×

تجديد التفاهم بين فتح والعصبة في عين الحلوة

التصنيف: سياسة

2010-01-06  06:14 ص  916

 

حسن علّيق
 

وضعت حركة فتح وعصبة الأنصار الإسلامية في مخيم عين الحلوة حدّاً لذيول الاشتباك الذي وقع في المخيم يوم السبت الفائت. تفسيرات عديدة كانت قد أعطيت للاشتباك الناري «المحدود»، الذي بدأ بإطلاق أحد أفراد جند الشام، يحيى أبو السعيد، النارَ على حاجز للكفاح المسلح، قبل أن يتطور ذلك إلى إطلاق أفراد من حركة فتح النار باتجاه منطقة خاضغة لسلطة عصبة الأنصار.
بعض الفتحاويين قالوا إن الاشتباك يأتي في سياق النزاعات الفتحاوية الداخلية، وخاصة بعد القرار المثير للجدل الصادر عن محمود عباس، المتعلق بتعيين سلطان أبو العينين على رأس لجنة قيادية في حركة فتح، لتدير ملفات «الساحة» اللبنانية.
وقيل أيضاً إنه محاولة لإعادة السلاح الفلسطيني في المخيمات إلى دائرة الضوء، عبر العمل على إشعال صراع دموي بين فتح والقوى الإسلامية في عين الحلوة. وآخر ما قيل في هذا الإطار أن أسباب الاشتباك شخصية، إذ إن قادة أحد التنظيمات الأصولية نقل عن أبو السعيد قوله إنه أطلق النار على حاجز الكفاح المسلح بعدما حاول أحد أفراد فتح معاكسة إحدى قريباته.
الرواية الأخيرة وجدت من يصدّقها، وخاصة أن أبو السعيد، وكبعض بقايا تنظيم جند الشام، يعيش ضائقة غير مسبوقة، ويحتاج إلى ما «يفشّ خلقه فيه» على حد قول أحد المسؤولين الفتحاويين. فالشاب الذي «واجه الجيش وحيداً في تعمير عين الحلوة عام 2007، ممنوع من مغادرة المخيم، وخاصة أنه أحد أكثر الوجوه المعروفة من التنظيم. وداخل مخيم عين الحلوة، لا يغادر الرجل شارعاً ضيقاً يعيش فيه، خشية تعرضه للتوقيف»، بحسب المسؤول ذاته.
في المحصلة، ومهما كانت الأسباب التي دفعت أبو السعيد إلى إطلاق النار، فإن الثابت أن رد الفعل الفتحاوي كان مبالغاً فيه. أحد مسؤولي الحركة البارزين أكّد أن أفراد فتح أطلقوا آلاف الطلقات النارية في غضون دقائق معدودة، باتجاه منطقة صغيرة من المخيم، يقطنها أصوليون إسلاميون، وتخضع لسلطة عصبة الأنصار.
وحمل رد الفعل ذلك أكثر من تفسير أيضاً. المسؤول الفتحاوي نفسه رأى فيه محاولة للقول إن المسؤول العسكري لفتح في منطقة صيدا، العقيد محمد عيسى (اللينو)، لم يتمكن من ضبط أنصاره. ورأى فتحاوي آخر أن التفسير الأولي لرد الفعل الفتحاوي يضعه في خانة «الرد المدفوع»، أسوة بـ«الفعل المدفوع» الذي أقدم عليه أبو السعيد. «من أطلق النار ينتمي إلى جند الشام، فلماذا الرد على عصبة الأنصار؟» يسأل مسؤول فتحاوي مقرّب من اللينو.
عصبة الأنصار لم تنجرّ إلى الرد على النار الفتحاوية. ومباشرة، جرت اتصالات على خطين؛ الأول تولّته مديرية استخبارات الجيش، من أجل وقف إطلاق النار ومنع تفاقم الأمر. أما الخط الآخر، فتولّاه بشكل رئيسي قائد الحركة الإسلامية المجاهدة، الشيخ جمال خطاب، الذي يحظى باحترام واسع في المخيم. وبعد اجتماع موسع لمعظم الفصائل في مركز يديره خطاب نهاية الأسبوع الماضي، أثمرت الاتصالات عن اجتماع عقد أول من أمس في مركز تابع لعصبة الأنصار في المخيم، ضم قياديين من العصبة إلى خطاب ومسؤولين من فتح.
من العصبة، حضر الشيخان أبو طارق السعدي وأبو شريف عقل، العضوان في ما يمكن تسميته الهيئة القيادية للعصبة. ومن جهة فتح، كان اللينو أبرز الحضور. وأكد الأخير لقادة العصبة أن إطلاق النار باتجاه مقاتلي العصبة لم يكن نتيجة قرار قيادي في فتح، وأن ما جرى هو حادث ينحصر في الميدان. وأكد اللينو أن إجراءات داخلية يجري الإعداد لاتخاذها، سواء بحق المخطئين، أو إذا ما ثبت أن ردّ الفعل لم يكن وليد ساعته.
وخلال اللقاء، أعاد الطرفان تثبيت تفاهم سابق بينهما، يقضي بمنع أسباب التوتر الأمني في المخيم، وبعدم الانجرار إلى أي اشتباك بين الطرفين، إضافة إلى السعي من أجل تقييد حركة المطلوبين، وخاصة من تنظيمي فتح الإسلام وجند الشام، قدر الإمكان. وقد أتبِع اللقاء باجتماع ثانٍ عقد أمس بين قيادي في العصبة وآخر من فتح، من أجل استكمال تأكيد التفاهم.

اللينو وقادة العصبة لا يرغبون في حصول اقتتال بينهما لن تكون نتائجه أقل كارثية من «البارد»
انتهى الخلاف الأخير بأقل خسائر ممكنة، هذا إذا جاز التغاضي عن سقوط جريح وتضرر سيارات ومنازل. إلا أن ما جرى يسمح باستخلاص أكثر من عبرة، على حد قول مسؤول لبناني متابع. وأبرز هذه العبر أن الصراع الفتحاوي الحالي يسمح بحصول اختراقات مشابهة، من دون وجود ضمانات بعدم تطور الأمور إلى الأسوأ.
أما الخلاصة الثانية، فهي إيجابية لناحية أن أقوى طرفين مسلحين في المخيم، أي فتح (بقيادة اللينو) وعصبة الأنصار، لا يرغبان في حصول اقتتال بينهما لن تكون نتائجه أقل كارثية مما جرى في نهر البارد.
وفي هذا الإطار، أثنى مسؤولون لبنانيون معنيون على قدرة العصبة على ضبط مقاتليها، ما حدّ من خسائر الاشتباك.
لكن ذلك لا يلغي ضرورة تسريع وتيرة التواصل بين أطراف المخيم، والسعي لإيجاد إطار أمني يسمح بضبط الأوضاع داخله، سواء من خلال تطوير الكفاح المسلح التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، أو العودة إلى الطرح الذي كانت قيادة الجيش تدفع باتجاهه، وهو إنشاء قوة أمنية مشتركة في مخيم عين الحلوة، تعمل، بالتنسيق مع الجيش، على ضبط السلاح والأمن

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا