×

سوق النحاسين في طرابلس أحد أبرز أسواق المدينة

التصنيف: إقتصاد

2012-09-30  09:43 ص  4488

 

 سوق النحاسين في طرابلس هو أحد أبرز اسواق المدينة، التي توزعت أحياءً مهنية وفق تخطيط المدينة التي أقرّه باني طرابلس السلطان المنصور قلاوون، الذي خصّص سوقاً لكل حرفة، نذكر منها سوق العطارين، سوق الكندرجية (أحذية)، سوق المفروشات، سوق البازركان (أقمشة)، الى جانب خانات خاصة بمهن أخرى مثل خان الخياطين، خان الصبّاغين. ولم تبقَ هذه الاسواق والخانات محافظة على تخصصها الحرفي، فاقتحمتها مهن أخرى، ولم يعد هناك من سوق خاصة بالعطارين، أو الكندرجية أو النحاسين. وحده سوق الصاغة حافظ على حرفته صياغة وبيع الذهب والمجوهرات.


لا يزال كبار السن يذكرون اصوات طرق النحاس المنبعثة من نحو عشرين محلاً في سوق النحاسين، تضاءل عددها بسبب اقتحام المصنوعات التي سحبت البساط من تحت أقدام النحاسين، مثل الادوات المنزلية المصنوعة من الالمنيوم والبلاستيك. إلا أن هناك بضعة محال لا تزال تحافظ على حرفتها، رغم تضاؤل استخدام الادوات النحاسية كالطناجر والدسوت (الطناجر الكبيرة) تتمسك بها ثلاث عائلات توارثت المهنة، هم آل الطرطوسي، وآل حسون، وآل الطحلة. كما هاجر اصحاب بعض المحال الى القلمون أملاً ببيع عابري طريق طرابلس – بيروت. لكن الاوتوستراد الذي التف حول القلمون أطاح احلام اصحاب المحال التي كانت تشهد رواجاً من العابرين، كما انتقل بعضهم الى شارع عزمي، ليس للتصنيع وانما لبيع المنتوجات التي تصدّرها محال عدة في سوق النحاسين. 
 
العصر الذهبي

يجاهد الحاج محمد طرطوسي للمحافظة على مهنته منذ 40 سنة، والتي تعلمها من الآباء والاجداد المهاجرين من مدينة طرطوس أوائل هذا القرن، حاملين معهم أسرار هذه الحرفة وكان يشتغل بها معظم الاولاد، ليؤمنوا حاجات السوق المحلية، ومئات الزبائن الوافدين من عكار والبلدات الشمالية يبتاعون الطناجر والكركات (لاستخراج ماء الزهر وماء الورد والعرق...)، والمناقل والصواني التي ينقشون عليها الآيات والحكم، وكذلك الدروع التي تُقدم في الاحتفالات التكريمية.
ويتذكر طرطوسي العصر الذهبي لهذه المهنة في الخمسينات والستينات، قبل أن يطيح تخطيط المدينة بعد فيضان نهر أبو علي بمعظم محال السوق، وكان يشارك مع زملائه في معارض سياحية في بيروت. ولكن السوق في هذه الايام عاطلة سوى من بعض الطلبات التي يجهزونها لتصديرها الى اوستراليا والمانيا، وما سوى ذلك ركود، لأن الناس ما عادت تستخدم الادوات المنزلية النحاسية، فضلاً عن انقطاع الكهرباء التي ينتظرونها لأنهم غير قادرين على دفع 200 دولار بدل الاشتراك في المولد، وهم الآن يكتفون بصناعة ما يهم السياح من نراجيل وسيوف وقلادات ومناظر لبنانية واشكال مختلفة من الأرزة والتحف الصالونية.
الحاج محمد سعدالله طرطوسي نقل محله الى حي الخناق، وقد ورث المهنة من والده الحاج بشير طرطوسي وعن جده أبو بشير، ويؤكد أن المهنة اشتهرت بها طرابلس، "بعد مصر التي تجد سوقاً رائجاً في اسواقها القديمة بسبب دعم الدولة، وبخاصة وزارة السياحة التي تروج للصناعات النحاسية في أدلتها السياحية وكتيباتها. وهذا الدعم نتوخاه من وزارة السياحة عندنا، رغم أننا نحظى بتشجيع أبنائنا المغتربين. ولقد شاركنا في معرض النساء الاميركيات وفزنا بالجائزة الاولى، ولكن انتاجنا انخفض حوالى 90 في المئة، علماً أن لدينا 120 قالباً لمختلف الانتيكات والمصنوعات النحاسية. وقد شاركنا في معارض طرابلسية لم يكن البيع فيها على المستوى المطلوب، وبقيت مصنوعاتنا توزع لمحلات بيع الانتيكات في جبيل وعاليه وزحلة والشوف".
ويقر الحاج محمد بأن العصر تطور ولم تعد العائلات تهدي عرسانها طناجر النحاس والمناقل، رغم وجود حركة لا بأس بها من حين لآخر، من زبائننا في القرى العكارية والضناوية والبشراوية.
ويرى أهمية استعادة بيت المحترف الذي كان أسسه المرحوم ميشال نجار في الستينات من القرن الماضي "وكنا الوحيدين الذين ندعمه بانتاجنا".

كي لا تنقرض

يطلب اصحاب هذه الحرفة من الدولة، ومن وزارة السياحة خصوصاً، أن تكون هداياها من انتاج سوق النحاسين، وهي أقل خدمة يقدمونها لمساعدة هذه الحرفة على الصمود والبقاء. هذا ما أكده ايضاً رفعت عبد المجيد حسون (صاحب محل بيع تحف نحاسية) في شارع عزمي، ويضيف: "لقد ورثنا هذه الصنعة عن الآباء والاجداد. نحن 7 أخوة نعمل فيها منذ الخمسينات، ولم نشعر بجمود الاوضاع الاقتصادية مثل هذه السنوات، حتى في الحرب الاهلية كنا نشتعل ونصدّر الى أوستراليا والمانيا والى الخليج". وأضاف: "كنا نستورد 3 أطنان من النحاس لشغل المحل، أما الآن فليس أكثر من 200 – 300 كلغ من وكلاء النحاس الايطالي والفرنسي في بيروت".
وعن مصنوعات المحل لفت حسون الى اهتمامه بنقش صور الملوك والرؤساء على صدور نحاسية، من بينهم الرؤساء رشيد كرامي وعمر كرامي ورفيق الحريري والشيخ زايد بن سلطان والسلطان قابوس بقياس متر. "ومن منتوجاتنا ايضاً قبب ومآذن المساجد والنوافذ المعتّقة وتزيين المساجد بالآيات الكريمة، كما في جامع العزم وجامع الضناوي بالخطوط النافرة. ونصنع ايضاً طناجر وكاسات مغلي وسيوفاً واباريق وبراويز صور".
وينوه رفعت حسون بتشجيع الرئيس ميقاتي لهذه الحرفة، اذ يطلب بعض انتاجنا، وخصوصاً المناقل الفخمة ليهديها الى أصدقائه من السياسيين.
ويختم مركّزاً على أهمية المعارض في تسويق الانتاج، "كما حدث في معرض قلعة طرابلس العام 1972، وبعدها لم نشاهد سياحاً كما كنا نتمنى".

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا