×

احترام العقل في الإسلام

التصنيف: تقارير

2013-02-24  03:47 م  659

 
بقلم/ الشيخ جمال الدين شبيب

قال تعالى: "وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" [الأنعام: 151]،

وكقوله تعالى: "يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ" [آل عمران: 65].

إن مقام العقل فى الإسلام هو مكان عالٍ وفريد، ولا نظير له فى الشرائع السابقة على الشريعة الإسلامية الخاتمة؛ فالعقل فى الإسلام هو مناط التكليف بكل فرائض وأحكام الإسلام: أى شرط التدين بدين الإسلام.

كرم الله الإنسان، وميزه بالعقل، وجعله سبيل الوصول الى الحق، وجعل له قدرات لا نهائية، وطاقات جبارة لا يضاهيها شىء، وكيف لا وهو أحسن الخالقين.

"والعقل لم يأت عرضًا فى القرآن، ولا تردد فيه كثيرًا على سبيل التكرار المعاد، بل كان التنويه بالعقل نتيجة منتظرة يستلزمها لباب الدين".

والقرآن الكريم لا يذكر العقل إلا فى مقام التعظيم والتنبيه إلى وجوب العمل به والرجوع إليه، ولا تأتى الإشارة إليه عارضة ولا مقتضبه فى سياق الآية، بل هى تأتى فى كل موضع من مواضعها مؤكده جازمة باللفظ والدلالة، وتتكرر فى كل معرض من معارض الأمر والنهى التى يحث فيها المؤمن على تحكيم عقله أو يلام فيها المنكر على إهمال عقله وقبول الحجر عليه    

والشرع هو الذي جعل العقل مناط التكليف، أي جوهر إنسانية الإنسان، والقرآن وهو المعجز لم يأت ليدهش العقل، فيشله عن التفكير كحال المعجزات المادية، وإنما جاء القرآن معجزة عقلية، تحتكم إلى العقل في فهمه وتدبره أو استنباط الأحكام من نصوصه، والتمييز بين المحكم والمتشابه في آياته، بل لقد جعل القرآن من البراهين العقلية السبيل للبرهنة على وجود الخالق، وعلى الخلق في هذا الوجود.

إذًا الغاية من وجود العقل أن يدل الإنسان ويعرفة على الطريق السليم، ويفرق به بين الحق والباطل، ويقيم به الأمور، وهو حجة على الإنسان يوم القيامة، وإلا كيف سيحاسبنا الله إن كان العقل ليس حجه ؟

وهذا العقل المعجز لم يخلقة الله هباءً، وإنما ليكون حجة على الإنسان، وابتلاء له؛ لينظر فيما سيفعل، وليس ليعطله ويتجاهله، ويضل به عن الطريق المستقيم.

فالعقل نور أعطاه الله للإنسان ليصل به إلى الحقيقة، ويقيم به المدركات، وهو السبيل إلى التفكير، والتفكر الذى أمرنا الله به فى القرآن الكريم للوصول إلى الحق والوصول إلى الإسلام وإلى طريق الله المستقيم.

 

والعقل حجه على البشر فبه يرون نور الحق أو يضلون به إلى الباطل، وعقل الإنسان ليس له حدود فى التفكير فهو يسبح فى ملكوت الله على عكس الحواس فهى محدودة بحدود بشريتنا كيف ذلك؟

لكى نفهم الغاية من وجود العقل يجب أن نفهم الغاية من خلق الإنسان؛ لأن الغاية من وجود العقل وخلقه من البديهى أن تدعم وتترتب على وجود الإنسان على الأرض والغرض والحكمه منه.

بيّن الله لنا الغاية من خلق الإنسان فى قوله تعالى "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" [الذاريات: 56]، والسبيل إلى هذه العبودية كما يأمرنا الله تعالى هى إعمار الكون والخلافة فى الارض، قال تعالى: "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ" [البقرة: 30].

ولكى يعبد الإنسان الله ويعمر الأرض، ويكون خليفة لله فى الأرض خلق له العقل ليكون الأداة التى يستخدمها فى ذلك، وهذا هو المعنى المقصود بخلافة الإنسان فى الأرض.

لذلك أعطانا الله تعالى العقل والقدرة على التفكير والتفكر، وأعطى الإنسان القدرة على الوصول بعقله إلى المعجزات، وهذا هو سر سجود الملائكة لآدم؛ فبالرغم أن الملائكة طائعين عابدين لا يعصون الله ما أمرهم؛ فقد خلق الله الإنسان وجعله أعلى مرتبة من هذه الملائكة بهذا العقل، قال تعالى: "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ " [البقرة: 34]. فكان العقل هو التفضيل الذى فضل به الله البشر على سائر المخلوقات، وكان هو السر فى سجود الملائكة لآدم عليه السلام.

والكلام فى موضوع العقل فى الإسلام لا ينتهى، ولكنه يتلخص فى أن الله تعالى أعلى من منزلة العقل، وجعله سبيل الوصول إلى الحق، والأداة التى تفرق بين الحق والباطل، وأن الذين عطلوا عقولهم هم الذين ضلوا وأضلوا.

        نسأل الله القدير أن ينير عقولنا وقلوبنا بنور الحق، وأن يهدينا إلى الصراط المستقيم

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا