×

الحفر على الخشب... مهنة وتراث في صيدا

التصنيف: Old Archive

2009-12-05  05:59 ص  4534

 

محمد دهشة

 

يصقل الفنان طريف حسن ابراهيم (52 عاما) بأنامله الخفيفة "السحرية" قطعا من خشب الزيتون والسنديان ليحولها في ساعات معدودة الى أعمال حرفية مميزة، تتنوع بين التراث اللبناني والفلسطيني، فتجسد مجسمات "الاقصى والقدس والارزة والقلاع وخريطة فلسطين"، حيث باتت هذه المعروضات تلقى رواجا بين المواطنين الذين يحرصون على تزيين منازلهم ومكاتبهم ومحاله التجارية بها.
حكاية إبراهيم مع احتراف هذه المهنة التراثية الفنية، بدأت باكرا منذ العام، 1977 حين طور الهواية الــى احــتــراف، اذ سافر الــى المانيا والتحق بدورة مهنية في "الحفر على الخشب" ثم "الديكور"، قبل أن يعود الــى لبنان بعد عامين فقط 1979 ويمارس عمله في المنزل، اذ لم يكن بمقدوره فتح محترف خاص به.
يقول ابراهيم "واجهت الكثير من الصعاب من اجل نشر هذه الحرف، لم يكن في ذروة النضال الفلسطيني من يهتم كثيرا بمثل هذه، فالتراث امام العسكر لم يكن يعني الكثير"، قبل ان يردف "لكنني صبرت وتحملت لان الامر بالنسبة لي لم يكن فقط مجرد مهنة بل حفاظا على التراث وابرازه..
الى ان جاﺀ الاجتياح الاسرائيلي للبنان الــعــام 1982 فتوقفت عــن مزاولة المهنة بضع سنوات، عملت خلالها في "النوفيتيه" من اجل تأمين قوت اليوم".
وفي العام، 1990 قرر ابراهيم العودة الى سيرته الاولى، فافتتح اول محترف له عند "الاوتوستراد الشرقي" في مدينة صيدا، قبل ان ينتقل الى بناية المرجان ليستقر في "سنتر الزعتري" حيث يتواجد في محترفه الآن منذ عامين والــذي اطلق عليه اسم "ركن التراث"، ويقول "لان الحرفة تجري في دمي، قررت العودة اليها، وقد ساعدتنا عودة الامن والاستقرار الى لبنان، ففي السلم تزدهر عادة هذه الاعمال لكنها تندثر في الحرب والاقتتال".
داخل محترفه، يتفنن ابراهيم في نحت الخشب، فيحوله الى لوحات فنية واعمال تراثية وتحف نــادرة، ويؤكد "انني احفر على الخشب، اصنع لوحات من التراث العربي والاسلامي على حد، ســواﺀ آيــات قرانية، اسم الجلالة، سيف الامــام علي، وكل ما يتعلق بتراث لبنان من أرز وقلاع ومعالم أثــريــة، كما كــل مــا يتعلق بفلسطين من خريطة الى مجسمات للقدس والاقصى، اضافة الى لوحات توضع على المكتب عبارة عن الاسم والصفة بطريقة فنية رائعة، لا تخلو في كثير من الاحيان من الزخرفة".
وأوضح أن أسعار هذه المعروضات مقبولة، ابيع بالجملة للمحال التجارية وبالمفرق وهــي في كلتا الحالتين ليست غالية، تبدأ من 20 الف ليرة لبنانية وتنتهي 521 بـــ الفا، وهي تلقى اقبالا من المواطنين الذين باتوا يحرصون على تزيين المنازل ومحالهم التجارية ومكاتبهم بها تعبيرا عن التمسك بالتراث "والانتماﺀ، مشيرا الى انه "ليست هناك" لوحة "أجمل من الاخــرى، لكل واحدة منها جماليتها ودلالاتها وفي كل الاحوال أعتز باعمالي التي تترجم قناعتي في الحياة، بأن الحفر على الخشب ليس فقط مجرد مهنة لتأمين قوت اليوم رغم اهميته، بل تــراث يجب المحافظة عليه مهما كانت هناك من صعوبات، فمن لا ماضي له لا حاضر ومستقبل له".
ولا يخفي إبــراهــيــم عتبه على الكثير من المؤسسات والنقابات التي لم تول هذه الحرفة الكثير من الاهتمام والرعاية بداية في تصدير الانتاج ونهاية بالدفاع عن حقوق محترفيها وتشجيعهم معنويا مثل فتح الباب امامهم للمشاركة في المعارض الحرفية التراثية داخل وخارج لبنان كي يساهموا في نشر الحضارة على طريقتهم.
ويـــؤكـــد "لا نــعــانــي أزمــــة في تصريف الاعمال، الحمد لله الامور تسير من حسن الى احسن، وتزداد في المناسبات والاعــيــاد مثل عيد الام والــعــشــاق والــجــيــش اللبناني والاستقلال حيث يكون الاقبال على الشراﺀ كثيفا، ولكن ما ينقصنا هو الاهتمام المعنوي، وتفعيل التواصل بين محترفي هذه المهنة، وإفساح المجال امام المشاركة في معارض، لقد شاركت في أربعة معارض في صيدا ومعظمها من تنظيم بلدية صيدا وجمعيات أهلية والتشجيع الذي لقيته اعطاني الحافز من جديد كي استمر في عملي دون الالتفاتة الى "الوراﺀ.
ويعتز ابراهيم بأنه غرس هذه الحرفة في قناعة وأنامل ولديه محمد ووســيــم، "كــانــت لديهما الهواية وشجعتهما على مزاولتها، بين الحين والآخر يساعدانني في الاعمال، اردت ان يتعلماها كي يحافظا مثلي على الــتــراث والــحــضــارة بهذه الطريقة الفنية الرائعة".
تعتبر مهنة "الحفر على الخشب" تراثية ومن المهن النادرة في مدينة صيدا، اذ يزاولها عدد قليل من المحترفين لا يتجاوزعددهم أصابع اليدين، يطالبون دوما برعاية اعمالهم ودعمهم وتشجيعهم معنويا

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا