×

هشام خلف يغادر منزله في صيدا القديمة محمولا.. بعد سنوات من الانطواء"

التصنيف: Old Archive

2009-12-17  05:21 ص  2844

 

 

محمد دهشة
 
غادر هشام خلف (54 عاما) منزله مجبرا دون ارادته.. لكنه ملفوفا بكفن ابيض ومحمولا على "نقالة" الموتى بعدما رفض ان يغادره طوعا ـ الا ما نذر، منذ اكثر من 45 عاما، قضاها داخل منزله المتواضع في احد احياء صيدا القديمة مع أفراد أسرته التي تعيش "الانزواء" وظروفا نفسية صعبة ومعقدة.
وحكاية عائلة خلف المؤلفة من خمسة أفراد "هشام، عدنان وحكمت" الذين يعيشون في منزل واحد معا، اضافة الى "وليد" البكر وهو متزوج و"بسام" الذي توفى منذ نحو 7 اعوام، ملأت الدنيا وشغلت الناس، اذ يعرفها أبناء المدينة عن "ظهر قلب" ويروي تفاصيلها الصغير قبل الكبير بأنها العائلة التي لا تغادر منزلها منذ 45 عاما، تعيش حالة انطواء، رفاقها "القطط" حتى وصل الامر بالبعض بوصفهم بأنهم من "أهل الكهف"، ويعزون السبب الى خوف الوالد الشديد "غير المبرر" من أذية الناس لهم، اذ يؤكد جيرانهم من كبار السن "انه كان قبل وفاته شديد الخوف على أسرته يتحاشى إختلاطهم مع الناس، يغادر المنزل وحيدا ويخاطب أبنائه دوما "ابتعدوا عن الناس و"شرورهم"، الى ان اعتزلوهم وبقوا على حالهم حتى اليوم".
محاولة ورواية
منذ سبع سنوات، خرق الاعتزال، بمحاولة جرت لانقاذ العائلة من ظلامها المنزلي، لكنها باءت بالفشل، نجحت بعض الجمعيات الى جانب وكالة "الاونروا" بالاهتمام بهم وبتنظيف منزلهم وتأمين متطلباتهم، وباخراج عدنان وهشام من المنزل مرات قليلة لم تتعدى أصابع اليدين أو تتجاوز المدخل او زاروب الحي، ولكنهم سرعان ما عادوا الى سيرتهم الاولى من "الانزواء" و"الانطواء"، فيما بقي شقيقهم الاكبر وليد يتولى تأمين احتياجاتهم وخاصة الطعام منها.
وتقول جارة العائلة الحاجة ام احمد جاسر "كنا لا نشعر بوجودهم، يلازمون المنزل منذ عقود طويلة، يوصدون الابواب، خرجوا منذ سنوات عدة مرات ثم اختفوا الى الداخل، الا ان ذيع نبأ وفاة هشام، نريد أن يهتموا بهم ما زال في المنزل شخصان اخران يجب ان يخرجا الى النور وان لا يبقوا في الظلام او دائرة الاهمال".
صدمة وصمت
  قرب مدخل المنزل احتشد ابناء الحي لمواكبة الحدث وسط حسرة على حالهم، جاء الشقيق وليد ليحضر لهم الطعام فوجد هشام جثة هامدة على الارض، فيما عدنان مصدوم ولا يحرك ساكنا، سارع الى ابلاغ قوى الامن الداخلي بالامر، فحضرت دورية، دخلت الى المنزل بصعوبة بسبب الفوضى والرائحة الكريهة، سطرت محضرا وإستدعت طبيبا شرعيا حيث عاينه الدكتور عبد الحميد حشيشو الذي ابلغ "صدى البلد" ان الوفاة ناجمة عن "ازمة قلبية"، لم نجد على الجثة اي اثار للضرب او العنف او الخنق، والسبب على ما يبدو معاناة من مرض اشتد عليه الى ان توفى".
داخل المنزل كان عدنان مصابا بالذهول، صدمة على صمت، ينظر الى من حوله ويراقب "العجقة" التي لم يعتاد عليها وكأنه لم يصدق بعد ان شقيقه هشام سيغادره بلا رجعة، بينما قال شقيقه وليد "لقد حضرت الى المنزل وتفاجئت به ممددا على الارض، كان مشهدا مؤلما، ولكنه قضاء الله وقدره ونحن به مؤمنون، موضحا "لقد تم اتخاذ كافة الاجراءات اللازمة من أجل عملية الدفن وتقبل التعازي".
ولم يمضي وقت قصير، وبناء على اشارة النائب العام الاستئنافي في الجنوب القاضي عوني رمضان حتى سمح بدفن الجثة، فحضر المكلف بدفن الموتى من دار الاوقاف الاسلامية في صيدا "ابو عريش" وساعده بعض ابناء الحين فوضعوا هشام جثة على نقالة الموتى وسارعوا به في الحي مرورا الى باب السراي وصولا الى ساحة بحر العيد حيث نقل بسيارة الى مقبرة صيدا الجديدة وورى الثرى بعد غسله وتكفينه والصلاة عليه.
 
نور وحياة
داخل حي "باب السراي" في المدينة القديمة، كانت وجوه الناس حزينة دامعة، اذ اسدلت الستارة عن فصل من فصول معاناة عائلة خلف التي بقيت بعيدا عن الاضواء والاهتمام عقود طويلة، لم تكن فيها الا نافذة المنزل المطلة على ملعب "النادي المعني" الممر الى النور.. او الاصح للتأكيد بأن ثمة حياة هنا".
 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا