دعاة على أبواب جهنم

التصنيف: سياسة
2012-12-08 08:12 م 1435
بقلم / الشيخ جمال الدين شبيب
روى الإمام مسلم- رحمه الله تعالى- تحت باب: وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال، وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة عن بُسْرُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ الحَضْرَمِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا إِدْرِيسَ الخَوْلانِيَّ يَقُولُ:
سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ بْنُ اليَمَانِ يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُون رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ:يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍِ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللهُ بِهَذَا الخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ:{نَعَمْ} .
فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ:{ نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ} قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ:{ قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي، ويَهْتَدُونُ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ}.
فَقُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ:{نَعَمْ؛ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمْ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا} فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا، قَالَ:{ نَعَمْ، قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِألْسِنَتِنَا} قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ:{ تَلْزَمْ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ } فَقُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلا إِمَامٌ؟ قَالَ: { فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَك المَوْتُ وَأنْتَ عَلَى ذَلِكَ}".
ينبّه الحديث إلى أمرٍ يغفُل عنه كثيرٌ من الناس أو يقصرون فيه، وذلكم الأمر هو الالتجاء إلى أهل العلم المعروفين بسداد المنهج وسلامته وصحة المعتقد والنصح للأمة ومن أوتوا رسوخاً في العلم وفقهاً في دين الله؛ لأن أولئك القوم هم أهل ميراث النبي -صلى الله عليه وسلم- قال عليه الصلاة والسلام:{وإن العلماء ورثة الأنبياء، فإن الأنبياء لم يورِّثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم فمن أخذ به أخذ بحظٍ وافر}.
فإذا راب المسلمين أمر أو إذا نزلت بهم نازلة أو خافوا أمراً يضرهم في دينهم عليهم أن يلتجئوا إلى أهل العلم الذين يحسنون الفصل في المعضلات وحل المشكلات وفق الكتاب والسنة وسيرة السلف الصالح.
ثم انظروا في أسئلة حذيفة -رضي الله عنه- قال:" إنا كنا في جاهليةٍ وشر، فجاءنا الله بهذا الخير" جاء في الحديث أعلاه أمران هما أساس الدين ولبّه:
وقد حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الأمة من كل ما يفسد عليها دينها؛ تحذيراً عاماً وتحذيراً خاصاً؛ وذلك حتى يكون الدين خالصاً لله.
ثم نعود إلى السؤالين، قال: "هل بعد ذلك الخير من شر؟" قال:{نعم، دعاةٌ على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها} ثم سأل" صفهم لنا " حذيفة -رضي الله عنه- يريد أن يستجلي هؤلاء؛ هل هم مسلمون؟ هل هم كفار؟ من أولئك الذين هم دعاةٌ على أبواب جهنم بأقوالهم أو بأفعالهم؛ يهدون من تبعهم على هديهم إلى جهنم -يقذفونهم في جهنم- من هم؟ صفهم لنا؟ فماذا كان الوصف؟ قال:{هم قومٌ من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا} إذاً
هؤلاء مسلمون لسانهم لسان المسلمين وأوصافهم أوصاف المسلمين، مسلمون في الظاهر وأسماؤهم أسماء المسلمين، فليسوا أجانب ولا غرباء على أهل الإسلام، فمن هم إذاً؟ أنهم دعاةٌ على أبواب جهنم.
قال صلى الله عليه وسلم: {ومن دعا إلى ضلالة كان عليه وزره ووزر من تبعه إلى يوم القيامة، لا ينقص من أوزارهم شيئاً}! وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:{وإنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين} فأئمة الضلال هم دعاةٌ على أبواب جهنم.
واسمع إلى قول حذيفة:" فما تأمرني إن أدركني ذلك؟"وفي رواية" فما ترى؟" كيف الخلاص من هؤلاء الدعاة؟ ما الرادع لهم؟ فأجابه صلى الله عليه وسلم بقوله: {تلزم جماعة المسلمين وإمامهم}وهذا دليلٌ على أن الراية التي يرفعها أميرٌ مسلم هي سبيلٌ من سبل النجاة، وأن الحكومة المسلمة هي طريق الخلاص من الفتن؛ لأن بها تجتمع الكلمة وبها يُنصر المظلوم ويُردع الظالم وبها تأمَّنُ السبل وتُعاد الحقوق المغصوبة إلى أهلها.
وإذا لم يكن للمسلمين حكومة: شاعت الفرقة والفوضى وصارت الغلبة للقوة لا للحق. وما أحسن ما قاله الفُضيل بن عياض -رحمه الله-"عليك بطرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين".
فما الخلاص إذاً حين تُعدم هذه الجماعة وإمامها-نسأل الله العافية- قال:{فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك} " السنة سفينة نوح، من ركبها نجا" كما قال الإمام مالك. ومن أحسن حكماً من الله؟ ومن أعلم بمراد الله من كتابه بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ لا أحد، هذا هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يقل خذ سلاحك واضرب في الضاربين وغُص المعارك مع المعتركين حتى تنال النصر أو الشهادة.
{فاعتزل تلك الفرق كلها} ويزيده وضوحاً حدديث النبي {وستفترق هذه الأمة على ثلاثٍ وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة} قالوا: من هي يا رسول الله؟ قال:{الجماعة} فالجماعة الناجية هي واحدة من الفرق الإسلامية، فالفرق الإسلامية التي لم تخرج من مسمى الإيمان خروجاً كاملاً، الفرق الإسلامية هي ثلاثٌ وسبعون، اثنتان وسبعون هالكة-هي مسلمة لكن مسلوبة كمال الإيمان- والفرقة الناجية هي فرقة واحدة.
والفرقة الناجية واحدة وهي فرقة الكتاب والسنة الذين يزنون أقوال الناس وأعمالهم بميزانين؛ وهما:(النص والإجماع) فما وافق نصاً أو إجماعاً قُبل . وما خالف نصاً أو إجماعاً رُدَّ على قائله، هذا العلاج من مضلات الفتن إذا عُدمت الجماعة-جماعة المسلمين وإمامهم- التي يجب على المسلمين لزومها إذا كانت موجودة؛ العلاج أنه يعتزل الفتن وأهلها وينأى بنفسه، وكما قال القائل:"تجعل سيفك من خشب" ...وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أخبار ذات صلة
وافقت على سحب مقاتليها من غزة".. مصادر تؤكد
2025-04-27 05:23 ص 53
ترامب: يجب عبور السفن الأميركية مجانا عبر قناتي السويس وبنما
2025-04-27 05:20 ص 42
مرعي أبو مرعي في قلب التحضيرات البلدية: دعم التغيير وتعزيز دور الشباب
2025-04-26 10:46 م 96
طلب إلى السنيورة بـ"الخروج من العاصمة"
2025-04-25 03:30 م 135
اتفاق ينقذ أرواحا.. ترامب "أمام إيران خياران أحدهما سيء جداً"
2025-04-25 05:24 ص 105
تفاصيل مسودة اتفاق وقف دائم لإطلاق النار
2025-04-25 05:22 ص 84
إعلانات
إعلانات متنوعة
صيدا نت على الفايسبوك
صيدا نت على التويتر
الوكالة الوطنية للاعلام
انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:
زيارة الموقع الإلكترونيتابعنا

هذا المقال موجه لأبناء مدينة صيدا أقرأوه وأفهموه الانتخابات صيدا
2025-04-19 06:04 م

ال بدو يعرف هيدا رسم الترشيح للإنتخابات البلدية و الاختيارية
2025-04-15 05:51 ص

11 نصيحة بسيطة للحفاظ على صحة الكبد
2025-04-13 10:19 ص

الانتخابات البلدية في صيدا تتجه نحو الإبتزاز مالي والحصص والهيمنة
2025-04-01 02:10 م

الدكتور حازم بديع يحول صيدا من الليل إلى النهار
2025-03-24 11:30 ص

قيمة صادمة لفاتورة الكهرباء الشهرية للحرم المكي.. تقرير يكشف ويثير تفاعلا