×

مرآة المدينة وساحة للشهادة تستعد وسوقها التجاري لنهضة جديدة

التصنيف: تقارير

2011-10-19  09:28 ص  741

 

سامر زعيتر
في زمن التغيير يصعب التغيير، وإن تبدلت الأمور من حولنا يبقى رأي المجتمع أقوى من كل قرار، ساحات أو ميادين تتخذ من حوادث أو أشكال معينة أسماً لها، فيما البحث عن البداية مهمة تشبه المستحيل··
ورغم تشابه الأسماء في أماكن عديدة، ولكن لكل مكان حكاية تحملها تسمية شوارعنا والساحات العامة وتحتضن اسم مطلقها، لتنجح الفكرة أحياناً إن كانت رياح التغيير مؤاتية، فيما الإبقاء على الأسماء القديمة ربما يكون قرار العامة من الناس، أو قد يحتاج الى عشرات السنوات للتأقلم مع التغيير··
فمدينة الصيادين و<عاصمة الجنوب>، صيداء، اتخذت شوارعها وساحاتها تسميات عدة، نتوقف اليوم أمام مدخلها الرئيسي، ساحة النجمة، التي لم تعد كذلك، وربما بقيت، فيما دورها كمنفذ للسوق التجاري والى قلب المدينة ربما هو الآخر تغيير··
<لـواء صيدا والجنوب> يسلط الضوء على ساحة النجمة في صيدا، كنموذج معبّر عن المدينة··
أكثر من 60 عاماً مضت على قرار استحداث ساحة جديدة في مدينة صيدا، عرفت يومها باسم ساحة النجمة على غرار نجمة بيروت، تسمية تتشابه وليست في بال الباحثين في أصل هذه التسمية أي حادثة أو رواية، وربما يعتبرها العامة من الناس نجمة توصل بين المدن والشوارع··
وبعيداً عن هذا وذاك، وحتى عن السياسة وزمن الثورات العربية، تعود الساحة اليوم لتشهد حلة جديدة، فيما الاختلاف على تسميتها شأن قد يترك للعامة من الناس، الذين يفضّلون ما اعتادوا عليه، بالوقت الذي يرى البعض الآخر أن الوقت حان للتغيير··
تاريخ جامع أم مفرّق؟
قرار قد لا يكون بعيد المنال أو يبقى الحال على ما هو عليه، أما نجمة صيدا فباقية هناك رغم ما ارتدته من حلة جديدة، لكن تاريخها العريق يحمل اسماءً وذكريات ومكانة ربما تفقد دورها، وتستحق إستعادة مكانتها والحديث عن تاريخ هذا المكان··
تاريخ لا يعود الى مئات السنين، بل الى ما قبل النصف الثاني من القرن الماضي، وتحديداً ما بين العامين 1946 و1947، يومها اتخذ قرار باستحداث ساحة جديدة من قبل رئيس البلدية آنذاك صلاح الدين البزري، لتكتمل أعمال الساحة وتأخذ حلتها في العام 1950·
ويشير المؤرخ الصيداوي الدكتور طلال مجذوب الى <أن الساحة المستحدثة جاءت على إثر افتتاح شارع رياض الصلح، الذي كان قبل ذلك ممرات ضيقة توصل بين صيدا وطريق صيدا ? جزين الحالي المعروف حالياً في المدينة باسم شارع حسام الدين الحريري، وتصل النجمة المارة بشارع رياض الصلح، المقابل بدوره لبوابة صيدا الفوقا، حتى ساحة الشهداء التي اتخذت من شهداء صيدا الذين سقطوا جراء الإجتياح الإسرائيلي على لبنان في العام 1982 تسميتها>·
ويؤكد على <أن المنطقة كانت تكثر فيها البساتين، وكان يطلق على شارع رياض الصلح اسم المجاز الجديد لبيروت، أي الممر الجديد، فيما كانت طريق بيروت القديمة تمر بمحاذاة <مؤسسة كهرباء لبنان> الحالية، وكانت ساحة النجمة آنذاك منفصلة على قطعتي أرض، ثم اتخذت البلدية قراراً بضمها وتصغير الدائرة كي تصبح الطريق أوسع>·
ويوضح بأن <تسمية شارع رياض الصلح اطلقت في العام 1951 بعد اغتيال الرئيس رياض الصلح، فسمي الشارع باسمه، وهو الذي يربطه من ساحة النجمة الى ساحة الشهداء عند تقاطع الراهبات الذي اتخذ من مدرسة الراهبات اسماً له>·
ساحة للشهادة
وبعيداً عن الغوص في التسميات يعود السؤال عن تسمية ساحة النجمة بـ <ميدان الرئيس جمال عبد الناصر>، ليوضح الدكتور طلال بأن <التسمية غير واردة في أي من سجلات المدينة، وخصوصاً أن ساحة النجمة هي ساحة وليست ميدان، كما لم يتم التعارف في مجال التسميات على تقديم لفظ دولة أو ألقاب للأشخاص بل يُطلق الاسم مباشرة، كي يسهل حفظه من قبل الناس، أما حادثة اطلاق تسمية جمال عبد الناصر على الساحة، فتعود الى نهاية ولاية الرئيس السابق للبلدية الدكتور عبد الرحمن البزري، حيث وضع طرف سياسي لافتة تشير الى الأسم الجديد>·
وبالعودة الى تسمية جمال عبد الناصر، يشير الدكتور طلال الى <أنه في زمن رئاسة الشهيد معروف سعد للبلدية، اقترح عضو المجلس البلدي أحمد المجذوب تسمية شارع الأوقاف المحاذي لساحة النجمة باسم شارع جمال عبد الناصر، ووضع عند مدخل موقف بخور في المدينة نصب تذكاري باسم <جمال عبد الناصر> ولا علاقة لذلك بساحة النجمة>·
وختم الدكتور مجذوب بالقول: إن التسميات تبقى مرهونة بمزاج الناس، فشارع فردان في الحمرا أعيدت تسميته باسم مختلف، لكن بقيت التسمية عند الناس ما اعتادوا عليه·
مرآة صيدا تاريخ لساحة النجمة في صيدا نستعرضه بعيداً عن السجال السياسي، يستحق التوقف عند السؤال الأبرز: أي دور لساحة النجمة في المدينة بعد التغيير المستجد على نهضتها، وهي التي عادت مد شرايينها شرقاً باتجاه الاوتوستراد الشرقي، الذي اتخذ تسميات عدة، وكان أبرزها: الدكتور نزيه البزري والرئيس عادل عسيران، وما الى هنالك من عرفان بدور رجالات أعطت للمدينة تاريخاً ناصعاً في العطاء والنضال وصولاً حتى الشهادة في سبيل الوطن··
فمن ساحة النجمة يعود تاريخ رياض الصلح، وصولاً الى ساحة شهداء المدينة الذين سقطوا من جراء الإجتياح الإسرائيلي، وعودة الى النجمة مجدداً، حيث سقط الشهيد معروف سعد على رأس تظاهرة مناصرة للفقراء، وعلى مقربة منه شوارع حملت شهادة الرئيس رفيق الحريري لأجل الوطن·
كل ذلك وأكثر، يبقى على دور ساحة النجمة في المدينة، وإن تعددت التسميات، ساحة للنضال والاعتصام تنازعها فيها ساحة الشهداء، وربما كانت نجمة الشهداء تستحق دوراً أكبر فنالت بدورها الشهادة، وإن كانت عملية التأهيل أعادت رونقها مع ما تشهده شوارع المدينة الحديثة والمشاريع المنوي تدشينها وتلك التي نفذت، وخصوصاً في السوق التجاري الذي يستعد هو الآخر ليأخذ نصيبه من نهضة صيدون وصيداء وصيدا··
لتبقى المدينة جامعة للشهادة والمقاومة وكل ألوان الطيف اللبناني وعاصمة للشتات الفلسطيني، لا بل للنضال العربي، وساحة متمسكة بالأصالة في زمن التغيير، تُحافظ على القيم والوحدة الوطنية الجامعة، تفتح قلوبها لكل قاصد وزائر، وتعكس صورتها نجمة صيدا الضاربة جذوراً في التاريخ والمستعدة لدور أكبر، مرآة صيدا رغم التغيير··
 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا