×

الزواج المدني في ميزان الإسلام

التصنيف: المرأة

2013-01-31  02:39 م  2041

 

 بقلم/ الشيخ جمال الدين شبيب

يمكن تعريف الزواج المدني بأنه عقد ثنائي بين رجل وإمرأة، بالغين، يتمّ بالرضاء والقبول، كسائر العقود المدنية، موضوعه الاتفاق على إقامة حياة زوجية مشتركة دائمة بين الزوجين.
وقد أقرّت معظم الدول الأجنبية وبعض الدول الاسلامية الزواج المدني، إما بشكل إلزامي وإما بشكل اختياري. وهو يعتبر إلزامياً في كل من فرنسا والمانيا وسويسرا وبلجيكا والسويد وإيطاليا ورومانيا والنروج وموناكو واللوكسمبورغ والبرازيل وأميركا اللاتينية وروسيا. لكنه يعتبر اختيارياً في انكلترا والولايات المتحدة الاميركية واليونان وإسبانيا.
أما القانون اللبناني، فلا يجيز عقد زواج مدني في لبنان، إلا أنه يعترف بالزواج المدني المعقود خارج الأراضي اللبنانية سنداً للمادة 25 من القرار رقم 60 ل.ر. وعليه، فإن الزواج المدني لا يعتبر مخالفاً للنظام العام.ولكنه مخالف لأحكام الأحوال الشخصية المستمدة من الشريعة الإسلامية والمعمول بها في لبنان.
ولم يعرف اصطلاح الزواج المدني عند الفقهاء سابقا ، وإنما هو اصطلاح قانوني وضعي ، يقصد به أن الدولة هي التي تتولى تنظيمه بواسطة القوانين التي تصدرها ، وهي التي تتولى الفصل في المنازعات التي تثور بصدده دون خضوعها لأية تعليمات دينية 0
وهذا الزواج يخلو من مراعاة الشروط التي تتناسب مع كرامة الإنسان واحترام مبادىء الشريعة الإسلامية، كما يخلو من الالتزام بحقوق الزوجية السليمة. وفيه مخالفات شرعية إسلامية صارخة ، إذ يمكن أن يقوم هذا الزواج بين امرأة مسلمة وغير مسلم .
والله تعالى أبطل هذا الزواج وأجمع العلماء والأمة الإسلامية على بطلانه وأنه زنا وفاحشة ، والأولاد أولاد حرام ، لقوله تعالى ( َلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) .
وقوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ).
إن محاولة إقرار هذا الزواج في لبنان تحت أية ذريعة هو أمر خطير، لا يتفق مع شرع الله ولا دينه ، بل إن مختلف الطوائف الدينية الإسلامية من سنة وشيعة ، وغير الإسلامية كالنصارى ، رفضت هذا الزواج ، وأنكرته .
وطرح مشروع الزواج المدني في لبنان ليس حديثاً فهو يعود إلى العام 1951 حين نوقش في البرلمان ثم رُفض. والعام 1960 بدأت جمعيات علمانية تطالب به من جديد عبر التظاهر. وعاد ليطرح في البرلمان من جديد العام 1975. وهو أثار جدلاً كبيراًَ عندما طرحه العام 1998 رئيس الجمهورية الأسبق الراحل الياس الهراوي.
العام 1999 نوقش مشروع قانون الزواج المدني في مجلس الوزراء، حيث تمت الموافقة عليه بالأغلبية (21 صوتاً)، إلا أن رئيس الوزراء رفيق الحريري لم يوقّع على المشروع ولم يقدمه للبرلمان للتصديق عليه، واعتذر قائلاً: «إن ظروف لبنان لا تسمح الآن بذلك».
وقد دعا سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني إلى التَّصَدِّي لهذه المشاريع المشبوهة، التي تحاولُ استهدافَ مؤسَّساتِنا الدينيةِ اليومَ في دارِ الفتوى، بتعديل أساسِيَّاتِها، من خلالِ مشروعِ التعديلاتِ الذي يُعمَلُ لطَرحِهِ في المجلسِ الشرعيِّ اليوم ونَقِفُ لَهُ منذُ مُدَّةٍ بالمِرصاد؛ ومِن خلالِ استهدافِ أُسرَتِنا الإسلاميةِ، ومجتمعاتِنا وعلاقاتِنا الاجتماعيةِ وأحوالِنا الشخصيَّةِ مُجدَّداً بمُحاوَلةِ تَقنينِ الزواج المدَنيِّ في لبنان، كلُّ ذلِكَ، ليس خياراً لنا إسقاطُهُ فقط، بَل هو فرضُ عَينٍ على كُلِّ مسلمٍ ومسلمة مِنَّا، وهوَ وَاجبٌ ولازِمٌ على جميعِ العلماءِ المسلمينَ في لبنان مِن كل الطوائِفِ الإسلامية، وَأَن يقودوا التَّصدِّي لمُحاوَلةِ تقنينِ الزواجِ المدنيِّ، ولكُلِّ المشروعاتِ المُـدانة.
كما أفتى سماحته : "بأنَّ كلَّ مَن يوافقُ من المسئولينَ المسلمينَ في السلطة التَشريعيةِ  والتنفيذيةِ في لبنان، على تشريعِ وتقنينِ الزَواجِ المدَنيّ، هوَ مُرتَدٌّ وخارِجٌ عن دينِ الإسلام، ولا يُغَسَّل ولا يُكَفَّنُ ولا يُصلَّى عليه، ولا يُدفَنُ في مقابِرِ المسلمين، ويحمِلُ أَوزارَ كلِّ الذينَ يدخلونَ في هذهِ العلاقةِ غيرِ المشروعة مِن أبناءِ وبناتِ المسلمينَ إلى يومِ القيامة.
 وقد أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية في المملكة العربية السعودية فتوى بتحريم الزواج المدني هذا نصها : 00فإن اللجنة نظرت في البيانات الصادرة عـن المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في لبنان ، وعن مجلس المفتين برئاسة سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني المتضمنة رفض مشروع قانون الأحوال الشخصية الاختياري ( نظام الزواج المدني ) الصادر من رئاسة الجمهورية اللبنانية ، لما يتضمنه هذا المشروع من أمور كثيرة مخالفة للشريعة الإسلامية ، بل للشرائع السماوية كلها ، حيث يسمح للمسلمة أن تتزوج بغير المسلم ، وللأخ أن يتزوج أخته من الرضاع ، ولا يسمح للرجل بالطلاق ، ولا يجعل اختلاف الدين مانعا من التوارث بين الزوجين ، ويمنع تعدد الزوجات.
إضافة إلى أنه لا يرجع في هذا العقد إلى حكم الشرع ، وإنما يرجع فيه إلى القانون المدني ، وبناء على ذلك فإن اللجنة تؤيد ما صدر عن المجلي الشرعي الإسلامي الأعلى ، وعن مجلس المفتين في لبنان من رفض هذا القانون وإبطاله شرعا ، وتحذر المسلمين منه ، لأنه قانون مخالف للشريعة الإسلامية فلا يترتب عليه شيء من أحكام الزواج الشرعي من حل الوطء والتوارث وإلحاق الأولاد وغير ذلك .
وبناء عليه فإن المسلمين في لبنان لايمكنهم أن يقبلوا أو يسمحوا بإقرار مثل هذا القانون المخالف لأحكام شريعتهم الغراء.

 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا