×

أصحاب القلوب السليمة

التصنيف: تقارير

2013-01-17  12:38 م  910

 

 بقلم / الشيخ جمال الدين شبيب

قال تعالى حكاية عن نبيه إبراهيم عليه السلام: ( ولا تخزني يوم يبعثون، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ) لم يقل أتى الله بعلم أو أتى الله بعمل، وإنما أتى الله بقلب سليم.
 فما هو القلب السليم ؟ يقول سيد التابعين سعيد بن المسيب رحمه الله: "القلب السليم هو القلب الصحيح، وهو قلب المومن، لأن قلب الكافر والمنافق مريض، قال تعالى في وصف المنافقين: {في قلوبهم مرض} سورة البقرة الآية 10" .
فأصحاب القلوب السليمة لا تخشى إلا الله، لا تخاف أن تَصدع بالحق في وجه الظالمين وعند السلطان الجائر كما جاء في الحديث، لأنها لا تخاف في الله لومة لائم كما ورد في كتاب الله، ويذكر ابن تيمية رحمه الله كلاما مهما يجب أن نقف عنده ونتأمله جيدا يقول: "إذا كانت في القلب معرفة وإرادة -العلم و حده لا يكفي لابد من العلم و الإرادة- سرى ذلك إلى البدن بالضرورة، فلا يمكن أن يتخلف البدن عما يريده القلب" .
وسئل أبو القاسم الحكيم عن القلب السليم فقال: "له ثلاث علامات:
 أولاها أن لا يؤذي أحداً، والثانية أن لا يتأذى من أحد (بمعنى أنه يصبر على الأذى ويتحمله ولا يراه شيئاً)، والثالثة إذا اصطنع مع أحد معروفاً لم يتوقع منه المكافأة (لأنه يتطلع إلى مكافأة الخالق لا غير)،  قالوا: فإذا هو لم يؤذ أحداً فقد جاء بالورع، وإذا هو لم يتأذ من أحد فقد جاء بالوفاء، وإذا لم يتوقع المكافأة من المخلوق فقد جاء بالإخلاص.
وتبدو هذه المعاني حاضرة متجلية في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم لما سئل أي الناس أفضل فقال:" "كل مخموم القلب صدوق اللسان، قالوا صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب؟ قال: هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد"رواه الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة..
وسئل محمد بن سيرين عن القلب السليم فقال: "الناصح لله عز و جل في خلقه" . فالدين النصيحة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم. وقال سيدنا علي كرم الله وجهه ورضي عنه: المؤمنون بعضهم لبعض نصحاء وادُّون وإن افترقت منازلهم، والفجرة بعضهم لبعض غششة، خونة، وإن اجتمعت أبدانهم" . والقلب السليم كما تبينه السنة المطهرة هو "قلب المؤمن الذي يحسن الظن بربه، يرجو رحمته ويخاف عذابه، يحبه ويحب رسوله، لا يتجسس على المسلمين، ولا يحسد، ولا يغتاب، ولا ينم. همه الله عز وجل، وجهده منصرف لبناء جماعة الجهاد ودعمها.
وأمتنا اليوم ما أشد حاجتها إلى أمثال هؤلاء الرجال ليعيدوا لها عزتها و مجدها، لتعود لها الإمامة والريادة في شتى الميادين. فإنما يقوم بالجهاد أصحاب القلوب السليمة التي تأتي الله عز وجل وليس لها من هم إلا الله سبحانه وتعالى، هذه القلوب وحدها التي يمكن أن تقوم بواجبات الجهاد لإعلاء كلمة الله وتحمل تبعاته.
أما أصحاب القلوب المريضة فلا يمكنهم أن يقوموا بحمل أعباء النهوض بأمة الإسلام لأن هممهم لا تكون إلا في خدمة شهواتهم وأهدافهم الشخصية وأعمالهم لا ترقى لأن تكون جهادا في سبيل الله.
 ونرى في الساحة اليوم كثيرا ممن يدَّعون الإسلام ويزعمون خدمة الإسلام فيقولون ما لا يفعلون وينطقون بما لا يعتقدون، "فهم أيضا يريدون أن يقيموا الإسلام وأن يقيموا دين الله، لكن بما أن في قلوبهم مرضا فإن تحركهم هذا لن يكون على الإسلام، ولن يكون عملا جهاديا، حتى لو سَمُّوا جماعاتهم جماعات مسلمة أو أحزابا إسلامية أو ما إلى ذلك.. .
وبعد .. الكلام كثير والعمل قليل... جعجعة ولا طحن... عزف بلا طرب... ألاَ ما أَسْهَل الكلام وأَشَقَّ العمل... هذه هي سنة الله في كونه: بغير جهد البشر لا انتصار، وأنا وأنت من بأيدينا أن نقرب نصرنا أو نباعده... أن ننسج خيوط فجرنا أو نبدده.
 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا