×

لغز النفق الثاني في جعيتا؟

التصنيف: تقارير

2011-11-20  09:59 ص  2446

 

ألغاز لا متناهية تهمس بها مغارة "قلع سبع أبواب" في بسكنتا، فهي لم تبح حتى اليوم بغير اسمها الذي تناقلته الأجيال عبر الأعوام. اسمها الغامض ومكانها المجهول ألهبا حماسة الإستكشاف في قلوب أربعة من شبانها أوائل الثمانينات، فرموا بأنفسهم داخل دهاليزها الضيقة الآسرة في جرأة تخطّت حدود المجازفة، وسط تدابير وقائية معدومة وخبرة ضئيلة.

لم يعلموا يومذاك أن الهوّة العميقة التي عصي عليهم اكتشافها قد تكون حلا لأحجية النفق المُكتشف حديثا في مغارة جعيتا، فهل ينتهي النفق الثاني للمغارة في "قلع سبع أبواب" في بسكنتا؟
إنه افتراض أطلقه أحد الشباب الأربعة وجيه العلم، بعدما علم بخبر اكتشاف نفق ثان لمغارة جعيتا مجهول النهاية، معتبرا أنه "قد ينتهي ربما في "قلع سبع أبواب" في بسكنتا نظرا الى كون الإمتداد الطبيعي للحرف الصخري لنهر الكلب يمرّ باتجاه بسكنتا. كما أن طبيعة المغارة وعمقها شبيهان بمغارة جعيتا. وعلى أي حال، حتى ولو لم يكن الإفتراض صحيحا، فإن مغارة "قلع سبع أبواب" مميزة بالفعل وتستحق أن يتم اكتشافها من فريق بحث متخصص، فنتأكد من افتراضنا من جهة، أو نفيد المنطقة من مجاري مياهها في حال كانت تضمها".

 

سرّ المغارة وأبوابها السبعة
 

حاكت مغارة "قلع سبع أبواب" مخيّلة مقتحميها فدعتهم إلى اكتشافها "كنت مع ثلاثة من رفاقي من هواة البحث عن المغاور الطبيعية أيام الحرب، كان اسم المغارة يلفتنا كثيرا" خصوصا أنها كانت مجهولة المكان ضمن منطقة صخرية. لم يطلعنا أحد على تفاصيل تتعلق بها، فقررنا التفتيش عنها. أخذنا ندور بين الصخور، إلى أن وجدنا حفرة بعرض متر، وجهنا الضوء منها نحو الداخل فوجدناها عميقة، وقررنا النزول إليها". وتشجع الفريق أكثر على الدخول "بعدما وجدنا على مدخلها نوعاً من خرز لربط الحبل محفور في الصخر، قد يكون تكوّن بفعل الطبيعة أو أن أحدا من القدماء نزل إليها سابقا. بدأ كلّ منا يلقي مهمة النزول على غيره، إلى أن تشجّعت ونزلت بمفردي، فربطت نفسي بحبل أمسكه الرفاق ونزلت نحو 3 أمتار على مهل، فاتسعت الهوّة فجأة وأخذت أدور في الهواء وأصرخ ليرفعوني".
لم يستسلم الفريق عند هذا الحدّ "بل جمعنا المال واشترينا حبلا بطول 100 متر وعدنا إلى الموقع، فاعتمدنا عندها على خطين، الأول ربطناه بشجرة وبالخرز وأنزلناه داخل المغارة وربطت نفسي بحبل آخر ونزلت ممسكا بالحبل المربوط إلى الخرز وأمسك بي رفاقي للمزيد من الآمان. في الأعماق وجدت نفسي أمام منظر رهيب، فنظرت حولي من كل الإتجاهات لأجدها أوسع بكثير مما كنا نظن. رميت حجرا على الستاليغميت فأعطى صدى كبيرا وصل إلى رفاقي فوق، فسألوني ما هذا الصوت؟ قلت لهم ممازحا أنه ذهب أو نحاس لست أدري، فتشجع أحدهم ونزل خلفي فجلنا معا في داخلها".
يصمت برهة، وكأن رؤيا أو صورة تمرّ أمامه يستذكرها بحنين باسم قائلا "كانت مساحتها واسعة، وجدنا في داخلها أبوابا لغرف صغيرة كنا ندخلها بصعوبة، وكانت بديعة الجمال، إلى أن وصلنا إلى مكان فيه هوة كبيرة، حاولنا الإقتراب منها فوجدنا أن طرفها منحدر بشدة وعليه رطوبة فلم نجرؤ على اقتحامها. ربطنا بطارية بخيط حرير وأنزلناها في الهوة فنزلت بحدود الـ150 مترا، وكان في إمكان الخيط أن ينزل أكثر. كان بودنا أن نعرف مكان انتهائها لكننا عجزنا عن ذلك بسبب المعدات البدائية التي كانت بحوزتنا".
تبلغ دائرة الهوة أربعة أمتار بأربعة أمتار وفق العلم. "أخذنا نبحث عما إذ كان أحد قد نزل إلى المغارة قبلنا، وفي طريق البحث وجدنا في بعض زواياها حفراً صغيرة رمينا بها الحجارة التي كانت تغيب عن ناظرنا من دون أن نعرف إلى أين كانت تنتهي".
يقال، وفق ما تناقلته الأجيال أن "أمام المغارة على بعد نحو 100 متر هناك مغارة أثرية يطلقون عليها إسم مغارة سيف الدولة يعجز الناس عن الوصول إليها، قال البعض أن الممر الى هذه المغارة دمّر بفعل الزمن وجرفته المياه، غير أن البعض الآخر يقول أن لها ممرات جوفية من القلاع الموجودة خلفها، وهذا ما كنا نحاول اكتشافه في رحلتنا. لكن البعض دخلوا مغارة سيف الدولة عبر الحبال فوجدوا أن لا ممرات داخلها تؤدي إلى أي مكان آخر، ما يعني أن فرضية الممرات الجوفية خاطئة".
وأشار إلى أن "مجموعة من ناهبي الآثار اقتحموا مغارة سيف الدولة، ويقال أنهم وجدوا هيكلين عظميين داخلها، والأخبار شبه المؤكدة تقول أنهم لم يجدوا فيها غير ذلك. لكننا حتى اليوم لا نعرف تاريخ هذا الموقع الأثري، فما من دراسات حوله، ولا نعرف غير اسمه".
طالب العلم بأن "يقوم فريق متخصص باستكمال الإستكشاف بدعم من الجهات الرسمية، فإما أن ينتهي بمغارة جعيتا أو أن يكون ذا فائدة سياحية وأثرية فتوضع خطة لاستثماره، وإما أن يضم مجرى مياه قد تضع الدولة خطة للإفادة منه".

 

شربين: مستعدون لاستكمال الإكتشاف
 

عرضت "النهار" قصة "قلع سبع أبواب" على جوزف شربين أحد مكتشفي النفق الجديد في مغارة جعيتا، فاعتبر أن "افتراض انتهاء نفق مغارة جعيتا في "قلع سبع أبواب" فكرة مبهمة يصعب إثباتها. ففي الجيولوجيا لا يمكننا أن نفترض أن كلّ مغارة تقع على خط مغارة أخرى قد تكون موصولة بها، فإذا كان هذا الإفتراض صحيحا تكون أعجوبة". وأضاف "المياه في المغاور تعمل بهدوء، فقد تكون مغارة "قلع سبع أبواب" مكونة من الطبقة الصخرية عينها التي تكونت منها مغارة جعيتا، وقد تكون كذلك على خط مجرى نهر الكلب، لكن من غير الضروري أن تكون موصولة بمغارة جعيتا".
وأعرب شربين عن دهشته لدى سماع اسم المغارة "فبحكم ممارستي لهذة الهواية منذ سنوات طويلة أملك لائحة بأسماء كل المغاور في لبنان، وهي المرة الأولى التي أسمع بهذا الإسم، لذلك تجذبني فكرة اكتشافها ومعرفة ما إذا كان فيها مياه ومدى عمقها... وما اذا كانت خزانا للمياه أو منبعا أو مجرى. فإذا كانت منبعا يهمنا أن نعرف المكان الذي تصدر عنه المياه والمكان الذي تصب فيه، أما إذا كان مجرى فيهمنا أن نعرف إذا كانت له منابع أو منافذ وعمق معين، وما هي فترات السنة التي توجد فيها المياه في هذا المجرى". وأضاف "اكتشاف المياه في المغارة يساعدنا على تحقيق جدوى إقتصادية، أما إذا كان تكوين المغارة مميزا ويمكن للناس دخولها فهي يمكن أن تكون ذات جدوى سياحية. لا يمكننا أن نجزم بأي شيء قبل اختبار جيولوجية المغارة وتعرجاتها، وتبقى إلى حين تحقيق ذلك كل الفرضيات معلّقة".
وأعرب شربين عن استعداده "للقيام بجولة استكشافية داخل مغارة "قلع سبع ابواب" فكل مغامرة جديدة حلوة وفريدة لأن لكل مغارة سرّها، ويمكننا عندها أن نضع خارطة لها فنسقطها على google earth ما يساعدنا على تحديد موقعها بالنسبة للوادي الذي يكوّن نهر الكلب".
 

باسكال عازار
( pascale.azar@annahar.com.lb )

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا