جرّم قاضي التحقيق العسكري سميح الحاج في قرار اتهامي أصدره أمس، هيثم نايف الظاهر الذي ألقي القبض عليه في حزيران الماضي إثر تهاوي شبكات التجسّس التي تعمل لصالح إسرائيل، بعد رصد تحركاته وتوقيفه.
وطلب القاضي الحاج في قراره عقوبة الأشغال الشاقة الموقتة التي تراوح بالسجن من سبع سنوات الى عشرين بجرم التعامل مع مخابرات العدو الإسرائيلي وإعطاء معلومات عن مراكز مدنية وعسكرية لبنانية وسورية بهدف تسهيل أعماله العدوانية وفوز قواته ودخول بلاده.
وأحال القاضي الحاج الضاهر وهو سوري يحمل الجنسية اللبنانية أمام المحكمة العسكرية الدائمة للمحاكمة.
ويكشف القرار مراحل تعامل الظاهر مع إسرائيل الذي بدأ منذ العام 1995، حيث أكمل مسيرة شقيقه نبيل الضاهر في التعامل إثر وفاة الأخير في العام نفسه، وكان من أبرز ما قام به مراقبته لتحركات عناصر حزب الله في منطقة البقاع الغربي وفي الجنوب وإفادة المخابرات العسكرية عن أي تحركات لشاحنات قد تكون محملة بالأسلحة الحربية، كما كلف بالتقصي عن المكان الذي قد يحصل فيه اجتماع بين النائب وليد جنبلاط والسيد حسن نصرالله.
وأورد القرار أنه بعد مرور سنة على اعتقال المغدور نبيل الظاهر في معتقل أنصار، أطلق خلال أواخر العام 1983 بعد أن حاز شهادة العمالة من المخابرات الإسرائيلية واستمر منذ ذلك الوقت بالعمل لصالحهم لغاية العام 1995 حيث ألمّ به مرض عضال واشتد عليه، وبدلاً من أن يعمد على اتلاف تلك الشهادة بدفنها معه وطمس قضية تعامله مع العدو الإسرائيلي، فقد عمل جاهداً على منحها لشقيقه هيثم الظاهر بعد أن أقنعه بمتابعة مسيرته مع جهاز الموساد الإسرائيلي مقابل المال ودرّبه لهذه الغاية على الجهاز الذي كان يتواصل بواسطته مع الإسرائيليين، ليحل بعد وفاته مكانه ويسلك طريقه، وينتقل لاحقاً عبر شاطئ جبيل وعن طريق البحر برفقة ضفادع البحرية الإسرائيلية الى بلاد العدو حيث خضع فيها لدورة تدريب على جهاز مزوّد بآلة طابعة لإرسال الرسائل، عاد بعدها الى لبنان بالطريقة نفسها وإلى المحلة نفسها على شاطئ جبيل ناقلاً معه الجهاز الذي جرى تدريبه عليه، وراح بواسطته يزوّد العدو الإسرائيلي بكل المعلومات المطلوبة عن الجيش اللبناني والسوري في قرى منطقة البقاع الغربي والقريبة منها وعن المقاومة اللبنانية ومراقبة الشاحنات العابرة الى الجنوب عن طريق البقاع وأماكن التهريب على الحدود اللبنانية، خصوصاً في بلدات حلوة ودير العشائر وينطا لمعرفة عما إذا كانت تتضمن أسلحة لحزب الله. واستمر على هذا المنوال من التواصل مع الموساد الإسرائيلي وتزويده بالمعلومات كل خمسة عشر يوماً وتقاضيه مبالغ مالية مقابل ذلك بواسطة البريد الميت لغاية تاريخ 2/6/2009 حيث تم افتضاح أمره من قبل شعبة المعلومات بعد تكثيف عمليات الرصد والتعقب التي قامت بها في منطقة البقاع الغربي فقامت دورية منها بمداهمة منزله في قرية خربة قنافار وتوقيفه.
وتبيّن من التحقيق أنه خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان في العام 1982 أقدم جيش العدو الإسرائيلي على اعتقال المغدور نبيل الظاهر اللبناني الجنسية من أصل سوري في بلدة خربة قنافار ونقله الى معتقل أنصار وخلال فترة اعتقاله تم تجنيده لصالح المخابرات الإسرائيلية فأطلق في أواخر العام 1983 حيث راح يزوّدهم بالمعلومات المطلوبة منه، واستمر بتعامله هذا من خلال تأديته الخدمة الإجبارية في سوريا وإقامته فيها الى أن ألمّ به مرض عضال واشتدّ عليه في العام 1995 فاعترف لشقيقه هيثم الظاهر الذي كان يتابع دراسته في سوريا بعمله لصالح جهاز الموساد الإسرائيلي الذي سوف يستمر بدعم عائلته وتأمين ما يلزم لها بعد وفاته مقابل تجنيده للعمل لصالحهم بدلاً عنه وراح يحضّه ويلحّ عليه بعرضه هذا فوافق هيثم المذكور على إكمال مسيرته مع العدو الإسرائيلي فراح عندها المغدور يدرّبه على الجهاز اللاسلكي المسلّم له حول كيفية استعماله، وبعد وفاة المدعو نبيل الظاهر خلال العام 1995 متأثراً بمرضه، وأصبح هيثم ملمّاً باستعمال الجهاز راح هذا الأخير يتواصل بصورة مباشرة وعبر الجهاز مع جهاز الموساد الإسرائيلي ويزوّدهم من داخل الأراضي السورية عن تحركات ومواقع وثكنات وعتاد وعديد الجيش السوري في المناطق المحددة له، ودأب على هذا المنوال حتى العام 1997 حيث انتقل مع أفراد عائلة شقيقه المتوفى الى بلدة خربة قنافار في البقاع الغربي في لبنان للإقامة فيها مصطحباً معه وداخل أثاث المنزل الجهاز الذي بحوزته وكل ذلك بالتنسيق مع جهاز الموساد الإسرائيلي بشخص ضابط إسرائيلي يدعى "أبو عبدالله" الذي كلّفه تزويده بكل ما يتوفر لديه من معلومات عن القوات السورية المنتشرة في البقاع الغربي مواقع وعديداً وعتاداً وكذلك عن مواقع الجيش اللبناني في تلك المنطقة فكان يقوم بذلك عن طريق جولات متكررة ينفذها أمام تلك المراكز بشكل لا يلفت الانتباه والموجودة في بعض القرى منها على سبيل المثال لا الحصر خربة قنافار، كفريا، عانا، عميق، غزة، عيتنيت، صغبين، حوش الحريمة، المنصورة، عين زبدة، يعمد بعدها الى تزويد العدو الإسرائيلي بالمعلومات التي جمعها وذلك بواسطة الجهاز مدة كل خمسة عشر يوماً وكان يتقاضى مقابل ذلك مبالغ مالية تقدر قيمتها سنوياً بستة آلاف دولار أميركي تسلّم إليه عبر البريد الميت، واستمر على هذه الحال لغاية العام 2005 حيث طرأ عطل على الجهاز الذي بحوزته، فاتصل هيثم الظاهر بواسطة الهاتف الأمني بالضابط الإسرائيلي "أبو عبدالله" وأعلمه بذلك، فحدد له هذا الأخير موعداً للانتقال الى محلة جبيل واستئجار غرفة في أحد الأوتيلات وبالفعل وخلال شهر حزيران من العام 2005 وبالتاريخ المحدد انتقل هيثم الى منطقة جبيل ونفذ ما طلب منه وفي الصباح تلقى هيثم الظاهر اتصالاً هاتفياً من الضابط الإسرائيلي "أبو عبدالله" طالباً منه الانتقال الساعة الحادية عشرة ليلاً الى شاطئ جبيل قرب صخرة كبيرة تقع بجانب الطريق العام وبقربها عمدان كهربائية وبالفعل توجه في الوقت المحدد له الى الشاطئ المذكور وبوصوله إليه انقطعت الكهرباء فجأة عن عمدان الكهرباء التي تنير الشاطئ تفاجأ بعدها بعدد من الأشخاص يرتدون لباس الغطس ويخرجون من البحر الى الشاطئ ويسأله أحدهم قائلاً له "من أنت" فأجابه بكلمة السر المعطاة له من قبل الضابط الإسرائيلي "أبو عبدالله" قائلاً "أنا علي" عندها قاموا بنزع ملابسه الخارجية عنه ووضعه داخل كيس من النايلون، ووضعوه على دولاب مطاطي وقاموا بدفعه أمامهم لمسافة داخل البحر ثم أصعدوه على زورق مطاطي وتوجهوا به الى عرض البحر حيث كانت بانتظارهم سفينة توجهوا على متنها الى داخل بلاد العدو ـ ميناء حيفا فاستقبله الضابط الإسرائيلي المذكور مع عدد من الضباط الإسرائيليين وأجريت له دورة تدريب على جهاز جديد مؤلف من قطعتين ومزوّد بآلة طابعة لكتابة الرسائل واستقبالها، كما جرى تقييم للمعلومات التي سبق له وأن زوّدهم بها، وبانتهاء الدورة تسلم حقيبة تحتوي على مبلغ خمسة آلاف دولار كما تم تسليمه ضمن حقيبة الجهاز الذي تم تدريبه عليه وموضب فيها وتم إعادته بالطريقة نفسها الى شاطئ جبيل إذ بوصوله إليه وكالسابق انقطعت الكهرباء عن العمدان التي تنير الشاطئ والطريق فقط بعكس مدينة جبيل الذي لم ينقطع عنها التيار الكهربائي وانتقل بعدها الى بلدة خربة قنافار وتابع جمع المعلومات عن طريق مراقبة المراكز العسكرية اللبنانية فقط حيث كانت القوات السورية قد انسحبت من لبنان إضافة الى مراقبة تحركات عناصر حزب الله في منطقة البقاع الغربي مروراً الى الجنوب والإفادة عن أي شاحنات قد تكون محملة بالأسلحة الحربية سالكة ليلاً طريق البقاع باتجاه الجنوب، وحتى عن أمور تتعلق بالمرشحين للانتخابات النيابية في البقاع الغربي، وتحركات عناصر وآليات حزب الله في منطقة البقاع الغربي كما كلف من قبل جهاز الموساد الإسرائيلي التقصّي عن المكان الذي قد يحصل فيه اجتماع ما بين السيد نصرالله والنائب وليد جنبلاط. وتابع تواصله مع العدو وضخ المعلومات له والتي جمعها وذلك بواسطة الجهاز الجديد وتقاضيه للأموال عبر البريد الميت المدفون في بعض المناطق ومنها بلدة أرصون في المتن ومنطقة جبيل وبلدة عانا في البقاع حتى تاريخ توقيفه.
وتبيّن أنها على إثر تهاوي شبكات التجسس التي تعمل لصالح العدو الإسرائيلي وافتضاح أحدها ووقوعها في قبضة الأجهزة الأمنية اللبنانية فقد عرض عليه جهاز الموساد الإسرائيلي نقله الى داخل الأراضي المحتلة فرفض وعمل بناء على طلبهم على إتلاف الجهاز الجديد الذي كان بحوزته بالطريقة عينها التي أتلف فيها الجهاز القديم عن طريق تحطيمه ورميه في بحيرة القرعون ومن خلال عمليات الرصد والتعقب التي قامت بها شعبة المعلومات في منطقة البقاع الغربي للاشتباه بوجود عميل قد جنّد لصالح العدو الإسرائيلي تم اكتشاف أمره وتوقيفه حيث اعترف بما نسب إليه.
لهذه الأسباب تقرر وفقاً للمطالعة: اتهام المدعى عليه هيثم نايف الظاهر بالجنايتين المنصوص عنهما والمعاقب عليهما بمقتضى أحكام المادتين /275/ و/278/ من قانون العقوبات إصدار مذكرة إلقاء قبض بحقه.
الظن به بالحجة المنصوص عنها والمعاقب عليها بمقتضى أحكام المادة /285/ من قانون العقوبات.
إيجاب محاكمته أمام المحكمة العسكرية الدائمة الناظرة بالقضايا الجنائية على أن تنظر بالحجة لعلة التلازم