×

تنجيد اللحف في صيدا لم يبقَ منها

التصنيف: إقتصاد

2012-04-18  10:50 ص  2034

 

ثريا حسن زعيتر:

التنجيد.. حرفة من الحرف القديمة في لبنان والعالم العربي، فهي من الحرف اليدوية الفنية، التي تجمع بين حرفية الصنعة، وتجليّات المبدع في إضافة شيئاً من روحه وإبداعه على المنتج الذي يقوم عليه، وهي مهنة تستوعب الاجتهاد، وتطلق العنان للإبداعات الفردية، وتُساعد على التميّز والإضافة، لارتباطها بمقتنيات البيت وتجهيزه من ناحية، والوضع الاقتصادي لصاحب المنتج وما يرافقه من بذخ في خامات المشغول، خاصة بعد أن أصبح التنجيد يعتمد على القطن  والخيوط والأقمشة المستخدمة..
كما تعد مهنة التنجيد مهنة تراثية، يعود عمرها إلى مئات السنين، ارتبط فنها الإبداعي بفن كل بلد على حدى، لكن ما يجمع المنجدين في العالم هي الحرفة التي تتوارث عادةً أباً عن جد..
وعلى الرغم من التطوّر الصناعي والاعتماد على الآلات الحديثة في معظم المهن والحرف، إلا إننا نجد بعضها يتمسك بالأصول والأساليب القديمة، ليتحدى بها التطور بأدواته البدائية، وخبرته العالية، لكن ما مدى القدرة على مواجهة التحدي في ظل الغزو الصناعي الحاصل؟ خصوصاً إن هذه المهنة آيلة للانقراض... لقد تراجعت بنسبة 90%، نظراً لعدم الاهتمام بها من قبل المعنيين وإهمالها من قبل المواطنين.
«لـواء صيدا والجنوب» جال في سوق «البازركان»، في صيدا القديمة، حيث اشتهرت محلات التنجيد فيها، والتي لم يبقَ منها سوى 5 محال فقط للإطلاع على واقعها الحالي..


النوم على القطن والصوف يفيد الجسم ويُنصح به لمن يُعاني من «الديسك»


دخلنا أزقة صيدا القديمة وتحديداً في سوق «البازركان»، ما زال حسن زبيب ينكب على عمله بشغف وحب وهو يحمل الإبرة والخيط بيد وقضيب الخيزران بيده الثانية لينفش القطن والصوف، لصناعة اللحاف والمخدات في محل آل طرابلسي، الذي يعمل فيه منذ زمن.
نظر إلينا بابتسامة ترحيبية، وقال: «بدأت رحلة عملي منذ نعومة أظفاري، وأنا أتقنها جيداً، وما زلتُ حتى اليوم امتهن هذه الحرفة، إن الفرق كبير، بين مزاولة الحرفة قديماً وحديثاً، وبات من الصعب جداً تأمين لقمة العيش من هذه المهنة، التي تُعيلني وأفراد أسرتي في الماضي، حيث كان العمل كثير والطلب أكثر، بعكس هذه الأيام، حيث العمل قليل جداً، وأحيانا لا يتعدى الطلب لحافاً واحداً».
وبحسرة تابع: «إن مهنة التنجيد قديمة جداً وأصبحت شبه منقرضة، فقد غزت المراتب واللحف والوسادات الجاهزة كل البيوت، ولم يعد الجيل الجديد يهتم على ماذا سينام أو ماذا سيضع تحت رأسه، مع إن النوم على القطن والصوف يُفيد الجسم ويريحه، ويُنصح به لكل مريض يعاني من مرض «الديسك» أو التكلس، فالمراتب والوسادات الجاهزة لها مضار كثيرة: تؤذي الظهر والرقبة، وتعرّض الشخص لآلامهما، والأغلبية التي تتردد إلى محالنا اليوم هم من الأشخاص الذين ما زالوا يهتمون بصحتهم ويتبعون تقاليد أجدادهم».
وبحنين إلى الماضي قال: «في الماضي كانت العروس تأتي للسوق لتأمين جهازها من لحف وفرش ووسادات، كنا نقوم بكل هذا العمل لها وكنا نتفنن  كثيراً بتزركش اللحف، والتطريز عليه من الرسومات والأشكال الهندسية حسب طلب الزبون، منها: طيور الحب، النجمة، الوردة، ورق الصنوبر، دوار الشمس، جلد السمك، العقرب، ثمانية قلوب، قطع البقلاوة، وغيرها من الأشكال التي كانت تلقى طلباً من المواطنين. أما اليوم، فقد استغنى المواطنون عن الأغطية والفرش الطبيعية والصحية وتوجهوا نحو كل ما هو صناعي وغير صحي، كنا نأخذ 10 ليرات على اللحاف والفرشة واليوم أصبح تنجيد اللحاف الكبير  يكلف  85 ألف ليرة لبنانية والوسادة 10 آلاف ليرة لبنانية».
وأكد «لقد تعلمت مهنة التنجيد على يد والدي حيث كنا في بيروت، لكنني لم أشجع أولادي على هذه المهنة، لأنها بلا مستقبل على عكس أيام زمان.. ويعود انقراض هذه المهنة أن أصحابها ماتوا واندثرت معهم المهنة، وهناك من ترك هذا المجال». ويخبرنا أن هناك عوامل عديدة أدت إلى اندثار هذه المهنة ومنها: ظهور الإسفنج الذي اكتسح السوق واحتل مكان الصوف والقطن وذلك لسهولة تنجيده، وتقلص عدد معلمي هذه الحرفة والمردود المادي القليل الذي تعود به إلى الحرفي، بالإضافة إلى عدم وجود من يرعى هذه المهنة ويهتم بتوسيعها وتطويرها».
وأضاف: «في بداية العمل أندف القطن أو الصوف على القوس حتى ينعم القطن لأنه يكون متلاصقاً ببعضه البعض، عبر الضرب بقضيب من الخيزران، بعد ذلك يضع المنجد القطن أو الصوف بحسب الطلب في القماش المفصّل والمحاك مسبقاً، وعند الانتهاء من تعبئته يبدأ بتخييطه بالإبرة والخيط على الطريقة المعروفة للتنجيد، بعدها يصبح مُنجَداً جاهزاً للتسليم. يأخذ اللحاف مني وقت حوالى ساعتين والوسادة ربع ساعة تقريباً، لم تختلف نوعيات القماش التي تستعمل في تنجيد اللحف والفرش عن السابق، أما أنواع القطن الآن فيوجد منها فقط الملكي  الذي نستورده من سوريا».
وعــدة المنجد القوس وهو الأداة الأساسية في حرفة التنجيد، بالإضافة إلى ملحقات يُمكن اعتبارها إكسسوارات لا يُمكن الاستغناء عنها مثل المدقة والكشتبان والإبر على مختلف مقاساتها، والمطرق (العصا)».

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا