يفترض ان تشكل زيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الى لبنان اليوم الاثنين نوعاً من الارتياح الشعبي لدى اللاجئين الفلسطينيين سيما ابناء المخيمات لكون رأس السلطة الفلسطينية يقوم بزيارة الى البلد الذي يعيشون فيه.
مصادر فلسطينية تصف الزيارة بالتاريخية نظرا لما يشكل لبنان ومقاومته في الخاصرة الفلسطينية الشمالية من موقع متقدم في الصراع العربي الاسرائيلي، اضافة الى موضوع العلاقات الديبلوماسية الثنائية بين الدولة اللبنانية والسلطة الفلسطينية الذي من المفترض ان يبحث من مختلف جوانبه ان من خلال السفارة الفلسطينية في بيروت، او من خلال تعدد وتنوع «الملفات» التي تمثل «الثقل» السياسي والامني والمعيشي والانساني للفلسطينيين في مخيمات لبنان عدا عن مسألة التوطين التي يتحدث عنها اللبنانيون صباح مساء.
لكن، ومع ذلك، فان الفلسطينيين في اكبر المخيمات عين الحلوة انقسموا حول تقييمهم للزيارة التي شكلت ورشة نقاش واسعة بين ابناء المخيم وعلى المستويات كافة.. فمنهم غير المبالي والمشغول بهمومه المعيشية والحياتية اليومية ولا ينظر الى الزيارة بأي تفاؤل، وجزء يعتبرها شكلية ومحدودة لان الوضع الفلسطيني الانساني والمعيشي المعقد في لبنان لا يحل بزيارة لمدة يوم او 24 ساعة وهي لا تعالج هواجس الفلسطييين المتعددة والمتنوعة في هذا البلد، وهي برأيهم غير عملية لان مدة اقامة الرئيس الفلسطيني في لبنان لا تسمح له او لا تكفي لفتح حوار لا لبناني فلسطيني ولا فلسطيني فلسطيني على اي مستوى وحول اي ملف.
ثمة تساؤلات: هل بإمكان الرئيس الفلسطيني طرح كل هذه الهواجس والحصول على اجابات عنها من لبنان؟ وماذا سيحمل في جعبته لحل المشاكل المتعلقة بالحقوق المدنية والانسانية وحق العمل والتملك للفلسطينيين في لبنان. وحتى أن هناك من يعتبر ان لا جدوى من الزيارة على الاطلاق في ظل وجود البطالة المستشرية في المخيمات وذلك نتيجة حرمان الفلسطينيين من هذه الحقوق في العمل ومن الحقوق المدنية وحتى السياسية وصولا الى حق التملك.
ناس المخيم يتمنون على الرئيس الفلسطيني الاستحصال من القيادة السياسية اللبنانية على اقرار بالحقوق المدنية بشكل كامل وليس بشكل جزئي بما فيها حق العمل والتملك والحقوق المدنية كاملة مع حق العمل السياسي وحق العمل للمهندسين والاطباء والمحامين الفلسطينيين بما فيها حق الضمان الصحي والاجتماعي.
ويطرح البعض في المخيم مشكلة مزمنة ومعقدة ويطالب الرئيس الفلسطيني بحلها وتتعلق بوجود مذكرات توقيف بحق الفلسطينيين في المخيمات تفوق الـ 2500 مذكرة صادرة عن الجهات القضائية في الدولة اللبنانية وبعضها مضى عليه اكثر من عقدين. وقسم كبير منها متعلق بجنح صغيرة وغير متربطة بقضايا امن الدولة او الارهاب ومع ذلك لم تجد حلا لها وتساهم في اعباء اضافية تتعلق بالبطالة وبالاوضاع الانسانية والاجتماعية في المخيم.
وهناك شريحة في المخيم ينتابها قلق وهواجس من النوع الامني حول ما تخفيه هذه الزيارة في ظل عدم وجود مرجعية موحدة وجامعة للفلسطينيين في لبنان تأخذ على عاتقها طرح كل هذه المواضيع مع الدولة اللبنانية، وهذه المجموعة ترى أنه كان المطلوب قبل حصول هذه الزيارة السعي الدؤوب لتشكيل هذه المرجعية الموحدة قبل أي شيء آخر وبعدها تأتي الزيارة تتويجاً لكل هذه القضايا. خاصة ان هناك احاديث في المخيم عن «افكار» قد تطرح خلال الزيارة على مستوى اللقاءات الامنية اللبنانية والفلسطينية مثل تشكيل لواء فلسطيني داخل المخيمات تكون مهمته حصر السلاح به وضبط الوضع الامني على ان يكون مرتبطا بغرفة عمليات مشتركة مع الجيش اسوة بما هو قائم وحاصل في خلال سوريا من خلال لواء اليرموك وفي مصر من خلال لواء عين جالوت الذي انتقل الى داخل فلسطين بعد الإعلان عن السلطة الفلسطينية.
وفي مخيم عين الحلوة من يعتبر أن هذه «الافكار» طرحت خلال الزيارة أو أثيرت فإنها ستشكل نقطة خلافية اضافية داخل الوضع «الفصائلي» الفلسطينية، لأنه لم يحصل عليها توافق أو إجماع فلسطيني عندما كانت تطرح أو تثار في السابق. وهذا الملف في حال طرح كمادة للنقاش فهو يعتبر من الملفات الساخنة التي ستواجه الرئيس عباس في الشارع الفلسطيني وذلك لغياب النقاش حولها ونظراً لتعدد المرجعيات في المخيمات التي تتكون من أطر اسلامية ووطنية لا تلتقي فيما بينها ولا تنتمي لمرجعية واحدة وموحدة.
وتؤكد المصادر ان الملف الابرز الذي سيواجه عباس في لبنان ويؤرقه في مقر اقامته في بيروت عدا عن الملف الفلسطيني الفلسطيني الداخلي والمرجعية الموحدة سيكون ملف فتح والتعيينات ضمن الحركة ومسألة تعيين ممثل لسفارة فلسطين في لبنان برتبة «سفير».
وتشير المصادر الى انه اذا كانت مسألة تعيين ممثل للسفارة خلفاً للسفير السابق عباس زكي الذي انتهت مهمته قبل فترة باتت بحكم المنتهية وجاء التعيين سلسلا وسهلا حيث يتردد بقوة لهذا المنصب اسم المسؤول الفلسطيني عبدالله عبدالله ويعتبر اكاديميا مثقفا وشخصية هادئة ومقبولا من الجميع. الا ان الملفات الاخرى التي تعتبر ساخنة وشائكة في آن سيما فهي مسألة تعيين خلف لأمين سر فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية سلطان ابو العينين الذي انتخبه المؤتمر الأخير لحركة فتح عضوا في اللجنة المركزية للحركة منهياً بذلك توليه لهذا المنصب في لبنان حيث يتم التداول في اروقة فتح وفصائل السلطة اسمي كل من عضو المجلس الثوري المسؤول الفلسطيني خالد عارف «ابو ادهم» واسم عضو المجلس الثوري لحركة فتح وعضو المجلس الوطني الفلسطيني فتحي ابو العردات «ابو ماهر» الذي يشغل حالياً منصب مسؤول اللجان والاتحادات الشعبية الفلسطينية.
وتشير المصادر الى ان لدى ابو العردات حظوظاً وفيرة وكبيرة وكثيرة لتولي هذا المنصب نظراً لوضعه الشخصي داخل معظم الاطر الفلسطينية إنْ لدى فتح او فصائل المنظمة لما يشكل من قاسم مشترك بين الجميع. ويتردد بان ابو العردات يطالب في حال تولى هذا المنصب بان تكون مرجعيته السلطة الفلسطينية بشكل مباشر داخل فلسطين ان في رام الله او غيرها انما من دون العبور باي مرجعية ظل لا في لبنان ولا في فلسطين.. اي ان لا يكون عليه اي وصي في لبنان.
في المقابل فان عارف شخصية لا يستهان بها وقام ويقوم بسلسلة زيارات ولقاءات مصوباً هدفه نحو المنصب الموعود ويعتبر نفسه الاجدر والاقدرلتولي هذه المهمة.. وهو مدعوم بشكل جدي وقوي من المرجعية السابقة لامانة سر حركة فتح وفصائل المنظمة في لبنان.
في المقابل تعرب المصادر الفلسطينية عن خشيتها من ان تعيين اي مسؤول في هذا الموقع قد تكون له تداعيات في الساحة الفلسطينية سيما في ساحة فتح داعية الى عدم التقليل من اهمية ما يتمتع به كل من السفير السابق عباس زكي وامــين السر السابق لفتح والمنظمة سلطان ابو العينين من ثنائية ونفوذ داخل اوساط الفتحاويين في الساحة اللبنانية وهما ما زالا على درجة كبيرة من القوة.
وهناك اوساط داخل فتح متخوفة من اتخاذ اي قرار غير محسوب بدقة لاعادة الترتيبات او التعيينات الداخلية في الحركة قد تعكس في بعض جوانبها بعضاً من التوترات الداخلية على غرار ما حصل في خيم الرشيدية قبل يومين خلال اجتماع عدد من ضباط فتح.. وهذا اكبر دليل على الوضع الداخلي للحركة.