×

ترميم في كنيسة الآباء اليسوعيين لزجاج ملوّن يعود إلى عام 1875

التصنيف: سياسة

2009-09-22  12:13 م  2704

 

في عيد الميلاد المقبل ستبدو كنيسة القديس يوسف للآباء اليسوعيين في حلّة جديدة ومميزة، تستعيد تراثاً كنسيا واصالة فنية فقدتهما بفعل الحرب.
تسعة الواح زجاجية ملونة هي فقط الباقية من اصل 36 لوحا، العدد الاجمالي لشبابيك الكنيسة التي تعرضت للكسر والعطب، ستعود الى مكانها الاساسي وتتربع في صدر الكنيسة، بعد خضوعها لعملية ترميم تتبع قواعد هذا الفن واصوله.
بعد اربعة اشهر تنتهي المرحلة الاولى من مشروع ترميم الكنيسة والمتعلقة بزجاجها الملون والتي تتألف من قسمين:
- ترميم الالواح التي لا تزال محفوظة والمستوردة من فرنسا مع رخام الكنيسة عام 1875.
- تصنيع العدد الباقي من الالواح بالتقنية القديمة ذاتها التي تحفظ الاصل.

 

9 من 36 لوحاً
 

الفكرة بدأت عام 2007 عندما طرح استاذ مادتي التاريخ والجغرافيا والمسؤول عن النشاطات الثقافية لقدامى الجامعة اليسوعية كريستيان توتل، على القيمين على رئاسة دير الآباء اليسوعيين فكرة ترميم الواح الكنيسة الزجاجية، فنالت الاستحسان والموافقة. وهنا بدأت رحلة البحث عن الالواح الاصلية، وعثر على تسعة فقط كانت موجودة في مستودع الدير في حال يرثى لها بسبب الدمار الذي طال الكنيسة ايام الحرب وخصوصا انها تقع على خطوط التماس في وسط بيروت، ويبدو ان الـ25 لوحاً الباقية تعرضت اما للتكسير او للنهب. وقد تم تفكيكها ورفعها من اماكنها في الكنيسة وايداعها مكانا آمنا في المستودع لحمايتها والمحافظة عليها وانقاذها من مصير محتوم.
في ذلك العام، بدأ توتل الاتصال بجمعيات فرنسية عدة بحثا عن تمويل للمشروع، فتجاوبت احداها لكنها لم تف بالوعد، واشترطت اخرى اعادة الزجاج المرمّم الى فرنسا. الا ان الخير اتى من اصحاب الايادي البيضاء من المؤمنين اللبنانيين الذين يصلون في الكنيسة، فتبرعوا بتغطية الكلفة الباهظة. وفي آذار 2009، بدأ العمل بنقل الالواح من المستودع الى الطبقة العلوية من الكنيسة التي تحولت محترفا لترميم الالواح التسعة الاصلية وتصنيع الباقي بالتقنية القديمة ذاتها التي تحفظ الاصل. وستنتهي المرحلة الاولى من المشروع في ميلاد 2009 ليتم تركيب التسعة الاصلية التي تمثل الاساسية منها صورة المسيح القلب الاقدس محاطاً برسوم وزخارف وردية. ويبلغ طول كل لوحة 2,75 مترين وعرضها 98 سنتيمتراً.

 

محترف الترميم
 

ليس سهلا او عاديا ترميم زجاجيات يناهز عمرها الـ134 عاما والحصول على تركيبة الالوان الاساسية، لكن يبدو ان الامر لا يستعصي على معلم الزجاج نهاد فواز الذي يعمل على ترميم الزجاج الملون منذ اواخر السبعينات. وفي لقاء مع "النهار" يتحدث فواز بشغف عن هذه الالواح الجميلة ويقول انها "من اجمل الزجاجيات الملونة التي اتت من الخارج الى لبنان منذ اواخر القرن الثامن عشر".
ويشرح عملية الترميم فيقول: "نأتي اولا باللوحة المتضررة ونفك اطارها الخشبي والحديد الذي يحيط بالالواح الزجاجية، ونزيل الرصاص المعطوب ونستبدله برصاص جديد. ثم يتم تصنيع الواح زجاجية جديدة عوضا عن المكسورة وتتم اعادة رسمها ثم طبخها عبر وضعها في فرن على درجة حرارة تفوق الـ550 درجة بحسب الالوان، بعد ذلك تعاد الى مكانها وتثبت بفواصل من الرصاص وتوضع حولها اطارات خشبية جديدة".

 

اللون والتقنيات
 

يبدو ان تركيبة اللون تشكل الحلقة الاصعب في هذا العمل، ويؤكد المرمم انه وجد صعوبة في "اعادة انتاج الالوان التي صنعت في القرن التاسع عشر ولم تعد موجودة اليوم، فاضطررنا الى مزج بعض الالوان واعادة تركيبها كي نعيد اليها لونها الحقيقي. وهذا ما تطلب وقتا كبيراً، كما ان العمل الدقيق لاعادة القطعة المتضررة الى مكانها بطريقة لا تؤذي القطعة الاخرى يحتاج الى وقت اضافي، حيث ان احاطة كل قطعة بسكة رصاص تتطلب وقتا وتأنيا كي لا تتم اعاقة القطع الزجاجية غير المتضررة". ويلفت الى ان "المواد المستعملة، وخصوصا البودرة الملونة، خطرة وسامة مما يستوجب احياناً وضع كمامات وحتى قفازات اثناء العمل". ويطمئن فواز الى ان "الالوان ستعود هي ذاتها بتركيبة قديمة – جديدة. ومنذ سنة نجري اختبارات على الواح الزجاج للتثبت من الوانها والوصول الى اقرب مزيج من اللون الاصلي حيث بلغ بعضه نسبة 100 في المئة". ويشير الى ان "تقنية هذا النوع من العمل لم تتطور كثيرا منذ بدايته في القرن الماضي، وهي تتألف من الرصاص والمواد الملونة والفرن. لا تزال هي نفسها المستعملة في تعدد الالوان منذ بدايتها، وتختلف عن تقنية الزجاج الملون المزيف التي يستخدم فيها الرسم والمعجونة التي تعطي مادة مقلدة للرصاص. ثمة آلات متطورة حاليا، تنزل على اللوحة الرسمة المطلوبة بالوانها، لكنها تبقى مقلدة وتحاط بمعجونة مقلدة للرصاص، علما ان الوانها غير مكفولة ولا تدخل الى الفرن. "يتشرب" الزجاج الالوان عندما يوضع في فرن على درجة تراوح بين 550 و650 درجة مئوية وهذا ما نقوم به في عملنا اليوم".

 

المشروع الكبير
 

تعود هذه الالواح الى عام 1875 حين تمّ الاتيان بالرخام وبـ36 لوحا زجاجيا ملونا من فرنسا لإنشاء كنيسة في اطار مجمع كبير يضم ديرا ومدرسة ومطبعة للآباء اليسوعيون عام 1839، وجهز الاب فرنسوا كزافييه بايو اليسوعي الخرائط للمدرسة والكنيسة عام 1873. قد بنيت واقيم اول قداس فيها في ميلاد 1875.
ليست المرة الاولى التي تخضع فيها كنيسة القديس يوسف للآباء اليسوعيين لاعمال ترميم. فعند انتهاء الحرب شهدت اعمال ترميم عاجلة واولية كي تعود لاستقبال المؤمنين حيث حضنت حفلات الموسيقى الكلاسيكية التي تقدمها "الاوركسترا السمفونية اللبنانية". عام 2000 صنع المرمم فواز 9 الواح زجاجية جديدة هي الموجودة حاليا في صدر الكنيسة. ويشكل ترميم الزجاج الملون المرحلة الاولى من مشروع اعادة ترميم الكنيسة ككل، ولهذا السبب تأسست منذ نحو خمسة اشهر "لجنة ترميم تراث كنيسة مار يوسف للآباء اليسوعيين" وتألفت من الرئيس العام للرهبنة اليسوعية في الشرق الاوسط الأب فيكتور الاسود اليسوعي، ورئيس دير الآباء اليسوعيين في بيروت الاب بول براورز اليسوعي، وكريستيان توتل، ونهاد فواز والقيم على الكنيسة الاب فيتوك.
ولمن يريد المساهمة في تعجيل وتيرة العمل والترميم، الاتصال بكريستيان توتل على الرقم 03220891 او ارسال بريد الكتروني على العنوان الآتي:
christian.taoutel@usj.edu.lb

مي عبود ابي عقل 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا