قراءة في الأرباح والخسائر من خارج التوظيف الدعائي
التصنيف: سياسة
2009-11-08 10:03 ص 1521
احتل الطابع الدعائي معظم الواجهة السياسية لمشهد اللحظات الاخيرة لولادة الحكومة الاولى للرئيس سعد الحريري الذي سينزع عنه في الساعات المقبلة لقب "الرئيس المكلف" لينضم الى نادي رؤساء الحكومات بصلاحياته الدستورية الكاملة.
ولم يفاجئ ابراز هذا الطابع المراقبين والمواكبين للازمة الحكومية الطويلة التي رست اخيرا عند بر التسوية التي جرى التوصل اليها اصلا مع صيغة 15-10-5 ومن ثم نفحتها بالقوة الدافعة القمة السورية - السعودية في دمشق، باعتبار ان المماحكات التي تركزت طويلا على عقدة حقائب "تكتل التغيير والاصلاح" ما كانت سوى امتداد لمعركة التوازنات الانتخابية و" الميدانية" المتصادمة، سواء داخل الصف المسيحي المنقسم أو على المستوى الاوسع بين الغالبية والاقلية.
ولذا بدا من الطبيعي لهؤلاء المراقبين والمواكبين أن يفضي المخاض الحكومي في آخر لحظاته الى ابراز خلاصات مضخمة ساهم في صوغها اخراج سياسي يراد من خلاله الايحاء ان تركيبة الحكومة العتيدة جاءت لتكرس فوزا للعماد عون وعبره فريق المعارضة. في حين ان التدقيق في مجمل الوقائع السياسية التي واكبت الولادة التوافقية للحكومة وكذلك حجم الحصص الوزارية ونوعيتها وتوزعها من شأنه ان يبدد سريعا ايحاءات هذا التضخيم ويضعها في سياق أكثر جدية وواقعية.
ومن البديهي ان يتم تركيز الاضواء على معركة الاحجام والمكاسب والخسائر لدى الافرقاء المسيحيين ما دامت حقبة التكليف الثاني للحريري دارت كلها تقريبا على هذا المحور. غير ان القراءات الجادة لمواكبي الولادة الحكومية تعتبر ان ميزان توزيع الحصص والحقائب على الفريقين المسيحيين في الغالبية والمعارضة جاء اكثر انطباقا على نتائج الانتخابات النيابية من اي معيار آخر يراد له ان يوظف في اطار دعائي او سياسي من طرف واحد.
بهذا المعنى، يقول هؤلاء، انه رغم التغييرات التي حصلت في تبادل الحقائب بين الفريقين، لم يتبدل ميزان الحصص كثيرا في التركيبة الجديدة عما كان في حكومة تصريف الاعمال، وهذا ظاهر للجميع. فالعماد عون استعاد اربع حقائب بينها الاتصالات والطاقة حقيبتين اساسيتين، والسياحة والصناعة حقيبتين عاديتين، الى وزارة دولة، في مقابل حقائب الاتصالات والطاقة والشؤون الاجتماعية والزراعة ونيابة رئاسة الوزراء في حكومة تصريف الاعمال. واستتبع هذا التعديل تعديلات مقابلة في حصة مسيحيي الغالبية الذين ذهبت اليهم حقائب التربية والعمل والشؤون الاجتماعية بالاضافة الى العدل كحقائب اساسية وازنة. يستدل هؤلاء المواكبون والمراقبون بهذا التوازن النوعي في توزيع الحقائب على الفريقين للدلالة على ان المسيحيين الذين خاضوا الانتخابات كرأس حربة اساسية في 7 حزيران حصدوا في الحكومة ثمار هذه المعركة. ويمكن على الاقل الاستخلاص ان عون ومسيحيي 14 آذار يمكنهم التباهي من هذه الناحية بانهم قطفوا ثمار استحقاقين ديموقراطيين في معزل عن أي اعتبار آخر.
اما من الناحية السياسية المتصلة بملابسات الازمة الحكومية الطويلة، فيورد هؤلاء مجموعة ملاحظات ذات دلالات أساسية في ميزان الربح والخسارة لا يبقى معها، في رأيهم، اي مجال لتضخيم دعائي من اي جانب بفعل انكشاف كل الوقائع والحقائق المتصلة بأوضاع المعنيين بهذه الازمة.
فبالنسبة الى فريق الغالبية اولا، لم يحسن هذا الفريق في المراحل الاولى من الازمة، وعقب الضربة التي تلقاها بخروج رئيس " اللقاء الديموقراطي " النائب وليد جنبلاط من صفوفه، لعبة توزيع الادوار وادائها بتماسك وبصورة معنوية قوية على غرار ما كان خصمه يتمتع به في معركته للظفر بمكاسب وزارية، مدعوما بجبهة متماسكة وراءه. وعكس هذا الخلل عدم تناغم واضح بين "الصبر" وطول الاناة الطويلين اللذين سجلا للرئيس المكلف خلال حواره مع العماد عون وحلفائه المسيحيين. اذ كانت "الممنوعات" و"اللاءات" التي يعلنها اطراف مسيحيون في الغالبية تناقش وتعرض المخارج لها في حوار الحريري وعون وجرى التنازل عن بعضها.
ولكن الفريق المسيحي افاد من هذه الثغرة التي ظهرت بقوة في الاسابيع الاخيرة بدليل انه اعاد تصويب الميزان والتزم تفويضه الكامل الى الحريري في التوصل الى حل مما وفر للاخير حرية حركة ومرونة وثباتاً، وفي الوقت نفسه جعلته يرسم خطا فاصلا بين النقاط القابلة للتنازل والثوابت التي لا يمكن التفريط بها، وقد ترجم ذلك فعلا في عرضه الاخير لعون الذي رفض عبره ان ينال عون حقيبة الاقتصاد بما يكسر التوازن النوعي الدقيق للحقائب وايحاءاته على المستوى السياسي.
في المقابل لا ينكر هؤلاء على عون مراسه الشديد في التفاوض لتحقيق مكاسب سياسية ووزارية مكنته على الاقل من استعادة توزير صهره جبران باسيل والاحتفاظ بحقائب نوعية فضلا عن احتلاله واجهة المشهد السياسي طوال الازمة بما يوفر لزعامته امام قواعده على الاقل صورة معنوية قوية. ولكن المحاذير التي ترتبت على عون خصوصا في الايام الاخيرة من المخاض الحكومي ليست من النوع الذي يكفل لوسطه وحلفائه ان يطمسوه بحملة دعائية. ومن أبرز هذه العوامل اتسامه بصورة المعرقل لحساب مصالحه المباشرة ولاشهر طويلة من دون حساب مصلحة اللبنانيين، ولعل ابرز الانعكاسات لذلك ما ترجمته الانتخابات الطالبية في الجامعة اليسوعية، ثم ثبوت وقوف قوى المعارضة وتحديدا " حزب الله" من دون اي تحفظ وراء عون بما يعني ذلك من عدم حصرية واقعية للبعد الداخلي للازمة على الاقل لمطالب الزعيم العوني . وليس ادل على ذلك من ان المخرج الحكومي لم يخرج الى النور الا مع ظهور الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في صورة قادة المعارضة مجتمعين ليل الجمعة الماضي.
يضاف الى ذلك ان عون اضطر الى التنازل عن تعهد شخصي وسياسي ومعنوي التزمه علنا، وهو أن يعيد باسيل الى رأس وزارة الاتصالات.
كما ان ثمة ما لا يمكن تجاهله في الاخراج الشكلي وحتى الضمني للولادة الحكومية وهو زيارة الوزير باسيل لسوريا في اليوم نفسه الذي جاء فيه "التبشير" بنهاية الازمة قبل ان يتبلغ الحريري جواب المعارضة رسميا. وهذا الايحاء بالتدخل السوري ولو ايجابا لا يفيد منطق "الاستقلالية" الذي يقول به عون، فكيف مع الايحاءات الاخرى التي تدرج توقيت المخرج او تربطه بزيارة الرئيس السوري بشار الاسد لفرنسا؟ واذا كان فريقا الغالبية والاقلية قد توصلا الى الحل برعاية نتائج القمة السورية – السعودية، فلا يمكن عون على الاقل ان يقول انه ظل وحده خارج "ضغوط" هذه الرعاية حين أزفت ساعة الحسم وقبضت سوريا "الثمن" المعنوي والمادي امام اللبنانيين والخارج
أخبار ذات صلة
وزير الخارجية السعودي يزور لبنان غدا الخميس لأول مرة منذ 15 عاما
2025-01-22 07:58 م 16
بهية الحريري تنقل باسم الرئيس الحريري التهاني الى رئيس الجمهورية
2025-01-21 07:36 م 44
لم أعد أي جهة"... سلام: وزارة المال ليست حكراً لأحد
2025-01-21 07:34 م 46
أسامة سعد في الذكرى 40 لمحاولة اغتيال رمز المقاومة الوطنية المناضل الراحل مصطفى سعد:
2025-01-21 05:29 م 50
أكبر عملية ترحيل" بتاريخ أميركا.. ترامب ليس أول من ينفذها
2025-01-21 06:03 ص 60
الشرع: ترامب قادر على تحقيق السلام في الشرق الأوسط
2025-01-21 06:01 ص 42
إعلانات
إعلانات متنوعة
صيدا نت على الفايسبوك
صيدا نت على التويتر
الوكالة الوطنية للاعلام
انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:
زيارة الموقع الإلكترونيتابعنا
برسم المعنيين ..بعض الدراجات النارية تبتز السائقين بتصنع الاصطدام
2025-01-19 04:03 م
ما سر انقسام نواب صيدا في انتخابات رئاسة الجمهورية والحكومة!!
2025-01-15 06:07 ص
بالصور.. كيف تبدو حرائق لوس أنجلوس من الفضاء؟
2025-01-12 10:22 م
إن انتخب د. سمير جعجع رئيساً للجمهورية ما هي علاقة صيدا ونوابها معه!
2025-01-02 10:12 م
أبرز بنود الاتفاق: بين لبنان و إسرائيل
2024-12-28 02:33 م
اطباء نصيحه عواقب صحية مقلقة للامتناع عن ممارسة الجنس
2024-12-19 09:37 م
الرواية الكاملة لهروب الأسد.. وسر اتصال مفاجئ بالمقداد
2024-12-19 09:21 م
تحركات شبابية في صيدا للمشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة
2024-12-19 01:42 م
حبلي زار السعودي وتم التباحث في شؤون المدينة