فاطمة عبدالله

من أسوأ الحلقات وأكثرها إهانة للمُشاهد، حلقة الاثنين الفائت من "خدني معك".
جاد صوايا، ضيف "الكوميدي" وسام صباغ، وعد بحلقة مليئة بـ"المفاجآت". والمقصود بالمفاجآت "اطعم الفم تستحِ العين"! "عفوية" وسام صباغ ما عادت قابلة للتصديق. تمثيلية مهترئة يحوم حولها الذباب ثم يهوى أرضاً. حين سمح لـ"رجل الأعمال الطموح"، جاد صوايا، بإسكاته بشقة وكأس شمبانيا وسيجار، تقزّم في عين المُشاهد، حتى بان رخواً. مضحك صوايا وهو يقدّم "هدية الشقة" لصباغ لأنه "فنان وممثل بارع". انها نكتة العصر من الـOTV. الشاشة أول من صدّر "ثقافة" النكات.
"Money Talks". اسألوا صباغ وصوايا. الأخير مرشّح للانتخابات النيابية المقبلة. لا بدّ للـ"Image"، ان تكون لامعة، عيار 24 قيراطاً، ذهباً خالصاً. لكن الرجال عامة لا يُهدَون ذهباً. يُهدَون سيارات وشققاً و36 ألف أورو من الكازينو الخاص بصوايا في قبرص. ولكن، للأمانة، صباغ عفيف لا يقبل أموال الكازينوات. الـ"كاش" بمثابة رشى، أما الشقة، طالما انها لا تدخل الجيب، فتبقى هدية. الفنان المبدع يستحق.
يحب المُشاهد الحياة الخاصة لمن هم تحت الأضواء. البيت والذكريات والصور القديمة. إلا النيات المبطنة التي تتقدّم على هيئة نصّ مفلس. حلقة صباغ- صوايا، تشبه المواد المنتهية الصلاحية حين تُزوَّر لتباع بأسعار بائسة. ينعدم الفارق بين مرشّح يظن الطريق الى مجلس النواب رجالاً بعضلات مفتولة، لباسهم أسود لتأمين الحراسة الشخصية، وسيارات داكنة الزجاج لن تكتمل هيبتها إلا بالنمرة الزرقاء العتيدة، وبين مقدّم استطاع من خلال برنامجه تحقيق مكاسب أوقعته في موضع الشكّ وجعلته ثرياً. الطعام الفاخر، كالمتفرقات، لا يُحسب.
بدا صباغ، الذي سبق وقبل هدية سيارة من أحد ضيوفه، وكأنه يعتاش من خيرات صوايا. حياة الـ"VIP" التي مثّلها الرجلان سخيفة وفارغة. "خدني معك" لأريكَ أنني أستحق كرسياً في البرلمان، فأنا أملك أموالاً طائلة في هذه السنّ الصغيرة. يا للوقاحة وصوايا يتكلم على "دم جديد" في الانتخابات المقبلة، وينتقد الوراثة السياسية! ظننناه صاحب برنامج سياسي وطرح علمي جدّي ومنهجي، فإذا به يترك انطباعاً بأنه واحد ممن يستسهلون حلّ المشكلات بثروتهم العظيمة. الشاي بالياسمين على طريقة عادل إمام. فُهم المكتوب من عنوانه. فاتتنا الاشارة الى انه يستخدم "أفضل أنواع الباطون" في بناء الشقق. هذا همّ المواطن. التغيير على الأبواب. والشعب يريد شققاً قوية.
لحظات على دخول صباغ منزله "المودرن" حتى بدت الأجواء غير نظيفة. يسأل المدام، زوجته، (وهي مصممة ديكور لمن يعنيهم الأمر) عن ثمن اللوحة في الحائط، فيجيبه صوايا بأن ثمنها في قيمتها الفنية. هذا هو ممثل الشعب الذوّاق فنياً. يرتخي صباغ أمام كل ما تلتقطه العين. لعلها المرة الأولى يدخل فيها منزلاً نرى نسخاً عنه في المسلسلات اللبنانية. ما شاء الله. الى ان حضرت مائدة الطعام من اعداد الشيف ريشار الخوري الذي يستقدمه صوايا لـ"المناسبات الخاصة". صباغ مناسبة خاصة؟ لا. الـ"Image" أولاً وأخيراً.
الكاميرا موجّهة لتقلل احترام المُشاهد. صُوِّرت المأكولات بحذافيرها. والطائرة الخاصة والكافيه الخاص وكل ما هو خاص! الخدمة في "أرزاق" صوايا "5 Stars"، ولكن لمن يملك المال. صباغ كان وسيلة اعلانية فقط. التذرع أمام الكاميرا بنقل حياة الضيف وما لا نعرفه عن شخصيته "الحقيقية"، يتحول صورة سيئة عن تناول صباغ الطعام بشراهة. بعض الخفة مطلوب في برنامج قائم على تمضية الوقت، لكن المُشاهد ليس غبياً كي يُقدَّم له أي كان تحت غطاء التهريج و"الكوميديا".
حلقة استهانت بعقل المُشاهد. حيكت على قياس صوايا و"برنامجه" الانتخابي لأنهما يريان المتلقي سلبياً يضحك دائماً. المرشحون كثر والآتي أعظم.
 

fatima.abdallah@annahar.com.lb