×

فناس يجوب شوارع صيدا وداخل الأزقة القديمة ويحظى بالمعجبين

التصنيف: المرأة

2010-01-27  08:59 ص  1471

 

بعيداً عن صخب الحياة وهمومها، وبين الأزقة والطرقات الضيقة، يتنقل من قلب صيدا القديمة الى شوارع المدينة، حيث مكان عمله، ومنهما الى الكورنيش البحري ليجوب الطرقات مع دراجته الهوائية التي باتت مصدر شهرته بين أبناء المدينة وقاصديها!··

إنه حسين مصطفى فناس، الذي يعيش في عالمه الخاص، يواجه صخب الحياة بالهدوء والراحة بعيداً عن متطلبات الحياة الصعبة، فجهز دراجته الهوائية بأحدث المعدات، ليسمع الموسيقى الصاخبة تعلو منها، على غرار الشباب الصاعد الذي يحول سيارته الى ما يشبه الحفلة الموسيقية، ولأن فناس بما يملك من امكانيات ضئيلة، لا تؤمن له شراء سيارة· أراد العيش بنفس الأسلوب الشبابي رغم تقدم سنوات العمر به، فكانت طريقته الخاصة التي جعلته الوحيد في المدينة الذي يملك دراجة هوائية مجهزة بمعدات للموسيقى أعطته صيتاً ذائعاً·· خصوصاً بعد قرار منع سير الدراجات النارية في المدينة، اثر حادثة اغتيال القضاة الأربعة في العام 1999 أثناء القيام بواجبهم خلال انعقاد جلسة محكمة لبنان الجنوبي في مبنى قصر العدل القديم في صيدا··

ولأن البساطة عنوان كل شيء في حياة ذلك الشاب أبن الـ 35 عاماً، جاء عمله كمساعد لمعلم بلاط وفي محل للخرضوات، ليؤمن له استمرار الحياة والعيش الكريم بعيداً عن العوز والحاجة، فيما قدراته لم تمكنه من الإستمرار في المدرسة سوى حتى الصف الخامس الإبتدائي!··

<لـواء صيدا والجنوب> زار فناس في منزله داخل أزقة صيدا القديمة، وكانت هذه الإنطباعات في حياة انسان ميّز نفسه عن الآخرين، رغم بساطة العيش والإمكانيات المادية والقدرات المحدودة··

قبل الدخول الى المدينة القديمة، صيدا البلد، حاضنة التاريخ من أوسع أبوابه، يستوقفك على مقربة من القلعة البرية التي ما زالت شامخة رغم الإنهيارات المتكررة، عبارة تعيدك الى الزمن الحالي، يافطة تشير الى بوابة عكا (المدخل الجنوبي لصيدا البلد) تدخلها من قلب صيدا ومنها الى ساحة الفرن، حيث يسكن فناس مع عائلته داخل أحياء صيدا القديمة·

ولعل الرابط بين صيدا وعكا تاريخياً، يجعلك تربط بين إبن صيدا وابن فلسطين، وربما لذلك اختارت عائلة فناس الفلسطينية العيش في قلب صيدا، أو ربما للبعد عن الواقع الأمني في مخيمات اللاجئين، ولكن لا يخلو الأمر في قلب المدينة القديمة من بعض المشاكل ولعل أخرها عشية عطلة الأسبوع الماضي، حيث كان لصوت الرصاص ما يكفي ليدخل الرعب الى الأهالي، كما يشير أبناء المنطقة لدى سؤالهم عن الأحوال في قلب البلد!

صيت ذائع ولدى السؤال عن فناس تتجه الأنظار الى المسحراتي الذي ذاع صيته، ولكن السؤال عن فناس صاحب الدراجة الشهيرة وإن لقي استغراباً، غير أن صيته ذاع أكثر من المسحراتي، لأن أبناء صيدا يعرفون من يطربهم برغبتهم أو أنفاً عنهم طوال مروره في الأزقة وعلى الكورنيش البحري وفي شوارع المدينة، فتعلو الأصوات من مكبرات الصوت على الدراجة، وفي الوقت الذي يظن الأغراب أن أحد سيارات الشباب تمر في المكان، ويعرف أبناء صيدا أن فناس هو مصدر ذلك الصوت العالي··

فكيف يعيش فناس وما هي مهنته وهواياته؟، اسئلة كثيرة تراود المارين بقربه وماذا عن حالته الصحية وقدراته العقلية؟، كل ذلك يتبادر لذهن من يراه، لكن سرعة الدراجة لا تترك مجالاً لمن يريد الحوار معه، وفيما يبتعد مسرعاً تبقى الألحان تتردد في أصداء المكان··

ولكن فناس هذه المرة لم يستطع الهروب، بعد زيارة خاصة له في يوم عمل عادي في عطلة نهاية الأسبوع، حيث الأعمال لا تتوقف إلا لفئة خاصة من الناس، لم يكن منها فناس، وربما يصح في ذلك قول المطرب <في ناس> ·· آه <وفي ناس>··، في اشارة منه الى التفاوت بين من يريد أخذ كل شيء رغم عدم حاجته وترك الآخرين لذلك رغم شدة حاجتهم، وهي العبارة التي ربما تجسّد واقع عائلة فناس··

بساطة العيش وقبل قرع الباب لا بد من المناداة عليه، يُعيننا في ذلك أبن صاحب دكان السمانة المقابل لمنزله، والذي اعتاد فناس أن يشتري منه كل يوم، ويطل علينا حسين مرحباً بنا، وبعد صعود عدة درجات الى منزله يبادرك شقيقه حسن بالتحية أيضاً، لتجد في ذلك المكان كل محبة وسط بساطة المقتنيات العادية، فيما الأجهزة الإلكترونية لم تكن كذلك·

ولا شك أن السؤال الأكبر عن الدراجة الشهيرة وما هي التغيّرات التي لحقت بها، فيخبرنا حسين بصوت متقطع لتأتأة تلازمه بالقول: هذا اختراعي ركبته منذ 4 أو 5 سنوات، والآن طورتها بعدما دفعت 250 دولاراً أميركياً ثمن شراء <بورد> جديد، ويمكن أن تشغل الـ على التلفزيون أيضاً، والصوت عال كثيراً <بهز هز> فهناك <بازوكة> تعطي هذا الصوت، وهي هوايتي أن أسير بالدراجة في الشوارع وفي محيط مدينة صيدا، وخصوصاً على الكورنيش البحري، ولكن حين يشتد المطر لا يمكن أن أركب الدراجة كي لا <تخرب> المعدات، لكن استغل صحو الطقس لممارسة هوايتي، ولا أحد يوقفني لأن الدرك والجيش أصحابي، فأنا في حالي من <شغلي الى بسكليتي>، وأنا أصلي وأصوم، والناس تحبني ويوقفونني في الطريق لأسمعهم الأغاني·

وأضاف: في الماضي كنت استخدم الكاسيت ولكن الأن <السي دي> وطورت <البورد> وهذا تركيبي، ومع صدور الصوت هناك لمبات تضاء على الدراجة <بتنوّر> وهناك بطارية أصلية وعدة للدراجة وقنينة مياه للشرب، كما وضعت كيلو- متراج لها وهي سريعة جداً، فهي <طيارة>، وهناك <صباط> وخرزة على شان الحسد، وهناك <سي دي> على شان الديكور، وأنا أفضل الدراجة على السيارة، لأن الجسم كله يتحرك، فيما السيارة مصروف بيت اضافي، وهذه الدراجة وفيرة، وهي تصدر <طوشة> وتكلفتها 1200 دولار·

قيمة غالية وهنا كان لا بد من السؤال عن سبب ارتفاع تكلفتها، فبعد سرد لتكاليف التجهيزات الإلكترونية يعطي تقديراً للدراجة بقيمة 700 دولار، لأنه قام باجراء تحسينات كثيرة عليها، رغم أنه اشتراها بقيمة 150 دولاراً، فهي تضم دولاب <براني وجواني> لذلك لا يمكن أن <تبنشر> على حد قوله·· ولكن يبدو أن حبه لدراجته جعل قيمتها أكبر من ثمنها الحقيقي··

وعن عمله يشير الى <أنه يعمل معلماً للبلاط أو نصف معلم (أي مساعد للمعلم) ويعمل في محل لبيع الخرضوات حيث يقوم بالتنظيفات، أما الدراجة فلا يعيرها لأحد ولا يأخذها الى العمل ويتركها في المنزل، ويتقاضى يومية ما بين 20 و25 ألف ليرة، ويعيش مع شقيقيه التوأم حسن وعلي، اللذين يصغرانه بعامين، فيما اخوته البنات قد تزوجوا وانتقلوا من ذلك المنزل·

وبالنظر في المكان، يخبرك فناس عن المرآة التي تكبر الإنسان واذا كان الإنسان ملبوساً فإن الشيطان يهرب منه بمجرد النظر الى المرآة التي صنعها له أحد الأقارب ودفع ثمنها 10 آلاف ليرة منذ زمن بعيد، كما أن هناك آيات قرآنية، والسرير الذي اخترعته مع خزانة أسفل منه، وهناك رسومات وقلوب على الحائط، ولديّ جمهور كبير ومحبين من البنات، هم الذين يوقفونني لسماع الأغاني، وأنا أحب 4 أو 5 فتيات، ولن أتزوج حالياً حتى <صمد مصاري>، و<صمدت> حتى الآن ألفي دولار أميركي، لكن <لا يعملوا شيئاً>·

وعن مضايقة الآخرين يخبرنا <أن أحد الأشخاص عمد الى دفعه ليقع عن الدراجة عندما كان <يكزدر> عند الملعب البلدي، لكنه تمكن من الدفاع عن نفسه وهو لا يضايق الناس بل يخبر الجيش عن من يضايقه، واضافة الى حب الرياضة، يقوم بتصليح الدراجة بنفسه، أما تعليمه فكان حتى الصف الخامس الإبتدائي، لأن والده - رحمه الله أخرجه من المدرسة لكي يعمل معه في البلاط، وهو ينوي أن يتزوج بعد تأمين مستقبل حياته··

ولكن يبقى السؤال متى تتحقق طموحات فناس البسطية في بناء مستقبل حياته؟ فيما دراجته ستستمر كهواية له حتى يجد شريكة حياته، وعندها سيقرر ماذا يفعل، لأن الناس تلومه على ما يقوم به من تصرفات، فهل سيقبل فناس التغيير بسهولة، ومتى سيحدث ذلك؟

سامر زعيتر SZ@janobiyat.com
 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا