×

مدينة المآذن بإمتياز يتنافس أهلها على بناء المساجد

التصنيف: تقارير

2011-08-24  11:59 ص  912

 

سامر زعيتر
الداخل الى مدينة صيدا يستوقفه صوت الآذان ومآذن المدينة، التي تحتضن 42 مسجداً و15 مصلى تجمع بين التراث الحديث والقديم، يتنافس أهلها على بناء بيوت لهم في الجنة، بعدما لم يعد في المدينة حي أو شارع بدون مسجد··
تنافس لفعل الخير، ليس بالجديد على المدينة التي تضم أروع فنون العمارة في بناء مساجدها منذ عهود من الزمن، فيما مساجدها الحديثة لا تقل أهمية وروعة عن القديمة، تزدحم بالمصلين في شهر رمضان المبارك، تأكيداً على دور المسجد في التلاقي والتراحم والقلوب تشخص الى بارئها طلباً للمغفرة والعتق من النار··
<لـواء صيدا والجنوب> يُسلط الضوء على مساجد المدينة ودورها، من خلال لقاء مفتي صيدا وأقضيتها ورئيس دائرة الأوقاف الإسلامية الشيخ سليم سوسان··
أشار المفتي سوسان الى أن <الله عز وجل يقول في كتابه الكريم {انما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخشى إلا الله، وعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين}، وعمارة المسجد مطلب شرعي للذين آمنوا ولم يخشوا إلا الله، ورسول الله (#)، عندما هاجر من مكة الى المدينة ووصل إليها، كان أول شيء فعله فيها أن بنى مسجداً وهو مسجد قباء، أول مسجد بني في تاريخ الإسلام، هذا المسجد في مفهومه ليس مكاناً للعبادة وحسب، وإنما أيضاً مكان يلتقي فيه المسلمون كبيرهم مع صغيرهم غنيهم مع فقيرهم، أميرهم مع غفيرهم، والجميع في ركوعهم وسجودهم أمام الله سواء>·
وشدد على أن <المسجد في تاريخ الإسلام كان من أجل وحدة المسلمين وجمع شملهم وتكافلهم وتضامنهم، فهم يلتقون في رحاب اليوم خمس مرات في صلاتهم، ويلتقون يوم الجمعة وفي صلاة العيد وفي شهر البركة والخير رمضان>·
وأكد <أن صيدا بدون مبالغة لم يعد يوجد فيها شارع أو حي بدون مسجد، بصرف النظر عن مخيم عين الحلوة، الذي أيضاً يضم كثيراً من المساجد لاخوتنا الفلسطينيين، فيوجد في صيدا 42 مسجداً و15 مصلى ولا أكون مبالغاً أن صيدا هي مدينة المآذن التي يرتفع فيها أسم الله، وتسمع منها تكبيرات رب العزة، هذه المساجد هي بيوت لله· عندما يبني الانسان مسجداً تصبح ملكيته للمسلمين، يصلي فيه من يحب ومن لا يحب، من على وفاق معه ومن ليس على وفاق معه، هذه المساجد هي بيوت لله سبحانه وتعالى، لا لون لها، لا تحزب فيها، ولا تطرف ولا تزمت>· وشدد على <أن هذه المساجد لخدمة الدعوة الإسلامية والرسالة المحمدية يوزع فيها ميراث رسول الله (#)، فالقصة المعروفة عندما جاء أبو هريرة الى السوق وخاطب الناس وقال لهم: ما لي أراكم تجلسون هنا وهناك في المسجد يوزع ميراث محمد، فترك الناس أعمالهم طمعاً في أن ينالوا شيئاً يوزع، وانتظر أبو هريرة في السوق حتى عاد أهل السوق إليه، فقالوا له: لم نجد في المسجد شيئاً يوزع، فقال لهم: لم تجدوا أحداً في المسجد، قالوا بلى، وجدنا أناساً يقرأون القرآن، ويصلون ويدرسون الفقه والأحكام الشرعية، فقال لهم: هذا هو ميراث محمد (#)>·
وأكد أن <هذه المساجد في مدينتنا هي للراكعين والساجدين، ولن تكون في يوم من الأيام بؤراً حزبية، أو تحمل في مضمونها أو رسالتها أي دور لفتنة مذهبية أو طائفية، هذه المساجد لوحدة الصف الإسلامي لا تفرّق ولا تشتت ولكن تعمر وتبني وحدة إسلامية قوية عزيزة، تدعو الى كل القيم التي جاء بها الإسلام، تحقق الحرية والعدالة والكرامة للانسان في دعوتها ورسالتها ودورها>·
وعن الفرق بين المصلى والجامع قال: نحن نؤدي صلاتنا بشروط معينة، منها طهارة المكان والجسد والثوب، فأي مكان على هذه الأرض نستطيع أن نصلي عليها، فالصلاة ليست طقوساً وإنما هي التزام وعبادة وتوجّه واحساس، إنك تقف بين يدي الله تحاسب نفسك على ما مر من وقتك وزمانك بين صلاة وصلاة، فالمصلى مكان يجتمع فيه المصلون في حي صغير لأداء الصلاة الجماعية، يستفيدون من هذا المكان على اعتباره نادي عبادة ونادي لقاء ومركز تجمع للمؤمنين، لا تقام فيه صلاة الجمعة ولا صلاة العيد، وإنما يتفق الناس فيما بينهم على الصلاة جماعة لنيل ثواب أكبر·
وأضاف: أما المسجد والجامع، فهو الذي ليس فوقه شيء وليس تحته شيء، يأخذ شكلاً هندسياً فنياً جميلاً في عمارته على أرض متسعة فيها أماكن لوقوف السيارات وانتظار الناس، ومكان لصلاة للنساء، والواحد منا يطمع في بناء المسجد لأنه يشعر بسعادة في بناء المسجد وبكل حجر يبني له بيتاً في الجنة، مصداقاً لقول رسول الله (#): <من بنى مسجداً بنى الله له بيتاً في الجنة>·
وأوضح <أن واقع الأمر نحن في صيدا لم نعد بحاجة الى بناء مزيد من المساجد، وجزى الله كل من بنى مسجداً، وربما ينبغي أن نفكر في إيجاد أشياء أخرى تعطي صاحبها ثواباً كبيراً من الله، كما قلت لم يعد هناك حي أو شارع في صيدا ليس فيه مسجد، ونحن كدائرة أوقاف في صيدا نظمنا الآذان المركزي، ولو كان كل واحد مسجد يؤذن منفرداً لكانت تداخلت الأصوات والوقت بين مسجد وأخر، مما يشوش على المصلين، ومثال على ذلك، فإن قرب المسجد من الآخر يؤثر على الصوتيات، فمن يصلي في باحة مسجد الصديق يسمع خطبة مسجد الزعتري·
وتساءل: كم من المسافة بين <جامع الكتخذا> وليس <الكيخيا> - كما هو معروف بين الناس، داخل صيدا القديمة، وبين مسجد قطيش، فهناك امتار معدودة؟، وسبب البناء يعود الى قصة جميلة في التنافس، فعندما دخل العثمانيون الى بلاد الشام أقروا المذهب الحنفي في جميع المعاملات، وهو الأمر الذي لا يزال معتمداً في المحاكم الشرعية، وقاموا ببناء <جامع كتخذا> الذي يعني مسجد الأمير باللغة العربية، والى جواره بنوا حمام الأمير، والمسلمون في بلاد الشام كان متعصبين جداً للمذهب الشافعي، وكان في صيدا القديمة رجل ثري يدعى علي قطيش، فقام ببناء مسجد قريب من <جامع كتخذا> لتدريس المذهب الشافعي، وقام بتشييد تكية للوافدين الى ساحل صيدا لكي يأكلوا ويشربوا، وهي من أجمل ما يُمكن أن تراه في صيدا القديمة، وكان ذلك تعصباً لما يلتزم به، وجامع قطيش من أجمل المساجد في صيدا القديمة، فيه حديقة كبيرة، وفي جدرانه فسيفساء تاريخية وفي سقفه لوحات جميلة، ولديه محرابين واحد داخلي وأخر خارجي، يستخدم الأول مصلى شتوي والثاني كمصلى صيفي·
وختم المفتي سوسان بالتأكيد على <أن ما نشهده الآن من عصبيات مذهبية في بعض مساجدنا، ومن تعصب لتوجه وخط سياسي معين، هذا أمر أعتقد أنه يُغيب ولا يخدم دور المسجد، يأتي من يقول لي اسمح لنا بأن يكون لنا منبر سياسي لجهة تنظيمية معينة، ولكننا نقول هذا صوت اسبوعي وإعلامي لا يجوز أن يقال عليه إلا ما أمر به رب العزة في كتابه ورسول الله الكريم في أحاديثه وأفعاله· ونقول لأهلنا ورواد مساجدنا وهي مليئة والحمد لله بالراكعين والحامدين وقارئي كتاب الله، إننا نعيش أيام البركة في رمضان شهر أوله رحمه وأوسطه مغفرة وأخره عتق من النار، نسأل الله فيه العتق من النار>·

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا