×

الفول والحمص وتوابعهما تناغم مع الكعك والزعتر لتستمر الحياة

التصنيف: المرأة

2011-11-16  08:00 م  1278

 

سامر زعيتر

تعود السنوات الى التراث وكأن الزمن توقف هناك، فيما التطورات المتسارعة من حولنا لا بد من مواكبتها، تراث بكل ما للكلمة من معنى، يحفظ الذاكرة العربية في مواجهة تحديات السرقة والتهويد، لتبقى الهوية عربية..

مأكولات تؤكد عمق التجذر والإنتماء، فلا الحمص والفول وما بينهما يرضى بغير هويته، التي تأخذ مع مدينة صيدا معاني متكاملة من النضال الى الصراع مع لقمة العيش، لتبقى الكرامة مستمرة ومعها الحياة..
مهن تراثية قد تندثر، فيما مثيلاتها من المأكولات الشعبية تبقى مستمرة على مر العصور وإن تبدل المشهد من حولنا..
«لـواء صيدا والجنوب» يُسلط الضوء على مأكولات أخذت شهرتها عالمياً ولكنها بقيت تحفظ هويتها، فمن يحفظ القائمين عليها؟..

الداخل الى مدينة صيدا، المتحف القائم بذاته، تبقى العراقة على مر العصور، فيما السؤال الدائم من أين تكون البداية؟
سؤال يحتاج الى الكثير من البحث والتمحيص للتعرّف على التراث الذي يحتويه المكان، ولكن تبقى وجهة أبناء المدينة والسائحين في كثير من الأحيان العودة الى حنين المأكولات الشعبية التي ذاع صيتها في كل أرجاء المعمورة، حتى حاول الكيان الإسرائيلي سرقة هذا التراث، لكنها بقيت تحفظ هويتها العربية..

شيخ الكار
ولتعدد الأماكن لا بد من العودة الى شيخ الكار للفول والحمص، أماكن محددة لا يزال يقصدها الناس، رغم انتشار بعضها، لكن العودة تكون غالباً الى أصالة تمتد من العام ١٩٧٠، يوم افتتح «أبو علي» آغا «درويش» داخل السوق التجاري لصيدا، مطعماً للفول والحمص وتوابعهما، فيما لا يزال أبناؤه يحفظون سر الكار في نفس المكان، فإن السؤال ما هو سر النجاح والإستمرار؟!
نجل أبو علي «سمير» يشير الى أن البداية كانت في تلك الفترة مع ٤ محال تضاف الى محل والده أبو علي، كان أصحابها: أبو عادل حنقير، الحاج محمود السوسي، الحاج فضل الدنب، الذين يأخذون حالياً لقب النداف إضافة الى الوتار، فيما لا يزال مستمراً منهم أشقاء السوسي وأولاد شقيق النداف، بعدما توفي حنقير وترك الوتار المصحلة بعد تقدمه في السن، إضافة الى العديد من الذين قاموا بفتح محال لبيع الفول والحمص، وكانوا يعملون عند أصحاب هذه المحال، ولكن العديد منهم ترك المصحلة بعد فترة وجيزة.

خفض التكاليف
وعن سر الإستمرار في المصحلة يشير الى «أن الجودة والكفاءة في العمل هي الأساس، إضافة الى النفس الطويل لأن المهنة تحتاج الى الإهتمام بالنظافة، فيما سر الحفاظ على انخفاض التكاليف هو الأساس، وذلك يتم من خلال الشراء بكميات كبيرة، فإن شراء طن حمص أو أكثر يمكننا من الحفاظ على السعر المخفض، بدلاً من الشراء بكميات صغيرة».
وأوضح «أن للفول والحمص توابع، هي المسبحة والفتة والمشوشة والبليلة، الفول المصري والفول بالطحينة، ولقد اختلفت الأسعار كثيراً عن السابق، فكان الصحن يباع بالليرة أما اليوم فإنه يتراوح بين ٣ آلاف و500 ليرة لبنانية و4 آلاف».
وأشار الى «أن للصحن توابع ومهما زادت هذه التوابع يبقى السعر واحداً، والسرفيس يضم: الكبيس واللفت والمقتة والفجل والبصل والنعنع والبندورة والحر، والبعض يقدم المكدوس ولكن يزيد السعر، أما الزيت الذي يقدم فهو زيت الزيتون الأصلي، ولكن لا يتم شراءه في نفس العام بل قبل عام ونيف، بعد صدور المحصول الجديد، لذلك يسعى البائعون الى التخلص من الإنتاج السابق، وهذه هي الفرصة التي ننتظرها، لأننا لا نستطيع تقديم صحن الحمص بدون زيت الزيتون الأصلي، فالطعم يختلف خصوصاً أن الزيت يعطي طعم الفول والحمص واللبنة والكبة النية. ونحن نصر على الجودة، والشراء بكميات كبيرة للزيت من انتاج العام السابق لذلك نأخذه بنصف القيمة، حيث نتعامل مع أكثر من مصدر».

الإكتفاء الذاتي
وللحفاظ على التكاليف، أشار الى «أن الإكتفاء الذاتي في العمال هو سر النجاح، لأننا ٤ أخوة نعمل في نفس المصلحة، لذلك لا نحتاج سوى عامل للقيام بالتنظيف، فنحن أصحاب المصحلة نعتبر أنفسنا كموظفين، إضافة الى اقبال الزبائن، حيث حافظنا على المكان نفسه، فيما شقيقنا علي فتح فرعاً مستقلاً، قمنا بتوسيع المكان مما ساهم في خفض التكاليف بسبب الإيجار القديم، الأمر الذي يساعدنا على الإستمرار لأن اسعار الإيجار الجديد مرتفع جداً».
وعن تدريب العاملين في هذا المجال، أوضح آغا «أن العديد من الطلاب يأتون الى المحل ويتم تدريبهم على هذه المهنة سواء كانوا من طلاب المهنية أم الراغبين في فتح محال في أماكن أخرى، وقد خرّجنا العديد من الأجيال الذين فتحوا في عدة أماكن، وطبعاً نحن نشجع المنافسة، والناس تقصد الأسم والأسعار، وكل إنسان يأخذ نصيبه، ونحن نحافظ على مهنة والدنا»..

التمسّك بالمكان والتطوير
وعلى مقربة من المكان، يجلس «أبو خالد» ياسين «أحمد» ينتظر الزبائن للشراء من عربته التي يبيع عليها الكعك وتوابعه، حيث أشار الى أنه «يعيش على مقربة من هذا المكان في حي الدكتور غسان حمود، ويعمل في هذا الكار منذ ٣٣ عاماً، وقد اختلف الحال عن السابق كثيراً، حيث قل عدد الزبائن مقارنة بالوقت الحالي، فكان الواقع الاقتصادي أفضل للناس، كما أن كثرة عدد البائعين أثر أيضاً».
وأضاف: أحمد الله أنني ربيت أولادي من هذه المهنة، ولكنهم لم يعملوا فيها، وطبعاً في الشتاء تقل الرزقة، لأن النهار في الصيف أطول، وقد اعتدت على نفس المكان بعدما حصلت على ترخيص من البلدية في العام ١٩٩٤، وقمت بتطوير المهنةـ بعدما اشتريت فرناً لتسخين الكعك ووضع الجبنة داخلها».
وأشار الى أننا نلحق أذواق الناس، ونشتري الزعتر من أماكن بيع الزعتر، والكعك نأخذه جملة بسعر خمسمائة ليرة، وتباع بألف أو سبعمائة وخمسين، حسب الزبون لأن الذي تعرفه يجب أن تراعيه.

المرض والعمل
وبالمقابل يجلس حسيب الأطرق، الذي أكد أنه يُعاني من مرض يمنعه حمل الأوزان، فاختار مهنة بيع الكعك منذ عشر سنوات، والظروف هي التي أجبرتني على هذه المهنة والحمد لله على كل شيء، وطبعاً «أبو خالد» لديه زبائن لأنه قديم جداً في السوق، لأن الناس لا تشتري من أي شخص ونحن نحافظ على النظافة والناس تعتاد على الأشخاص، لذلك يشترون منهم، ورغم أننا نشتري من نفس المكان، فيما «أبو خالد» طوّر المصحلة واشترى فرناً ليواكب حاجات الناس.
منافسة تُبقي على مأكولات تراثية، تحتاج الى التطوير مواكبة لأذواق الناس، فيما الواقع الإقتصادي لا يخفى على أحد، تستمر الحياة رغم كل المعوقات..
 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا