يقول الزوج لزوجته: «كفى.. العمى بقلبك شو بتنقي».. وأسئلة حول الدوافع
التصنيف: المرأة
2012-01-14 09:45 ص 1485
تمكّن المجتمع المدني في لبنان، وخصوصاً الجمعيات التي تعمل على إقرار قانون لحماية النساء من العنف الأسري، وعلى إرساء حق المرأة اللبنانية بمنح جنسيتها لأسرتها، من فرض أجندة حقوقية ومدنية من خارج «الأجندات» السياسية والخلافية التي تستحوذ ليس على اهتمام «رجال الدولة»، على اختلاف مواقعهم فقط، كما فرضتها أيضاً على أولويات وسائل الإعلام في البلاد.
وبينما تطمح تلك الجمعيات إلى شراكة حقيقية مع وسائل الإعلام والمثقفين والفنانيين والممثلين، وصولاً إلى تكريس تلك الحقوق البديهية، يخرج البعض لينقلب على المشروع برمته مكرساً اتجاهاً عكســياً في التعـــاطي مع قضايا المرأة المطروحة، وصولاً إلى تسطيح قضاياها من جهة، وتحويلـــها إلى معنِّفة (بكسر النون) لا معنفة (بفتح النون) من جهة ثانية.
وفي بعض البرامج، أمثلة على ما يحدث.
نبدأ من «سبوت» منظمة «كفى عنفاً واستغلالا» الذي بثته في إطار حملتها لإلغاء التحفظات على اتفاقية «إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة»، والتي استلهمت بدايته من مسلسل «آلو حياتي» للفنانيْن عبد المجيد مجذوب وهند ابي اللمع.
المرأة: آلو
الرجل: آلو حياتي كيفك؟
- أنا مليحة، أنت كيف؟
- أنا ما بينخاف عليّ، أنت كيف أحوالك؟
- مليحة
- أحوالك الشخصية؟
- مش مليحة.
ويخرج صوت من خلفية المكالمة - المشهد ليقول: «من أجل المساواة في قوانين الأحوال الشخصية، لنرفع التحفظات عن المادة 16 من اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، (سيداو)».
في المقابل، قلّد «سكتش» من البرنامج الكوميدي «لا يُمل» الذي كان يعرض على شاشة «تلفزيون المستقبل»، «سبوت كفى» عبر التحوير التالي:
المرأة-الممثلة: آلو
الرجل الممثل: آلو حياتي كيفك؟ (بلهجة كوميدية، وإيحاءات استهزائية، وهو يدخن في الغليون)
- مليحة، انت كيف؟
- انا ما بينخاف علي، انت كيف احوالك؟
- مليحة
- احوالك الشخصية؟
- مش مليحة
- ليه؟
تجيب الممثلة وقد غيرت لهجتها إلى نمط «النق»، وفق الصورة النمطية عن المرأة «النقاقة»، قائلة: «ليه؟! لأنه إجو كل الفواتير آخر الشهر، في عندك فاتورة المي وفاتورة الكهربا، وفاتورة الاشتراك بمولد الكهربا، وفواتير التلفون السيلولير (الخلوي) والعادي... وكله كوم وأقساط الأولاد كوم تاني، ما بدهم يعطوهم «الكارنيه» ،(أي دفتر العلامات) إلا إذا بتروح حضرتك وتدفع المصاري، والشوفير (السائق) حضرته ما بقى بده ياخدهم (الأولاد) لأنه بيعتبر انه بعد ما قبض معاشه من شهرين..وفي عنا ليست دو مارياج».
-»كفى» (يقول الزوج - في إشارة إلى منظمة «كفى»)
فتتابع المرأة كمن تثرثر وتشتكي: بدنا نحط مصاري آخر الشهر..
الرجل: «كفى»
المرأة: وكمان السمان يلي تحت صار بده مصرياته.
-يكرر الزوج: كفى
- يعني المصاري من وين بدها تجي؟
- كفى.. كفى.. كفى.. (بصوت آمر وهو يستمر بتدخين الغليون)
ويكمل الممثل: «كفى.. العمى بقلبك شو بتنقي».
تختم المرأة الحوار بالقول: «يي شو قلنا؟!»
ربما يلخص المثل المذكور أعلاه، إحدى الزوايا التي يتناول منها بعض وسائل الإعلام، ومنتجو ومعدو بعض البرامج، قضايا المرأة في لبنان، بطريقة مسيئة. فبالإضافة إلى السخرية من إعلان منظمة «كفى»، حاول البرنامج الإعلامي أن يفهمنا أن هناك قضايا أكثر أهمية من القضاء على كافة أشكال التمييز بحق المرأة، عبر تعداد الممثلة، التي تؤدي دور المرأة، للأعباء الاقتصادية والمعيشية التي ترزح تحتها العائلات في لبنان، وكأن مواجهتها و«تدبير الحال» يجب أن يكون الأولوية بالنسبة إلى المرأة، وليس المطالبة بحقوقها.. ويكمل الرجل - الممثل دوره بالاستهزاء من الحملة عبر القول: «كفى»... والمقصود بها طبعاً منظمة «كفى».. و«العمى بقلبك شو بتنقي»، موجهة للنساء وللمنظمات والجمعيات النسائية، التي يصبغ عليها الصورة النمطية عن المرأة التي «تنق»، أي تشتكي طوال الوقت. وفي إسلوب اللغة واللهجة التي يعتمدها الممثل ـ الرجل، تكريسٌ لتحقير المرأة والاستهزاء بها وتعنيفها اللغوي («العمى بقلبك شو بتنقي»)، وإصدار الأمر لها بالسكوت واستباحة حقها بالكلام واستعمال «كفى» لأكثر من مرة، إلى جانب لهجة الاستهزاء بكل ما تقوله.
من هنا، يوضح البرنامج الكوميدي جزءاً من المشهد الإعلامي العام في لبنان، وخصوصاً بالنسبة إلى المساحات المخصصة لقضايا المرأة، ومن ضمنها «اتفاقية «سيداو» والتحفظات اللبنانية عليها، وقضية العنف الأسري، وقانون حماية النساء منه خاصة.
ومن برنامج «لا يُمل»، ننتقل إلى برنامج «ما في متلو» على قناة «إم.تي.في»، وهو برنامج ينتجه، للأسف، فريق العمل نفسه، المكوّن من رولا شامية وعادل كرم ونعيم حلاوي وآخرين، ولكن بعدما انتقلوا من «المستقبل» إلى «إم.تي.في».
تخرج شامية مع الكاميرا إلى الشارع لتقول: «لا للعنف ضد المرأة، هذه الحملة التي سمعنا بها، نحن نزلنا إلى الشارع لنؤكد مع المواطن ما إذا كان هو مع العنف ام ضده ضد المرأة». فيتقدم رجل وامرأة من خلف شامية في الشارع. المرأة تضع نظارات شمسية وتلبس جينزاً، ما يوحي بأنها إمرأة عصرية «تتغندر» برفقة حقيبة يدها، فيما ينوء الرجل حاملاً الأكياس والأغراض كلها التي اشترياها من «السوبرماركت»، في إيحاء إلى سيطرة المرأة عليه.
تبدأ شامية بتوجيه أسئلتها إلى الرجل، فتجيب المرأة بعدما تحول «الميكرو» إلى نفسها من أمام زوجها، بطريقة تسلطية، من دون أن تفسح له المجال للإجابة عن أي سؤال، رغم أنه يحاول ذلك، ويفشل نتيجة تصرفات زوجته التي لا تعيره انتباها أو احتراماً. وتناولت أسئلة شامية، بداية، المكان الذي كان الزوجان فيه، ونوعية الأغراض التي اشترياها، فيما تستمر المرأة بالإجــــابة دوناً عن الزوج.. ولا يــــردع المرأة قول شامية لها أنها توجه أسئلتها إلى الزوج وليس إليــــها.. وصولاً إلى سؤاله عما إذا كان مع أو ضد العنف ضد المرأة.
هنا، تسرع المرأة أيضاً للإجابة عن الرجل، لتقول: «بعد ناقص! يعني بعد ناقص يمدّ إيده.. بكسر له إياها لإيده إذا ما خلعتها، بعد ناقص!».. يحاول الزوج أن يجيب، ولكن زوجته تقاطعه ولا تدعه يتفوه بكلمة واحدة. وعندما يحاول من جديد الإجابة وإبداء رأيه، تنهره الزوجة بإصبعها وتقول له: «هس.. كم مرة قلت لك ما تحمل اللبنة بهالطريقة».. بالإضافة إلى سواها من التفاصيل التي تظهر المرأة معنِفة لزوجها وليس العكس.
ويختتم المشهد بتدخل شامية ـ أي الإعلامية وفق دورها في هذه الحلقة من البرنامج ـ لتعطي «الميكرو» للزوج، أخيراً، ثم تبدأ بضرب الزوجة وهي تقول: «أنا كنت مع الحملة يللي عم يعملوها عن العنف ضد المرأة، بس الآن أنا صرت ضدها، لأنه امرأة متلك لازم الواحد يــــضربها لأنك ما بتنطاقي»... وفيـــما تكمل شامية ضرب المرأة ـ الزوجة، يبدأ الزوج، وهو الممثل نعيم حلاوي، بمساعدة شامية على ضرب زوجته أيــضاً.
يقلب المشهد «الكوميدي» هنا بعض الحقائق، فالسواد الأعظم من النساء هن من يحملن الأغراض المنزلية، وهن من يقمن بالتسوق، وليس العكس. كما يعطي انطباعاً عاماً عن المرأة كمتسلطة، وعن الرجل كمسكين لا يجرؤ على الكلام بحضور زوجته التي تصادر حقوقه كاملة! طـــبعاً، هناك نساء متسلطات، ولكن الرجل في لبنان محمي بالقانون، المدني منه والروحي أو الشرعي او المذهبي، كما المجتمع نفسه والـــعائلة. وإن أزعجه تسلّط زوجته عليه، يمكنه الانفصال عنها، وليس إشباعها ضرباً!
وبذلك، يكون البرنامج، ومعه شامية، كمن يكرس معادلة الظلم السائدة التي يناضل المجتمع المدني للإطاحة بها، وذلك عبر استباحة المرأة واللجوء إلى تعنيفها جسدياً(الضرب) ولفظياً («إمرأة متلك لازم الواحد يضربها لأنك ما بتنطاقي»).
وعمد البرنامج أيضاً إلى اختصار حماية المرأة من العنف الأسري بمسألة الضرب فقط، قافزاً عن الاغتصاب الزوجي والعنف المعنوي، والاقتصادي أيضاً، لصالح تكريس آلية التعامل مع الحقوق بطريقة شعبوية تسطيحية، وكأن نقاش القانون في لبنان يجري على هذا المستوى.
وهنا، يمكن أن نطرح سؤالاً هاماً عن موقع البرنامج من مواقف رجال الدين من القانون، ولماذا لم يتطرق معدّوه لذاك الجانب من الخلاف، أم أن «بلّ اليد» بالمرأة والمنظمات المدنية متاح وسهل في بلد المقدسات الدينية!
ومع تكرار فريق العمل نفسه للتهجم على قضايا المرأة المطروحة للنقاش في لبنان، عبر برنامجين مختلفين، وإن وضعا في الإطار الكوميدي ذاته، يحضر تساؤل هام آخر حول ما إذا كان هناك استهداف مباشر لحقوق المرأة مع فئة ضد أخرى، وهل المقصود تشكيل رأي عام مناهض لهذه الحقوق بطريقة غير مباشرة وخطيرة؟ أم أن كل ما يجري لا يخرج عن النطاق العفوي الكوميدي البحت، لنكون أمام فريق عامل جاهل لأبسط الحقوق المدنية والإنسانية. والكارثة هنا ستكون أكبر!
ربما، بعد عرض هذين المشهدين، تتمنى كل امرأة، ومعها منظمات المجتمع المدني، ألا يتطرق بعض الإعلام إلى أي من قضاياها!
سعدى علوه
وبينما تطمح تلك الجمعيات إلى شراكة حقيقية مع وسائل الإعلام والمثقفين والفنانيين والممثلين، وصولاً إلى تكريس تلك الحقوق البديهية، يخرج البعض لينقلب على المشروع برمته مكرساً اتجاهاً عكســياً في التعـــاطي مع قضايا المرأة المطروحة، وصولاً إلى تسطيح قضاياها من جهة، وتحويلـــها إلى معنِّفة (بكسر النون) لا معنفة (بفتح النون) من جهة ثانية.
وفي بعض البرامج، أمثلة على ما يحدث.
نبدأ من «سبوت» منظمة «كفى عنفاً واستغلالا» الذي بثته في إطار حملتها لإلغاء التحفظات على اتفاقية «إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة»، والتي استلهمت بدايته من مسلسل «آلو حياتي» للفنانيْن عبد المجيد مجذوب وهند ابي اللمع.
المرأة: آلو
الرجل: آلو حياتي كيفك؟
- أنا مليحة، أنت كيف؟
- أنا ما بينخاف عليّ، أنت كيف أحوالك؟
- مليحة
- أحوالك الشخصية؟
- مش مليحة.
ويخرج صوت من خلفية المكالمة - المشهد ليقول: «من أجل المساواة في قوانين الأحوال الشخصية، لنرفع التحفظات عن المادة 16 من اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، (سيداو)».
في المقابل، قلّد «سكتش» من البرنامج الكوميدي «لا يُمل» الذي كان يعرض على شاشة «تلفزيون المستقبل»، «سبوت كفى» عبر التحوير التالي:
المرأة-الممثلة: آلو
الرجل الممثل: آلو حياتي كيفك؟ (بلهجة كوميدية، وإيحاءات استهزائية، وهو يدخن في الغليون)
- مليحة، انت كيف؟
- انا ما بينخاف علي، انت كيف احوالك؟
- مليحة
- احوالك الشخصية؟
- مش مليحة
- ليه؟
تجيب الممثلة وقد غيرت لهجتها إلى نمط «النق»، وفق الصورة النمطية عن المرأة «النقاقة»، قائلة: «ليه؟! لأنه إجو كل الفواتير آخر الشهر، في عندك فاتورة المي وفاتورة الكهربا، وفاتورة الاشتراك بمولد الكهربا، وفواتير التلفون السيلولير (الخلوي) والعادي... وكله كوم وأقساط الأولاد كوم تاني، ما بدهم يعطوهم «الكارنيه» ،(أي دفتر العلامات) إلا إذا بتروح حضرتك وتدفع المصاري، والشوفير (السائق) حضرته ما بقى بده ياخدهم (الأولاد) لأنه بيعتبر انه بعد ما قبض معاشه من شهرين..وفي عنا ليست دو مارياج».
-»كفى» (يقول الزوج - في إشارة إلى منظمة «كفى»)
فتتابع المرأة كمن تثرثر وتشتكي: بدنا نحط مصاري آخر الشهر..
الرجل: «كفى»
المرأة: وكمان السمان يلي تحت صار بده مصرياته.
-يكرر الزوج: كفى
- يعني المصاري من وين بدها تجي؟
- كفى.. كفى.. كفى.. (بصوت آمر وهو يستمر بتدخين الغليون)
ويكمل الممثل: «كفى.. العمى بقلبك شو بتنقي».
تختم المرأة الحوار بالقول: «يي شو قلنا؟!»
ربما يلخص المثل المذكور أعلاه، إحدى الزوايا التي يتناول منها بعض وسائل الإعلام، ومنتجو ومعدو بعض البرامج، قضايا المرأة في لبنان، بطريقة مسيئة. فبالإضافة إلى السخرية من إعلان منظمة «كفى»، حاول البرنامج الإعلامي أن يفهمنا أن هناك قضايا أكثر أهمية من القضاء على كافة أشكال التمييز بحق المرأة، عبر تعداد الممثلة، التي تؤدي دور المرأة، للأعباء الاقتصادية والمعيشية التي ترزح تحتها العائلات في لبنان، وكأن مواجهتها و«تدبير الحال» يجب أن يكون الأولوية بالنسبة إلى المرأة، وليس المطالبة بحقوقها.. ويكمل الرجل - الممثل دوره بالاستهزاء من الحملة عبر القول: «كفى»... والمقصود بها طبعاً منظمة «كفى».. و«العمى بقلبك شو بتنقي»، موجهة للنساء وللمنظمات والجمعيات النسائية، التي يصبغ عليها الصورة النمطية عن المرأة التي «تنق»، أي تشتكي طوال الوقت. وفي إسلوب اللغة واللهجة التي يعتمدها الممثل ـ الرجل، تكريسٌ لتحقير المرأة والاستهزاء بها وتعنيفها اللغوي («العمى بقلبك شو بتنقي»)، وإصدار الأمر لها بالسكوت واستباحة حقها بالكلام واستعمال «كفى» لأكثر من مرة، إلى جانب لهجة الاستهزاء بكل ما تقوله.
من هنا، يوضح البرنامج الكوميدي جزءاً من المشهد الإعلامي العام في لبنان، وخصوصاً بالنسبة إلى المساحات المخصصة لقضايا المرأة، ومن ضمنها «اتفاقية «سيداو» والتحفظات اللبنانية عليها، وقضية العنف الأسري، وقانون حماية النساء منه خاصة.
ومن برنامج «لا يُمل»، ننتقل إلى برنامج «ما في متلو» على قناة «إم.تي.في»، وهو برنامج ينتجه، للأسف، فريق العمل نفسه، المكوّن من رولا شامية وعادل كرم ونعيم حلاوي وآخرين، ولكن بعدما انتقلوا من «المستقبل» إلى «إم.تي.في».
تخرج شامية مع الكاميرا إلى الشارع لتقول: «لا للعنف ضد المرأة، هذه الحملة التي سمعنا بها، نحن نزلنا إلى الشارع لنؤكد مع المواطن ما إذا كان هو مع العنف ام ضده ضد المرأة». فيتقدم رجل وامرأة من خلف شامية في الشارع. المرأة تضع نظارات شمسية وتلبس جينزاً، ما يوحي بأنها إمرأة عصرية «تتغندر» برفقة حقيبة يدها، فيما ينوء الرجل حاملاً الأكياس والأغراض كلها التي اشترياها من «السوبرماركت»، في إيحاء إلى سيطرة المرأة عليه.
تبدأ شامية بتوجيه أسئلتها إلى الرجل، فتجيب المرأة بعدما تحول «الميكرو» إلى نفسها من أمام زوجها، بطريقة تسلطية، من دون أن تفسح له المجال للإجابة عن أي سؤال، رغم أنه يحاول ذلك، ويفشل نتيجة تصرفات زوجته التي لا تعيره انتباها أو احتراماً. وتناولت أسئلة شامية، بداية، المكان الذي كان الزوجان فيه، ونوعية الأغراض التي اشترياها، فيما تستمر المرأة بالإجــــابة دوناً عن الزوج.. ولا يــــردع المرأة قول شامية لها أنها توجه أسئلتها إلى الزوج وليس إليــــها.. وصولاً إلى سؤاله عما إذا كان مع أو ضد العنف ضد المرأة.
هنا، تسرع المرأة أيضاً للإجابة عن الرجل، لتقول: «بعد ناقص! يعني بعد ناقص يمدّ إيده.. بكسر له إياها لإيده إذا ما خلعتها، بعد ناقص!».. يحاول الزوج أن يجيب، ولكن زوجته تقاطعه ولا تدعه يتفوه بكلمة واحدة. وعندما يحاول من جديد الإجابة وإبداء رأيه، تنهره الزوجة بإصبعها وتقول له: «هس.. كم مرة قلت لك ما تحمل اللبنة بهالطريقة».. بالإضافة إلى سواها من التفاصيل التي تظهر المرأة معنِفة لزوجها وليس العكس.
ويختتم المشهد بتدخل شامية ـ أي الإعلامية وفق دورها في هذه الحلقة من البرنامج ـ لتعطي «الميكرو» للزوج، أخيراً، ثم تبدأ بضرب الزوجة وهي تقول: «أنا كنت مع الحملة يللي عم يعملوها عن العنف ضد المرأة، بس الآن أنا صرت ضدها، لأنه امرأة متلك لازم الواحد يــــضربها لأنك ما بتنطاقي»... وفيـــما تكمل شامية ضرب المرأة ـ الزوجة، يبدأ الزوج، وهو الممثل نعيم حلاوي، بمساعدة شامية على ضرب زوجته أيــضاً.
يقلب المشهد «الكوميدي» هنا بعض الحقائق، فالسواد الأعظم من النساء هن من يحملن الأغراض المنزلية، وهن من يقمن بالتسوق، وليس العكس. كما يعطي انطباعاً عاماً عن المرأة كمتسلطة، وعن الرجل كمسكين لا يجرؤ على الكلام بحضور زوجته التي تصادر حقوقه كاملة! طـــبعاً، هناك نساء متسلطات، ولكن الرجل في لبنان محمي بالقانون، المدني منه والروحي أو الشرعي او المذهبي، كما المجتمع نفسه والـــعائلة. وإن أزعجه تسلّط زوجته عليه، يمكنه الانفصال عنها، وليس إشباعها ضرباً!
وبذلك، يكون البرنامج، ومعه شامية، كمن يكرس معادلة الظلم السائدة التي يناضل المجتمع المدني للإطاحة بها، وذلك عبر استباحة المرأة واللجوء إلى تعنيفها جسدياً(الضرب) ولفظياً («إمرأة متلك لازم الواحد يضربها لأنك ما بتنطاقي»).
وعمد البرنامج أيضاً إلى اختصار حماية المرأة من العنف الأسري بمسألة الضرب فقط، قافزاً عن الاغتصاب الزوجي والعنف المعنوي، والاقتصادي أيضاً، لصالح تكريس آلية التعامل مع الحقوق بطريقة شعبوية تسطيحية، وكأن نقاش القانون في لبنان يجري على هذا المستوى.
وهنا، يمكن أن نطرح سؤالاً هاماً عن موقع البرنامج من مواقف رجال الدين من القانون، ولماذا لم يتطرق معدّوه لذاك الجانب من الخلاف، أم أن «بلّ اليد» بالمرأة والمنظمات المدنية متاح وسهل في بلد المقدسات الدينية!
ومع تكرار فريق العمل نفسه للتهجم على قضايا المرأة المطروحة للنقاش في لبنان، عبر برنامجين مختلفين، وإن وضعا في الإطار الكوميدي ذاته، يحضر تساؤل هام آخر حول ما إذا كان هناك استهداف مباشر لحقوق المرأة مع فئة ضد أخرى، وهل المقصود تشكيل رأي عام مناهض لهذه الحقوق بطريقة غير مباشرة وخطيرة؟ أم أن كل ما يجري لا يخرج عن النطاق العفوي الكوميدي البحت، لنكون أمام فريق عامل جاهل لأبسط الحقوق المدنية والإنسانية. والكارثة هنا ستكون أكبر!
ربما، بعد عرض هذين المشهدين، تتمنى كل امرأة، ومعها منظمات المجتمع المدني، ألا يتطرق بعض الإعلام إلى أي من قضاياها!
سعدى علوه
أخبار ذات صلة
لقاء حواري للهيئة النسائية الشعبية في التنظيم الشعبي الناصري حول " دور المرأة في زمن الحرب"
2024-08-18 09:01 م 248
شابة عمرها 35 عاماً تكسب نصف مليون دولار وهي في منزلها
2024-06-22 05:09 ص 352
الهيئة النسائية الشعبية في التنظيم الشعبي الناصري تعايد بشهر رمضان المبارك
2024-03-13 12:32 م 263
الهيئة الوطنية للمرأة في مدينة صيدا وبمناسبة يوم المرأة العالمي
2024-03-09 05:55 م 253
إعلانات
إعلانات متنوعة
صيدا نت على الفايسبوك
صيدا نت على التويتر
الوكالة الوطنية للاعلام
انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:
زيارة الموقع الإلكترونيتابعنا
زواج بلا جنس.. قرار قضائي فرنسي يغضب المحكمة الأوروبية
2025-01-24 09:54 ص
برسم المعنيين ..بعض الدراجات النارية تبتز السائقين بتصنع الاصطدام
2025-01-19 04:03 م
ما سر انقسام نواب صيدا في انتخابات رئاسة الجمهورية والحكومة!!
2025-01-15 06:07 ص
بالصور.. كيف تبدو حرائق لوس أنجلوس من الفضاء؟
2025-01-12 10:22 م
إن انتخب د. سمير جعجع رئيساً للجمهورية ما هي علاقة صيدا ونوابها معه!
2025-01-02 10:12 م
أبرز بنود الاتفاق: بين لبنان و إسرائيل
2024-12-28 02:33 م
اطباء نصيحه عواقب صحية مقلقة للامتناع عن ممارسة الجنس
2024-12-19 09:37 م
الرواية الكاملة لهروب الأسد.. وسر اتصال مفاجئ بالمقداد
2024-12-19 09:21 م
تحركات شبابية في صيدا للمشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة