حسنا فعل الرئيس بري إذ بيّن المقصود من الحديث عن إنشاء اللجنة الوطنية للبحث في إلغاء الطائفية السياسية ، فلقد كان الوضع ملتبسا على البعض والظاهر أن الموضوع سيبقى ملتبسا ، لا لأن الموضوع صعب على الاستيعاب بل لان كثيرين لا يريدون أن يكون مفهوما لدى الناس . وعلى كل حال طالما الوضع اللبناني كذلك وطالما أن البعض لا يريد أن يفهم حقيقة هذا الأمر ، وطالما أن البعض يعتبر نفسه مستهدفا بمجرد الحديث عنه ، فمن الأفضل من دون شك تأجيل هذا الموضوع لحين نضوج الفكرة أو نضوج النفوس التي عليها أن تستقبل هذه الفكرة دون عقد موروثة ودون تفسيرات خاطئة مبنية على سوء الظن والافتراضات التي تؤدي إلى استنتاجات "خطيرة" والذي نراه أن أفضل ما نمهد به لإلغاء الطائفية السياسية : أن نعمل جميعا على وجود موظفين ومسؤولين رئيسيين وسياسيين نزيهين أكفاء مستقيمين يشعر كل مواطن مهما كان انتماؤه ان هذا المستقيم النزيه يمثله ويخدمه ويخدم الوطن دون تحيز أو عقد أو غايات مستترة ... ويوازي ذلك رفع الغطاء بشكل كامل عن كل منحرف وسارق ومرتش وفاسد أيضا حتى يشعر المواطن أيضا أن الطائفية السياسية لا تشمل تغطية المفسدين والدفاع عنهم .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لقد قامت تركيا (اردوغان) بواحد بالمئة من واجبها تجاه القضية الفلسطينية ، كدولة فيها أكثرية مسلمة واضحة ، وتختزن تاريخا إسلاميا مميزا .. واحد بالمئة ، باعتبار أن واجبنا اكبر من مجرد نزاع دبلوماسي أو موقف أو تصريح أو استنكار .. إنما باعتبار القوانين العلمانية التي تكبل تركيا والحرب على (الإسلام) التي شنها اتاتورك ولا تزال .. فان الأمر يعتبر مميزا وعظيما .

وليس هنا الموضوع : ليست المشكلة كم يشكل ما قامت به تركيا من نسبة مئوية تجاه القضية الفلسطينية ، ولكن الموضوع أن تركيا احتلت بسرعة فائقة مكانا مميزا في المنطقة وتفوقت على كثير من العرب والمسلمين بسبب سلوك سياسي مميز وبعض المواقف المتقدمة ... وما فعلته تركيا هو صفعة للدول التي تدعي أنها مكبلة باتفاقات سياسية وما إلى ذلك .. أكدت تركيا أن من يريد التحرك يستطيع ذلك حتى لو كان مكبلا بكل أنواع التكبيل .. هذا من جهة ، ومن جهة أخرى إن ما فعلته تركيا صفعة للذين جعلونا نعيش الأزمة المذهبية المفتعلة بحيث أوهمونا أن إيران وأفكارها ومذهبها تقتحم المواقع وتنتشر على حساب الآخرين بسبب رفعها شعارات تتعلق بالقضية الفلسطينية ، ثبت بالدليل القاطع أن المشكلة ليست في إيران ولا في نشر التشيع والمشكلة ان الكتل البشرية الضخمة والدول "السنية" الرئيسية والمرجعيات الدينية السنية لا تقوم بواجبها فيملأ الفراغ من يقوم بواجبه ... أما لو قام كلٌ بواجبه ، خاصة مصر والسعودية فان خريطة المنطقة ستتغير بسرعة فائقة ، والمخاوف والأوهام تتلاشى مباشرة ، لقد أخذت تركيا بسرعة فائقة مكانا مميزا في القلوب والنفوس والواقع لأنها قامت بجزء من الواجب ، فكيف لو قامت بالواجب كاملا وكيف لو قام الآخرون بواجبهم دون أن نتحدث عن معجزات أو مغامرات وما إلى ذلك ، بل فقط ضمن الممكن وضمن الضوابط الموجودة