تكر العواصف المطرية الغزيرة التي تحطّ رحالها في الأجواء اللبنانية وتتكرّر معها الصور المؤسفة في شوارع وحقول وبساتين لبنان. كان للعابر في أي منطقة من لبنان في اليومين المنصرمين أن يشهد على طوابير السيارات الغارقة في شوارع العاصمة والمدن الرئيسية والمتعطلة في منتصف الطرقات متسببة بازدحام خانق عند أكثر من منعطف وزاوية ومكان. وكان للمناطق أن تشهد انهيارات متعددة وأضراراً في الممتلكات والمزروعات.. بعدما ضاقت المسارب التصريفية عن احتواء الأمطار الهاطلة ففاضت إلى الطرقات والأراضي القريبة وكذلك المنازل في الطوابق السفلية ومعها المستودعات.
وإذا كانت الأحوال الجوية ستمنح المواطنين فرصة لملمة آثار الاجتياح المطري الذي سجل معدلات قياسية مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي والمعدل العام التراكمي عن ثلاثين سنة منصرمة، فإن المؤشرات المناخية تعد بمنخفض جوي ثان ممطر ومثلج يتمركز حالياً فوق إسبانيا وسيصل إلى لبنان ليل الأربعاء -الخميس المقبل، وذلك وفق مصلحة الأرصاد الجوية في مطار رفيق الحريري الدولي.
ووفقاً لمعدلات الأمطار التي تفوق معدل العام الماضي والمعدل التراكمي بحوالي مئة ملم، تعتبر السنة الحالية جيدة، على الأقل، على صعيد الأمطار وهطولاتها وهي ستبلغ المعدل العام التراكمي او تتجاوزه بقليل. أما إذا استمرت نسبة الهطولات بالوتيرة التي سارت عليها منذ بداية العام الحالي وحتى الآن فستكون السنة المطرية ممتازة وستتخطى المعدل العام بالكثير «ولكن هذا ما لا يمكن توقعه منذ الآن»، وفق مصادر المصلحة.
وتنحسر العاصفة الحالية صباح اليوم الاثنين ويبدأ الطقس بالتحسن التدريجي، مع ارتفاع طفيف في درجات الحرارة.
ومن المتوقع أن «يغزو» لبنان منخفض جوي آخر يتمركز حالياً فوق اسبانيا ومن المتوقع أن يصل الأجواء اللبنانية ليل الأربعاء - الخميس. ويتميز بسرعة الرياح وعواصف رعدية وأمطار غزيرة وثلوج على المرتفعات.
وعلى الجبال وفي البقاع (سامر الحسيني) أغدقت الطبيعة المزيد من خيراتها المطرية والثلوج التي وصل تساقطها الى 1400 متر وما فوق للمرة الأولى هذه السنة، كما ان المياه الهاطلة بغزارة سجلت ارقاما قياسية لم يشهد لها لبنان مثيلاً في السنوات الثلاثين الاخيرة.
في المقابل، توقعت مصلحة الابحاث العلمية الزراعية انحسار المنخفض الجوي بدءاً من اليوم الاثنين مع ارتفاع في درجات الحرارة.
وشهدت منطقة البقاع الأوسط بدءاً من ظهر يوم السبت الماضي طقساً ماطراً ترافق مع تدن في درجات الحرارة وأمطار غزيرة حوّلت الشوارع إلى مستنقعات وبرك مائية فاضت على طرقات مناطق وقرى البقاع الأوسط كلها. كما وتسربت إلى العديد من الأماكن المنخفضة والمنازل المياه بعدما عجزت المسارب التصريفية عن استيعابها، وتسببت الامطار بحوادث سير اقتصرت اضرارها على الماديات.
وأدت العاصفة في صيدا (محمد صالح) إلى إقفال المرفأ التجاري في المدينة، ومغادرة السفن الراسية في حرمه إلى عمق المياه اتقاء للرياح العاتية وتلاطم الأمواج القريبة من الشاطئ... في المقابل أدت العاصفة إلى إقفال مرفأ الصيادين والحؤول بينهم وبين الخروج إلى أرزاقهم بعدما عمدوا إلى رفع مراكبهم إلى ارض رصيف الميناء خشية عليها من الغرق.
وحولت الأمطار التي هطلت خلال الساعات الماضية عدداً من الطرقات سيما الساحلية جنوب صيدا وفي قلب المدينة إلى ما يشبه البرك وذلك بسبب انسداد مجاري الصرف الصحي التي ما لبثت ورش البلدية أن عملت على فتحها.
وتسببت العاصفة أيضاً بانهيارات جديدة وإضافية من الجبل - المكب، وهوت كميات كبيرة من النفايات في البحر ووصلت إلى الشاطئ الرملي في المدينة.
وفي أهدن، (حسناء سعادة) أدت الأمطار والسيول الأخيرة إلى توسع الانهيار على طريق شلهوب، وهي طريق تصل عدداً كبير من منازل المنطقة بالشارع العام، وذلك دون أن يلقى تطور الانهيار أي اهتمام سواء من صاحب الحفريات التي أدّت إلى انهيار الطريق أو من بلدية زغرتا أو من مجلس الإنماء والإعمار، وسط تخوّف شديد لدى سكان الحي من أن يزداد الانهيار ويؤدي إلى سقوط البناء القائم على طرف الطريق. وتخوّف الأهالي من إن يطال الانهيار أحد المباني القريبة الذي يضمّ أكثر من سبعة مساكن.
وكان الانهيار قد حدث منتصف الصيف المنصرم حيث كان أحد المواطنين يقوم بحفر الأرض لإقامة بناء عليها إلا أن الحفريات طاولت حائط دعم الطريق، ما أدى إلى تصدع الطريق وانهيار قسم كبير منها، إلا أن المواطن المتسبب لم يعمل على معالجة الأمر ما دفع الأهالي إلى الاتصال ببلدية زغرتا التي اعتبرت أن على صاحب الأرض إصلاح الضرر، كما أنه و«بالنسبة إلى الطريق العام فإن الأمر يخصّ مجلس الإنماء والإعمار. وعليه، بقي الحال على ما هو عليه، ولم يتمكن الأهالي من الوصول إلى منازلهم إلا سيراً على الأقدام.
وتسببت الأمطار الغزيرة التي تساقطت في منطقة الضنية والمنية (عمر ابراهيم) بوقوع أضرار طفيفة في الممتلكات العامة والخاصة وتحديداً القطاع الزراعي الذي نال النصيب الأوفر منه أصحاب البيوت البلاستيكية، في وقت شهدت معظم الطرقات الرئيسية عجقة سير خانقة بسبب برك المياه التي انتشرت في أماكن عديدة. وعجزت مسارب المياه عن استيعابها، كما سجّل وقوع بعض حوادث السير اقتصرت أضرارها على الماديات.
وعلى الطريق الرئيسية التي تربط الضنية بطرابلس، اصطدمت شاحنة نقل متوسطة الحجم كانت تحمل صناديق بلاستيكية فارغة، بسيارة تاكسي عند مفترق بلدة كفرحبو في محلة البياض، ما أدى إلى انقلاب الشاحنة على جانبها الأيمن في عرض الطريق وقطعها جزئياً، مما تسبب بزحمة سير في الاتجاهين، وحضرت على الفور عناصر من قوى الأمن الداخلي لتنظيم حركة السير.
وعلى الطريق عينها، حصل حادث اصطدام بين سيارتين اقتصرت أضراره على الماديات بزحمة سير خانقة، أجبرت العديد من المارة إلى سلوك طرقات فرعية، قبل أن تتدخل القوى الأمنية وتعمل على تنظيم السير وفتح الطريق.
وفي المنية، جرفت السيول الناتجة عن الأمطار كميات من الأتربة والوحول إلى نفق بلدة دير عمار الذي يربط طرابلس بقرى وبلدات المنية وعكار، ما أدى إلى تجمع كميات كبيرة من المياه في أسفله وصل ارتفاعها إلى اقل من متر، ما اضطر السيارات إلى سلوك طريق فرعية بعد أن حوصر بعض منها لبعض الوقت بداخله.
وأدت الأمطار إلى تضرر المزروعات في بعض البيوت البلاستيكية بعد أن اجتاحتها المياه، كما تسببت بأضرار متفاوتة في أشجار الحمضيات.
وكانت الشبكة العامة للكهرباء في العديد من قرى وبلدات جرد الضنية تضررت بشكل انقطع معه التيار لساعات طويلة، حيث عملت الورش الفنية صباح أمس على إصلاح قسم منها