×

وصل حضارة الفينيقيين والفراعنة عبر مرفأ صيدا

التصنيف: تقارير

2012-02-01  09:52 ص  1211

 

 

سامر زعيتر
على أبواب ميناء الصيادين وقبالة القلعة البحرية في صيدا، كان يرسم همزة وصل بين حضارة الفينيقيين والفراعنة، مهمة قام بها بعد تشييده في القرن السابع عشر للميلاد، لإستقبال التجار واكرام ضيافتهم، حضارة توارثتها الأجيال، فيما طمس الزمان بعض معالمه، لكن يبقى دوره حاضراً، إن لم يكن اليوم ففي المستقبل القريب..
إنه «خان الرز» الذي لا يزال معلماً أثرياً هاماً، كما هو حال سائر معالم المدينة التاريخية في صيدا البلد، التي تعتبر أكبر متحف قائم بذاته في الشرق الأوسط، تحوّلت الغاية منه بمرور الزمن الى مناجر للموبيليا وصناعة الشوكولا وبيوت لعدد من العائلات..
متحف بحاجة الى إعادة الترميم، وفي الوقت نفسه هناك العديد من الخطط بإنتظار ذلك، لكن لمن لا يعرف «خان الرز» وخانات المدينة، «لـواء صيدا والجنوب» يسلط الضوء على هذا الموقع الأثري الهام..
دور وتاريخ
كان في مدينة صيدا 6 خاناتٍ، هي: خان الرز، القشلة القديمة، خان المطرانية، خان الشاكرية، خان الإفرنج وخان الحلبي. ولفظ «خان» يعني بالعربية وكالة، أما في اللغة الفارسية فمعناه نزل. وأكبر هذه الخانات هو «خان الإفرنج»، الذي يدعي البعض أن الأمير فخر الدين الثاني هو الذي بناه في أوائل القرن السابع عشر - أي بعد عودته من منفاه في إيطاليا، لكن هذه الرواية غير صحيحة وفق العديد من المؤرخين.
ويشير المؤرخ الدكتور طلال مجذوب الى «أن «خان الرز» هو الأقرب الى الميناء، فيما «خان الإفرنج» كان يفصله شارعين عن الميناء، وكما هو أسمه فإن «خان الرز» كان يخصص لتجار الرز وبعض الحبوب القادمين من مصر، وكان في المدينة العديد من الخانات الأخرى التي لا زال بعضها موجوداً والبعض الآخر لم يعد كذلك».
وتشتهر هذه الخانات ببنائها الضخم المربع الأضلاع والزوايا، والدخول إليه من باب ضخم عال معقود بأحجار ضخمة، ويتم الدخول الى «خان الإفرنج» من جهة الميناء الحالي، فيما كان الدخول الى «خان الرز» من جهة الميناء القديم المخصص حالياً لسفن الصيادين، وهو فنّ معماري إسلامي، وكان يوجد وسط هذه الخانات أحواض أنيقة من الرخام التي تجر إليها الماء وتُظلّل الأحواض أشجار جميلة وأخرى مثمرة، وعلى جوانب الساحة الكبيرة تنتشر أروقة مسقوفة ومعقودة تطلّ عليها غرف عديدة. كما هو حال العديد من الأبنية في الطراز الشرقي التي تدل على عراقة البناء الإسلامي في القرون الوسطى.
والخان عبارة عن بناء أرضيّ مُستطيل مع ممرٍ داخل القناطر، حيث تقوم معارض التجار والإسطبلات والحمامات، أما في الطابق العلوي فتقع غرف نوم التّجار والملاحين.
ويُعد «خان الإفرنج» هو الأشهر بين هذه الخانات، حيث كان يتصل به البيت القنصلي، الذي يشرف على ساحة باب السراي، ويُمكن الدخول إليه بواسطة درج حجري من ناحية سوق البازركان، يؤدي مباشرة إلى الطابق الأول ومنه بواسطة ممر مُقبّب إلى الطابق الأرضي. ويتألف البيت القنصلي من غرف متنوعةٍ وقد كان مخصصاً لممثّل الملك الفرنسي.
والى جانب البيت القنصلي، بنيت كنيسة عرفت بإسم «تراسنتا» - أي الأرض المقدّسة، وهي مُهملة الآن. أما الخان الصغير فهو يقع إلى الجنوب الغربي من الخان الكبير ويتّصل مباشرةً بالبيت القنصلي وهو يتبع «خان الإفرنج» في الطابق الثاني المخصص للقنصل، فيما التجار كانوا ينزلون في الطابق الأول.
تكامل الأدوار
بدوره «خان الرز» فقد بني قبل «خان الإفرنج» وتشير لافتة وضعت أمام الخان الى تاريخه ودوره في القرن السابع عشر، وهو بناء جميل يشوبه الإهمال، يتألف من طابق أرضي للبضائع وطابق علوي فيه غرف نوم للتجار، أخذ اسمه نسبة الى تجار الرز، وهو معلم مهم وجميل من معالم صيدا القديمة، إلا أنه بحاجة إلى من يهتم به أسوةً بما في «خان الإفرنج» ولا يقل روعة عن الأخير وإن كان أصغر منه حجماً.
وإن كان «خان الإفرنج» يُخصص للزوار الفرنسيين تجنباً لاختلاطهم بأهل المدينة، فإن «خان الرز» كان يخصص لتجار الرز المصريين القادمين من دمياط بالإضافة الى «خان كاتفاغو» وهو اسم لعائلة مسيحية أنشأت هذا الخان بعيداً عن قلب المدينة ويقع الى جنوب نهر الأولي الى الغرب من «مسجد بهاء الدين الحريري» حالياً، وهو مخصص للمسافرين القادمين الى مدينة صيدا من الجهة الشمالية، أما «خان الحلبي» فكان عند سينيق - جنوب صيدا، حيث كان يخصص أيضاً للمبيت للتجار الذين أغربت عليهم الشمس ولم يدخلوا الى مدينة صيدا التي كانت حدودها التاريخية عند الشاكرية والقلعة البحرية والبوابة الفوقا ورجال الأربعين وقبل جامع الزعتري.
تبدّل الحال
تحولت مهمة «خان الرز» التاريخية اليوم، حيث يضم الخان حالياً في طابقه الأرضي مستودعات ومنشرتين ومعمل لآل الددا للسكاكر، أما في الطابق العلوي فتقيم بعض العائلات اللبنانيّة والفلسطينية.
واقع يشير اليوم الى تبدل الحال، حيث أوضح عاطف الامام الذي يملك محلاً للنجارة ذلك بالقول: أنا هنا منذ 21 عاماً، وهذا الخان على غرار «خان الإفرنج» وسائر الأماكن الأثرية في المدينة كان في السابق مخصص لاستقبال السائحين الذين يبيتون فيه، وحالياً يملك نصفه آل زويا والنصف الأخر آل ادريس، ويضم عدداً من المحال وتسكن فيه بعض العائلات أيضاً، وأنا استأجرت المحل من آل زويا وبالطبع هو إيجار قديم، ويضم المكان منشرتين والى جوارنا معمل للشوكولا، أما الطابق الثاني فهو عبارة عن غرف وبيوت يمكن الصعود إليها من خلال درج طويل يمكن الوصول عبره الى هذه الغرف التي كانت في السابق تستخدم كنزل للتجار».
حرص على التراث
{ بدوره علي عز الدين قال: نعمل في «الموبيليا» وطبعاً فإننا لا نزال على الايجار القديم، وشريكي كبير في السن، عمل قبلي في هذا المكان، ولكني أعمل معه منذ 13 عاماً، ويضم الخان منجرتين إضافة الى مستودعات ومعمل للسكاكر والشوكولا، ونحن نأمل أن يتم ترميم هذا المكان للحفاظ عليه كمعلم أثري هام في المدينة، وكان هناك حديث عن ذلك قبل استشهاد الرئيس رفيق الحريري بإمكانية ترميم الخان، ونأمل أن يتم ذلك لتحسين واقع المنطقة وذلك يتم من خلال اعطاء تعويضات للأهالي، وبالتأكيد كلنا حرص على التراث والحفاظ عليه لأن ذلك أمر هام ويجب أن يتعاون الجميع لأجل هذه الغاية.
{ أما هاشم يماني، فأوضح «أن المنجرة وجدت منذ 50 سنة ويملكها آل سمهون وبعد وفاة الوالد تابع نجله أبو النور هذا العمل بالشراكة معي، وأنا بدأت العمل في هذا المكان منذ 15 سنة، وبالنسبة لنا نرغب أن يتم تأهيل المكان، لكن ذلك يحتاج الى التوافق والتراضي مع الجيران والعائلات التي تسكن فيه، وأنا عملت سابقاً في المدينة الصناعية، ولكن هذا المكان له أهمية خاصة كونه قريب من البحر وهو بذلك صحي إضافة الى قربه من البلد وتوافر المطاعم، مما يجعل عملنا أكثر سهولة وفي نفس الوقت أجمل».
واقع تاريخي ودور حالي لـ «خان الرز» يحتاج الى نفض الغبار عنه وإعادة تأهيل المكان حتى يستكمل دوره المستقبلي بإعادة الحياة إليه على غرار سائر المواقع التاريخية في صيدا التي تستقطب العديد من الزائرين والسائحين وينتظرها دورا هاما في القريب العاجل.
 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا