×

ما للضاحية وما عليها... وما عليهم

التصنيف: سياسة

2009-11-30  05:22 ص  830

 

 

لقد استوقفني منذ بضعة أيام في حديث تلفزيوني مع أحد نواب حزب الله، مقاربته لموضوع الأمن والنظام وسلطة الدولة في الضاحية الجنوبية. فسعادة النائب لم ينكر ما هو موجود بالمطلق، بل أقر به لكن في مقارنة مع ما يسود في أماكن أخرى تارة مع مخالفات تقوم بها شخصيات سياسية أو حزبية مختلفة تارة أخرى.
وقــبــل أن أدخـــل فــي مــوضــوع الــمــقــارنــة والــتــبــريــر والمقايضة، وبموجب الموضوعية والإنصاف، أرى أنه لا بد من النظر إلى الموضوع من حيث مسبباته وظروفه لا من حيث ما آل إليه. فالضاحية الجنوبية شكلت الملجأ الذي احتضن أهل الجنوب بشكل رئيسي هرباً من الإحتلال الإسرائيلي وفي ظروف حرجة وقلقة وغير مستقرة أدت في ما أدت إليه إلــى نشوﺀ تجمع بشري قــام على تسيب وغير انتظام وفي ظل غياب لأي وجود للدولة جراﺀ الحرب الأهلية ثم الإحتلال من جهة، وبسبب وقوع هذا الكم من الأبنية على أطراف العاصمة بعيدا عن سلطة البلديات القائمة من جهة أخرى.
إضــافــة إلـــى أهــالــي الــجــنــوب النازحين، قدم عدد غير يسير من أهلنا البقاعيين حيث ا لمجتمع الزراعي لم يعد يلبي متطلبات الحياة هناك، وحيث أن المسكن في بيروت المدينة أو ضواحيها القريبة لم يكن حد قدرة النازحين من حيث الكلفة بل حتى من حيث الكيفية.
اذن.. النزوح، غياب الدولة والفقر هي العوامل الأبرز في تكون تلك الناحية من جنوب العاصمة. وبالطبع فــإن الطابع المذهبي كــان الطابع الشيعي الأغلب.
مرت سنوات الإحتلال والحرب الأهلية ثم جاﺀ الطائف ولم تدخل تلك المنطقة ضمن أولويات الدولة، لا من حيث الأمن ولا الإنماﺀ ولا حتى أبسط مقومات التنظيم والرعاية.
خــــلال تــلــك الـــفـــتـــرة شكلت الضاحية خزانا بشريا هائلا رفد حركة المقاومة الإسلامية بالمقاتلين والــمــحــازبــيــن والــمــنــاصــريــن، الأمــر الــذي أدى إلى قيام مناطق أمنية وعــســكــريــة تتنافى مــع المنطق المدني، لكنها مبررة ومشروعة عندما تكون غايتها حماية المقاومة وأمن قيادتها المهددة على الــدوام من الإحــتــلال الإسرائيلي. وكـــذا، فقد ساهم الوضع الأمني الحساس جدا في جعل الضاحية منطقة مستقلة ومتميزة بمظاهرها ومسمياتها وطــرق عيشها. وألــى جانب الفقر والعوز والتهجير في السابق جاﺀ الإســتــقــواﺀ بالقوة "عند البعض" سببا آخر من أسباب غياب النظام والإنتظام. حيث سادت المحسوبية واستعرت المذهبية بين المناطق وباتت الضاحية الحصن الحصين الــذي يصعب اختراقه، حتى بات وجود القوى الأمنية مدعاة استفزاز لدى البعض واستغراب لدى البعض الآخر.
إذن خصوصية الوضع الأمني للمقاومة (الــذي نفهمه ونتبناه) وغياب الدولة غير المبرر إلتقيا في تأسيس هذه اللامركزية (السيا- أمنية)
بالعودة إلى المقابلة التلفزيونية نعود لنساند سعادة النائب في استنكار التهجم على الضاحية وأهلنا القاطنين فيها. وأضيف بدوري بأن ما تدً عي الدولة خسارته جراﺀ عدم القدرة على الجباية في الــضــاحــيــة، إنــمــا لا يــعــادل مبلغاً واحــداً من صفقة واحــدة يعقدها مسؤول واحد ولا سيما إذا كان من حكومة الــوحــدة. وأضــيــف إلــى ما قاله القيادي في الحزب بأن أهالي الضاحية يملكون الكثير من الأسباب التخفيفية، فهم النازحون هرباً من الإحتلال أو من الفقر أو طلباً للعمل وهم الذين تحملوا ظروفاً معيشية صعبة في أحياﺀ لا تصل إلى بعضها أشعة الشمس ودون الحد الأدنى من البنى التحتية التي تليق بالبشر وتحفظ كراماتهم.
لكني أسأل.. لماذا لا يتم الحديث عن صفقات السياسيين وسرقاتهم وجرائمهم إلا في مقابل الحديث عن تجاوزات تحصل في الضاحية؟ وهل أن الذين يتهجمون على الضاحية ويتهمون أهلها بالخروج على الدولة هم الفاسدون فقط؟ أم أن بعض من في الضاحية ومن ينعمون بحماية الضاحية هم أفسد حالا وشر بلاﺀ؟
وهل صار الفساد يستند الى قاعدة 6 و6 مكرر؟ وهل نسكت عن الفساد إذا سكتوا عن الضاحية؟
لقد كان حزب الله ولا يزال شريكا قويا وفاعلا بل أساسيا في الحكم منذ العام 1992 لاسيما في ظل الوجود السوري الذي لطالما خفف عــن الــحــزب مــن وطـــأة التشويش الداخلي. فماذا فعل الحزب وحلفاؤه للضاحية؟ واستطرادا، ماذا فعل حزب الله تحديدا – والتحديد من باب الأولوية – ماذا فعل مع وزراﺀ الــداخــلــيــة والأشــغــال ومــع رؤســاﺀ الحكومة المتعاقبين حيث تركت الضاحية وأهمل أهلها؟ والسؤال الأهم، لماذا دخل حزب الله المعترك السياسي بكافة جوانبه طالما أن المقاومة هي شغله الشاغل وهي حجته الدائمة إزاﺀ السؤال عن دوره في مكافحة الفساد المستشري يمينا ويسارا؟
إن اليقظة المتأخرة في محاولة إشاعة أجواﺀ النظام والإنتظام لهي مــبــادرة مباركة ولــو تــأخــرت، لكن بقاﺀ الحصون الطائفية والشرعية والسياسية حــول معاقل الفساد والإثـــــراﺀ غــيــر الــمــشــروع لا بــد أن يجهض أي عمل إصلاحي وأن يحدث خللا في ميزان العدالة المكسور أصلاً، لا سيما أن هناك دائما "ناس بالسمن وناس بالزيت".
وختاماً أقول للجميع ولسعادة النائب القيادي في حزب الله أن الإشارة إلى الفساد وفتح الملفات هو حق لا تملكون التغاضي عنه، ولا تجوز مقاربتة بأسلوب المقايضة أو التكتيك السياسي عندما يشير أحدهم إلى خلل ما في الضاحية، فإذا أشاروا أشرنا وإذا سكتوا سكتنا، حتى عن حقوق الناس...
علي م.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا