×

أهداب العودة تجربة تحاكي نفسها !

التصنيف: تقارير

2013-03-27  11:00 م  589

 

إنتصار خضر الدنّان ابنة فلسطين وحاملة شهوة الجرح وتعب وأرق العودة إلى حضن وربوع وطنها المسلوب تتوخى في تسميتها لديوانها " أهداب العودة" قابلية مناورة العودة التي يمكن أن ينطوي عليها مثل هذا العنوان . فالعناوين التي تضمّنها الديوان يمكن اعتبارها شأناً عاماً تحاكي تفكير كل فلسطيني حر وعربي شريف ، فإنّ الكثير من العناوين تجعل القارىء يتعامل معها من منظور عاطفي محمّلاً بمشاعر وأحاسيس وطنية صادقة ، بالإضافة إلى المنظور الإبداعي حيث الإعتناء بالمفردات والفكرة بشكل دقيق وبعيداً عن التصنّع والتكلّف .

لقد جاءت معظم قصائد الديوان ملفوفة بالبوح الصادق الذي دلّ عن رغبات مشبوبة ونزوع إلى الإتحاد بحب الوطن ، مما يشير إلى قوّة في الإفصاح عما يرقد في الأعماق ويستيقظ من براعم الرغبة التي تُلقي بالشاعرة في أحضان الوطن والتشبّث به :" ... ولكنني ابنة يافا وحيفا ... أمدّ إلى الشمس كفّي ... وأقتل ضعفي ... وألتهم الأمسيات التهاماً ... أنا بيرقٌ في الجليل يرفُّ ... وفي صدر يافا أعلو وساماً ... نشيد آخر ..."

تُقدّم إنتصار الدنّان قصائدها إلى القارىء بكل صدق وشفافية ، حيث لا مكان للإدّعاء فيها ، فالشعر يتدفّق بتلقائيّة محبّبة وكأنّه سجيّة في الشاعرة ، وإذا كانت هذه المجموعة هي الأولى للشاعرة ، فإنّها مؤشر مهم إلى إحساس مرهف ومميّز وتجربة تتخطّى نفسها ، أي إنّها تخلّصت من الكثير الذي يرافق التجارب الأولى عادةً . وتظهر قدرة الدنّان وشغفها باستنهاض الصور والعناية بتشكيلها ، حتى أصبح ذلك خاصة من خصائص المجموعة . وهي إذ تعمد إلى ذلك من خلال اللّّغة والتي منحتها رعاية استثنائية بحيث غدت لديها غاية ، بالإضافة إلى كونها وسيلة أصلاً ، وهو ما عزّز المنحى البصري للقصائد لهذا جاءت حافلة بالحركة :" أيا طائر البراري .. أحالك يشبه حالي ؟...لكَ الهوا والسّما والبراري ... ولي حفنةٌ من رمال ... ولي وطنٌ أسمر الجفنين ... يسأل عن حالي ...أرنو إليه بعين امتنانِ ... حباً وشوقاً وحنانِ...أعرني جناحَيكَ ..لأحلّق في فضائه العالي وأقبّل ترابه الغالي ..."  

 

تُفصح الشاعرة عن حزنٍ غير عابر ، حزن يشبك جذوره بجذور صورها وكلماتها ، مما جعل مهمة الفصل بينهما مستحيلة ، وهو ما يشير إلى تجربة فيها الكثير من القسوة والقهر والمرارة ، تجربة استطاعت الدنّان أن تستثمر آلامها لصالح همّها الشعري ، وقد كان ذلك نقطة قويّة لصالحها وعلامة نجاح . ففي قصيدة (غرباء نرحل) تقول :" وتمضي السنون ونرحل غرباء ... نحمل أمتعةً خاويةً بلهاء ... نُدفن في ترابٍ ما جُبلنا منه... غرباء نرحل دون عنوان ..." . كما تؤكّد على حزنها وجرها النازف لفلسطين الأم في قصيدة ( وتعود الذّكرى ) :" ثلاثةٌ وستون عاماً ... مضت ... والنكبة تتبعها النكبات ... ثلاثةٌ وستون عاماً ... مضت ... والجرح النّازف ضاقت به المسافات ... ثلاثةٌ وستون عاماً ... مضت ... والمنفى صيّرنا أشتات ... وفصلنا عن الذّات ...".                                                                

على امتداد اثنين وعشرين قصيدة التي تضمّنها الديوان ، وبمقاطعها المتعدّدة ، نجد أنّ الشاعرة قد كانت مخلصة لموضوعها الأساس حتى السطر الأخير ، ففلسطين هي المحور الذي دارت حولها الكلمات والأفكار ، مما جعل الديوان تدور أجواؤه في فلكها ، فلسطين في كلّ حالاتها التي تنامت حكايتها مع كلّ مقطع وكلّ قصيدة ، ما جعل القصائد بشكل عام تتّخذ المنحى الحكائّي الواضح ... :"لنثورَ ثورتَنا الأخيرة ... ونعلنها ناراً وتحريراً ... ونرفع بيرقك فلسطينُ ... زهراً وزيتوناً أميناً ... سلاماً عليكم أبنائي ... ردّتِ الأرضُ ... تسليماً كبيراً ... " .

 

خليل إبراهيم المتبولي

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا