×

تدخين المرأة : بين التأييد والرفض بشدة

التصنيف: أمن

2009-11-19  05:38 ص  5037

 

اعداد:رانيا سويدا

اصابع رقيقة تتزين بألوان صبغ مختلفة تحمل السيجارة برشاقة وترفعها تكاد تلمس شفتيها، تنفث منها ويطير ما تبقى في الهواء ...
اصابع اخرى مرتبكة تحمل السيجارة وكأنها تريد هرسها، ترفعها للشفتين تعضها قبل ان تنفث الدخان وتتنهد ، اصابع اشبه براقصة البالية تدير السيجارة كأنها تداعبها او تراقصها، تضعها على المنفضة ثم تحملها، تلفها تضعها على الشفتين برقة لا تكاد تلمسها وتعود لتضعها على "المنفضة " ليسقط الرماد وحده قبل ان تعيد الكره ، اصابع اخرى واهنة بلا اصباغ لكن بها آثار الحناء ..
ضعيفة ترسم الحيرة والحزن والضيق تضم السيجارة كانها سلواها الوحيدة في الدنيا تنفث الدخان ولا تنفض الرماد حتى يصبح طويلا فيقع لوحده.
ظاهره التدخين من الظواهر المنتشرة في مجتمعنا الحاضر وبشكل كبيرعلى الرغم من التحذيرات الطبية والمحاضرات والندوات الاجتماعيه ...واخذت بالانتشار ليس فقط بين الذكور والشباب وايضا بين الفتيات والنساء ...

ماهي العوامل او الاسباب التي تؤدي الى تدخين المرأه ؟
ماهي نظرة الرجل الى المرأه المدخنة ؟ وماهي نظره المرأه الى المرأه المدخنة ؟
هل بات استخدام المرأه للتدخين في مجتمعنا بالخفاء ام بالظاهر ، بمعنى امرا اعتياديا ؟
هل الاسباب ذاتها المؤدية الى تدخين الرجل هي التي ادت الى تدخين المرأه ؟
ما يحق للرجل لا يحق للمرأة» هذه المقولة المنتشرة بكثرة في مجتمعاتنا العربية تخفي وراءها الكثير من المحظورات التي على المرأة أن تبتعد عنها ومن دون أي مبررات منطقية أو مقنعة أحياناً، والتدخين أحد هذه المحظورات ، فعلى الرغم من أننا جميعاً متفقون على الأضرار الصحية للتدخين عموماً سواء بالنسبة للرجل أم المرأة، وضرورة الإقلاع عنه ، إلا أن بعض المجتمعات تقف موقفاً سلبياً تجاه تدخين المرأة لأسباب اجتماعية وأخلاقية بحتة وليس فقط للأسباب الصحية، فما هي هذه الأسباب، وماذا عن تدخين النرجيلة أيضاً، هل ينطبق عليها الأمر ذاته؟

انقسمت الاراء بين مؤيد ومعارض
انقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض، وكانت الآراء المعارضة أكثر ولأسباب عديدة أهمها اعتبار تدخين المرأة خروجاً عن المألوف وانفتاحاً زائداً عن الحد الطبيعي أو حرية تسيء لأنوثة المرأة وتعطي انطباعاً أن سلوكها مشبوه أو غير محمود.
....
هربا من المشاكل
هناء والتي كانت تدخن في احد المطاعم وحولها مجموعة من النساء ما بين مدخنة وغير مدخنة، تقول إنها تدخن منذ مدة وإنها تفعل ذلك هربا من الضغط النفسي الذي تعاني منه بسبب مشاكل العمل والمشاكل الأخرى التي تواجهها.
وتضيف «أنا لا أنكر المخاطر الصحية المترتبة على هذا السلوك، ولكني أقوم بذلك لعلي أنسى الكبت والهم الذي يطاردني نتيجة ضغوطات ومشاكل الحياة سواء في العمل أو في المنزل».
وحول تأثير التدخين على علاقتها بالآخرين قالت إن هذا السلوك لا يؤثر على علاقتها بزوجها أو أبنائها أو زملائها في العمل، وأنها تحظى باحترام كبير جدا من كل هؤلاء، موضحة أنها ملتزمة بالأخلاق الحسنة، وأنها تحاول قدر المستطاع التخلص من هذه العادة السيئة.
...ربط غير واعٍ
نتساءل بدورنا لماذا هذا الربط غير الواعي بين السيجارة والسلوك الأخلاقي، فهل يعقل أن كل امرأة مدخنة هي امرأة خارجة عن معايير الأدب والأخلاق، ولماذا لا ينطبق هذا الحكم القاسي أيضاً على الرجل، أم أن سلوكيات الرجل مهما كان نوعها هي خارج التقييم الأدبي والأخلاقي دائماً، وللأسف هناك أيضاً شكل آخر من الربط غير الواعي الذي تروج له الإعلانات المصورة التي تتعمد ربط المرأة الأنيقة والجميلة بالسيجارة، ونشاهد أيضاً تلك المرأة الجميلة المدخنة تتصدر المجلات النسائية، مع العلم أن التدخين هو العدو اللدود لجمال المرأة،بالاضافة إلى ذلك يتم ربط السيجارة بالجاذبية والإغراء والإثارة، وهذا يؤدي طبعاً مع تكرار مثل هذه الإعلانات إلى تشكل بعض الاتجاهات السلبية نحو تدخين المرأة تحت طبقات الوعي لدى المشاهدين.
فبعض الرجال يرفضون السيجارة لنسائهم تحديداً في الأماكن العامة لأنها تعطي انطباعاً أن تلك المرأة تتعمد الإغراء لجذب الرجال جنسياً، وعن ذلك يعلق بعض الرجال «مشهد المرأة المدخنة يثيرني شخصياً؛ لذلك أرفض تدخين زوجتي أو أختي في الأماكن العامة، فمعظم الرجال ينجذبون ضمنياً للمرأة المدخنة، لكنهم يتهمونها أنها تتعمد إغراءهم، وخصوصا إذا كانت ترتدي ملابس مثيرة وتدخن بطريقة معينة تلفت النظر إليها».
...سلوك طبيعي
من وجهة نظر مختلفة يرى البعض الاخر، أن المرأة متساوية بالحقوق مع الرجل، لذلك يعتبر تدخين المرأة من الناحية الاجتماعية سلوكاً طبيعياً وعادياً، لا يقدم ولا يؤخر، لكنه لا يحبذه في الشارع لأن ذلك برأيه يفقد المرأة أنوثتها، وبالوقت نفسه لايؤيد تدخين المرأة، الأم لكونه يضر صحياً بالجنين إذا كانت حاملاً ويدفع الأبناء مستقبلاً لتقليدها وخصوصا، أنها تكون الأقرب للأبناء من الأب.

...حرية وتمرد
ان تدخين المرأة حرية شخصية لا تتعارض مع الآداب أو العادات والقيم الأخلاقية، ولا يعتبر هذا السلوك أمراً مسيئاً لها، ويعتقد أنها عندما تدخن يعتبر هذا ، نوع من التمرد على واقعها المجحف بحقها كإنسانة بقوله «المرأة المدخنة تثير فضولي لمعرفة الأسباب التي دفعتها لذلك، فقد يكون السبب رغبتها بإثبات ذاتها كندّ للرجل في مجتمع لا يعترف برغباتها أو حاجتها للتنفيس لكونها أكثر عاطفية وانفعالاً من الرجل».
لكن ماذا تقول النساء عموماً والمدخنات خاصةَ؟
النظرة السلبية
ربى إحدى الفتيات اللواتي نشأن في بيئة طبيعية ،لا تعارض تدخين المرأة من الناحية السلوكية وتعتبره حرية خاصة، إلا أن ربى لا تؤيد السيجارة في يد الفتاة لأنها تدرك النظرة السلبية للمدخنة من قبل الكثير من الناس وتقول «في كثير من المجتمعات تعتبر المدخنة امرأة جريئة ، فعدم اعتياد المجتمع على صورة المرأة المدخنة في الأماكن العامة جعلها مثار تساؤلات عديدة حول جرأتها في كسر غير المألوف وتقليدها للرجل، لذلك اخترت أنا شخصياً تدخين النرجيلة لأني أستمتع بها أكثر، وأرى أن موقف الناس منها أقل سلبية بكثير من موقفهم تجاه السيجارة، لاسيما وأن تدخين النرجيلة يكون في أماكن مخصصة وأوقات محددة بعكس السيجارة التي ترافق الإنسان في أي مكان».
نديّة وتحدٍ
السيجارة تسلب المرأة أنوثتها وجمالها «قد نتقبل أحياناً رائحة الرجل المدخن، لكننا لا نتقبل رؤية امرأة جميلة سرق التدخين منها شفافيتها ونظافتها، فأصبح صوتها أجشاً وأسنانها صفراء، بالمقابل هناك الكثير من يرفض النظرة السيئة للمدخنة من الناحية الأخلاقية، فهذه النظرة تنطوي على ظلم كبير للمرأة و أن الكثيرين يفتقدون للوعي في رؤيتهم للأمور وتقييمهم للأشياء».
ونجد على الطرف الآخر أن هناك مدخنات يدخّن بطريقة أقرب إلى التحشيش وبشكل ملفت للنظر وكأنهن يعلن التمرد على الواقع، أو يتحدين الرجل بأنهن موجودات ويمتلكن حقوقه ذاتها، في حين أن التحدي يجب أن يكون بطريقة مختلفة ولتحقيق أهداف أسمى تعود عليهن بالفائدة».
تقليد وتنفيس
معظم المدخنات اللواتي أجمعن على أن السيجارة تمثل بالنسبة لهن نوعاً من التسلية وتجلب إليهن المتعة، حيث يعتبرنها وسيلة للتنفيس عن همومهن ومتاعبهن في مجتمع مليء بالضغوطات النفسية والاجتماعية، وبعضهن اكتسبن هذه العادة بالتقليد، حيث أصبحت هذه العادة في بعض المجتمعات موضة مرتبطة بالبريستيج والأناقة، حتى أن مشهد المرأة المدخنة أصبح يكرر بكثرة في المشاهد الدرامية، وهذا قد يدفع الشباب تحديداً لتقليد نجومهم المفضلين عبر ممارسة هذه العادات غير الصحية...
التدخين السري
كثير من النساء تعلقن بالتدخين بسن مبكرة وبعضهن وهن مازلن على مقاعد الدراسة ويختبئن في حمامات المدرسة ليسرقن وقتا يدخنّ فيه بسرية تامة ، تقول احداهن،» قدمت لي احدى زميلات المدرسة سيجارة وطلبت ان اجربها ووسط الضحك والنكات جربتها وتولعت بها، فكنت ادخن فقررت الامتناع خوفا من عقاب والدي ، ولكن علب السجائر في البيت كانت تغريني فآخذ واحده والجأ للحمام ادخنها ثم اوزع به اشكالا من بخاخت الهواء والعطور حتى تزوجت فكان زوجي يقدم لي بعض سجائره وندخن سويا، لكنني وحتى هذه اللحظة لا اجرؤ على التدخين او الاعتراف امام والدي على الرغم من انه مدخن» .
تفسير علماء النفس والاختصاصيين
فسّر العديد من من أهل الاختصاص من أطباء وكذلك علماء نفس واجتماع تدخين المرأة بطرق مختلفة...
فهناك من ذهب لاعتبار التجاء المرأة للتدخين يحمل معاني البذخ والطرف و «البرستيج» والانتماء لطبقة اجتماعية مطرفة وأن «الصورة الاجتماعية» المقترنة بالتدخين، قد حافظت على معانيها المستمدّة من جذورها الشرقية والمرادفة للعيش البذخ أساسا.

أما الأخصائيين النفسيين، فمنهم من اعتبر أن هذه الظاهرة، قد خصّت كل الفئات الاجتماعية والعمريّة وباتت صورة السيجارة بيد المرأة ظاهرة عادية ولم تعد حكرا على الرجال.
وقد ذهبوا لأبعد من ذلك، حيث اعتبرت المقاربة النفسية، أن تدخين المرأة ،سلوك قد يكون مرّده أن بعض النسوة قد وجدن ، رمزا جديدا للرجولة والقوة والمقدرة، فالتدخين يتطلب قوّة جسدية أكثر تفوق ،قوة تحمل تدخين سيجارة وهو سلوك يتضح فيه أكثر معطى جرأة.
ومن ناحية أخرى قد يكون الدافع لهذا السلوك، هي الرغبة في حدّ الاختلاف والظهور والبروز ولفت الانتباه هذا مع ما يحمل هذا السلوك من جرأة وتباهي بالحرية المطلقة وعدم الاكتراث أو الالتزام بالقيم والحدود الاجتماعية المتفق عليهما.
كما فسّرت أطراف أخرى إقبال النساء عليها ،بأنه مجرّد رغبة في المتعة والتجربة والبحث عن الأحاسيس ...
الاقلاع عن التدخين يجعلهم فريسة الكابة
وجدت دراسة حديثة أن النساء اللواتى يقلعن عن التدخين يقعن فريسة للكآبة والقلق ويفقدن القدرة على التركيز وتزداد أوزانهن.
وبينت الدراسة ، أن النساء عندما تزداد أوزانهن بعد التوقف عن التدخين يعدن مرة أخرى إلى هذه العادة من أجل تجنب البدانة.
و إن الإقلاع عن التدخين يتطلب من المرأة قوة الإرادة والاستمرار في محاولتها لتحقيق هذا الهدف مهما كانت الصعوبات التي تعترضها.وعلى الراغبات بالتوقف عن التدخين اتخاذ خطوات منها مثلاً وضع تاريخ محدد للإقلاع عن هذه العادة مثل القول«» سأفعل ذلك خلال 30 أو ستين يوماً» والتقيد بذلك.
وإن أشياء أخرى مثل لاصقات النيكوتين، يمكن أن تضاعف احتمال الإقلاع عن هذه العادة، مشيرين إلى أن بعض الأدوية المضادة للكآبة مثل«بابروبيون» bupropion أو فارينكلاين قد تقلل من العوارض التى تشعر بها المرأة الراغبة بالتوقف عن التدخين، كما نصحوا بالاتصال بالاختصاصيين الذين يقدمون النصح فى هذا المجال والتحدث فى هذا الموضوع مع الأصدقاء وغيرهم لهذا الغرض..
جمالها في خطر
فيما يتعلق بالناحية الجمالية عند المرأة، فقد أكد الخبراء أن التدخين يسرق نسبة كبيرة ومتنامية من الجمال الطبيعي للمرأة، ومع الزمن تبدو المرأة المدخنة أسرع من غيرها في الاتجاه نحو الكهولة من حيث الهيئة ومدى صفاء الوجه والملامح، ولأن شركات التبغ تعي هذه الحقيقة جيداً لم يحدث أن استخدمت نساء في الأربعينات أو الخمسينات في إعلانات التبغ وكأنها تريد طمأنة المرأة إلى أن التبغ لا يؤدي إلى الشيخوخة المبكرة، بالاضافة إلى ذلك فإن التدخين لسنوات عديدة يترك أثره على مظهر الخدين والشفتين والصوت ورائحة الفم التي تصبح كريهة وكذلك تراكم الصباغ على الأسنان والتي تنتقص من جمال الوجه والإطلالة، ويؤدي التدخين أيضاً إلى شيء من النحافة، وقد لعبت شركات التبغ كثيراً على هذه الحقيقة التي تطلبها الكثير من النساء، لكن ما الفائدة إذا حققت سيدتي النحافة وخسرت صحتك وجمالك.
نتمنى في النهاية من المرأة والرجل معاً الإقلاع عن هذه العادة لكسب الصحة، ونقول للمرأة التي تعتقد أن التدخين يضيف إلى قيمتها قيمة إضافية أن تبعد عنها هذا الاعتقاد وتفكر بطرق أخرى أكثر أهمية تعلي من قيمتها ومركزها.
أخيراً، لعل التدخين واحد من المشكلات ذات الطابع الاجتماعي الأخلاقي الذي يكشف عن عمق التناقض والتفكير بين أفراد المجتمع، سواء من حيث التقييم للفعل بحدّ ذاته كممارسة شخصية واجتماعية، أم من حيث قياس هذا الفعل في حال ممارسته من قبل الرجل أو المرأة..
إذ تختلف في ذلك النظرة والتقييم، ويبدو واضحاً مدى الحس الذكوري الذي يفرض ذاته في هذه العملية على الرغم من أن التدخين بحدّ ذاته مسألة إشكالية تنطبق تماماً على الجنسين كآثار ومضار

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا