×

خطف جوزيف صادر في البيان الوزاري؟!

التصنيف: سياسة

2009-11-19  05:01 ص  1061

 

في البيان الوزاري؟!
السكوت والتغاضي، صفتان تلازمان اختفاء المهندس جوزيف صادر، وتثبتان ان دولة القانون في لبنان لا تزال معلّقة حتى إشعار آخر، وتظهران أن الخوف يسيّر شؤون الناس، وإن «فرك الأيدي» ودفن الرقاب في الرمال هما المعتمدان لدى أولياء الأمر في المعالجة، وهم لا يتقنون سواها على اعتبارها فناً ممكناً.
فالقادة والزعماء الذين برعوا في تقاسم الاسلاب والمغانم، استثمروا جيداً حفلات الحشد في الساحات التي استمرت طويلاً، يومها فرضوا أعمال السخرة على محازبيهم وجماهيرهم، حشدوهم وحشروهم في ملاعبهم، ليقطف الأوصياء لاحقاً من خيرات «السخرة» المكتسبات والأرباح لهم ولعوائلهم.
فتقاسموا المقاعد والحقائب، ودعي التقاسم: حكومة وحدة وطنية، فيما الصحيح حكومة وحدة المصالح.
وهكذا، وبأفضالهم بقيت الدولة اللبنانية يتيمة، فاقدة الأهل، غاب العمل المؤسساتي عنها، والتسويات في داخلها بين قادتها وزعمائها، أعمت البصائر وغيبت الدساتير وألغت القوانين، ففي داخلها ينتزع الشاطر حقوقه بشطارته، طالما أن المؤسسات توزعت وفق الإقطاع العائلي والمذهبي والطائفي.
...
وإلاّ لماذا لا يخبرنا أولياء الأمر في الدولة اللبنانية: أين هو ابنها جوزيف صادر؟ واين هي سلطاتها التنفيذية والتشريعية والامنية تحديدا؟ علماً ان جميع هذه السلطات على دراية وافية بموضوع الخطف وتملك المعلومات التفصيلية حول مصيره.
وهي تدرك مدى حساسية الحادثة، لأن طائفة المخطوف معروفة وستضيف الى منطقة شرق صيدا إحباطاً جديداً، هذه المنطقة التي عانت مآسي التهجير خلال الحرب اللبنانية، حين دمّر «المغول» و«التتار» منازل سكانها، ولما عاد أهلها، اكتشفوا أن تغييراً ديمغرافياً وسياسياً حصل، ففي قراهم بيعت الأراضي تحت وطأة الاغراءات المالية المدروسة، واكتشف السكان الصراع المذهبي الذي احتدم ليرفع الأسعار في عمليات الشراء.
وكما تناقصت أعداد المسيحيين في قرى شرق صيدا، كذلك تقلصت مساحة أراضيهم الى دون النصف، وحين يتجرأ المطران إيلي حداد محاولاً وقف النزيف المتدفق، تعلو الأصوات، تتهمه بالطائفية، فيما سائر الاساقفة والمرجعيات الدينية يتفرّجون.
والسؤال الذي يصل الى الخطوط الحمر، لكن طرحه واجب، وهو: لماذا هذا النشاط المتمادي في بناء دور العبادة في القرى المسيحية، وتحديداً شيّد المعنيّون ثلاث دور للعبادة في بلدتين هما عبرا ومجدليون، علماً ان اعداد المؤمنين لا يلزمها هذا النشاط العمراني المشبوه، والخشية أن سكان شرق صيدا يعتبرون أن القصد والنوايا، هي في تغيير متعمد لهوية هذه القرى.
وهكذا يتحول الوجود المسيحي في صيدا والجوار الى هنود حمر، قيمتهم المعنوية والسياسية غير مضافة، وتتحول الى رمز فلكلوري، يتسابق السياسيون في المنطقة الى التغني بهم أثناء حفلات التعايش والوحدة الوطنية.
اختطاف جوزيف صادر زاد منسوب الاحباط لدى الأهالي في منطقة شرق صيدا خصوصا وان بلدته مغدوشة تعتبر من كبرى البلدات المسيحية في المنطقة، وفيما حالة اللاجواب هي الوحيدة أمام الأهل والأقارب، يتذكر البعض حالة جوزيف بأنها تشبه كثيراً، الخطف السياسي القاتل في التشيلي أثناء الحرب الباردة بين الجبارين، حيث كان الداخل مفقوداً في ظل غياب كامل للرواية الرسمية، حتى أن الوفاة تبقى مجهولة في سجلات الدولة وعند العائلة والأهل.
وفي لبنان،لا تزال الأجوبة الرسمية غائبة حتى الآن، لم يصدر أي بيان حتى يهدئ من روع العائلة ويزيل القلق من النفوس، وان التروّي والهدوء اللذين يعتمدهما الأهل بناء للتمنيات والنصائح قد طالا، ولم تطل على الأهل الصابرين أية خاتمة واضحة.
وفي الأسباب الموجبة لهذا الهدوء والتروي واقتصار تحرك العائلة على الصلوات وإقامة القداديس، هي في وقائع الحوار الذي جرى بين وزير حالي من فريق الاكثرية واحدى الشخصيات السياسية، يومها اي منذ عشرة اشهر، قرر الوزير زيارة بلدة مغدوشة ليتفقد عائلة المخطوف ويتضامن معها، لكن الشخصية الفاعلة تمنت على الوزير التروّي والهدوء، حرصاً على سلامة المهندس صادر، خصوصاً أن الزيارة سترافقها ضجة إعلامية وحركات إحتجاج وغضب لدى الأهالي استنكاراً للحادثة، فيصيب هذا الضجيج المتعاطين في قضية صادر بالاحراج وقد تطيح بسلامته.
فهم الوزير المعني جيداً، وفهم الأهالي والأقارب الرسالة ايضاً، لكن هدوءهم وصبرهم مستمران منذ عشرة اشهر، ولا يزال الغموض سيد الموقف، والقوى السياسية تصمت كأنها غير مبالية، فغابت قضية صادر في أدراج النسيان وغابت معه الحقيقة: هل هو عميل أم بريء؟ ولكل حالة مقتضى وتدابير.
غابت الرواية الرسمية، لكن قضية جوزيف صادر وسمت جبين الدولة اللبنانية بالعجز، ولم يبق امام محبيه سوى كلام المطران ايلي حداد: جوزيف صادر لا يزال على قيد الحياة، فهل تدخله لجنة الصياغة في بيانها الوزاري؟
ابراهيم جبيلي
 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا