المركز الوطني لبنك العيون.. اكثر من 3000 عملية زرع قرنية

التصنيف: سياسة

2009-11-25 12:58 م 1155

محمد دهشة

تمسح رئيسة "المركز الوطني لبنك العيون" في صيدا نجلاء سعد دمعتها ألما وهي تستذكر زوجها الراحل مصطفى معروف سعد.. لكنها سرعان ما تعود وتبتسم فرحا وهي ترى "محمد" السني ينظر بعيون "جوزيف" المسيحي و"فاطمة" الشيعية بعيون "ريتا" لتحقق أمنيته في تطوير المركز وتقديم خدماته دون تمييز بين احد، حيث كان ملهما لفكرة انشائه قبل سبعة عشرة عاما من الان.

أفتتح "المركز الوطني لبنك العيون" آواخر العام 1992، ولم يكن ذلك صدفة، فقد كانت معاناة المرحوم مصطفى سعد وفقدان بصره عام 1985 البوصلة، لتحويل المعاناة الى فرح والظلام الى نور، كانت الانطلاقة صعبة، لكن موقف المراجع الروحية المسيحية والاسلامية والموقف الشرعي كان حافزا لانطلاقة قوية، فيما بقيت العقبة في نشر ثقافة التبرع بالقرينة لوقف استيرادها من الخارج بمبالغ مالية كبيرة كما كان جاريا.

وتقول رئيسة المركز نجلاء مصطفى سعد "ان الانطلاقة كانت تحت عنوانين زراعة القرنية وتشجيع وهبها عبر حملة توعية وقد دعمنا مصطفى في السير قدما وأعطاني كل ما يلزم من حماسة على قاعدة تحمل المسؤولية في خدمة المجتمع، "قبل ان تضيف "ان تجاوب الناس في البداية لم يكن وفق المطلوب، بعضهم اتخذ موقفا ضد الوهب والبعض الاخر شجع ووصفها كأنها صدقة جارية.. واجهنا بعض الصعاب وبقينا على مدى ثلاث سنوات نستورد القرنيات من الخارج وكانت الكلفة كبيرة، فالواحدة تصل الى 1500 دولار اميركي، اما الان فقد باتت مجانا بسبب التبرع ، لقد نجحنا في توعية الناس لوهب الاعضاء على قاعدة اذا رحل الانسان عن الدنيا ولم يعمل شيئا يمكن ان يتبرع كي يرى غيره بعيونه نعمة الدنيا ونور الخالق".

نجاح ودعم

بعد سنوات قليلة على الانطلاقة، بدأ المركز يشق طريقه بنجاح، فأنشأ العيادة ثم افتتح المركز مدعوما منتبرعات الخيرين من جهة ووزارة الشؤون الاجتماعية ثم من مؤسسة الامير الوليد بن طلال الانسانية والسيدة ليلى الصلح حمادة التي تبرعت بتأهيل المركز وتأمين ما ينقص من معدات طبية وتجهيزات.

وتؤكد سعد "لقد كانت مبادرة السيدة الصلح دفعة قوية لنا، نشعر معها اليوم اننا نقف على قدمينا بثبات، فهي تؤمن بالمركز ودوره وهذه القناعة اسعدتنا اكثر من المادة رغم حاجتنا اليها، لان هناك من يؤمن بالرسالة التي نؤديها وبالمصداقية والدعم مستمر حتى الان.

وأوضحت ان المرضى لا يدفعون تكاليف مادية باهظة، فقط رسوم المعاينة، اما تكاليف العملية فهناك تعاقد مع وزارة الصحة في مستشفى قي صيدا وبيروت ومرجعيون، وكلفة العملية لا تزيد عن 300 دولار اميركي اذ القرنية تقدم مجانيا، فيما الدواء لحماية القرنية يزيد سعره عن مئة دوار بقليل، مشيرة الى ان المركز أجرى اكثر من 3000 عملية زرع قرنية حتى ان وساعد في الكثير من عمليات "الماء الزرقاء" وفحوصات العيون المجانية.

انجازات.. وحلم

وتطرقت السيدة سعد الى اهم الانجازات، فقالت ان اهم انجاز اننا ما زلنا صامدين في وجه الاقفال، موجودين بفعالية على الارض، كثير من الجمعيات اقفلت ابوابها لاسباب عديدة ابرزها الظروف المالية، وكثيرا منها ايضا غاب ما عن السمع او عن النشاطات، يليه اعادة النظر الى المحرومين منه، نشر التوعية بين الناس لوهب الاعضاء ونحن نتوجه للعمل داخل الجامعات، لان الطالب الجامعي يقرر بذاته ويستطيع اتخاذ القرار المناسب، مشددة "انه ليس لدينا اخصام واذا كانت هناك خصومات سياسية او اختلاف في المواقف السياسية، قد نختلف ونلتقي ونتحاور ولكن العمل الانساني الخيري يجب ان يلتقي عليه الجميع، وعملنا انساني يتعلى عن السياسية والحسابات الطائفية والمذهبية والمناطقية، علي يرى بعيون طوني وانطوانيت بعيون فاطمة ودون تمييز بين لبناني وفلسطيني ايضا.

واشارت الى ان الحلم الاكبر هو "إنشاء مستشفى تخصصي بالعيون ومؤسسة كبيرة فيها أبحاث علمية كي يستعيد الناس بصرهم دون الاضطرار للسفر الى اميركا او فرنسا وهذا هو حلم مصطفى الذي كان دوما يفكر بمشروع كبير.. لكن نحتاج الى تبرعات مالية اكبر، حلمنا ان يكون في صيدا مثل هذا المستشفى، املة تطوير مركز جزين كي يصبح مثل مركز صيدا وقد اخترنا جزين كي نخدم كل المنطقة وصولا الى الشوف.

تذكير

إختار "المركز" إحياء الذكرى السنوية لتأسيسه بطريقة غير تقليدية من خلال اعادة رسم ذاكرتها من حنين وذكريات عبر ريشة 20 فنانا بإشراف الفنان التشكيلي برنارد رنو، واختار"سيدة اعمال العام" نائب رئيس مؤسسة "الوليد بن طلال الانسانية" ليلى الصلح حمادة لتضيء شمعة الانطلاقة، وميض نور في عيون المكفوفين.. ولتؤكد في ذات الوقت استمرار رعايتها لكل النشاطات الانسانية والخيرية التي "تجمع ولا تفرق"، تتعالى عن المذهبية والطائفية.