جلسة مع متصوّفي الزاوية الرفاعية
التصنيف: تقارير
2012-02-04 09:33 ص 1536
اعتادت صيدا إحياء ذكرى مولد النبي محمد بمسيرة دينية، تعزف خلالها التواشيح الدينية، وتتميّز بمشاركة فرقة صوفية يشك أعضاؤها أسياخاً حديدية في وجناتهم وخواصرهم. من هم هؤلاء؟
خالد الغربي
في محلة الكنان داخل أزقة صيدا القديمة، يجتمع متصوّفو الزاوية الرفاعية في جلسة تصوّفهم الأسبوعي. عبق البخور يفوح في الزاوية التي زُيّنت قناطرها العتيقة بسيوف مسلولة. المريدون فيها لا يزيد عددهم على عشرين، تتفاوت أعمارهم، ففيهم شيب، وشباب، وطفل ارتدى زياً إسلامياً. الزاوية، كما عرّفها أحد مرتاديها، الثلاثيني محمود أدهم، هي «عبارة عن مقام تمارس فيه الشعائر الصوفية، وهي أيضاً مجالس للعلم والقرآن والفقه والشريعة. ونحن نمارس الطريقة الصوفية الرفاعية المنسوبة للسيد أحمد الرفاعي وتعود إلى 650 م.».
ويؤكد «نحن نمارس تصوّفنا ولا نخرج عن حرف وارد في الكتاب والسنة النبوية، والطريقة الصوفية مبنية على تعاليم القرآن والإحسان، وأن تعبد الله كأنك تراه، وإن لم تره فإنه يراك، وفيها التجلي بذكر الله والتسبيح به وبعظمة خلقه». في كلامه رد غير مباشر على متهمين للفرق الصوفية بأنها تمارس بدعاً.
يفترش المريدون أرض الزاوية. لحظات وتبدأ جلسة التصوف. في الصدر يتمركز مسؤولاها، أبو صالح خاسكية وأحمد الزعتري. البداية كانت بـ«المطاوعيات»، وفيها مديح «للنبي والأقطاب (شيوخ الطريقة) والأولياء». نسمع مراراً «دستور على من حضر، دستور على من غاب، والغايبين أحبايا (أحبائي) واللي توفوا يارسول الله عليهم رحمة». تلاوات تقاسمها مشاركون رددوا بصخب «ياسيد أحمد الرفاعي، دراويشك تراهم فين، هو الرفاعي ياكرام، وجده سيد الكونين، وحياة جدك محمد ويامصطفى من غرامك مابنام الليل». ثم يطلب من المتصوفين تلاوة سورة الفاتحة مراراً، مرة عن روح النبي، وثانية «للسيد الرفاعي والذين سبقونا في الزاوية»، وثالثة لروح «أولياء هذه البلدة».
رُدّدت المطاوعيات في ضوء الشموع «فالعتمة ضرورية كي يكون التجلي»، يوضح مشاركون. لا يلتقط المتصوفون أنفاسهم أثناء انتقالهم من مرحلة «المطاوعيات» إلى «افتتاح النوبة»، وهي عبارة عن تلاوة «وراد»، أي كلام خاص ممهد لافتتاح النوبة. حميت الأجواء مع «نوبة الصالحين»، وخمسة من المريدين يدقون على طبول ودف، عزز صخبها استعراض حامل «صولجان» صغير راح يضرب نحاسياته بقوة، مع ترداد «طلع البدر علينا».
لنوبة الصالحين أهمية في وجدان المتصوفين! لماذا يا ترى؟ يجيبنا أحمد الزعتري بالقول «لأن لنوبة الصالحين أسراراً عدة»، منها أنها «مهيجة للقلوب لعلّام الغيوب». وهي تهيئ المتصوفين، لذكر الله و«تذكرنا بنوبة الممات». الزعتري أوضح «لكل قطعة مستخدمة في أداء نوبة الصالحين، قصة. فآلة الباز استخدمها عبد القادر الجيلاني، والطبل استخدمه السيد أحمد طنطاوي أثناء غزو بنت بري، والدف أو المظهر استقبل فيه رسول الله بمكة، أما الصولجان فاستعمله كثر». تصل جلسة التصوّف إلى نهايتها، وكيف لا يكون بنظر المتصوفين «ختامها مسكاً»، حيث «حلقة الذكر»، وفيها يقف المريدون على شكل حلقة دائرية لتلاوة «أوراد قرآنية وفيها ذكر بأسماء الجلالة لله». إيقاع نبض الدائرة يزداد، وأصوات متصوّفة ترتفع بينما الأجساد تتمايل بحركة اندفاعية وانحناءات سريعة صعوداً ونزولاً، وكأننا أمام آلة متحركة، ارتفعت الوتيرة أكثر «الله الله الله»، حتى شارف المتصوفون على الإغماء لشدة دخولهم بالجو. وصلوا إلى مرحلة باتت فيها أصواتهم متقطعة، وكلمة الله أصبحت «ال، ال».
قبل انفضاض الجلسة، وقف ثلاثة شبان لتقديم انتساب إلى «الزاوية»، وفي ما يشبه مراسم قبولهم، ضغط أبو صالح بإصبعه على وجناتهم من الداخل، ممهداً الطريق لاستقبال خدودهم لأسياخ حديدية غرزها بها من الشمال الى اليمين، شقت وجوههم لفترة قبل أن تسحب الأسياخ منها. لا نزيف. «نقطة دم» فقط، سالت من وجنة أحدهم. ما جرى ليس عقاباً لهؤلاء ولا تعنيفاً جسدياً أو امتحاناً لقدرتهم على تحمّل الجراح، إنما طقس من طقوس تثبيت «المريدين». وفي حالات أخرى يجري التثبيت بشك الأسياخ في خواصر المريدين. وشرح الزعتري الأمر بالقول «شك السيخ هو لتثبيت المريد، وأمر قام به السيد الرفاعي لأسباب متعلقة بدخول الاسلام وفيها تبرك ومدد».
يذكر أن هناك عدة طرق صوفية متبعة، منها: الطريقة الشاذلية نسبة للشيخ ابو حسن الشاذلي والقادرية للشيخ عبد القادر الجيلاني، والنقشبندية، والطريقة البدوية والجباوية وغيرها... الفارق بينها لا يتجاوز تفصيلات بسيطة في الممارسات التصوفية.
خالد الغربي
في محلة الكنان داخل أزقة صيدا القديمة، يجتمع متصوّفو الزاوية الرفاعية في جلسة تصوّفهم الأسبوعي. عبق البخور يفوح في الزاوية التي زُيّنت قناطرها العتيقة بسيوف مسلولة. المريدون فيها لا يزيد عددهم على عشرين، تتفاوت أعمارهم، ففيهم شيب، وشباب، وطفل ارتدى زياً إسلامياً. الزاوية، كما عرّفها أحد مرتاديها، الثلاثيني محمود أدهم، هي «عبارة عن مقام تمارس فيه الشعائر الصوفية، وهي أيضاً مجالس للعلم والقرآن والفقه والشريعة. ونحن نمارس الطريقة الصوفية الرفاعية المنسوبة للسيد أحمد الرفاعي وتعود إلى 650 م.».
ويؤكد «نحن نمارس تصوّفنا ولا نخرج عن حرف وارد في الكتاب والسنة النبوية، والطريقة الصوفية مبنية على تعاليم القرآن والإحسان، وأن تعبد الله كأنك تراه، وإن لم تره فإنه يراك، وفيها التجلي بذكر الله والتسبيح به وبعظمة خلقه». في كلامه رد غير مباشر على متهمين للفرق الصوفية بأنها تمارس بدعاً.
يفترش المريدون أرض الزاوية. لحظات وتبدأ جلسة التصوف. في الصدر يتمركز مسؤولاها، أبو صالح خاسكية وأحمد الزعتري. البداية كانت بـ«المطاوعيات»، وفيها مديح «للنبي والأقطاب (شيوخ الطريقة) والأولياء». نسمع مراراً «دستور على من حضر، دستور على من غاب، والغايبين أحبايا (أحبائي) واللي توفوا يارسول الله عليهم رحمة». تلاوات تقاسمها مشاركون رددوا بصخب «ياسيد أحمد الرفاعي، دراويشك تراهم فين، هو الرفاعي ياكرام، وجده سيد الكونين، وحياة جدك محمد ويامصطفى من غرامك مابنام الليل». ثم يطلب من المتصوفين تلاوة سورة الفاتحة مراراً، مرة عن روح النبي، وثانية «للسيد الرفاعي والذين سبقونا في الزاوية»، وثالثة لروح «أولياء هذه البلدة».
رُدّدت المطاوعيات في ضوء الشموع «فالعتمة ضرورية كي يكون التجلي»، يوضح مشاركون. لا يلتقط المتصوفون أنفاسهم أثناء انتقالهم من مرحلة «المطاوعيات» إلى «افتتاح النوبة»، وهي عبارة عن تلاوة «وراد»، أي كلام خاص ممهد لافتتاح النوبة. حميت الأجواء مع «نوبة الصالحين»، وخمسة من المريدين يدقون على طبول ودف، عزز صخبها استعراض حامل «صولجان» صغير راح يضرب نحاسياته بقوة، مع ترداد «طلع البدر علينا».
لنوبة الصالحين أهمية في وجدان المتصوفين! لماذا يا ترى؟ يجيبنا أحمد الزعتري بالقول «لأن لنوبة الصالحين أسراراً عدة»، منها أنها «مهيجة للقلوب لعلّام الغيوب». وهي تهيئ المتصوفين، لذكر الله و«تذكرنا بنوبة الممات». الزعتري أوضح «لكل قطعة مستخدمة في أداء نوبة الصالحين، قصة. فآلة الباز استخدمها عبد القادر الجيلاني، والطبل استخدمه السيد أحمد طنطاوي أثناء غزو بنت بري، والدف أو المظهر استقبل فيه رسول الله بمكة، أما الصولجان فاستعمله كثر». تصل جلسة التصوّف إلى نهايتها، وكيف لا يكون بنظر المتصوفين «ختامها مسكاً»، حيث «حلقة الذكر»، وفيها يقف المريدون على شكل حلقة دائرية لتلاوة «أوراد قرآنية وفيها ذكر بأسماء الجلالة لله». إيقاع نبض الدائرة يزداد، وأصوات متصوّفة ترتفع بينما الأجساد تتمايل بحركة اندفاعية وانحناءات سريعة صعوداً ونزولاً، وكأننا أمام آلة متحركة، ارتفعت الوتيرة أكثر «الله الله الله»، حتى شارف المتصوفون على الإغماء لشدة دخولهم بالجو. وصلوا إلى مرحلة باتت فيها أصواتهم متقطعة، وكلمة الله أصبحت «ال، ال».
قبل انفضاض الجلسة، وقف ثلاثة شبان لتقديم انتساب إلى «الزاوية»، وفي ما يشبه مراسم قبولهم، ضغط أبو صالح بإصبعه على وجناتهم من الداخل، ممهداً الطريق لاستقبال خدودهم لأسياخ حديدية غرزها بها من الشمال الى اليمين، شقت وجوههم لفترة قبل أن تسحب الأسياخ منها. لا نزيف. «نقطة دم» فقط، سالت من وجنة أحدهم. ما جرى ليس عقاباً لهؤلاء ولا تعنيفاً جسدياً أو امتحاناً لقدرتهم على تحمّل الجراح، إنما طقس من طقوس تثبيت «المريدين». وفي حالات أخرى يجري التثبيت بشك الأسياخ في خواصر المريدين. وشرح الزعتري الأمر بالقول «شك السيخ هو لتثبيت المريد، وأمر قام به السيد الرفاعي لأسباب متعلقة بدخول الاسلام وفيها تبرك ومدد».
يذكر أن هناك عدة طرق صوفية متبعة، منها: الطريقة الشاذلية نسبة للشيخ ابو حسن الشاذلي والقادرية للشيخ عبد القادر الجيلاني، والنقشبندية، والطريقة البدوية والجباوية وغيرها... الفارق بينها لا يتجاوز تفصيلات بسيطة في الممارسات التصوفية.
أخبار ذات صلة
لا تنسوا تأخير الساعة
2021-10-29 09:19 ص 229
تفاصيل "هروب" أحد المرضى من مستشفى رفيق الحريري
2020-03-09 02:49 م 468
حزب الله والجيش السوري يبحثان عن مسار جديد لقافلة الدولة الإسلامية
2017-09-02 10:30 م 789
لحظة انهيار ثلج متراكم على سطح أحد المساجد على المارّة في ولاية "ريزا" شمالي البلاد
2016-01-05 05:00 ص 405
روسيا تتهجّم على تركيا...اردوغان: سأستقيل!
2015-12-01 07:59 م 432
بالفيديو... دموع البقرة تنقذها من الذبح
2015-08-07 03:34 م 1586
إعلانات
إعلانات متنوعة
صيدا نت على الفايسبوك
صيدا نت على التويتر
الوكالة الوطنية للاعلام
انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:
زيارة الموقع الإلكترونيتابعنا
أطباء يحذرون: لا تجلس على المرحاض لأكثر من 10 دقائق لهذا السبب
2024-11-14 09:31 م
بدر زيدان: لخدمة صيدا وأبنائها وهو يسير على درب والده السيد محمد زيدان
2024-11-14 03:35 م
خليل المتبولي - المحبة بين الناس: جوهر العلاقات الإنسانية في زمن الحرب
2024-11-06 12:23 م
حكم وعبر في الحياة
2024-11-04 10:37 م
بالصور غارة على بلدة الغازية
2024-11-03 01:32 م
من هم أبرز المرشحين لخلافة السنوار
2024-10-19 06:19 ص
كارثة صحية تهدد مستشفيات صيدا بعد استنفاذ مخزونها من المستلزمات الطبية
2024-10-18 09:40 ص
حمام الشيخ في صيدا القديمة يفتح أبوابه لتمكين النازحين من الاستحمام
2024-10-17 03:02 م
مبروك المصالحة مبروك لصيدا وللنائب الدكتور أسامة سعد والمحافظ منصور ضو
2024-10-10 10:39 ص
بالصور تعليق عدد من اللصوص على الأعمدة في وسط الشوارع بالضاحية الجنوبية