×

قداس في صيدا بذكرى زيارة البطريرك المكرم الدويهي الى المدينة

التصنيف: Old Archive

2010-01-25  08:41 ص  1033

 

ترأس المطران الياس نصار امس قداساً في كاتدرائية مار الياس في صيدا احياء لذكرى البطريرك المكرم اسطفان الدويهي وزيارته الى صيدا والشوف العام .1660



وجاء القداس في اطار الاحتفالات التي تقوم بها رابطة البطريرك الدويهي الثقافية في جميع المناطق اللبنانية التي زارها المكرم البطريرك الدويهي، وذلك لدفع دعوى تقديسه الى الأمام.
وقال المطران نصار في عظته خلال القداس: في خضم الأزمات التي يمر بها وطننا لبنان والمنطقة، والتي تهدد فيما تهدد ابناء كنيستنا المارونية، لا بد لنا أن نستلهم روح المكرم البطريرك الدويهي الذي عاصر أزمات كبرى واضطهادات، واسعة طاولت شعبه الماروني في أكثر من مكان، ولم توفره هو شخصياً. نستلهمه لكي نأخذ منه العبرة في الغيرة على مصلحة الكنيسة، وفي الصبر والصمود والكفاح امام كل ريح عاتية، من أين أتت. ونستلهمه لكي نسأل الله ان يرزق كنيستنا المارونية رعاة أمثاله يتحلون بعمق الايمان والفضيلة والزهد ويتفانون في خدمة القطيع الصغير وفي الذود عن مصالحه وحقوقه.
فالمكرم الدويهي اختاره الله من حشا أمه ورعاه حتى بلغ الى ما بلغ اليه من ايمان وتقوى، وعلم وفضيلة، ورعاية وخدمة، وقيادة ورؤيا.
لقد وُلد في اهدن يوم عيد القديس اسطفانوس، اول الشهداء سنة 1630 من أبوين مؤمنين وتقيين هما الشدياق مخايل الدويهي والحاجة مريم الدويهي. توفي والده وهو ما يزال في الثالثة من عمره، فحضنته والدته مع شقيقه الوحيد موسى، وأرسلته الى مدرسة القرية ليتعلم مبادئ اللغتين العربية والسريانية، وينهل التربية الصالحة في اصول الايمان المسيحي والأخلاق الحميدة وممارسة الصلوات والطقوس البيعية. وقد بدت عليه بوضوح علامات الذكاء والفطنة والتفوق في الدروس، كما لمع نجمه في تقوى الله ومحبته والغيرة على بيته. وعند بلوغه الحادية عشرة من سنيّه قدمته والدته بواسطة نسيبه المطران الياس الاهدني الى البطريرك جرجس عميرة لكي يتحضر للكهنوت، فأرسله البطريرك الى المدرسة المارونية في روما. وهناك انكبّ اسطفان على الدرس والتحصيل العلمي، واصلا ليله بنهاره، وباحثا عن العلم داخل مدرسته وخارجها. وخلال سبع سنوات استطاع ان يتقن لغات الايطالية واللاتينية واليونانية والعبرية، وبرع في علوم المنطق والرياضيات والفصاحة والفلسفة. ولكثرة القراءة والتنقيب فقد بصره، فطلب الى أحد رفاقه ان يتلو عليه المطالعات لكي لا يفوته شيء من الدروس. وعندما فكّر رئيس المدرسة ان يعيده الى بلده لأجل اعتلال نظره، حصلت معه أول عجيبة عندما التجأ الى مريم العذراء في الكنيسة ساجدا وملتمسا منها الشفاء، فعاد اليه البصر.
ثم تابع دروسه الفلسفية واللاهوتية بنجاح باهر استرعى ليس فقط انتياه مدرّسيه وزملائه، بل وكل الأوساط الرومانية الذين تناقلوا أخباره الطيّبة في كل مكان، وبعد مضي سبع سنوات نال شهادة الملفنة في اللاهوت وكان ما يزال في الخامسة والعشرين من عمره. وعرض عليه التدريس في الجامعات الرومانية، لكنه آثر العودة الى موطنه ليضع نفسه في خدمة شعبه وكنيسته. ولما تأخّرت امكانية السفر قليلا، استفاد اسطفان من الوقت وبحث في مكتبات روما ومدارسها عن كل ما يتصل بتاريخ كنيسته ووطنه، فنسخ المعلومات وجمعها ليبني عليها دراساته ومؤلفاته بعد عودته.
وما ان عاد الى لبنان حتى قبل في 25 آذار سنة 1656 درجة الكهنوت المقدس على يد البطريرك يوحنا الصفراوي، وراح يخدم ويعلم ويعظ ويصلي ويقيم الرياضات الروحية ويبحث في الكتب ويضع المؤلفات القيّمة، حتى ذاعت شهرته بين الاكليروس والناس، فقدّروا فيه سعة المعارف وعمقها، مقرونة بالتواضع والإمحاء والفضيلة وقداسة السيرة والطاعة الكنسية.
تأسيس المدارس
وتنقل الكاهن اسطفان خلال خدمته الكهنوتية في مناطق مختلفة، مؤديا الخدمات الجلّى لأبناء الرعايا التي حلّ فيها، مؤسسا المدارس ومربيا الأولاد على اكتساب المعرفة والايمان والتقوى والأخلاق والفضيلة. ونريد ان ننوّه بالجولة التي قام بها الخوري اسطفان في سنة 1660، بصفته زائرا بطريركيا، على بلاد الشوف وصيدا والبقاع ومناطق أخرى مجاورة ليتفقد الموارنة الذين كانوا بعيدين عن الكرسي البطريركي، ويعانون من الاختلاف مع الروم على بعض المسائل اللاهوتية، وقام بحلّ خلافاتهم الداخلية، وشرح لهم العقيدة الكاثوليكية.
ونظرا لعطاءاته القيّمة ألحّ الاهدنيون وأعيان البلاد والاكليروس سنة 1668 على البطريرك جرجس البسبعلي لأن يرقيه الي الدرجة الأسقفية. وفي الثامن من تموز من السنة نفسها قبل الدرجة الأسقفية على كرسي نيقوسيا في قبرص. وبعد بضعة أشهر ذهب الى قبرص وشرع بأعمال التقديس والتعليم والتدبير، فأعاد ترتيب شؤون الموارنة في الجزيرة بفاعلية كبيرة ونجاح باهر حتى لقّبوه (بمنارة الأمة المارونية ومجدها). ثم عاد أوائل سنة 1670 الى لبنان ووصل أواخر نيسان الى قنوبين ليعلم هناك بوفاة البطريرك البسبعلي قبل أسبوعين.
وفي العشرين من شهر أيار سنة 1670 اجتمع الأساقفة وأعيان الموارنة في قنوبين وانتخبوا المطران اسطفان بطريركا رغم ممانعته واحتجابه عن الأنظار. وتأخّر بالحصول على براءة التثبيت ودرع الرئاسة من الكرسي الرسولي بسبب المضائق والفتن التي ألمت بالبلاد، وبسبب بعض الاعتراضات على انتخابه بطريركاً. فهمّ البطريرك اسطفان على التنحي، وكتب الى موفده طالباً اليه العودة، لكنه علم ان البابا منحه براءة التثبيت في 8 آب سنة 1672 ودرع الرئاسة اواسط شهر كانون الاول، فخضع لقرار البابا، وانطلق في رئاسته، واقفاً أولاً على خاطر معارضيه.
وطوال فترة رئاسته تابع زيارة الرعايا، وسعى في تنظيم الرهبانيات المارونية، واهتم ببناء وترميم الكنائس والأديار، وثابر على الوعظ والتأليف والتنقيب في التواريخ والكتب البيعية، برغم الشدائد والمحن التي تعرّض لها، وبرغم اضطراره للجوء الى أماكن مختلفة في كسروان ومجدل المعوش للاحتماء من جور الظالمين.
وبقي على تواصل دائم مع الكرسي الرسولي، يطلب بركة البابا الرسولية ودعمه المعنوي والمادي لأبناء طائفته. كما فتح علاقات طيبة مع ملك فرنسا لويس الرابع عشر، وطلب منه حماية الموارنة من الاضطهادات التي تلحق بهم.
وفي الثالث من شهر ايار سنة 1704 رقد البطريرك الدويهي على رجاء القيامة في دير سيدة قنوبين الى جانب اسلافه البطاركة، ودفن في مغارة القديسة مارينا بحسب مشتهى قلبه.
أربع وثلاثون سنة في السدّة البطريركية قضاها البطريرك الدويهي متفانيا في الصوم والصلاة والتقشف والتعليم والخدمة وأعمال البرّ والتقوى محدثا تحوّلا جذريا في تاريخ الكنيسة المارونية وفي تنظيم حياتها وطقوسها. وقد أغناها بالكثير من المؤلفات اللاهوتية والليتورجية والتاريخية. كما أحدث نهضة علمية وثقافية مميزة من خلال فتح المدارس ووضع أسس التعليم فيها، وطبع الكتب، وتعليم الأولاد وارسال البعض منهم الى روما للتحصيل العلمي المتقدّم.
فحياة البطريرك الدويهي تشبه الينبوع الزاخر بالعطاء، لكن هذا النبع بقدر ما فجّر خيرا بقدر ما استقبل نعماً سماوية. فالرب ملأه نعمة فوق نعمة، وأجرى على يده الكثير من المعجزات، وسهّل له المهمات والرعاية لأجل نشر نور الملكوت وربح النفوس الى الخلاص. فصحّ فيه قول المسيح: (من أعطي كثيرا يطلب منه الكثير، ومن ائتمن على الكثير يطالب بأكثر).
الانوار

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا