، فداخل أحياء صيدا القديمة التي تمثل الشريان النابض بالحياة، تحافظ المقاهي الشعبية ومحال بيع الفول والحمص، والمخابز القديمة وأفران المناقيش، وحتى الإنترنت، على وجودها أمام <غزو> الساهرين للكورنيش البحري الممتد من القلعة البحرية وحتى خان الإفرنج، حيث الضجة والحركة التي لا تهدأ، أما هنا فقد بدأ يدور حديث خافت عن إنزعاج من <تكدس> الساهرين هناك، حيث ينتظر الرواد دورهم للجلوس على الطاولات، ويشكو أصحاب المقاهي في صيدا القديمة من <الأفول> الذي يتعرضون له··

ويقول أحدهم: بدأنا نعيش الموت البطيء، تنتعش مناطق على حساب أخرى·· بينما يجب أن تبقى المدينة القديمة نبض رمضان وسهراته، مشيراً إلى <أن حركة الساهرين تراجعت كثيراً هنا، وبات رواد المقاهي يقتصر على أبناء المدينة ومنطقتها وبعض الزبائن الخاصين، الذين يتوافدون إليها لقضاء ليالي رمضان وسط أجواء عائلية وعادات وتقاليد صيداوية>، مؤكداً <أن العدد يتضاعف نهاية كل أسبوع، ونحن نقدم للزبائن <النراجيل> والمشروبات والمرطبات، وكلها بأسعار زهيدة نظراً إلى الظروف الإقتصادية الصعبة>·

فول·· وأسباب

وغالباً ما تمتد سهرات رواد المقاهي إلى السحور، حيث يتناولون الطعام الذي يتنوع بين الفول والحمص والمناقيش، ووسط الإزدحام تختلط أصوات <معلمي> المقاهي مع طلبات الزبائن، <نارة يا صبي>، <واحد قهوة سادة>، <منقوشة بلا سمسم>، وسواها من <النداءات> تدل بوضوح على نوعية الطعام والشراب المفضل في هذا الشهر الفضيل·

ويؤكد أحد أصحاب محال الفول والحمص في ساحة <باب السراي>، الأكثر شهرة، مالك شبلي <أن الحركة تراجعت كثيراً قياساً على السنوات الماضية، وتحديداً قبل 4 سنوات، حيث لم يكن هناك متسعاً لوضع كرسي واحد إضافي لضيف جديد، كنا نبيع كل ليلة ما بين 200 و250 صحن فول وحمص وبسعر ألفي ليرة، اليوم يقصدنا الزائر الذي يريد أن يتسحر الفول والحمص، فهذا <الضيف الثقيل> في شهور السنة على <معدة> المواطنين يتحول إلى <ضيف خفيف> يطلبه الزبائن لسد رمق جوعهم خلال ساعات النهار>·

ويعزو بعض العارفين هذا الموت البطيء إلى عدة أسباب، أولاها بعض المشاكل التي وقعت في الأحياء القديمة، وثانيها الإنقطاع في التيار الكهربائي، وخصوصاً بعد منتصف الليل، حيث يجعل من الحارات والأحياء أشبه بالأنفاق المظلمة، وثالثها المفرقعات التي باتت تقض مضاجع الناس وترهبهم، ومعظمها من العيار الثقيل أو المخيف، ورابعها تكريس كل الإهتمام في المنطقة البحرية وإستقطاب الساهرين، حيث تقتصر الحركة على سكان <البلد> أنفسهم وقاصدي المكان للتسحر أو للذكريات·

ويقول محمد غزال (صاحب محل للإنترنت في صيدا القديمة): حتى الإنترنت لم يعد روادها كما السابق ليلاً، معظم الناس باتت تفضل السهر على الكورنيش البحري، نشهد حركة خفيفة في النهار، وهي تقتصر على الأولاد وألعاب الكومبيوتر، وفي الليل على الشباب والإنترنت، علماً أن المشكلة الكبرى التي تواجهنا الإنقطاع في التيار الكهربائي، فيما أصحاب المولدات الخاصة يقنون وفق مزاجهم، ما اضطرني إلى شراء مولد خاص، أنفق القسم الأكبر من ربحي وغلتي لشراء البنزين·

أمسيات الخان

أما خارج حدود المدينة القديمة، وتحديداً بين الكورنيش البحري الممتد من القلعة البحرية حتى <خان الإفرنج>، فإن الحركة لا تهدأ حتى طلوع الفجر، فالمقاهي تتحول إلى ملتقى للعائلات والأصدقاء كما حال المطاعم، ما زاد من تألق المدينة في رمضان المهرجانات، التي نظمتها <لجنة مهرجانات صيدا الدولية> و<مؤسسة الحريري>، تحت عنوان <أمسيات الخان·· صيدا مدينة للحياة>، والتي إستضافت نخبة من الفنانين بدءاً بالفنانة سحـر طـه، ومسرحية <شهرزاد وشهريار> للأطفال، وفرح بركة على أنغام العوّاد خالد جنّون، أمسية شعر لبناني وفرنسي بالتعاون مع المركز الثقافي الفرنسي، ورافاييل إيفري على أنغام العواد إلياس شديد، وأمسية أوبرا إيطالية وفيروزية، وزياد سحاب، وفرقة المدينة وأمسية لآغاني سيّد درويش وغـادة شبيـر، وفرقة روائع دبكة بعلبكية وميمي فرح - مسرحية أطفال <جاد وقصص جدته> ومعرض رمضاني، بالتعاون مع أندية صيدا الشعبية، ويتضمن منتجات حرفية وأرتيزانا، مأكولات رمضانية، وترافقه نشاطات لجمعية الحق في اللعب للأطفال·

وتستمر أمسيات الخان 3 أسابيع، وتتضمن عروضاً فنية وتراثية، سهرات موسيقية وشعرية، ومعارض صور وتراث وأشغال يدوية، وسوقاً للمأكولات الشعبية والبيتية، وبرامج خاصة بالأطفال، ومعرض صور <في محط الآنظار> تنظمه اللجنة الوطنية للألعاب الفرنكوفونية السادسة، ويتوّج طوال أيام عيد الفطر المبارك بعرس المدينة - مهرجان الشارع، وهو عبارة عن عروضات هوائية لألعاب ضخمة، عروضات نارية، مهرّجون، عروض مائية، سهرات طربية، معروضات حرفية ومأكولات من صناعة بيتية·

وأشرفت وزيرة التربية والتعليم العالي بهية الحريري على التحضير لهذه الأمسيات، ترجمة لقناعتها بأن <صيدا مدينة تستحق الحياة>·· وهي أول من أطلق شعار صيدا مدينة للحياة، وحرصت على دعوة نخبة من الشخصيات السياسية والفنية للمشاركة في هذه الأمسيات·

وإعتبرت الوزيرة الحريري <أن الهدف من إطلاق أمسيات الخان تفعيل المدينة خلال شهر رمضان المبارك، لأنها أثبتت أنها مدينة رمضانية بإمتياز، يقصدها كل لبنان خلال هذا الشهر، نظراً لأن فيها مقومات إستقطاب تراثية وسياحية وتاريخية ودينية، فضلاً عن جهوزية مرافقها وبنيتها·· إضافة إلى أشياء أخرى يُمكن أن تستضيفها المدينة، وتكون من خلالها تؤسس لما يسمى مهرجان المدينة>··

وأكدت الوزيرة الحريري السعي <لتأسيس المؤتمر الإنمائي الأول لمدينة صيدا، الذي سينطلق في الأول من تشرين الثاني المقبل>، مشيرة إلى <أن المدينة ستعيش آفاق مفتوحة من النشاطات حتى منتصف تشرين الأول، بدءاً من <أمسيات الخان> الرمضانية، مروراً بالعرس الجماعي اللبناني ـ الفلسطيني، وصولاً إلى دورة حسام الدين الحريري بكرة السلة·

نشاطات البلدية

 

أما نشاطات بلدية صيدا، فقد أقيمت في القلعة البحرية التي إرتدت حلة جديدة من الأنوار الملونة، بعدما أضاءتها البلدية مع حلول شهر رمضان المبارك، حيث تنوعت أضواؤها بين الأحمر والأصفر والأخضر والأزرق، وطبع على برجها مداورة <رمضان كريم> و<بلدية صيدا>، وقد حرصت البلدية على إقامة المهرجانات الرمضانية فيها، وأبرزها مهرجان الأنشودة الإسلامي للمنشد عماد رامي وفرقته، إضافة إلى فرق السيف والترس، وفرق ليالي الشام والعروض المولوية، وفرقة المنشد مصطفى الجعفري، فضلاً عن المعرض في الهواء الطلق، الذي نظم بالتعاون مع تجمع المؤسسات الأهلية·

وإعتبر رئيس البلدية الدكتور عبد الرحمن البزري، <أن مدينة صيدا هي مدينة رمضانية بإمتياز، ولقد تعوّدنا خلال السنوات الماضية أن تتحول صيدا إلى عاصمة رمضانية حقيقية لكل لبنان، نحن نظمنا سلسلة من النشاطات الرمضانية التي تتماشى مع طبيعة المدينة وقدراتها مثل النشاطات الثقافية والفنية والأناشيد الدينية، إضافة لإنارة القلعة البحرية التي ستبقى مضاءة طيلة فترة رمضان المبارك>·

وقال: نحن كمجلس بلدي نعتبر أن من واجبنا العمل جاهدين على تحويل هذه المدينة إلى قبلة سياحية، ونرحب فيها بكل اللبنانيين وبكل زوارنا العرب، ونقول إن النشاطات الرمضانية تدل على أن لصيدا قيمة حقيقية تراثية وسياحية نركز عليها، وكنا نتمنى أن يكون لوزارة السياحة دوراً فاعلاً أكبر، مؤكداً <أننا في بلدية صيدا نعتبر أن أي نشاط رمضاني يجري في صيدا هو نشاط يهدف إلى تعزيز المدينة، ونضع جهودنا وأيدينا بأيدي الجميع من أجل الإبقاء على صيدا عاصمة رمضانية حقيقية، فصيدا التي هي عاصمة للجنوب والمدنية الثالثة في لبنان، هي المدينة الأولى رمضانياً، وهذا ما تكرسه النشاطات التي نقوم بها>·

ثريا حسن زعيتر

Th@janobiyat.com

 

 

*<مراسينا> عند مدخل صيداالشمالي

 

في خطوة جديدة خارج حدود صيدا القديمة والكورنيش البحري، وتأكيداً على أن صيدا مدينة رمضانية بإمتياز، فقد أقيمت خيمة <مراسينا> بمحاذاة الملعب البلدي لمدينة صيدا - مدينة الرئيس الشهيد رفيق الحريري الرياضية، عند مدخل صيدا الشمالي لجهة الأولي، وقد لاقت الخطوة ترحيباً·· وباتت <مراسينا> مقصداً للكثير من الساهرين خاصة أن ريعها يعود إلى مساعدة الأطفال المرضى في <مستشفى صيدا الحكومي>·

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا