×

مدينة الـ 100 مسجد ومصلى تحافظ على القيم الإيمانية ومعاني الصوم

التصنيف: سياسة

2009-09-03  12:30 ص  1386

 

 

سامر زعيتر
 
المسجد العمري الكبير في قلب صيدا <البلد>، يوم كانت صيدون تعبد الشمس، فتحوّل المعبد الى مسجد، وصولاً الى قلعة صيدا البحرية التي شُيدت على يد الحملات الصليبية، فإزدانت مع صلاح الدين الأيوبي بقبة للمسجد··

من هناك، يوم كان أبناء المدينة يعيشون في أسوار البلدة القديمة، التي شُيدت على تخومها مسجدي البراني والمجذوب، توسعت المدينة شرقاً وجنوباً، مواكبة للإنماء العمراني واستضافة أبناء فلسطين بعد النكبة، لتصبح اليوم هذه المنطقة، مدينة المائة مسجد ومصلى··

إنها صيدا، <عاصمة الجنوب> ومنطقتها، التي تفتح أبوابها لكل قاصد وعابر سبيل، وهو دور ليس بالغريب عليها، فقد كانت تستقبل الفرنجة في خان بات يعرف بأسمهم <خان الإفرنج>، تكتسي زيّها الإيماني النابع من قلوب أبنائها·· لتكون بحق مدينة ايمانية ورمضانية بإمتياز، تعبد الله وتحافظ على القيم والتعاليم السماوية، وتتحول الى انموذج يحتذى في التعايش والألفة، وإن اختلفت التوجهات والمشارب الفكرية والعقائدية لأبنائها وقاطنيها··

وقفت بوجه الإحتلال الإسرائيلي، الذي صب جام غضب آلته العسكرية على المدينة المقاومة، ودمر المسجد العمري عمداً بصواريخ لم تنفجر، أصر على تفجيرها داخل هذا المعلم الأثري، فأعاد أبناء المدينة تشييده على يد الشهيد الرئيس رفيق الحريري، وتحولت معهم منذ سنوات الى مدينة للمساجد، فبات في كل حي أكثر من مأذنة ومصلى··

<لـواء صيدا والجنوب> يسلط الضوء على الأجواء الرمضانية في <عاصمة الجنوب> من عمارة مساجدها··

 

الداخل الى مدينة صيدا، يُطالعه المعلم الأول، <مسجد الحاج بهاء الدين الحريري>، الذي شيده الشهيد الرئيس رفيق الحريري عن روح والده الراحل الحاج بهاء الدين الحريري، ليعطي بطابعه العمراني المميز ثقافة عن هوية المدينة·

ومن هناك مروراً بمساجد صيدا على طول الكورنيش البحري، والتي كانت أُولى المساجد التي شيدت خارج البلدة القديمة، مسجد الزعتري و<أبو بكر الصديق> الذي كان يعرف بـ <مسجد الشمعون>، وصولاً الى الجامع البراني والمجذوب، حيث باتا اليوم في أحضان البلدة القديمة ويجسدان مع: جامع البحر، العمري الكبير ? الذي دمره المحتل الإسرائيلي خلال إجتياحه في حزيران من العام 1982 وأعاد الشهيد الرئيس رفيق الحريري بنائه، مروراً بباب السراي، الكيخيا، قطيش وبطاح وغيرها من المآذن والزوايا والمصليات، أهم معالم المدينة القديمة··

ومن هناك، الى قلب أحياء صيدا الحديثة العهد، حيث جامع الشهداء، بالقرب من ساحة الألف شهيد الذين قضوا خلال الإجتياح الإسرائيلي، مروراً بمسجد <جمعية رعاية اليتيم>، المصطفى، الحسبة، الموصللي، أبو عبيدة بن الجراح، الإمام علي في الفيلات والمدينة الصناعية، مسجد القدس، الروضة، دار الأرقم، الإمام الحسين وغيرها··

وعلى طول الإمتداد العمراني شرقاً وصولاً الى كفرجرة ومسجد عيسى بن مريم، مروراً بجامع الحاجة هند حجازي، حيث مقام الصحابي الجليل شرحبيل بن حسنة، مسجد الرحمن ومسجد ميسر في مجدليون، مسجد مقبرة سيروب، وليس إنتهاء بمخيم عين الحلوة والمساجد والمصليات المترامية في كل بقعة من مساحة صيدا ومنطقتها، التي تتداخل مع الكنائس والحسينيات، لتتحول <عاصمة الجنوب> الى منارات للهدى، فتسيل العبرات ليلاً ويصدح فيها صوت الآذان صبح مساء، وتفتح أبواب التكافل والإحتضان للآخر··

هذه النهضة التي شهدتها المدينة في بناء المساجد، أعطت لصيدا طابعها الإيماني الخاص، حيث تحافظ على التقاليد والعادات والقيم، وتشهد حركة تجارية كثيفة في شهر الصوم، فتفتح المحال والمطاعم أبوابها خدمة للصائمين ليلاً، وتستقبل الوافدين إليها لتقديم وجبات الإفطار والسحور، فيما تخلو شوارعها من المارة والسيارات وقت الإفطار، لأن الأسر مجتمعة الى موائد الرحمن·· وتزهو مساجدها بصلاة التراويح وتزاحم أهل المدينة للإستفادة من بركة شهر الصوم·· ليتبادل أهلها التهاني في الأعياد والمناسبات، فتصفو القلوب ويكبر العطاء··

المفتي سوسان

مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، أشار الى <أن قدوم شهر رمضان يعود بنا الى صيدا القديمة، عندما كان رمضان يحل ضيفاً عزيزاً على البلدة القديمة، حيث كنا نرى ونحن صغار صحون الطعام تنتقل من بيت الى آخر، وسهرات رمضانية ليس فيها صخب وعبث، كانت معظمها قراءة مولد نبوي، تنتقل الأسر من مكان لآخر بأطفالها وحاجاتها الرمضانية، فيما كانت الأسر تطلب بقاء الأطفال النائمين لديها كي لا يتكبدوا عناء الإنتقال وازعاج الصبية النيام>·

 

وقال: ما أردت قوله أن صيدا مدينة متضامنة متكافلة متعاونة متداخلة في رمضان، تحمل في قيمها وتراثها وتربيتها كل القيم الإيمانية الرمضانية، فكان الغني ينظر الى الفقير وينظر له نظرة عون، والعكس صحيح، فهذه صيدا التي عشنا بها وتربينا في ساحاتها، تتحول المساجد فيها خلال شهر رمضان الى نقطة لقاء وارتكاز للأحياء الصيداوية، فكان هناك مسجدين خارج المدينة القديمة، وهما البراني والمجذوب، ومن ثم بعد ذلك كان مسجد الزعتري والصديق الذي كان يسمى الشمعون·

وأضاف: كانت المساجد نقطة تباحث واجتماع في خدمة الناس، والتعاون فيما بينهم والتفكير في الأرمل والفقير والتحضير لإحتفالات رمضان ومناسباتها واستقبال العيد، فكان المسجد في الحي يمثل النادي، يمتلئ بالراكعين والساجدين والمسبحين والمكبرين طيلة شهر رمضان وخلال أوقات الصلاة، وبالأنوار الكهربائية التي تزدان بها المساجد والقرآنية التي تتصاعد من أنفاس المصلين في أيام الصوم··

وأكد المفتي سوسان <أن رمضان هو شهر الحب والخير والصدقة والعطف والصلاة وتوزيع الزكاة، وخلق وحدة الصف والكلمة، والتعاطف والتسامح بين الصيداويين، هذه المدينة متكاملة مميزة كلها طبيعة واحدة، فهي مدينة رمضانية بإمتياز، يزورها كل المذاهب والطوائف، فيجدون فيها الراحة والسعادة في رمضان، فيجب اظهار وجهها ورفض الفتنة المذهبية، لأنها تفتح قلبها لكل الوافدين، ولياليها الرمضانية الكريمة مليئة بالمتعة التي تلفها الحياء والإحترام للإنسان وكرامته>·

وتابع: صيدا ومنطقتها تضم حوالى مائة مسجد ومصلى، تمتلئ خلال الصلوات وخصوصاً في التراويح، كان ولا يزال رمضان في صيدا مميزاً، فكان في الماضي مكان يُسمى الخمارة، كانت تقفل خلال شهر رمضان، لأن روادها يعودون الى الله ويتوبون ويطلقون اللحى خلال الشهر الكريم، والبائعون لا يبيعون إلا للصائمين، وإذا قامت عائلة بطبخة مميزة كانت الصحون تنتقل من بيت الى آخر، وتسمى من بركة رمضان، وكانت العائلات تستقبل بعض الفقراء كسباً لثواب الصيام، وكنا نراه كل يوم يأتي لتناول طعام الإفطار وفي العيد يأخذ ثمن ثياب العيد والعيدية ويذهب، ولا نراه حتى رمضان المقبل، فكنا نجلس على الأرض والمكان يتسع للجميع··

وأضاف: صيدا هي مدينة اسلامية لها طابع معين، وأهلها أوفياء فبناء المساجد في صيدا ظاهرة ايمانية صادقة، حيث يرغب الناس أن يشيدوا مسجداً في كل حي تسهيلاً على المصلين من الإنتقال الى حي آخر، فهذه المدينة الصغيرة الكبيرة بأهلها، هي مدينة المئة مسجد مع اخواننا من الفلسطينيين، ورمضان شهر العبادة والقرآن والتعبد والتسابيح والتراويح، دورة سنوية للمسلمين يحسن من ادائهم في العبادة والمعاملة والخلق، وكل ما أمر به الإسلام وكل ما نهى عنه·

وأشار الى <أنه الملاحظ هذ العام، أن مدينة صيدا لم تكتسِ الثوب الرمضاني من الزينة كما هو مطلوب على غرار كل عام، حيث كنا نراها من الجبال تتلألأ بالأنوار والزينة والفرحة، فنحن كدار للإفتاء نطلب من المؤسسات والمجتمع المدني أن يزيد من زينة الشهر الكريم، مع الحرص على مضامين شهر الصوم المقصودة في قول الله عز وجل <لعلكم تتقون>، لكن الزينة والمظهر يؤكدان المعنى والمضمون الذي يحمله رمضان>·

وختم المفتي سوسان بالقول: حتى بيوتنا وأولادنا تتغير في رمضان، موائد طعامنا مختلفة ودوام عملنا، يزداد رزق المؤمن فيه، فهو في الشق الإقتصادي شهر حركة واقتصاد، شهر ينتظره التجار وكل قطاعات المدينة، هذا شهر كريم، أوله رحمة وأوسطه مغفرة وأخره عتق من النار، من تقرب فيه بخصلة كان كفريضة، ومن أدى فريضة فيه كمن أدى 70 فريضة فيمن سواه، شهر يحبه الغني، حيث يعتبره موسم للعبادة والتقرب الى الله، ويحبه الفقير لأنه شهر الغنى والإحسان، فنناشد كل المؤسسات والهيئات والنوادي الكشفية أن نلتقي جميعاً لأجل جمال وهيبة صيدا··

SZ@janobiyat.com

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

تابعنا