حملت التشكيلة الحكومية التي قدمها الرئيس المكلف سعد الحريري اسماء اربع سيدات. توزعن، بحسب التقسيم السائد، على الاقلية والاكثرية ورئيس الجمهورية.
فيرا يمين (تيار المردة)، ريا الحفار الحسن وندى مفرج (قريبتان من تيار المستقبل) وميشلين بريدي (محايدة، ومنهم من اعتبرها محسوبة على رئيس الجمهوري).
هي المرة الاولى التي تطرح فيها تشكيلة حكومية تضم اربع نساء، حملتهن الى السياسة كفاءتهن الشخصية ودراستهن وعملهن. لكن الخوف على هؤلاء، وشبيهاتهن في كل الاحزاب والطوائف، ان يذهبن «كبش فداء» المصالح والحسابات و«النكايات» السياسية.
ثلاث من السيدات الاربع هنّ من التكنوقراط. خبيرات في مجالهن ومجليات في اختصاصهن. وحدها يمين تخوض غمار السياسة بطريقة مباشرة بصفتها عضوا في المكتب السياسي في تيار المردة وأحد وجوهه الاعلامية البارزة.
فيرا يمين
تأتي يمين من عائلة زغرتاوية تقليدية. اثر فيها فقدان والدتها بعمر مبكر فانصرفت للقراءة والكتابة بتشجيع من شقيقها الاديب جورج يمين. عام 1978 كانت اصغر مذيعة تطل عبر اثير اذاعة المردة وتلفزيونه، وهي في الثالثة عشرة من عمرها. تقر بأن نشأتها في زغرتا «مع كل الموروث من العاطفة» ساهمت في تحديد خيارها السياسي. لكنها تؤكد انها وجدت في كثير من الطروحات والافكار ما يتلاءم مع خياراتها السياسية لكن بشكل جزئي. لذا هي سيدة منفتحة، حاسمة، صاحبة شخصية قوية، مستفزة احيانا لكنها جريئة في كل الاحوال. وبحكم عملها الاعلامي المبكر والذي واصلته لاحقا كمسؤولة الاعلام في نادي السلام ـ زغرتا فإنها تجيد التعبير عن قناعاتها والدفاع عنها بلسان شديد الطلاقة ومنطق متماسك.
ريّا الحفار الحسن
سيدة اخرى تم ترشيحها: ريّا الحفار الحسن. ولدت في طرابلس. وهي اليوم مديرة مشروع الامم المتحدة الانمائي لرئاسة مجلس الوزراء. مكتبها في السرايا الحكومية. اجمع عارفوها على كونها سيدة محترفة جدا في عملها. تلم بكل التفاصيل وتتابعها بكل ظروف العمل. همها ادخال تغيير على انماط العمل وادارته وتنفيذ اصلاحات جدية. كانت من الفريق الذي عمل الى جانب الرئيس الشهيد رفيق الحريري بعد ان عادت من الولايات المتحدة حيث حازت شهادتها في الاقتصاد من جامعة جورج واشنطن بعد شهادة اخرى في الاقتصاد من الجامعة الاميركية. عملت في وزارتي الاقتصاد والمال. تركت الوزارة مع تعيين الوزير جورج قرم. عملت في مصرف بيبلوس قبل ان يستدعيها الوزير الشهيد باسل فليحان وتنضم الى فريق عمله. وهي تعتبر انها صنعت مهنتها واكتسبت الكثير بالعمل مع فليحان. يعرف عنها الدقة والمتابعة. تجيد «لعبة» المنظمات الدولية وتفهم العقلية العلمية والعملية لتطبيق المشاريع الناجحة. كانت من الفريق الاساسي الذي اعاد بناء وزارة المال وهيكليتها الادارية والتقنية. يجمع عارفوها على انها سيدة محترمة جدا.
ندى مفرج
الاحترام صفة تتكرر كثيرا عند ذكر اسم مرشحة اخرى: ندى مفرج. بين «تسريبة» جعلتها وزيرة للطاقة واخرى وزيرة للاقتصاد اكد احد عارفيها انها في كلا المنصبين قادرة على ان تكون سيدة الحلول. فابنة الكورة الموجودة حاليا في الولايات المتحدة، تختزل صورة الحداثة بمعناها المنفتح على العلم والعمل وابتكار المخارج. يسهل التواصل معها ولا توجد مشاكل مستعصية برأيها. علق مسؤول في حزب مسيحي اكثري ان الاحزاب المسيحية لا تعرفها «لكننا بسؤالنا عنها قيل لنا من عارفيها انه اذا اختارها الرئيس المكلف سعد الحريري وزيرة للطاقة فهذا يعني انه يريد اقفال هذا الملف وحله نهائيا». تعمل في البنك الدولي. وكانت من الذين حضروا ملفات باريس 2 وباريس 3. تعاونت مع فليحان في محطات كثيرة وجمعتهما صفات مهنية وشهادات علمية متعددة الاختصاص. سرقها العمل المتواصل من تكوين عائلة لكن نجاحها الكبير وسّع عائلتها والاصدقاء.
ميشلين بريدي
اما السيدة الرابعة التي طرح اسمها في التشكيلة العتيدة فهي ميشلين بريدي.
كان التعريف الاول انها محسوبة على رئيس الجمهورية. لكن مصادر متقاطعة اكدت ان معرفة الرئيس بها «سمعية». أي انه «كما مع الوزيرين زياد بارود ويوسف تقلا، فإنه كان يعرف عنهما ولا يعرفهما». لكن بريدي كما المرشحات الاخريات لا يُعرفن فقط بالجهة التي تدعمهن. فهي قاضية ورثت احترام القضاء عن والدها ريمون الذي كان قاضيا بدوره. كانت طليعة دورتها يوم تخرجت من الجامعة اليسوعية عام 1981. جعلت من الحياد شعارها في مهنتها. اقرباؤها في زحلة الذين انهالوا عليها امس باتصالاتهم، يروون عن صفاتها الكثير. نقلوا عنها مفاجأتها بتداول اسمها. وقالوا فيــها كلاما يتمنى أي قاض ان يقال فيه ان لجهة العدل او النزاهة او الضمير الحيّ. تم اختيارها كعضو في المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه.
هي لمحة مقتضبة عن النساء اللواتي طُرحت اسماؤهن لتولي مناصب وزارية.
انهن زوجات وامهات وكفوءات في اعمالهن واختصاصاتهن. لسنا بنات لسياسيين ولا زوجات او ارامل او اخوات لهم. لا شك في ان لهن انتماءاتهن وقناعاتهن السياسية معطوفة عليها قيمتهن المهنية المضافة وسيرهن المحترمة.
هل طرحت اسماؤهن من باب المناورة او المزايدة او لـ«الحرق» على طريقة التعابير اللبنانية؟ هل محكوم على اللبنانيين اجترار الوجوه التي تبشر بالازمات، ام يحق لهم بوجوه جديدة كفوءة، تكون مدخلهم الى دولة الحداثة؟ هل ينجح سعد الحريري في تكريس سابقة فيترأس حكومة تضم اربع سيدات؟ وهل طرحه هذا «مدخل الى تطبيق رؤيته في قيام دولة تقارب الحداثة بانفتاح ومحاولة الاستفادة من كل الطاقات في المجتمع»، على ما يقول مقربون منه، ام هي «جس نبض» معروف النتائج سلفا؟
أيا تكن مقاربة الحريري، فإن ما فعله بطرح الاسماء يضع كل الاحزاب امام رفع التحدي. فهل من يفعل؟
دنيز عطاالله حداد