×

شوشو ... المسرحيّ المغامر !

التصنيف: تقارير

2012-11-09  02:17 م  1568

 

  

... هرب من الواقع مهزوماً إلى عالمٍ مسرحي بسيط من الأفكار العامة المحدّدة والأراء الفلسفية المعروفة . استطاع أن يعيش بينهما ولكنه لم يستطع العيش بين الكذب والإحتيال ولا التواصل مع الفساد والمفسدين ، إنكمش على ذاته حتى تفجّرت إبداعاً ، ولو لم يوهب القدرة على خلق عالم خاص لما صار شيئاً في عالم الواقع . إستطاع أن يجذب الناس إلى عالمه المتخيّل ، فكانوا يتابعونه في أعماله الإذاعية والتلفزيونية والمسرحية كلّها، وقد كانت أعماله مصدر إزعاج للسلطات، ومصدر نقاش وانتقاد في المجالس العامة والخاصة . إنّ هذا يدلّ على أنّ قيمته الإنسانية رفيعة وعالية، وإنه يقدر على ما لا يقدر عليه أحد .

 

"شوشو" أوحسن علاء الدين المولود في بيروت عام 1939 كان لديه روح المغامرة إذ ترك عمله في المصرف وتوجّه نحو التمثيل وغاص فيه من رأسه حتى أخمص قدميه ، هذه الروح المغامرة مكّنته من الإنطلاق في عالم التمثيل الذي لم يكن محبَّذاً في ذلك الزمن ، غير أنّ روحه الثقافية المستطلعة جعلت عينه اليقظة تتطلع إلى كل جديد في هذا العالم ، وتختبر كل جديد ، وترصد علاقات الناس وطبائعهم في تركيبهم الإجتماعي ، ومن هنا أصبح فنه مدرسة مثمرة له ولمجتمعه .

 

عاش حراً يفعل ما يحلو له ، حتى أصبحت شخصيته ملكاً عاماً تشرّح في مؤسسات الدولة وفي الصحف والمجلات وفي المجتمع ، ولكن هو مَن كان بارعاً أكثر ومبدعاً في تشريح كافة الناس والمسؤولين في أعماله الفنيّة عامّة والمسرحية خاصّة ، فكم من مرّة كانت مسرحياته طريقة للرد على فساد ما أو موضوع ما  ، أو لشفاء غلٍّ من شخصية معينة لم يستطع مواجهتها على أرض الواقع ، فقد كان يحارب بسلاح الكلمة والمسرح الذي لم يستطع خصمه على استعماله .

 

كان "شوشو" منفتح القلب والعين إلى الفنون، فنسي حياته كلّها، ومضى عمره ووقته في المسرح ، وفي نفسه قلق المُستطلِع ، ففي عام عام  1965، أنشأ شوشو مع نزار ميقاتي المسرح الوطني . نهض شوشو بالمسرح الوطني وكان نجمه الدائم حتى تحوّل إسم المسرح الوطني إلى مسرح شوشو. في المرحلة الأولى (1965 ـ 1970)، كان نزار ميقاتي شريكه الرئيسي كمخرج ومؤلف وفي المرحلة الثانية (1970 ـ 1975) كانت مرحلة الانطلاقة الذروة في تكوين فرقة وتكوين جمهور مسرحي، وتأسيس لنظام مسرحي يومي بلون شخصية فنية كبيرة . لقد مرّ بتجارب مريرة من الإضطهاد والإهمال والإيذاء وباستغلال طيبته وترفـّعه عن الصغائر ، وخيبة أمله في الأحبّاء والأصدقاء .

شوشو هذا العبقري الفذ الطفل الكبير الذي غنّى ومثّل للصغار والكبار وأدخل البهجة والفرحة في نفوسهم دون منازع ، وأبكاهم في بعض مواقفه الإجتماعية والسياسية على خشبة المسرح ، إستطاع بمرحلة عمرية قصيرة أن يضع بصمة كبيرة في عالم الفن اللبناني وخاصة المسرح ، وكان الرائد الأول في وضع حجر أساس المسرح اللبناني . رحل في 2 تشرين الثاني 1975، مع بداية الحرب اللبنانية ، ولكن قبل موته صرخ من خلال عملٍ مسرحي "آخ يا بلدنا " ونحن بدورنا اليوم وبعد سبعة وثلاثين عاماً نصرخ أيضاً وبالصوت العالي والفم الملآن " آخ يا بلدنا " .

 
خليل إبراهيم المتبولي
 
 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا