×

هواجس 7 أيار قلبت أولويّات الحريري وشقّت الطريق إلى دمشق

التصنيف: سياسة

2009-11-20  05:33 ص  1396

 

 

نقولا ناصيف
أكثر من سبب يجعل رئيس الحكومة سعد الحريري مستعداً لزيارة دمشق والاجتماع للمرة الأولى بالرئيس السوري بشّار الأسد. قد يكون أبرزها:
1ـــــ تفويض القمّة السعودية ـــــ السورية في دمشق، في 7 تشرين الأول، إلى الأسد الاضطلاع بدور إيجابي في لبنان وتسهيل تأليف حكومة الوحدة الوطنية، وفي الوقت نفسه الإفساح أمام الحريري كي ينجح على رأس حكومته. بعدما خرجت السعودية من طور عداء رافق علاقتها بسوريا بين 2005 و2008، واتهامها المباشر باغتيال الرئيس رفيق الحريري، فتحت صفحة جديدة في علاقتها بها اقتناعاً بأنّ الحوار ـــــ لا القطيعة وتعريض النظام للخطر ـــــ يفضي إلى نتائج جدّية في الخلاف الإقليمي حول إيران، وبين سوريا والعرب الذين يأخذون على دمشق مغالاتها في التحالف مع الجمهورية الإسلامية.
يدخل لبنان في سلسلة حلقات ترميم هذا التوازن. والأحرى أن علاقة سوريا بسُنّة لبنان جزء لا يتجزأ من علاقتها بالعالم الإسلامي الذي وقف حينذاك على طرف نقيض من خيارات الأسد. سلّمت الرياض مجدّداً لدمشق بنفوذها في لبنان، والمقدرة على إدارة التوازن الداخلي بين فريقي النزاع عندما يدخل الحريري في حوار معها. بذلك بدا الأخير في نهاية المطاف مديناً للأسد بتأليف حكومة الوحدة الوطنية. وهو يعرف أيضاً أن سوريا سبقته إلى الاستعداد للحوار معه وطيّ المرحلة الماضية.
2ـــــ شكّل المسار الشاق الذي سلكه تأليف الحكومة العِبرة الأصعب للحريري الذي يخوض الغمار للمرة الأولى. لم تأتِ الحكومة مرآة نتائج الانتخابات النيابية التي جعلت الحريري الزعيم اللبناني الأقوى في طائفته، بحصوله على 71 في المئة من أصوات ناخبيها دعماً للوائحه في كل لبنان، فضلاً عن أصوات مقترعين مسيحيين له. الأمر الذي لم يُتَح لوالده الراحل، ولا لأي زعيم سنّي في تاريخ هذا البلد استطاع خوض انتخابات نيابية عامة على مستوى لبنان كله وخرج منها منتصراً، غير مكتفٍ بدائرته الصغيرة أو بتحالفات وطنية تضمن فوز لوائحه. لكن هذا الواقع لم يمكّن الحريري من تأليف حكومة الأكثرية، رمت هذه العِبرة إلى إقراره بأن فوزاً كبيراً وجامحاً في الانتخابات فككته تسوية الدوحة عندما أخضعت مجدّداً تأليف الحكومة لمعايير مختلفة، بل متناقضة. بل تكاد تكون الخلاصة الرئيسية للعِبرة أن المعارضة، وحزب الله خصوصاً، خرجت من اتفاق الدوحة بأرباح فاقت خسائرها في أحداث 7 أيار 2008.
عندما قبِلَ تكليفه ترؤس الحكومة فصل الشخصي عن السياسي
كرّس الاتفاق توازناً داخلياً فرضته تلك الأحداث عندما وضعت الحريري أمام خيارين مربكين، أحدهما الانسياق إلى النزاع السنّي ـــــ الشيعي في شوارع بيروت، والآخر الرضوخ لتسوية قاسية تعطي المعارضة مكاسب سياسية أساسية في السلطة أخصّها الثلث+1، وتعطّل مفاعيل الانتخابات النيابية، وتخرج سلاح حزب الله من دائرة الطعن بدوره واستخدامه في خلاف داخلي وتضعه على طاولة حوار وطني يشترط توافق الأفرقاء لبتّ مصيره. على نحو كهذا، بدا اتفاق الدوحة في نظر المحيطين بالحريري مضاهياً لأحداث 7 أيار سوءاً.
3ـــــ فتحت أحداث 7 أيار جرحاً دائماً في الشارع السنّي تحسّسه رئيس الحكومة في الحملة الانتخابية، مقدار ما لمسه مرشحوه في بيروت والشمال والبقاع، فأتت نتائج الانتخابات كي تعكس تأثر الناخبين بهذا الجرح، وتعبّر بالاقتراع للحريري عن رفضهم ردّ الفعل الشيعي يومذاك. كان الرجل يُصغي بإمعان وقلق إلى هواجس ومخاوف راحت مذ ذاك تنتاب طائفته، فلا تقتصر على حزب الله، بل تشمل إيران. أوجب ذلك إعادة نظر في أولويات المواجهة التي كان الحريري وتيار المستقبل قد رسماها في مواجهة سوريا منذ عام 2005 لكونها ـــــ في حملاتهما ـــــ المتهم السياسي باغتيال الحريري الأب، تالياً إدراك فريق واسع من المحيطين برئيس الحكومة أن التوازن الحتمي مع ما نشأ من أحداث 7 أيار وارتداده على الشارع السنّي، كما على مستوى خيارات الطائفة، يقتضي أن يقود إلى تصويب الأولويات والموقف من سوريا تحديداً. وأخذ ذلك في الاعتبار أيضاً التحوّل السعودي صوب دمشق التي بدت وحدها عندئذ الضامن الفعلي للتوازن السياسي في لبنان، ومن ثمّ اعتراف الأفرقاء باستعادتها الدور الأكثر تأثيراً وتوجيهاً لحياته السياسية واستقراره. لم يقتصر هذا التحوّل على أحداث 7 أيار، بل أتى تقرير صحيفة «دير شبيغل» الألمانية يتهم حزب الله بالضلوع في اغتيال الرئيس السابق للحكومة أحد مبرّرات توجيه الأنظار مجدّداً إلى علاقة جديدة مع سوريا، بينما رفض الحريري الشبهة التي أحاطتها الصحيفة بالحزب.
4 ـــــ مذ قَبِلَ بتكليفه ترؤس حكومة الوحدة الوطنية، أعدّ الحريري نفسه لزيارة دمشق تبعاً لموقعه الدستوري الذي يلزمه فصل الشخصي عن السياسي، وفتح حوار جديد مع الأسد، والاستعانة بالأخير لتنظيم توازن القوى الداخلي، بين السنّة والشيعة كما بين الموالاة والمعارضة، ما دامت عباءة التوافق السعودي ـــــ السوري تراعي هذا التوازن.

 
 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا