×

الجميلة... والوحش الذي في داخلنا

التصنيف: أمن

2013-01-17  12:27 م  653

 

 

 
آمال خليل
قبل عامين وثمانية أشهر، وقعت الجميلة بين أنياب عامل سوري يقيم في منطقة صور حيث تسكن. ذات ليلة صيفية، أدرك عدم وجود والديها في المنزل. اقتحمه واقتادها من بين إخوتها الأطفال، إلى حقل خلفي. قيّدها واغتصبها وسط صراخها الذي لم يكسر السكون في محيط المنزل الخالي من السكان. لم يملك شقيقها الأصغر سوى أن يلهث إلى مكان وجود والديه ليخبرهما. هرب الوحش قبل وصولهما. قدّم الوالد شكوى أمام المخفر واستطاعت القوى الأمنية القبض عليه. نقلت الجميلة ذات الأعوام العشرة إلى المستشفى للعلاج من الكدمات والنزف الذي أصابها. في المقابل، تولت بعض وسائل الإعلام نقل الحادثة بتفاصيلها، حتى إنها ذكرت اسم الجميلة والبلدة التي تنتمي إليها. في اليوم التالي، اقتحم المحققون غرفتها لاستجوابها في ما حصل معها، رغم الانهيار العصبي الذي كانت تعانيه. كل هذا ولم يكن اتحاد حماية الأحداث قد علم بالأمر. ولما علم، صارت مندوباته يتواصلن مع عائلتها عبر الهاتف. بموجب القانون، حضرن جلسات التحقيق مع الجميلة أمام القاضي، ثم اقترحن بعد أسابيع، على والديها وصلها بمعالجة نفسية. لكن الجميلة كانت قد خضعت لأكثر من جلسة دعم نفسي عند أحد المعالجين في صور، بمساعدة إحدى الجمعيات. قبل أن تتوقف عن متابعتها لشعورها «بعدم الحاجة إلى الحديث في القصة» كما قالت.
أمس، زرنا الجميلة في منزلها حيث وقعت الجريمة. لم يفكر الأهل في تغيير المنزل في محاولة لطيّ صفحة تلك الليلة. قابلتنا بابتسامة دافئة وثقة ملؤها الأمان. «كيف أصبحت؟»، نسألها. تجيبنا: «كما كنت». تؤكد أنها مرتاحة في مدرستها الجديدة المحافظة التي فضل والدها نقلها إليها. تقوم في البلدة ببعض الزيارات لصديقاتها، لكن برفقة والدتها. «البنت في مجتمعنا إذا ما بها شي، بينخاف عليها، كيف إذا صاير معها شي قصة؟»، تقول والدتها مبرّرة عدم سماحها للجميلة بالخروج بمفردها. كل الجمعيات التي طلبت رقم هاتف عائلتها منّا، لمساعدتها، لم يصل أحد منها إلى المنزل. لكن الجميلة لا تحتاج إلى أيّ من استعراضات الإعلام أو الجمعيات. تمكنت بإرادتها الفردية من أن تقفل على تلك الليلة. أصبح ما يذكرها بها فقط جلسات التحقيق التي تحضرها بين الحين والآخر حينما تضطر إلى مواجهة الوحش. والدها لم يتنازل عن الدعوة، بل لا يزال يتابع مع المحامي. أصبح أكثر تفهماً لما تعرضت له ابنته، بعدما كان يتهمها سابقاً بأن الحق عليها، ويجهد لمحو أي شيء يتعلق بالحادثة منها عملية رتق البكارة.
لكن البلدة لم تنسَ ما حصل ولا تريد. كلما وقعت جريمة مماثلة في أي جزء من العالم، يذكرونها. كيف لا وهم لا يزالون يتناقلون حادثة أخرى وقعت قبل أكثر من عشر سنوات حينما اعتدى شاب على سيدة خمسينية، بعدما اقتحم منزلها بهدف السرقة، ثم قتلها. علماً بأن البلدة ذاتها شهدت حادثة اعتداء رجل على فتاة في التاسعة من عمرها تعاني مشكلات عقلية. حينها، فضلت عائلتها «طمطمة» القصة تحسباً لوقوع نزاع بين عائلات البلدة.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا