فتح ــ لبنان: عودة السلطان أبو العينين ودخول دحلان
التصنيف: سياسة
2010-01-04 06:08 ص 939
للمرة الأولى، توضع حركة فتح، بكل تشكيلاتها، تحت سلطة سلطان أبو العينين، من دون وجود مناوئ «شرعي» له. يعد أبو العينين بتوحيد الحركة، لكنّ معارضيه يرون أن إعادته إلى لبنان لن تزيد الحركة إلا تشرذماً، وخاصة مع اقترانها بنفوذ لمحمد دحلان
... وعاد سلطان أبو العينين. باتَ الحاكمَ الأوحد لحركة فتح في لبنان، أقله من الناحية النظرية. لم يسبق للرجل أن كان في ظروف مشابهة. فخلال فترة الوجود السوري في لبنان، كانت حركة فتح شبه محاصرة. وبعد رفع «الحصار» عام 2005، أتى من ينافسه على السلطة في الحركة. فممثل اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير عباس زكي نجح خلال السنوات الأربع الماضية في انتزاع تأييد قسم كبير من الفتحاويين، ليواجه أبو العينين. لكن الأخير تمكن من إثبات تجذره في الساحة اللبنانية، وتخطى عدداً من المطبات التي وضعت له. فاز في انتخابات مؤتمر «الساحة» نهاية 2008، وخرج منتصراً من معركة اتهامه باغتيال كمال مدحت، بعدما ثبت أن الملف الذي قدّم للأجهزة اللبنانية ضد بعض أنصاره كان ملفّقاً (قال أبو العينين لـ«الأخبار» أول من أمس إنه سيقاضي، من خلال القنوات الفتحاوية المعنية، كل من وجّه له اتهاماً بالضلوع في اغتيال مدحت). وفي المؤتمر العام لفتح الذي عقد في آب الفائت في بيت لحم، فاز أبو العينين وزكي بعضوية اللجنة المركزية للحركة، مع فارق بالأصوات لمصلحة الأول. رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قال لبعض من التقاهم، رداً على أسئلتهم عن مستقبل فتح في لبنان، إنه سيبعِد كلاً من أبو العينين وزكي عن لبنان. ووضع عباس قاعدة أخرى، واعداً بالالتزام بها: لن أعيّن أي عضو في اللجنة المركزية في منصب قيادي آخر.
بعد ذلك، بدأت رحلة البحث عن خليفة لأبو العينين في أمانة سر الحركة في لبنان. وأرسل عباس عضوَ اللجنة المركزية (المسؤول الاستخباري البارز) توفيق الطيراوي إلى بيروت لاستطلاع آراء قادة فتحاويين، ومسؤولين لبنانيين ممّن هم على تماسّ يومي مع الملف الفلسطيني. ومن اللحظة الأولى، بدا أن الطيراوي يدفع باتجاه إعادة أبو العينين إلى «الساحة» اللبنانية، وهو الاقتراح الذي كان يلقى معارضة شرسة من قسم كبير من الفتحاويين، على قاعدة أن «استنهاض أوضاع الحركة بحاجة إلى دم جديد، ولمحاسبة عن الفترة الماضية». وقبل عشرة أيام، باشر الطيراوي اتصالاته الهاتفية من رام الله، ليبلغ مسؤولين فتحاويين بأن محمود عباس أصدر قراراً بتعيين لجنة قيادية تتولى شؤون حركة فتح في لبنان، على أن يرأسها أبو العينين. وتضم اللجنة الأعضاء «اللبنانيين» في المجلس الثوري للحركة، أي خالد عارف وفتحي أبو العردات وآمنة جبريل وجمال قشمر. وأبلغ الطيراوي من اتصل بهم أن اللجنة ستعمل بإشرافه. لكن أبو العينين أوضح لـ«الأخبار» أن الطيراوي لن يكون مشرفاً على أعمال اللجنة، بل سيكون صلة الوصل بينها وبين محمود عباس. وإضافة إلى ذلك، عيّن عباس، بالوكالة، صبحي أبو عرب، المقرب من أبو العينين، قائداً للقوات العسكرية في فتح.
أبو العينين يبدو مزهوّاً بالقرار الجديد. يقول إن حركة فتح، بكل مؤسساتها وتنظيمها وعسكرها، ستكون تحت سلطة اللجنة القيادية الجديدة، وكذلك الكفاح المسلح. أما ممثل منظمة التحرير الذي خلف عباس زكي، عبد الله عبد الله، فبعكس سلفه، «لن يتدخّل في الشؤون الفتحاوية».
لاقى القرار ردود فعل معترضة. قائد الكفاح المسلح في لبنان منير المقدح، الذي أكد لـ«الأخبار» أنه لم يتسلّم بعد أي قرار بشأن التعيينات الجديدة، رفع صوته في وجه القرار، مذكراً بالاتهامات الموجهة إلى أبو العينين بالضلوع في اغتيال كمال مدحت. وإضافة إلى ذلك، حاول المقدح التواصل مع معارضي أبو العينين، لمحاولة تشكيل جبهة في وجهه. وقيل إن الرئيس السابق للدائرة السياسية في منظمة التحرير، فاروق القدومي، المعارض لمحمود عباس، حاول الدخول على خط معارضي أبو العينين، من دون أن تتضح بعد نتائج هذه المحاولة.
بعض التقديرات الأمنية اللبنانية لم ترَ في إعادة أبو العينين إلى لبنان مفتاحاً للاستقرار الأمني. وأبدى البعض خشيته من اقتتال فتحاوي داخلي يُشعِل المخيمات الفلسطينية.
القيادي الفتحاوي البارز إدوار كتورة، القريب من الجسم العسكري في الحركة، والذي كان أبرز من وقفوا في وجه سلطان منذ أكثر من 10 سنوات، وقبل تأكده من أن قرار عباس نهائي، رأى أن تعيين اللجنة القيادية يمثّل «إهانة لفلسطينيي لبنان، وللفتحاويين على وجه الخصوص. فالبعض يحاول القول إن حركة فتح لا تضم في صفوفها أشخاصاً مؤهلين لقيادتها غير الخمسة المعيّنين». أما بعد تيقّنه من صدور القرار، فقد قال كتورة إن أمام الفتحاويين «خيارين لا ثالث لهما. الالتزام بالقرار، أو الاستقالة. فالتخريب ممنوع، أمنياً وتنظيمياً. والواجب اليوم هو منع القيادة الجديدة من الانحراف».
لكن أحد المسؤولين الفتحاويين البارزين يرى أن قرار محمود عباس إعادة أبو العينين إلى لبنان نابع من عدم قدرة عباس على فهم الواقع اللبناني. ويرى المسؤول الفتحاوي أن قراراً مشابهاً لن يساهم إلا في زيادة تمزيق الحركة، لأن «أبو العينين لن يتمكن من جمع تناقضاتها، أو المساهمة في تقديم تصور واضح لتحسين أوضاع اللاجئين في لبنان، لكونه لم يفعل ذلك خلال العقدين الماضيين».
الامتحان الأول لوحدة الصف الفتحاوي كان في الاحتفالات التي جرت خلال الأيام الثلاثة الماضية في المخيمات الفلسطينية في الذكرى الـ 45 لانطلاق حركة فتح. في مخيم عين الحلوة، أكبر تجمع للاجئين في لبنان، كان يُراد تنظيم احتفالين منفصلين. واحد يقوده أمين سر منطقة صيدا القريب من أبو العينين، قاسم صبح، والآخر من تنظيم أمين سر شعبة عين الحلوة ماهر شبايطة، المحسوب على عباس زكي، والقريب من منير المقدح. وكان البعض ينتظر أن يخرج المسؤول العسكري في مخيمات صيدا، محمد عبد الحميد عيسى (الملقب بـ«اللينو»)، ومن خلفه عدد من القادة الفتحاويين، للاعتراض على عودة أبو العينين إلى لبنان. إذ إن اللينو، أحد أقوى القادة العسكريين في فتح، كان طامحاً لتسلم منصب المسؤول العسكري في لبنان. لكن اللينو التزم الحياد، قبل أن يذهب أبعد من ذلك، إذ ساهم في فرض إقامة احتفال موحد في عين الحلوة. وفي خطوة بالغة الدلالة، مرّ اللينو ليصطحب معه منير المقدح للمشاركة في المسيرة الفتحاوية الموحدة. وما جرى في عين الحلوة، انسحب على معظم المخيمات الفلسطينية في لبنان، باستثناء نهر البارد. فعلى أنقاض المخيم المدمر، نُظّمت مسيرتان فتحاويتان منفصلتان. واحدة برعاية أمين سر شعبة المخيم أبو هاني عباس، القريب من عباس زكي. والثانية برعاية رفعت شناعة، أمين سر منطقة الشمال، أحد أقرب الفتحاويين إلى أبو العينين.
الاحتفالات مرّت على خير. لكن فتحاويّين كثراً، وبينهم مسؤولون من «الصف الأول»، لا يزالون متخوّفين من خضّات أمنية في المخيمات تتّخذ من الانقسام الفتحاوي ثغرة لها. ولم يكد هؤلاء يعبرون عن مخاوفهم حتى وقع اشتباك في مخيم عين الحلوة أول من أمس، بين مسلحين يدورون في فلك تنظيمي جند الشام وفتح الإسلام من جهة، وآخرين من حركة فتح من جهة أخرى. ورغم أن التصريحات الفتحاوية بعد الاشتباك تمحورت حول إدانته، إلا أن فتحاويين تبادلوا الاتهامات حول التسبب بالاشتباك، أو على الأقل، حول محاولة كل منهم
الاستفادة منه في وجه الآخر. وقيل إن أبو العينين «اشترى الاشتباك» ليقدم نفسه مرجعيةً فلسطينية أمام السلطات اللبنانية. وبعد الاشتباك، خرج أبو العينين ليكرر ما قاله خلال الأيام الماضية عن استعداده لتنظيم السلاح الفلسطيني داخل المخيمات، بالتنسيق مع الدولة اللبنانية. وأضاف أبو العينين كلاماً عن اتخاذ إجراءات لمنع عناصر تنظيم «القاعدة» من دخول المخيمات. وبحسب أبو العينين، ثمة جهات خارجية تعمل لتصدير مقاتلي القاعدة من العراق إلى مخيمات لبنان. لكن بعض خصوم أبو العينين ينفون وجود أي إجراءات غير اعتيادية في المخيمات. يقول أحدهم إن جميع الجهات النافذة في مخيم عين الحلوة «لاحظت حركة غير اعتيادية تقوم بها مجموعة تابعة للقاعدة في المخيم. فلماذا لا يخبرنا أبو رياض (أبو العينين) عن الإجراءات التي قام بها لمعالجة هذه الظاهرة؟». في المقابل، اتهم مقربون من أبو العينين خصوم الأخير بافتعال الاشتباك للتلويح بالورقة الأمنية في وجهه.
أمر آخر يتحدّث عنه بعض معارضي أبو العينين. فالأخير فاز في انتخابات اللجنة المركزية لحركة فتح بعد نسجه شبكة من التحالفات مع قياديين فتحاويين أقوياء، على رأسهم أبو ماهر غنيم وتوفيق الطيراوي والقيادي المتعدد الارتباطات الأمنية محمد دحلان. والأخير، بحسب أمنيين لبنانيين، حاول على مدى سنوات طويلة إرساء موطئ قدم له في لبنان، من دون جدوى. وقد بات بإمكانه اليوم الاستناد على قوة أبو العينين. أما الأخير، فيقول «إن من يدّعي أن لمحمد دحلان نفوذاً في لبنان، فهو مخطئ. إلا أنني أعتزّ بعلاقتي الجيدة مع جميع أعضاء اللجنة المركزية، ولم أتحالف مع أحد للوصول إلى اللجنة». إلا أن نظرة معارضي أبو العينين يؤكدها فتحاويون «محايدون»، ومسؤولون لبنانيون متابعون للملف الفلسطيني. ويجزم أحدهم بأن ملف حركة فتح في لبنان بات بعهدة الثلاثي أبو العينين ـــــ الطيراوي ـــــ دحلان.
اشتباك بين جند الشام وفتح
وقع اشتباك بعد ظهر أول من أمس في منطقة عين الحلوة، إثر تلاسن بين أحد أفراد جند الشام ويدعى يحيى أبو السعيد وشابّين من حركة فتح، قبل أن يتطور التلاسن إلى إطلاق أبو السعيد النار على حاجز للكفاح المسلح الفلسطيني عند المدخل الشمالي لمخيم عين الحلوة. وردّ أفراد من حركة فتح بإطلاق نار غزير، وسط انتشار كثيف لفتح، يقابله انتشار مسلحين أصوليين في منطقة نفوذ عصبة الأنصار الإسلامية في مخيم الطوارئ وأطراف منطقة التعمير. ونجحت المساعي في وقف الاشتباك والحؤول دون تطوره، قبل سحب المسلحين من شوارع المخيم، وصدور قرار من القائد الفتحاوي اللينو يمنع فيه إطلاق النار. وخلال الاشتباك، أقفل الجيش مدخل المخيم، فيما انتقل كل من مدير فرع استخبارات الجيش في الجنوب العقيد علي شحرور ومدير مكتب صيدا العقيد ممدوح صعب، إلى مركز الجيش عند مدخل المخيم لمتابعة الوضع ميدانياً. ونزح عدد من سكان المخيم باتجاه مناطق أكثر أمناً، كذلك نزح صيداويون مقيمون في محلة التعمير.
أخبار ذات صلة
من هنّ المجندات الإسرائيليات اللاتي ستفرج "ح م ا س عنهنّ؟
2025-01-25 05:56 ص 17
لقاء تكريمي للمناضل الراحل محمود طرحة ( أبو عباس ) في الذكرى الأولى لرحيله
2025-01-24 04:08 م 64
بن فرحان: ثقتنا كبيرة بالرئيس عون بالشروع بالإصلاحات وتطبيق القرا
2025-01-23 08:18 م 43
ولي العهد السعودي يجري اتصالا هاتفيا بترامب
2025-01-23 06:03 ص 38
أول خلاف بين ماسك وترامب.. لماذا شكك في مشروع الـ500 مليار؟
2025-01-23 06:00 ص 56
إعلانات
إعلانات متنوعة
صيدا نت على الفايسبوك
صيدا نت على التويتر
الوكالة الوطنية للاعلام
انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:
زيارة الموقع الإلكترونيتابعنا
زواج بلا جنس.. قرار قضائي فرنسي يغضب المحكمة الأوروبية
2025-01-24 09:54 ص
برسم المعنيين ..بعض الدراجات النارية تبتز السائقين بتصنع الاصطدام
2025-01-19 04:03 م
ما سر انقسام نواب صيدا في انتخابات رئاسة الجمهورية والحكومة!!
2025-01-15 06:07 ص
بالصور.. كيف تبدو حرائق لوس أنجلوس من الفضاء؟
2025-01-12 10:22 م
إن انتخب د. سمير جعجع رئيساً للجمهورية ما هي علاقة صيدا ونوابها معه!
2025-01-02 10:12 م
أبرز بنود الاتفاق: بين لبنان و إسرائيل
2024-12-28 02:33 م
اطباء نصيحه عواقب صحية مقلقة للامتناع عن ممارسة الجنس
2024-12-19 09:37 م
الرواية الكاملة لهروب الأسد.. وسر اتصال مفاجئ بالمقداد
2024-12-19 09:21 م
تحركات شبابية في صيدا للمشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة