×

الاخبار انتحار مواطن بسبب الديون

التصنيف: إقتصاد

2013-04-20  04:54 ص  740

 

عُثر على فوزي فلاح جثّة غارقة بالدماء. برصاصتين في الرأس، غادر الرجل الحياة تاركاً خلفه ولدين لا يتجاوز عمر أكبرهما الرابعة عشرة. التحقيقات الأولية تُرجّح انتحاره يأساً بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة

رضوان مرتضى
 

لم تكفِ فوزي رصاصة واحدة. شدّة يأسه والرغبة في الخلاص، دفعاه إلى أن يحرص على الموت. أرادها حاسمة ومؤكدة، فأعدّ العدّة قبل أن يبدأ بالتنفيذ. أحضر بندقية حربية سرّاً، ثمّ ودّع شقيقته الكبرى. قبّلها بحرارة على غير عادته. كان ذلك في الليلة السابقة لوفاته أو مقتله. ولمّا سألته عمّا به، أخبرها بأنه سيقصد أحداً له عليه دين. كانت الديون تُثقل كاهل فوزي فلاح (54 عاماً). يُعاني الرجل ضائقة مالية منذ نحو سنة ونصف. ربما لم يجد «أبو هادي» ما يقوله لولديه هادي (14 عاماً) وإيمان (8 سنوات)، اللذين توقفا عن الذهاب إلى المدرسة، بعدما عجز عن دفع قسطهما المدرسي. أو لم يعد لديه كلام يُصبّر به مدينيه من صرّافين وغيرهم. وربما للسببين معاً، قرر «فوزي أن يضع حدّاً لحياته بيديه»، بحسب ما تجزم عائلته.
في اليوم التالي، حدد الساعة الصفر. بائع المياه أوّل من عثر عليه. لم يعرف الرجل أنّ الجسد الممدّد أمامه لجثّة مصابة بطلقين في الرأس. ظنّ أن صاحبها انزلق، فأبلغ شقيقه عماد الذي يقطن معه في المبنى نفسه. هرع الأخير ليجد شقيقه غارقاً بدمه. كان فوزي ممدّداً على ظهره، وبندقية الكلاشنيكوف ملقاة بقربه في وضعية الرشقي، (أي ضغطة زناد واحدة كفيلة بإطلاق عدة رصاصات). كان هناك مظروفان فارغان، فيما «منظر شقيقي أصعب من أن يوصف». لم يُصدّق عماد ما رأى. حاله كحال شقيقه الأصغر محمد: «دفنّا شقيقنا، لكنّا ما زلنا نعيش حالة ذهول». الصدمة التي أوجدتها الحادثة سببها أن فوزي كان محبّاً للحياة. يُخبر شقيقاه أنه «أكثرنا حبّاً للسهر وصاحب كيف ومرح»، لكن عماد الذي يعمل صحافياً، يُخبر أن شقيقه العاطل من العمل منذ أكثر من سنة، تعرّض لانتكاسة حتى لم يعد يتمكّن من توفير كلفة إيجار متجره في حي السلّم. ويذكر الشقيقان أن «فوزي غرق في ديون لم يستطع سدادها»، الأمر الذي أدخله في حالة اكتئاب دفعته إلى بدء تناول حبوب مهدّئة بناءً على توصية طبيب متخصص. وقد أدى ذلك إلى معاناته من أوجاع دائمة في معدته. رغم ذلك، أثار انتحار فوزي بهذه الطريقة ذهول العائلة؛ لأن الأمر يحتاج إلى جرأة، وفوزي «لم يكن شُجاعاً وكان شديد الحرص على نفسه»، يقول الشقيقان. ويكشف محمد أن فوزي أسرّ إليه قبل شهرين أنه يبحث عن بندقية رشّاشة، لكن لم يخطر بباله أنه سيُقدم على ما أقدم عليه.
وقعت الجريمة ظهر الأربعاء الماضي، لكن لم يُعثر على جثّة فوزي قبل ساعتين ونصف. في الضاحية الجنوبية لبيروت حيث يُعد إطلاق الرصاص أمراً اعتيادياً، لم يخطر ببال أحد أن دوي الرصاصتين اللتين انطلقتا عند الثانية عشرة ظهراً، كان إيذاناً بانتهاء حياة فوزي. أُبلغت القوى الأمنية، فحضرت عناصر فصيلة برج البراجنة إلى مكان الحادثة في منطقة الكفاءات. بدأت التحقيقات بإشراف القضاء، فأُبلغ الطبيب الشرعي نعمة الملاح بالحضور للكشف على الجثّة. أعد الأخير تقريراً أشار فيه إلى أن الإصابة جاءت من أسفل إلى أعلى مُحدثة كُسور في الجمجمة. وتحدث عن وجود وشم بارودي يدل على أن إطلاق النار كان ملاصقاً للجسد. وشرح في تقريره وضعية الكلاشنيكوف التي تُرجّح عادة حادثة الانتحار.
طُلبت النشرة الجرمية للمتوفى، فتبين وجود قرار حبس لمدة شهر بحقّه صادر عن إحدى غرف تنفيذ جبل لبنان، علمت «الأخبار» أنه بسبب «نفقة» لزوجته السابقة ت.م. التي كان قد انفصل عنها منذ مدة، فضلاً عن ذكر دعاوى تتعلق بديون عالقة. المعلومات الواردة في النشرة الجرمية لفوزي تطابقت مع إفادة شقيقه الذي أبلغ رتيب التحقيق أنه يُرجّح فرضية انتحار شقيقه يأساً بسبب تراكم الديون عليه والضائقة الاقتصادية التي يمرّ بها منذ أكثر من سنة.
تجدر الإشارة إلى أن حوادث الانتحار بسبب الضائقة الاقتصادية تكررت غير مرّة. فقد سبق أن أطلق رجلٌ النار على نفسه في حيّ السلّم، لمّا لم يتمكن من إيجاد عمل. وتلاه ابنه الذي حاول أن يرمي بنفسه عن صخرة الروشة بعدما بحث كثيراً عن عمل ولم يجد. وما بين الاثنين، تبقى أكثر الحوادث فظاعة، قصّة المقاوم غسان دلال الذي قتل أولاده وزوجته ثم انتحر بعدما سُدّت سُبل العيش في وجهه.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا