لا تزدهر المجتمعات إلا بالتنمية البشرية المستدامة عبر ايجاد الحلول الناجعة لمشاكل التربية والتعليم وتأمين الخدمات الاستشفائية، ومعهما ايجاد فرص العمل لجيل الشباب، بذلك نهضت الدول الأوروبية ومعها النمور الآسيوية عبر مكّافحة الآفات الإجتماعية وحسن توجيه عمالة الأولاد نحو التأهيل المهني المعجل الذي مكنها من تحقيق مبتغاها··

واليوم تتوّج <جمعية رعاية اليتيم> في صيدا برامجها الهادفة الى تحويل الرعاية الى تثقيف، عبر مواصلة التوجه الى شريحة عجزت حتى عن تأمين التعليم في المدارس الرسمية، والتصدي لمشكلة الصعوبات التعليمية والتسرب المدرسي المبكر الذي يحرم هذه الشريحة من ايجاد فرص عمل في المستقبل، وذلك عبر انشاء أول معهد متخصص للتأهيل المهني المعجل يؤمن لهم التعليم والتدريب المناسب··

وينطلق هذا المشروع الساعة 12:30 من ظهر بعد غدٍ الجمعة برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري عبر وضع حجر الأساس لبناء <معهد عبد الله الدرويش فخرو للتدريب والتأهيل المهني> بهبة من المحسن الكريم بدر عبد الله الدرويش فخرو من دولة قطر الشقيقة، وبجهود رئيس <كتلة المستقبل النيابية> الرئيس فؤاد السنيورة، وذلك الى جوار <مدرسة أجيال صيدا> التابعة للجمعية ليقوما بدورهما في معالجة التسرب المدرسي··

<لـواء صيدا والجنوب> يسلط الضوء على هذا المشروع وأهميته الحيوية لمدينة صيدا ومنطقتها··

الرئيس السنيورة الرئيس فؤاد السنيورة أكد على أهمية المشاريع التنموية والعمل لخدمة الصالح العام بالقول: مسؤولياتي وطموحي وعملي هو للشأن العام ولصالح كل لبنان وكل اللبنانيين، وتحديداً بالذات مدينتي صيدا، وهذا الأمر الذي منعني من خلال الظروف السابقة أن أتواجد أكثر في المدينة· وإن ما يهمني هو أين وكيف استطيع أن أخدم بلدي بطريقة أفعل تؤدي الى خدمة المدينة والى خدمة بلدي·· سواءً بالتواجد في صيدا أو في تأمين مشروع للمدينة أو أي شيء يفيد المدينة، وبالنهاية أنا أريد أن أحاسب نفسي قبل أن يُحاسبني الآخرون، وبالنهاية سأسأل نفسي ماذا أنجزت في شيء يفيد المدينة، في تنظيمها ومقدراتها والخدمات والمنشآت التي فيها ومؤسساتها، كيف يمكن أن نعمل للمدينة ونعود عليها بالنفع· وبالتالي نستطيع أن نتعاون أنا والنائب بهية ونتكامل بالعمل، سواء من خلال التواصل مع الناس وزيارتهم أمر أساسي ونحن نجد طريقة للتواصل مع الناس وفي نفس الوقت نوظف وقتنا بالشكل المفيد>·

وأضاف: نريد أن نستنهض المدينة بالقدرات المتاحة أمامها ولا سيما المكبوتة والنائمة، نحن في صيدا نجلس على كنز تُمثله هذه المدينة· علينا أن نعمل لاستنهاضها اقتصادياً وسياحياً، وأن نستنهض قدرات الناس لتصبح هذه المدينة مقصداً، هذا الهدف الذي وضعته نصب عيني عندما ترشحت وهذا ما أسعى لتحقيقه· ونحن الآن سنحاول تعويض الأشهر الخمسة التي مرت بسبب الظروف التي تعرفونها، وحتماً سأعمل على التوفيق بين وجودي في المدينة ومجيئي اليها أكثر، وفي نفس الوقت أن استعمل هذا الوقت بشكل مفيد يعود بالخير على صيدا أكان من خلال عملي كرئيس كتلة أو كنائب في المجلس النيابي وأعمل في التشريع أو الرقابة، أو من خلال اتصالاتي التي أرى أن فيها مردوداً ايجابياً لمدينة صيدا وأهلها·

وأوضح <أنه خلال الفترة الماضية عملنا على عدد من الأمور، منها ما سنشهده في الثامن من الشهر الحالي عبر وضع الحجر الأساس للمعهد المهني التابع لـ <جمعية رعاية اليتيم>، والذي استطعت أن أؤمن من أحد المتبرعين مبلغ مليوني دولار أميركي لنبني هذا المبنى، وهناك مشروع لـ <جمعية المواساة> لتطوير الكفاءات لدى الفتيات، ومشروع المدرسة العمانية النموذجية، والمستشفى التركي وهو أحد النماذج الأساسية لكيفية أن تصبح مدينة صيدا مقصداً>··

وختم الرئيس السنيورة بالقول: إن قيمتنا الأساسية هي في انساننا، وكلما استطعنا أن نزيد قدرات ومعارف ومهارات انساننا اللبناني كلما أدى ذلك الى تحسين مستوى معيشته· ولا إمكانية لأن تتحسن معيشتنا بشكل سليم أو أن تتطور حياتنا إلا من خلال الزيادة في النمو الاقتصادي الذي يُسهم في ايجاد فرص عمل للناس، والتحسن الحقيقي في مستوى عيش الناس وازدهارهم هو من خلال ايجاد فرص العمل الجديدة·

د· المكاوي رئيس <جمعية رعاية اليتيم> في صيدا الدكتور سعيد المكاوي، أشار الى <أن <جمعية رعاية اليتيم> تضم قسماً مهنياً يقدم خدماته الى 80 شاباً وفتاة في مرحلة التعليم المهني المعجل، والتي تُعنى بالطلاب الذين ينهون المرحلة الإبتدائية ويتوجهون الى الإختصاص المهني وذلك ضمن خمسة اختصاصات متوافرة حالياً في الجمعية>·

وقال: إن فكرة المشروع المهني الجديد تأتي تكملة لمشروع <مدرسة أجيال صيدا>، والتي تخدم شريحة من أبناء صيدا لا يستطيعون حتى الدخول الى المدرسة الرسمية، حيث تقدم لهم التعليم والقرطاسية والزي المدرسي حتى الصف السابع الإبتدائي، الذي يُمكنهم بعد ذلك من متابعة التحصيل العلمي أو الإلتحاق بالتعليم المهني المعجل، وذلك بعدما وجدنا أن العديد من الأولاد لديهم صعوبات تعلمية بسبب البيئة المحيطة بهم، كونهم لم يحظوا بفرصة المتابعة من قبل الأهل·

وأضاف: لذلك، يجب الاهتمام بهم بعد المرحلة الإبتدائية، كي لا يعودوا مجدداً الى الشارع، لأن امكانية وصولهم الى المرحلة الجامعية تعد قليلة، كون البيئة التي يعيشون بها لا تساعدهم على القيام بهذا الأمر، كما أن الإحصاءات الأوروبية تشير الى أن نسبة الطلاب الأوروبيين الذين يكملون المرحلة الجامعية لا تزيد عن 20%، فكيف ستكون النسبة لهؤلاء الطلاب في لبنان، لذلك لا نراهن على وصول جميع الطلاب الى الجامعات، لكن في موازاة ذلك يجب تأمين العلم النافع وفتح فرص عمل للجميع، مما يُمكنهم من شق طريقهم في الحياة، وذلك يكون ممكناً من خلال تأمين التأهيل المهني المعجل الموجه للطلاب بعد صف السابع أو مرحلة الـ B.P، فكان المشروع الحالي الذي سيضم 18 تخصصاً يُمكن الطلاب من الحصول على شهادات وتدريب جيد ليصبحوا عناصر فاعلة في المجتمع·

وأوضح <لقد قمنا بدراسة هذه الفكرة مع الرئيس فؤاد السنيورة منذ 5 أشهر، وقام المحسن الكريم من دولة قطر الشقيقة بدر عبد الله الدرويش فخرو بتمويل بناء المدرسة المهنية، التي سيطلق عليها اسم <معهد عبد الله الدرويش فخرو للتدريب والتأهيل المهني>، تلبية لحاجة منطقتنا، حيث أشارت الإحصاءات التي قمنا بها في منطقة صيدا، أن هناك حاجة كبيرة لخدمة هذه الشريحة عبر تقديم تدريب مهني معجل تُمكنها من الحصول على عمل في المستقبل، خصوصاً في ظل ضعف الإمكانيات المادية لهذه الأسر وعدم تمكن أبنائها من مواصلة تعليمهم الأكاديمي أو حتى دفع الأقساط المهنية، وحاجة المنطقة الى المدارس المهنية التي تقدم التعليم المهني المعجل>·

الاتصال بالشركات الكبرى وأشار الى <أنه من أجل تطوير خدمات المعهد أجرينا مباحثات مع مجموعة كبيرة من الشركات لربط التعليم والتدريب في المعهد بها، ولكي تشرف على برامج التدريب بشكل يتمكن فيه الطلاب من الحصول على جزء من تدريبهم في شركات كبرى، وفي نفس الوقت إمكانية استقطابهم من قبل هذه الشركات بعد الحصول على الشهادة، فيصبح لدينا نوعية عمالة جيدة، رغم أن مستوى التعليم لن يكون جامعياً، لكن سيكون لدينا خريجون لديهم التدريب الكافي للقيام بالأعمال بالشكل المطلوب>·

وقال: نرى حاجة السوق لهؤلاء الخريجون في المستقبل كبيرة، فهناك العديد من الشركات التي تهتم بالكمبيوتر لا يهمها فقط المبرمجين، لكنها بحاجة أيضاً الى من يحسن مد شبكات <النت> وتصليح الكمبيوتر، وكذلك بالنسبة لتركيب الصحية وتصليح السيارات، وسيكون بإمكان الخريجين القيام بعملهم من خلال تعلم المهارات المطلوبة، وبالتالي سيكون المعهد من أكبر مراكز استقطاب طلاب المهني المعجل حيث يستوعب حوالى 450 طالباً·

مشاركة فاعلة في وضع حجر الأساس وأوضح <أن وضع حجر الأساس سيكون برعاية رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وبحضور نائب رئيس مجلس الوزراء القطري الشيخ عبدالله بن حمد العطية ووزير المالية القطري وعدد من الفاعليات اللبنانية والقطرية، واعتبر هذا المشروع من المشاريع التنموية الكبيرة لمنطقة صيدا، والتي تُعنى بعلاج مشكلة التسرب المدرسي بالشكل المناسب، فأعتقد أن <مدرسة أجيال صيدا> كانت بداية الحل، وخلال العامين المقبلين سيكون <معهد عبد الله الدرويش فخرو> مواصلة لهذا الجهد في الأخذ بيد الأولاد المتسربين من المدارس لإعطائهم شهادات تخولهم العمل في الإختصاصات التي يحتاجها السوق>·

وقال: لقد كان أخواننا في قطر دائماً الى جانبنا في الأزمات، وهذه هي المرة ستكون الأولى التي يطلون فيها في صيدا عن طريق المحسن الكريم بدر الدرويش فخرو، بهذا المشروع الضخم والكبير الذي يقدم خدمات جليلة لموضوع تنموي للأطفال الذين لا يستطيعون مواصلة تعليمهم ومن ضمن المشاريع التنموية التي تقام في مدينة صيدا، وسيشكل حفل وضع حجر الأساس أول حضور للرئيس سعد الحريري بعد توليه رئاسة الوزراء·

وختم الدكتور المكاوي بالقول: أتوجه بالشكر الى الرئيس فؤاد السنيورة الذي حرص على بحث تفاصيل نجاح هذا المشروع على مدى ساعات، فنشكره على أياديه البيضاء، وكذلك الى المحسن الكريم بدر الدرويش فخرو الذي أعطانا مثلين من خلال المساعدة في العطاء والبر بالوالدين، حيث سيطلق اسم والده على المعهد· وأخواننا في دولة قطر وقفوا معنا في الشدائد، واليوم يقفون معنا في التنمية البشرية لأهلنا وخصوصاً هذه الشريحة المحتاجة، فسيكون هذا المشروع أكبر مشروع موجه لهذه الشريحة· والشكر أيضاً الى جريدة <اللـواء> على مواكبتها لعمل الجمعية·