×

رجال يقتحمون خصوصية النساء: حياء المرأة... زينتها؟

التصنيف: أمن

2012-02-18  10:27 م  1832

 

 

تضع بعض النساء حاجزاً بينهن وبين الرجل، حين يتعلّق الأمر بخصوصياتهن، حتى لو كان ذلك الرجل طبيباً أو بائعاً. فيرفض بعضهن الذهاب إلى طبيب نسائي، أو شراء ملابسهن الداخلية من رجل. تتعدّد أسبابهن ليكون الحق على التربية... وبعض المتحرّشين
ربى أبو عمو
الحياء الذي يسيطر على لما يجعلها عاجزة عن الفصل بين الطبيب والرجل. لم تستطع حتى الساعة أن ترسم له صورة خارج ذكوريته. هو في النهاية ينظر إلى أعضائها الحميمة، ويتحسّسها. إنه الشيطان تستحضره ليحتلّ المشهد معهما. يفرض الصراع نفسه في أذهان الكثيرات. تتزاحم المصطلحات: الجسد، العيب، الحرام، الخجل، التحرّر، العادة، الطب. تكرج الأفكار من دون توقف، لتقف التربية والأفكار والالتزام الديني بين الطبيب «الرجل»، والمريضة «المرأة». تكسر حاجز الذكورة المتخيّلة، وتضعه في مرتبة ثانوية، أقلّه أثناء المعاينة. الرفض أمرٌ نفسي بامتياز، تعجز من خلاله النساء عن الفصل بين الرجل والجنس. تشعر المرأة بأنها ستكشف أمام غريب ما جهدت لستره سنوات طوالاً عن أعين الجميع، حتى والدتها.
كيف تغيّر المعادلة خلال دقائق؟ هل تسمح لهذا الغريب بتحسّس صدرها؟ الإصابة بسرطان الثدي قد تكون أسهل لدى الكثيرات. تعجز بعض الفتيات عن الفصل بين لمس الثدي بهدف الفحص الطبي والمداعبة. هكذا تغرق في فخ التربية التي رسمت مسار حياتها إلى حد باتت عاجزة عن تغييره. وما الحاجة إلى ذلك أصلاً، فهي مقتنعة ومرتاحة مع ذاتها.
وضعت رنا حاجزاً بين جسدها والطبيب منذ كانت طفلة. تذكر أنها اضطرت إلى زيارة طبيب وهي في العاشرة من عمرها. لم يكن صدرها قد نضج بعد، لكنها رغم ذلك، سارعت إلى تغطية ثدييها بيديها، بمجرد أن وضع الطبيب السماعات في أذنيه واستعدّ لفحصها، علماً بأنه لم يكن ليلمسهما. تابعت دفاعها المسبق عن جسدها. ترفض الذهاب إلى طبيب نسائي. حتى إن الفحص الأول لعضوها التناسلي من قبل طبيبة لم يكن بالأمر السهل. تقول: «إنه أمر خاص». لكنها تجربة كانت بمثابة صدمة إيجابية بالنسبة إليها، ساعدتها في التغلّب على خجل مزمن، شرط أن يكون الطرف المتدخل في هذه الخصوصية، امرأة.
لا يتوقف الحياء عند الطبيب، بل يتعدّاه إلى شراء الملابس الداخلية من محل يبيع فيه رجل. لا ترى منطقاً في شراء المرأة ملابسها الداخلية من رجل. تسأل: هل يحق له معرفة ما أرتدي؟ هذا أمر خاص جداً. لكن هل تتمتع أي امرأة بهذا الحق؟ تصمت قليلاً، لتكتشف أن المرأة أيضاً لا تملك هذا الحق. تقول: «حين أبدأ بشراء الملابس المثيرة، سأقصد محلاً بعيداً لا تعرفني فيه البائعة». تعترف رنا بأن أسلوب تربيتها كان خاطئاً، أو لم يكن مثالياً. طغت عليه مصطلحات صون الجسد وحمايته. «عيب، اجلسي جيداً، لا تفتحي قدميك، لا تسمحي لأحد بلمسك، إلخ». تردّد هذه الكلمات سريعاً، من دون أن يعني ذلك أنها ليست متصالحة مع جسدها. تقول: «لست محلّلة نفسية، لكنني مرتاحة». حتى إن والدتها اعتادت شراء ملابسها الداخلية حتى بعد إنهائها دراستها الجامعية. كأنها لا تتعرى أمام نفسها إلا أثناء الاستحمام!
بعكسها، تتعاطى ريمي مع شؤونها النسائية بتلقائية. تشتري ملابسها الداخلية من محل يملكه، ويبيع فيه، رجل. تسأله عن القياسات والموديلات الجديدة. حتى إنها تفضّل قصد طبيب نسائي، لا طبيبة. لا تحفظ في ذهنها أي مخاوف. الأمر عادي. مجرد لقاء بين طبيب ومريض. تالا لا تخجل أيضاً. تقول: «يرى الطبيب يومياً مئة مريضة. يفحص أعضاؤهن التناسلية. ولن أكون أنا إلا رقماً إضافياً ومجرداً».
نجحت بعض الفتيات في التغلب على حاجز الخجل. كان قراراً شخصياً تبلور مع الوعي. كسرت نانسي ذلك الحاجز. أدركت أنها كانت تنظر إلى جسدها كأنه «تابو». كان حياؤها بمثابة آلية دفاعية عن الحشمة. لجأت إلى تركيب نظام جديد داخلها، محل القديم المليء ببقايا العادات والتقاليد والتربية المتزمتة.
لا توظف الشركات العالمية المتخصصة ببيع اللانجري ذكوراً. تدرك أن الأمر نسائي بحت، وأن الكثيرات يخجلن من الجنس الآخر. في المقابل، يبدو لافتاً امتهان رجال هذا العمل في المناطق الشعبية. فتح كامل محلاً لبيع الملابس النسائية الداخلية منذ عام 1983. اختياره كان محض تجاري. لن تتوقف النساء يوماً عن شراء الملابس الداخلية التي تدخل ضمن احتياجاتهن الأساسية. يقول إن بعض النساء العابرات لا يدخلن محله حين يرين رجلاً من خلال الواجهة الزجاجية، لكنه استطاع على مدى هذه السنوات تكريس سمعة طيبة جعلت النساء يقصدن محله. سمعة لا تنسحب على الجميع؛ إذ تشير أمل إلى أن الباعة يعرّين المرأة بنظراتهن. لا يسألها عن قياس صدرها، بل ينظر إليه لتحديده بنفسه. بعضهم يتدخل في تقديم النصح لزبائنه. «هذا جميل عليك». «تحرش»، بحسب علم النفس، تتجاوب معه بعض الفتيات.
وفيما يخجل بعض الرجال من دخول هذه المحال واختيار الملابس، لإهدائها إلى حبيبته أو زوجته، يقارب آخرون الأمر من دون إضافة أبعاد للأمر. تقول لين، وهي بائعة في أحد هذه المحال، إنهن يستقبلن العديد من الرجال الذين يشرحون لهن قياس المهدى إليهن، ليحصلن على مساعدتها في الاختيار. ولا يترددون أيضاً في طلب آرائهن.
تفضل بعض النساء الطبيبة النسائية؛ لأنها تعيش مشاعر مريضاتها وآلامهن. ميشيل فرنسية تعيش في لبنان. بحثت كثيراً عن طبيبة جيدة لمتابعتها أثناء حملها. تقول: «أرتاح أكثر»، من دون أن يكون للسبب علاقة بالحياء. وترى المعالجة النفسية جاكلين سعد أمر التفضيل نتيجة تجارب الجنس الواحد المشتركة، أمراً طبيعياً. فحين تحكي المريضة لطبيبتها عن ألم ما قبل الدورة الشهرية، تفهم الأخيرة الأمر بحكم التجربة، لا الدراسة فقط.
تشير سعد إلى أن الخجل مرتبط باعتقاد المرأة أنها تكشف عورتها أمام غريب. ويزداد الخجل أو الرفض لدى الملتزمات دينياً؛ لأن الأمر يتحول، بحسب اعتقادهن، إلى خطيئة. وتشرح أن للتربية دوراً رئيسياً في هذا الحياء، لأنها تحدّد مناطق معينة في جسد المرأة باعتبارها ممنوعة. تجاهل يؤدي مع الوقت إلى استفحال الخجل، حتى إن كثيرات يخجلن من التعرّي أمام أزواجهن. لكنها تلفت إلى مشكلة أساسية تقود النساء إلى رفض الطبيب النسائي بصورة قاطعة، وهي التحرّشات الجنسية. ويجب على المعالج النفسي في هذه الحالة تعليم النساء الدفاع عن أنفسهن، لا الحكم على جميع الذكور، وخصوصاً أن الكثيرات يصدمن ولا يقمن بأي ردّ فعل. حين تتعرض المرأة للتحرش، يمكنها ضرب الطبيب أو الصراخ مثلاً.
هل يستطيع الطبيب وضع غريزته جانباً خلال ممارسة مهنته؟ تشير سعد إلى مادة «قوانين المهنة» الذي يدرسها الطبيب في الجامعة، وتعلم التعامل مع الجسد كشيء مجرد، مضيفة أن مهنة الطب برسالتها المقدسة تساعد الطبيب على التغلب على الغريزة. لكن برأيها، يجب أن يخضع كل طبيب لتقويم نفسي قبل بدء الممارسة، وإذا كان ينقصه التوازن النفسي المطلوب، لا بد من أن يخضع للعلاج قبل مباشرة عمله.
ليس الفصل بين قوانين الطبيعة وتلك الإنسانية سهلاً دائماً. إنها التربية، والوعي والتدريب.

ماذا عن الرجل؟
في البداية، تظن أنه رغم صعوبة إيجاد طبيبة متخصصة بالمسالك البولية في لبنان، إلا أن الأمر لن يكون مستحيلاً. لا يتطلب معرفة ذلك الكثير من البحث. يكفي الاتصال بنقابة الأطباء للسؤال عن الموضوع، فتأتي الإجابة قطعية: لا وجود لطبيبات في هذا الاختصاص. لم تجرؤ إحداهن بعد على دخول مجال، قد لا يكون لها عمل فيه. كأن العادات والتقاليد تتصدر المشهد فجأة، علماً بأن الكثير من الأطباء يدرسون في الخارج.
ماذا عن الرجل؟ هل هو مستعد لقصد طبيبة؟ يقول نديم إن الأمر عادي بالنسبة إليه. يتعامل معها بصفتها المهنية ومدى قدرتها على شفائه. قاده تحرّره إلى امتلاك القدرة على الفصل، وعدم زج أي شيء في إطار الغريزة الجنسية. لكن هل يخجل الرجل؟ يرى نزار أنه «ما من رجل يخجل، بل على العكس، غالباً ما يكون سعيداً». هكذا يبدو أن التربية تنسحب على بعض الرجال أيضاً، وتجعلهم عاجزين عن ركن غرائزهم جانباً، وخصوصاً أن شعور السعادة هذا لن يتحقق في عيادة طبيب.
العدد ١٦٣٣ الاثنين ١٣ شباط ٢٠١٢
مجتمع

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا