×

خليل إبراهيم المتبولي تضاريس البحر ... أوجاع الماء

التصنيف: تقارير

2012-10-28  09:56 ص  1347

 

 يقتفي طه العبد أثر الكثير من الشعراء الفلسطينيين ، يقتفي أثارهم من حين خرجوا من فلسطين وتاهوا في براري المنافي ،وراحوا ينظرون إلى ماضيهم ومدنهم كي يستمدوا منها القوة والعزيمة على استمرارية العيش في داخل الفسحة المكانية التي أصبحت ملعباً لحضورهم .  " يحمل الوطن الحقائب يحجز الوطن التذاكر يطلب (الفيزا) فيأتيه الشّهيد ..."

ما بين الحسّ الوطني والحسّ الغزلي يسير الشاعر بين نقط الماء ليرسم صوراً ممزوجة بعاطفة جيّاشة تحمل معها أفكاراً وتجسيدات لأشياء متخيلة وذهنية مكثّفة وشفّافة قدر الإمكان ، ومنزوعة عن معناها الأصلي ، حتى أنّه يسعى دائماً على تصعيد مكانتها وملازمتها مع نبرة إنشادية واضحة وصريحة ، تستوجب إظهار مكانة الشاعر أيضاً . " تقرأني باللغة الكنعانيّة ، تكتبني باللغة المسمارية فوق جدار البحر وترحل في كلّ شرايين الجسّد المتحفّز للشجن المخبوء ..." " وأقول أجيئك من غمرات السيل ومن فلقات الصبح ، أحبّك ..."
قصائد " تضاريس البحر أوجاع الماء" هي نثرية بالتأكيد ، لكنها تحمي نفسها من تلك النثرية بميلها نحو لغة تحمل إيقاعاً إنشاديّاً ظاهراً ، بالمقابل فإنّ الشاعر قد عمل جاهداً لإبراز وحدة المناخ واللغة، فمجموعته هذه تظهر وكأنها استحضار لأنواع شعرية كثيرة ، ولأجواء لغوية متعدّدة . أحياناً نراه يذهب نحو واقعية تصويرية وحيناً يتحول في كلامه إلى إبراز صور تجريدية ، كما أنّه ينثر بعض النثريات على إيقاع قصيدة  "تضاريس البحر " .
إن طه يترك لنفسه الإنطلاق في التداعي المثير للصور ، وتروح الأشياء تتساقط في سلّته وفي حضن القصيدة ، صورة من هنا وصورة من هناك وملامح لأرضٍ وطبيعة وإنسان ، وتكتمل اللوحة " إلى أمنا الأرض في عيدها ينزل المطر الغزير ... إلى أمنا الأرض عادت حكايا الجدّة حول جمر الكستناء ... كانت الأرض تمشط شعرها ، كانت الأرض تجدله من العرق اللذيذ ..." . يقول الشاعر الفرنسي بول فاليري :" يصير الشعر محركاً للذهن في دفعه على تصوّر مختلف التشكيلات غير المتوقعة ، ويصير للشعر عندها قدرة فائقة على تطويع الكلمات العادية تمتد إلى لا نهاية من الإيحاءات عن طريق التحكّم بانسجام وتراكيب الجمل داخل القصيدة ، هذه بالذات هي مهمة كل شعر صاف ." وهذا تقريباً ما يفعله طه العبد في قصائده مع إضافة لخصوصيته وعالمه .
الشعر في مجموعة "تضاريس البحر أوجاع الماء" يتدفق بتلقائية محبّبة وكأنه سجيّة في الشاعر ، وإذا كانت هذه المجموعة هي الثانية للشاعر بعد "رقصة الفراش " فإنّها مؤشر إلى حساسية متميّزة وتجربة تتخطى نفسها . كما ويظهر شغف الشاعر باستنهاض الصور والعناية بتشكيلها ، حتى أصبح ذلك خاصة من خصائص المجموعة .
وطه العبد يعمد إلى ذلك من خلال لغة ، هي الأخرى مَنَحَها بل أولاها رعاية إستثنائية بحيث غدت لديه غاية ، إضافة إلى كونها وسيلة أصلاً وهوما عزّز المنحى البصري للقصائد ، لهذا جاءت حافلة بالحركة . " هأنذا ألوّن صوتك ، بأقواس قزح ... علّميني دفء احتضار القصائد عندما تلد استعاراتها ... كان وجهك حنطة  ، وأنا عام الحصاد النّهم 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا