كتب هيثم زعيتر: أرخى استحقاق انتخاب مجلس ادارة <غرفة التجارة والصناعة والزراعة> في صيدا والجنوب، بظلاله على الإهتمامات الصيداوية والجنوبية خلال الفترة الماضية، بعدما تجاوز ضوابطه الإقتصادية إلى <التسييس السياسي>، وهو ما يُخشى أن ينعكس سلباً على العلاقة بين صيدا والجنوب، ليس إقتصادياً فحسب، بل سياسياً وخصوصاً بين حركة <أمل> والرئيس نبيه بري من جهة، و<تيار المستقبل> التي تقوده في صيدا والجنوب النائب بهية الحريري، بعدما لم تثمر الجهود عن التوصل إلى لائحة توافقية كما كان يجري في الإستحقاقات السابقة··
 

هذا التشنج الحاصل يُخشى من إتساع دائرته وانعكاسه على الإستحقاقات المقبلة، إذا لم يتم تجاوز هذه المرحلة، ولا يُمكن تحقيق ذلك إلا عبر جهود خيرة يقوم بها وسطاء هم مقربون من الرئيس بري و<تيار المستقبل>، لدرء أي تطورات يُمكن أن يستغلها بعض المصطادين بالمياه العكرة، وخصوصاً أن العلاقة بين الرّئيس بري و<تيار المستقبل>، إتسمت بالتنسيقية في أكثر من محطة، ومنها دعم رئيس <كتلة المستقبل النيابية> النائب سعد الحريري، الرئيس بري بإعادة إنتخابه رئيساً للمجلس النيابي لولاية جديدة بعد الإنتخابات النيابية، على الرغم من معارضة غالبية قوى 14 آذار لترشيح الرئيس بري لرئاسة المجلس النيابي··

<لـواء صيدا والجنوب> يعرض لأبرز المحطات التي سبقت إجراء إنتخابات الغرفة وما رافقها··

منذ عدة أشهر بدأت التحضيرات لإنتخابات الغرفة، التي كان قد أعلن رئيسها محمد الزعتري نيته بعدم الترشح، بعدما قدّم الكثير للغرفة على مدى أربعة عقود، حيث استطاع مع أعضاءٍ مخلصين من تطويرها ونقلها إلى مستوى متقدم بين الغرف اللبنانية وربما العربية·

وعلمت <اللـواء> أن الزعتري طلب موعداً منذ فترة من الرئيس بري بعد الإنتخابات النيابية، ولكن طال الإنتظار ولم يتم تحديده، ولم يشارك الزعتري في إحياء مراسم عاشوراء التي أقامها الرئيس بري في دارته في المصيلح، على الرغم من حضور نائب الرئيس منير البساط ورئيس <جمعية تجار صيدا وضواحيها> علي الشريف في إحدى لياليها، فضلاً عن إقتصاديين جنوبيين··

ولكن عندما فوتح الزعتري بإمكانية إعادة ترشحه وترؤسه للغرفة للسنوات الأربعة المقبلة، وافق على أساس أن تكون هناك لائحة توافقية مدعومة من جميع القوى، وهو ما لم يتم، ففضّل العزوف عن الترشح، بينما ترشح شقيقه عبد الرحمن الزعتري رئيس <نقابة مصدّري الفواكه> في لبنان·

توافق على أي مبادىء؟ وكشفت مصادر مطلعة على سير التحضيرات للإستحقاق الإنتخابي لـ <اللـواء> أن الرئيس بري طرح صيغة للتوافق تحت عنوان أن تتفق الفاعليات الصيداوية فيما بينها على أسماء المرشحين السنة الثمانية، وبأن يكون ذلك مناصفة (أربعة يسميهم <تيار المستقبل>، ومثلهم يسميهم سعد والبزري، على أن يكون محمد صالح رئيساً للغرفة)·

وتشير المصادر إلى أن هذا الطرح رُفض بشكل قاطع، لأن نسبة التمثيل الصيداوي من الأعضاء المنتسبين للغرفة غير متوازنة العدد، حيث يفوق عدد الصيداويين المسددين إشتراكاتهم للغرفة 2000 عضو في غالبيتهم من مؤيدي ومناصري <تيار المستقبل>، وذلك من بين 7838 عضواً مسدداً لإشتراكاته في الغرفة·

ولم يتم التوافق على أي من المرشحين الصيداويين، الذين يُمكن أن يُشكلوا قاسماً مشتركاً بين غالبية الأفرقاء المعنيين بالإستحقاق··· ولم تثمر الإتصالات التي جرت حلحلة لذلك، وسط تساؤلات عن أسباب ودوافع التغيير برئاسة الغرفة التي يتولاها <سني صيداوي> منذ عدة عقود؟

وردت على ذلك مصادر اقتصادية جنوبية، بأن عدداً من الإقتصاديين فاتحوا الرئيس بري بضرورة أن يكون برئاسة إحدى الغرف الأربعة في لبنان شيعي، حيث أن رئاسة 3 غرف يرأسها سني، وهي: (بيروت وجبل لبنان، طرابلس والشمال، صيدا والجنوب· بينما يرأس كاثوليكي، زحلة والبقاع)· ولهذا تم إختيار مرشح شيعي من صيدا، وعضو في الغرفة منذ عدّة سنوات وهو محمد حسن صالح·

وبعد عدم اكتمال النصاب في الجلسة الأولى للهيئة العامة للغرفة التي كان مقرراً عقدها في 30 كانون الأول الماضي، وقبل 72 ساعة من موعد عقد الجلسة الثانية التي تكون قانونية بمن حضر، تقدم 8 مرشحين من صيدا، بين مستقلين ومحسوبين على <تيار المستقبل> على سحب ترشيحاتهم، وهم: <علي عيد محمد الشريف، ماهر زكي السايس، عبد الرحمن الزعتري، منير محمد كنانة البساط، حسن أحمد ناصر، خالد أحمد قبلاوي، محمد طه عبد الكريم القطب وطلال الزعتري>·· احتجاجاً على <الطريقة والأسلوب الذي تمت به مقاربة هذا الاستحقاق>··

إنسحاب لعدم الإنشقاق وأشارت النائب الحريري الى <أن فكرة وخطوة الإنسحاب للمرشحين من إنتخابات الغرفة، كانت الأسلم من مصلحة عدم إنشقاقات داخل صيدا أو في علاقاتنا مع الجنوب، لأنه يهمنا مصالح الناس، وهي لم تكن يوماً مسيسة· ولاحظنا بعض الشوائب في الطريقة التي اعتمدت بمقاربة إستحقاق الغرفة، لهذا قررنا أن لا نكون أداة للقسمة، وفضلنا الإنسحاب>·

وجهت الحريري <تحية إلى رئيس الغرفة محمد الزعتري على ما قام به، حيث لم يكن يعتبر الغرفة لصيدا وحدها، ولم يكن يرى غرفة صيدا دون الجنوب والمنطقة>·· متمنيةً على <من سيأتي أن يحافظ على الغرفة>··

من جهته اعتبر الدكتور سعد <إننا دعمنا مجموعة من المرشحين من صيدا والجنوب، ترشحوا على أساس برنامج يهدف إلى تطوير عمل الغرفة، ودفع أنشطتها إلى الأمام·· لأن الترشيح ينبغي أن يستند إلى رؤية واضحة لقضايا التجارة والصناعة والزراعة وليس إلى إعتبارات أخرى>··

وفي أعقاب انسحاب المرشحين الصيداويين الثمانية، جرت اتصالات بين الحلفاء الداعمين للائحة، وهم تحالف: رئيس مجلس النواب نبيه بري وحركة <أمل>، <حزب الله>، رئيس <التنظيم الشعبي الناصري> الدكتور أسامة سعد ورئيس بلدية صيدا الدكتور عبد الرحمن البزري، لتأمين فوز اللائحة بالتزكية، وقد أثمرت الإتصالات صباح يوم السبت - الذي سبق موعد الانتخابات، عن تأمين سحب المرشحين السبعة الباقين، لمن لن تضمهم اللائحة، وهم: <عماد الدين عبد الأعلى قصير، العبد مرتضى عز الدين، أحمد اسماعيل عز الدين، حبيب علي بيطار، محمد سميح غدار، كامل عبد اللطيف شريتح وخليل عبد الحسين شري>·

فوز بالتزكية وانتظار التعيين في ضوء ذلك، أعلن يوم الأحد عن فوز اللائحة بالتزكية، خلال جلسة عقدت في مقر الغرفة بحضور رئيس الغرفة واللجنة المشرفة على العملية الإنتخابية محمد الزعتري، وممثل وزارة الاقتصاد والتجارة علي شكرون، أمين سر اللجنة محامي الغرفة عبد الحليم الزين، فضلاً عن أعضاء اللائحة، حيث جرى تسطير المحضر الرسمي ليعلن عن فوز أعضاء مجلس الإدارة الجديد المؤلف من 12 عضواً، لولاية مدتها 4 سنوات، وهم: <محمد حسن صالح، قاسم محمد توفيق خليفة، ابراهيم اسماعيل طيراني، يوسف خليل فردون وجمال محمد جوني (بري)، علي حسين طباجة (حزب الله)، عمر حسن الحلبي، عمر محمود دندشلي، هيثم حبيب الجويدي، سمير مصطفى القطب وأديب ابراهيم الصباغ (سعد) ونبيل أحمد فؤاد زنتوت (البزري)>·

وقدّم الزعتري التهاني الى صالح وأعضاء اللائحة، متمنياً لهم التوفيق بمهمتهم··

وبعد اعلان النتائج بفوز اللائحة، فإن الخطوة التالية، هي تعيين 6 أعضاء لمجلس الإدارة بقرار من وزير الإقتصاد والتجارة محمد الصفدي، حيث جرى العرف أن يكون تحقيقاً لمبدأ التوازن الطائفي في الغرفة - أي بتعيين (2 سنة 2 شيعة و2 مسيحيين: 1 ماروني وآخر كاثوليكي)· وعند التعيين يعتبر مجلس الإدارة مكتملاً، فيجري إنتخاب هيئة المجلس ? أي الرئيس ونائبين له وأمين للمال· وإذا تأخر التعيين، فإن مجلس الإدارة الحالي برئاسة الزعتري يستمر بمهامه إلى حين التعيين، علماً بأن بعض الغرف التجارية جرت الإنتخابات فيها، ولم يتم تعيين الأعضاء المتممين لمجلس الإدارة، ولعدة سنوات، فبقي المجلس القائم مستمراً بمهامه، وهو ما حصل في غرفة زحلة والبقاع·

وفي ضوء إنتخابات الغرفة، يتضح أن النظام الداخلي أصبح بحاجة إلى تعديل، لأنه يساوي في التصويت بين درجات وفئات الإنتساب إلى الغرفة، حيث يصوّت صاحب شركة كبرى رأس مالها عدة ملايين من الدولارات بصوت واحد موازٍ لصوت من يملك محلاً صغيراً أو (بيك·أب·)، والحل يكون بأن يتم اعتماد التمثيل النسبي أو المندوبين لتمثيل كل فئة من المنتسبين إلى الغرفة·