عين الحلوة: مطلوبون يغادرون بصمت وبجواز سفر مزوّر
التصنيف: سياسة
2010-01-11 05:46 ص 1398
زادت أخيراً التصاريح الإعلامية التي تتحدّث عن لجوء أفراد من تنظيم القاعدة إلى مخيمات فلسطينية، أبرزها عين الحلوة. لكن المخيم القلق يشهد منذ فترة موجة مغادرة مطلوبين إلى أوروبا، فيما يجري الإعداد لتفاهمات إضافية بين الفصائل فيه
يمكن زائر عين الحلوة هذه الأيام أن يلحظ الحركة الكثيفة لأبناء المخيّم ليلاً. في الأزقة الضيقة التي يسير عليها ما يزيد على 60 ألف لاجئ، باتت الحركة التجارية والاجتماعية آمنة حتى في الساعات المتأخرة من الليل. قبل أقل من عام، لم يكن أبناء المخيم يطمئنون إلى الوضع الأمني. «لم نكن نعرف متى تشتعل الاشتباكات»، يقول أحد المسنّين المجتمعين في مقهى قريب من مسجد النور، حيث النفوذ الكبير للحركة الإسلامية المجاهدة وعصبة الأنصار. أما اليوم، فالوضع هادئ، لكنه لا يوحي بالثقة. «قبل يومين ولّعها أبو السعيد (أحد أفراد جند الشام)»، يقول مسنّ آخر، «بس العصبة والشيخ جمال (خطاب، قائد الحركة الإسلامية المجاهدة)، واللينو روّقوها. الله يديم الوفق».
ويمكن زائر مكان التجمّع الأكبر للّاجئين الفلسطينيين في لبنان، أن يلحظ غياب أي إجراءات غير اعتيادية على الأرض، رغم ما قاله عضو اللجنة المركزية في حركة فتح، سلطان أبو العينين، عن اتخاذ تدابير في المخيمات من أجل منع أفراد تنظيم القاعدة من اللجوء إليها، في ظل محاولات «تصديرهم من العراق إلى مخيمات لبنان».
وما قاله أبو العينين لم يترك أثراً يُذكَر في عين الحلوة، المخيم الأكثر عرضة للاتهام بإيواء «إرهابيين» ومطلوبين للقضاء اللبناني، و«خارجين عن القانون». إذ اقتصرت آثار تصريح «أبو رياض» على النقاشات بين مسؤولي الفصائل. ومعظم هؤلاء ينفون قطعاً ما قاله أبو العينين. «لا إجراءات اتخذت، ولم نلحظ دخول أي غرباء إلى المخيم»، يؤكد مسؤولون فتحاويون وإسلاميون. «وما يجري معاكس تماماً»، يقول مسؤول فتحاوي بارز، مضيفاً: منذ أكثر من 3 أشهر، والمخيم يشهد حركة خروج لمطلوبين منه. وحتى اليوم، تمكن أكثر من 20 مطلوباً، كان معظمهم يدورون في فلك جند الشام وفتح الإسلام من مغادرة المخيم. وهؤلاء، وصلوا إلى أوروبا. بعضهم يعيش في اليونان، وفي مدينة أثينا بالتحديد. وآخرون انتقلوا إلى بلغاريا. وقد أوقف بعضهم في الدولتين المذكورتين، قبل أن يُطلَق سراحهم. وبحسب المسؤول الفتحاوي ذاته، وغيره من المسؤولين الإسلاميين، فإن 8 من أعضاء فتح، وهم من المطلوبين للدولة اللبنانية، خرجوا بدورهم من عين الحلوة ووصلوا إلى أوروبا. ومعظم الفتحاويين الثمانية لم يكونوا من أبناء المخيم، بل إنهم فلسطينيون ـــــ سوريون، وهم مطلوبون في سوريا أيضاً.
وأكثر الذين غادروا هم من الذين ارتبطت أسماؤهم بالصراع الدموي الذي شهده مخيم عين الحلوة بين فتح وعدد من التنظيمات الأصولية على مدى السنوات الماضية، وأبرزهم عماد كروم ويوسف كايد وأنور الصيداوي. وبعضهم متّهم باغتيال مسؤولين فلسطينيين، أو بمحاولة اغتيال آخرين، فضلاً عن زرع عبوات في المخيم وخارجه. لكن المهاجرين لا ينتمون إلى «الصف الأول من المطلوبين»، كالملاحقين بتهم الإرهاب في لبنان من قادة تنظيمي فتح الإسلام وجند الشام، أو الأفراد البارزين فيهما. والفئة الأخيرة لا تزال حاضرة في المخيم، في ظل تفاوت التقديرات حول دورها. إذ يشير أمنيون لبنانيون وفلسطينيون إلى أن بعض أفرادها عادوا إلى النشاط في الآونة الأخيرة، في مقابل تأكيد آخرين أنها منزوية من دون حراك في أحد أحياء المخيم.
وبحسب أكثر من مسؤول فلسطيني، فإن وتيرة تدفّق مطلوبي «الصف الثاني» في المخيم صارت أبطأ من ذي قبل، وخاصة بعدما أوقف الجيش اللبناني فادي إبراهيم (الملقب بـ«السيغمو»).
وطريقة الخروج سهلة، على حدّ قول مسؤولين فلسطينيين ولبنانيين. «فالوصول إلى اليونان، عبر سوريا وتركيا، والحصول هناك على جواز سفر باسم جديد لا يكلّف أي شخص أكثر من 3000 دولار أميركي. وهذا الأمر متوافر من خلال عصابات التهريب عبر الحدود، والمعروفة في المخيم وخارجه، وخاصة في ظل وجود فصيل فلسطيني مستعد لتأمين المبالغ المطلوبة لإخراج هؤلاء، إضافة إلى استعداد عدد منهم لتأمين الأموال ذاتياً». ويروي مسؤول فلسطيني رفيع كيف أن أحد هؤلاء «المهاجرين» باع أسلحته سراً، بعدما أوهم أحد المسؤولين الفتحاويين بأنه يريد تسليم نفسه إلى الجيش اللبناني، قبل أن يتصل بالمسؤول ذاته من تركيا.
وفي المخيم وخارجه، يجري الحديث على نطاق واسع عن تسهيلات أمنية لبنانية وفلسطينية لهذه العملية التي تؤدي إلى تخفيف التوتر في مخيم عين الحلوة، وتجفيف جزء بارز من الدائرة المحيطة بجند الشام وفتح الإسلام. لكن هذه النظرية ينفيها مسؤولون لبنانيون رفيعون، من المعنيين بالشؤون الفلسطينية، مؤكدين أن القوى الأمنية تجهد لتوقيف المطلوبين، وخاصة المتورطين منهم بجرائم إرهابية.
وإضافة إلى ذلك، يؤكد مسؤولون بارزون في عين الحلوة أن معظم الأجانب (العرب) غادروا المخيم. وخلال لقاء جمع مسؤولي الفصائل قبل 3 أيام، أكّد القيادي في عصبة الأنصار الإسلامية، أبو طارق السعدي، هذه المقولة للحاضرين. إلا أن مسؤولين لبنانيين لا يؤكدون ذلك.
أسباب الخروج عديدة، أبرزها فترة الهدوء غير المسبوقة التي عاشها المخيم خلال الأشهر الماضية. ففي تموز الفائت، وقع «هجوم» فتحاوي على بعض مكاتب حركة حماس في المخيم، سرعان ما جرى تطويقه. بعد ذلك، جدد أكبر تنظيمين في المخيم، فتح وعصبة الأنصار، تفاهمهما على التزام الهدوء، قبل أن يُعقَد ما يمكن وصفه بـ«التفاهم غير المكتوب» بين فتح وحماس، يحرّمان فيه الاقتتال.
ومنذ ذلك الحين، لم يشهد المخيم أي حادثة تذكر لها خلفيات أمنية ـــــ سياسية، باستثناء الاشتباك الأخير بين أحد أفراد جند الشام وأفراد من حركة فتح، والذي عولجت ذيوله مباشرة. وعندما رمى مراهقان قنبلتي «مولوتوف» مصنوعتين يدوياً باتجاه حاجز للجيش اللبناني في التعمير، جرى تسليمهما مباشرة إلى الجيش اللبناني، ولم تثبت التحقيقات معهما وجود صلات مشبوهة لهما. وتبيّن أن الطابع الأبرز للحادث هو «ولّادي»، فأطلِق الموقوفان بعد مدة قصيرة جداً. وقامت عصبة الأنصار بالدور الأبرز في تسليم المراهقَين، وكانت التجربة مشجعة، إذ إن «عدم تسليمهما كان سيحوّلهما إلى مطلوبين للقضاء اللبناني طوال عمرهما، ما سيمنعهما من مغادرة المخيم يوماً، أسوة بمئات المطلوبين في عين الحلوة».
وعلى مدى الأشهر الماضية، كان الانفتاح المتبادل بين حركة فتح وعصبة الأنصار، أبرز دعائم الهدوء الأمني في المخيم. وحتى اليوم، وباستثناء الاشتباك الأخير بين يحيى أبو السعيد (أحد أفراد جند الشام) ومجموعة من حركة فتح، تمكّن المخيم من تمرير «قطوع» الاعتراض الفتحاوي على إعادة سلطان أبو العينين إلى قيادة فتح في لبنان. ففي الجانب الفتحاوي، يبدو أن قائد الكفاح المسلح منير المقدح، وهو أبرز المعترضين على إعادة أبو العينين، والقائد الفتحاوي الأبرز في منطقة صيدا العقيد محمد عيسى (اللينو)، يبدوان متفقين على تجنيب المخيم أي خضة أمنية. وبحسب أحد المسؤولين البارزين في المخيم، فإن الرجلين يريدان أن يُظهرا قدرتهما على إدارة الملف الفتحاوي في عين الحلوة، بمعزل عما يجري خارجه.
وفي المحصلة، فإن مسؤولاً إسلامياً يلخص أسباب «هجرة» المطلوبين بأنهم كان يحتمون إما بعصبة الأنصار وإما باللينو. وعندما توافق الطرفان على ضبط الأمن في المخيم «لم يعد للموتّرين أي دور. وصار خروجهم مصلحة للجميع».
تقارب فتح وحماس
والجديد في إطار التهدئة في المخيم، هو الاجتماع الذي عقد قبل 3 أيام بين قيادتي فتح وحماس، والاتفاق على تفعيل اللقاءات على مستوى القيادات السياسية بين الطرفين. وبحسب المتفائلين من الحركتين، فإن هذه اللقاءات تمهّد لتفعيل اللجان الشعبية ولجنة المتابعة والقوة الأمنية المشتركة. لكن عدداً كبيراً من المسؤولين الفتحاويين لا يبدون تفاؤلهم بهذا التحرك، «فكل التجارب السابقة باءت بالفشل، ولا يوجد من يملك قرار حركة فتح ليتمكن من فرض اتفاق». رغم ذلك، فإن مسؤولي فتح وحماس في عين الحلوة يعدون بإنتاج «نموذج يمكن تعميمه على كل المخيمات، انطلاقاً من المخيم ذي الواقع الأصعب». فمعظم الفصائل الفاعلة تشجّع هذا التقارب، وكذلك الأطراف السياسية اللبنانية ذات النفوذ في الجنوب ومحيط المخيم، إضافة إلى الجيش اللبناني. ويقول القائمون على هذا التوجه إن هدفهم واحد: أن يكون أمن المخيم واستقراره شأناً استراتيجياً، يمكن أهله من أن يعيشوا حياةً طبيعية. يضيف أحدهم: «لكي ينجح هذا الأمر، ينبغي أن تلاقينا السلطة اللبنانية، أمنياً وسياسياً وقانونياً. فماذا تتوقع الدولة اللبنانية من مطلوب بتهمة سخيفة، عاطل من العمل، لم يخرج من المخيم منذ 15 عاماً؟». يجيب السائل نفسه: هذا الرجل لن يجد أمامه سوى اللجوء إلى أحد التنظيمات، وحمل السلاح ليتمركز على مدخل الزقاق المؤدي إلى مقر التنظيم، وانتظار لحظة الاشتباك».
العصبة وأمن المخيّم
وباتت العصبة مقصداً لكثير من أهل المخيم. فهنا رجل يشكو فقر حاله عند أبي طارق السعدي. زوجته في المستشفى والتكاليف باهظة. يعده أبو طارق بمحاولة حل المسألة، «وإذا لم تتيسّر، فإن لدى أم طارق سواراً ذهبياً نبيعه». وهناك سيدات يتذمّرن من «ظلم» أحد جيرانهنّ. يعدهنّ أبو طارق بمعالجة القضية عبر التواصل مع أهل المشكو منه.
وعلى الصعيد السياسي، باتت الفصائل، ومن ضمنها الحركات اليسارية، تتعامل مع العصبة كأحد عوامل الاستقرار. أما قادتها، فيؤكدون أن الحفاظ على أمن المخيم وجواره، هو واجب شرعي وأخلاقي. «من حق أهلنا أن يرتاحوا. ونحن ضيوف في لبنان، وعلى الضيف أن يحترم مضيفيه».
أخبار ذات صلة
إلى مصر أو الأردن.. ترامب يقترح نقل سكان من غزة
2025-01-26 05:57 ص 40
استقبال شعبي في رام الله للأسرى المفرج عنهم
2025-01-25 03:49 م 57
بعد إفراج إسرائيل عنهم.. أسرى فلسطينيون يصلون مصر ورام الله
2025-01-25 02:42 م 27
اجتماع تحضيري للمستقبل -الجنوب استعداداً لاحياء ذكرى 14 شباط
2025-01-25 02:35 م 66
جنبلاط دعا الجميع لتسهيل مهمة نواف سلام: اسرائيل المستفيد الاول من عدم تشكيل الحكومة
2025-01-25 10:26 ص 56
من هنّ المجندات الإسرائيليات اللاتي ستفرج "ح م ا س عنهنّ؟
2025-01-25 05:56 ص 36
إعلانات
إعلانات متنوعة
صيدا نت على الفايسبوك
صيدا نت على التويتر
الوكالة الوطنية للاعلام
انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:
زيارة الموقع الإلكترونيتابعنا
زواج بلا جنس.. قرار قضائي فرنسي يغضب المحكمة الأوروبية
2025-01-24 09:54 ص
برسم المعنيين ..بعض الدراجات النارية تبتز السائقين بتصنع الاصطدام
2025-01-19 04:03 م
ما سر انقسام نواب صيدا في انتخابات رئاسة الجمهورية والحكومة!!
2025-01-15 06:07 ص
بالصور.. كيف تبدو حرائق لوس أنجلوس من الفضاء؟
2025-01-12 10:22 م
إن انتخب د. سمير جعجع رئيساً للجمهورية ما هي علاقة صيدا ونوابها معه!
2025-01-02 10:12 م
أبرز بنود الاتفاق: بين لبنان و إسرائيل
2024-12-28 02:33 م
اطباء نصيحه عواقب صحية مقلقة للامتناع عن ممارسة الجنس
2024-12-19 09:37 م
الرواية الكاملة لهروب الأسد.. وسر اتصال مفاجئ بالمقداد
2024-12-19 09:21 م
تحركات شبابية في صيدا للمشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة