×

هكذا غزا الحريري صيدا

التصنيف: مناسبات إجتماعية

2010-05-21  08:19 ص  2391

 

قبل سنوات، كان الشعار في صيدا أن المدينة، كلها، «لأبو معروف» (النائب الراحل مصطفى سعد). لكن شقيقه النائب السابق أسامة سعد، لم يحز في الانتخابات الأخيرة نصف أصوات أهل المدينة. كيف تمكن آل الحريري من حصد تأييد أكثرية هؤلاء، حتى باتوا يعلنون رغبتهم في إقفال بيت سعد؟

حسن عليق
يوم الانتخابات النيابية عام 2009، كان وسام سعد ناشطاً في الماكينة الانتخابية لقريبه، النائب أسامة سعد، في مدينة صيدا. ويوم الانتخابات، عمل مندوباً لسعد في أحد مراكز الاقتراع. يومئذٍ، مر أحمد الحريري بالمركز. خاطب أحمد وسام قائلاً: أكمل عملك، وبعد شهر، تصلك الفيزا. والفيزا، هي التي حملت وسام إلى السعودية، للعمل في شركة يملكها آل الحريري. قبل عدة أيام، عاد وسام من السعودية في «إجازة صودف» تزامنها مع المعركة الانتخابية الحامية في المدينة. وصباح أمس، كان الشاب الصيداوي «ينغل» في قصر آل الحريري في مجدليون.
قصة وسام تتكرر في الأحياء الصيداوية منذ سنوات. ويوماً بعد آخر، خسر أسامة سعد جزءاً كبيراً من رصيده الشعبي. والضربة التي تلقاها تياره كانت في النواة الصلبة التي استند إليها والده الشهيد معروف سعد ثم شقيقه النائب الراحل مصطفى. كان فقراء المدينة «جيش» حارس ميناء الصيادين وابنيه. لكن هذا الجيش تفرق من حول أسامة الذي لم ينل في انتخابات عام 2009 أكثر من 36 في المئة من أصوات أبناء مدينته.
ولانحسار تأييد سعد بين الفقراء أسباب عديدة مترابطة.
في عام 2004، تلقى رفيق الحريري الضربة الأكثر إيلاماً له على الصعيد السياسي ـــــ الشخصي. خسرت لائحته انتخابات المجلس البلدي في مدينته، لمصلحة لائحة يدعمها أسامة سعد، ويترأسها عبد الرحمن البزري. ويقول سياسيون إن بعض أهل المدينة، بعد اغتيال الحريري في شباط 2005، شعروا بعقدة ذنب لم يتمكنوا من الخروج منها إلا في انتخابات عام 2009، عندما فاز فؤاد السنيورة في الانتخابات النيابية، «وهو الذي كان فوزه في ظروف مختلفة سيُعَدّ إعجازاً إلهياً»، حسبما يُنقَل عن أحمد الحريري.
لكن الانتخابات في بوابة الجنوب لا تُخاض بمنطق العقد النفسية، بل ثمة شبكة هائلة من الأموال والوظائف والخدمات وحرب المقاهي، وجيشان يأتمران بإمرة «الريس» أحمد، ابن النائبة بهية الحريري، الممسك بالقرار التنظيمي لتيار المستقبل. أحد الجيشين يتألف من موظفي شركة أوجيه، والشركات الأخرى التي يملكها آل الحريري ومقربون منهم، والتي تضم في صفوفها نحو 5 آلاف مواطن صيداوي، بحسب تقديرات آل الحريري وبعض رموز معارضيهم في المدينة.
أما الجيش الثاني، فيضم شلل «قبضايات» الأحياء و«زعرانها». وهؤلاء، باتوا في إطار ما يُسمى «مركزية الرئيس الشهيد رفيق الحريري» غير المرتبطة بتيار المستقبل تنظيمياً. بل هي تتبع مباشرة لأحمد الحريري. وقبل سنوات قليلة، لم يكن لآل الحريري مدخل على هؤلاء، الفقراء بمعظمهم. كانت بهية الحريري تسكن في مجدليون. ومن قصرها لا تُرى المدينة بكاملها. ورغم نشاطها اللافت منذ عام 1982 في مختلف المجالات الخدماتية في الجنوب، إلا أن ساكنة القصر بقيت بعيدة عن أهل صيدا، إذا ما قيست بمصطفى أو أسامة سعد. وهي إن نزلت وجالت بين الناس، كانت كمن يلوّح لهم من بعيد، رغم أن بيتها مفتوح منذ زمن، تماماً كباب التوظيف في شركات شقيقها وشركائه.
لكن من دخل إلى الساحة بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري هو ابنها. لا يشبه أحمد سكان قصر مجدليون إلا بوجهه. فطبعه مختلف. يقول أحد المقربين منه: «إذا جمعنا الوقت الذي قضاه أحمد في مقاهي المدينة وبين شبانها خلال السنوات الماضية، لتبين لنا أنه يفوق ستة أشهر بأيامها ولياليها». عرف الشاب أن الخطاب السياسي وحده لا ينفع في مدينة هي أشبه بقرية كبيرة. «الناس بدها تشوفك». هذه هي قاعدته الأولى. لذلك، فإنه لا يترك كرسيّ مقهى يعتب عليه. يجول في الأفراح والأتراح. حتى زفافه «الرسمي» كان في إطار حفل جماعي شعبي في المدينة.
ويخصص أحمد الحريري 3 هواتف لأهل مدينته. وقبل ظهيرة كل يوم، يكون قد اتصل بكل من حاول مكالمته في اليوم السابق (نحو 80 اتصالاً في اليوم). السياسي الشاب ينهي عمله يومياً في بيروت، ليعود إلى مجدليون. وهو يفكر بشراء منزلين داخل المدينة: واحد في الأحياء القديمة، وآخر في منطقة التعمير!
هو يثق بـ«حاشيته»، من دون أن ينصّب أفرادها وسطاء بينه وبين سكان المدينة، تاركاً كل الخيوط بين أصابعه. تماماً كزعماء القرى. في المحصلة، فإن الشارع الذي كانت بهية الحريري تمرّ فيه مرور الكرام، يدخله أحمد من دون أن يخرج منه قبل 7 ساعات على الأقل.
إضافة إلى التواصل المباشر مع الناس، يبقى السلاح الأجدى: التوظيف والخدمات. يتلقى أحمد الحريري من أهل صيدا عشرات طلبات التوظيف. وبحسب ما ينقل عنه، فإن نسبة من يوفّر لهم وظائف في مؤسسات آل الحريري والمقربين منهم تصل إلى 50 في المئة من الطلبات المقدمة. وفي مجلس خاص، قال إنه أحصى خلال العام السابق للانتخابات النيابية الماضية توظيف نحو ألف شخص من المدينة!
يواجع معارضو آل الحريري أكبر قوة مالية نافذة في الإدارات الرسمية

كل ذلك، يضاف إلى أنه ووالدته يتعاملان مع المدينة كحالة خاصة. فتقطير المساعدات المالية الذي أصاب تيار المستقبل في مناطق انتشاره، لم يضرب مدينة آل الحريري بالشدة ذاتها. ثمة دافع شخصي جداً، وخاصة عند بهية الحريري: أسامة سعد وقف بوجه رفيق الحريري وهزمه. وعليه أن يدفع الثمن غالياً، إلى حد إقفال منزله. وهذا ليس استنتاجاً. فأحمد الحريري يقول علناً إنه سيستمر بالعمل في صيدا إلى «أن يصبح أسامة سعد، كمواطن صيداوي، معنا»!
في مقابل هذه الإمكانات، يقول أحد وجوه معارضة آل الحريري في المدينة: «نحن نبيع الناس كلاماً. أما آل الحريري، فيبيعونهم وظائف وخدمات، بغزارة». ويطرح معارض آخر سؤالين يرى أنهما يلخصان المعادلة: ما هي إمكانات أسامة سعد في توظيف فقراء المدينة؟ وكم يملك من القدرة على تخليص معاملات التجار في المالية والجمارك والإدارات الرسمية؟ يجيب الرجل نفسه: نحن نواجه أكبر قوة في لبنان. وما بين أيدينا لا يكفي قوت يومنا، فكيف إذا أضيف إلى ذلك أن خصمنا يملك سلاحي التجييش المذهبي وقطع الأرزاق؟
رغم كل ما ذكر، فإن أحد الناشطين في تيار المستقبل يبدي إعجابه بقدرة أسامة سعد على الصمود. يقول المستقبلي إن بهية وأحمد الحريري خاضا «أشرس معاركنا في معقلهما. ورغم ذلك، لا يزال سعد محتفظاً بقوة لا بأس بها في المدينة». إعجاب يفسره، ربما، كلام أحد الصيداويين الذين وظفهم آل الحريري في إحدى شركاتهم بالسعودية. الشاب كان، حتى وقت قريب، من مناصري سعد. يقول: «أنا أؤيد أسامة. بس بدي عيش».



خطوط تماس ووعود

صيدا ـ خالد الغربي
طرحت «كرة» ثلج الإشكالات والتوترات التي شهدتها مدينة صيدا بين مناصري تيار المستقبل والتنظيم الشعبي الناصري، والتي تكبر يوماً بعد يوم، علامات استفهام حول مصير الاستحقاق الانتخابي. وما عادت الاستنتاجات والتحليلات تناقش الفائز والخاسر بين اللائحتين المتنافستين للفوز بـ21 مقعداً يتألف منهم المجلس البلدي.
يوم امس، كاد احتقان المدينة ينفجر مع وقوع إشكال في شارع رياض الصلح الذي يضمّ المؤسسات المالية والمصرفية، إلا أن تدخل الجيش وفصله بآلياته وجنوده بين الرصيف الغربي الذي سيطر عليه «الناصري» بقيادة «أبو مصطفى»، والرصيف الشرقي الذي سيطر عليه «المستقبل»، بقيادة شقيق أبو مصطفى «أبو ربيع»، حال دون حصول العراك، مع استدعاء الطرفين لتعزيزات. حضر أسامة سعد ووقف مع مناصريه، كما حضر أحمد الحريري ودخل أحد المحال في الجهة المقابلة. وتقاذف المناصرون التهديدات والسباب والشتائم وحضر السلاح ولكنه بقي في السيارات.
«أبعد من مجرد انتخابات بلدية»، قال أسامة سعد لـ«الأخبار» مردفاً: «باستطاعتي أن أجزم بأن تيار الحريري، يريد من هذه الانتخابات أشياء أخرى، على رأسها الثأر لهزيمته سنة 2004 في صيدا، والهيمنة المطلقة على قرارها، فضلاً عن إرضاء غرور زعامته وغطرستها واستبدادها، إضافة إلى التعويض عن خسارته في البقاع، والتغطية على عدم تجاوب أبناء بيروت مع دعوته إلى الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع».
وفي تصريحات له، قال سعد إن «السلطة تتغاضى عن ممارسات خطيرة لفريق الحريري، كالرشى واستخدام النفوذ والضغوط التي تمارس على الناخبين، ولا سيما على موظفي مؤسسات الحريري، بالاضافة إلى إحضار المسافرين من الخارج وإجبارهم على الاقتراع لتيارهم». ورأى أن كل تلك الممارسات مخالفة للقانون. وأشار سعد إلى أنه قدّم لوزير الداخلية زياد بارود «بعض المعطيات عن استقدام ناخبين صيداويين من الخارج. وهناك معلومات عن استقدام نحو 5000 ناخب على نفقة تيار الحريري، وهذا بمثابة رشوة مالية».
في المقابل، اتهم مقرر اللجنة الخماسية في تيار المستقبل، أحمد الحريري، النائب السابق أسامة سعد بالتهويل والتخويف. وقال، في مؤتمر صحافي عقده بعد إشكال الشارع الرئيسي، «إن الهدف من هذه المحاولات هو تأجيل الانتخابات البلدية في المدينة عبر افتعال مشاكل وجر الدولة لاتخاذ قرار بتأجيل الانتخابات». أضاف «إن ما يطمئننا هو أن الدولة هي التي تضع يدها على هذا الاستحقاق والدولة تستطيع أن تؤمن سلامته»، داعياً «جميع مناصري تيار المستقبل في صيدا الى ضبط النفس وعدم الانجرار لأي استفزاز منعاً لأي خلل أمني».
وعقد في هذه الأجواء مهرجان للائحة الوفاق للإنماء في صيدا تحدثت خلاله النائبة بهية الحريري التي رأت أن «الاستحقاق البلدي في صيدا يوم الأحد المقبل هو فرصة لنقترع لاستقرار المدينة ونهضتها وتنميتها بأيدي أبنائها»، كما تحدث المرشح لرئاسة البلدية محمد السعودي قائلاً «إن جبل النفايات سيختفي من مدينة صيدا في عهد المجلس البلدي المقبل وإن المنطقة التي يربض فوقها هذا الجبل ستتحول الى أجمل بقعة في لبنان».

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا