محمد دهشة
مــــا زالــــــت الــمــعــالــم الدينية في مدينة صيدا ومنطقتها تشكل شاهدا عــلــى الــتــاريــخ الاســلامــي الــذي عرفته، فالمدينة لـــم تــشــتــهــر ببطولتها وصمودهافقط، وانماايضا بوجود "مقامات" لعدد من الأولـــيـــاﺀ والــمــجــاهــديــن، بعضها ما زال واضح الأثر والبعض الآخر هُدم كمقام الشيخ قاسم عند مدخل القلعة البرية وبعضها الآخر بات مقفلا والثالث ما زال ينتظر الاهتمام كي لا يصبح مجرد ذكرى.
اعتاد الصيداويون زيارة هذه المقامات ومنها مقام النبي يحيى، مقام أبــي روح، ومقام الصحابي شرحبيل بــن حسنة وســواهــم، وتشرف على هذه "المقامات" دار "الاوقـــاف الاسلامية" التي عادة تخصص خادما لها، بيد ان الكثير مــن هــذه المقامات باتت اليوم تحتاج الى المزيد من الاهتمام كي لا توصد ابوابها وتبقى مفتوحة امام زائريها الذين هم اناس غالبا ما يتبركون بها او يقومون بإيفاﺀ نذور او يدعون الله لقضاﺀ حاجة متشفعين بمن يزورونه.
ومن هذه المعالم، مقام النبي يحيى الذي يقع في منطقة حارة صيدا ويشرف على المدينة بقببه، الــخــضــراﺀ ويعتقد البعض بأنه ضريح النبي يحيى بن زكريا، بيد أن المؤرخين اختلفوا في تحديد مكان وفــاتــه، فالبعض ذكــر أنه دُفن في فلسطين والبعض الآخر في مصر، لذلك كثرت المقامات التي تُنسب إلى النبي يحيى عليه السلام والقول المرجح أنه مرّ في تلك المناطق وقــد أقيمت هذه المقامات في الأماكن التي مر فيها للتبرك.
يتألف المقام حاليا من غرفة المقام وغرفتين لاستقبال الضيوف وتذكر بعض المصادر التاريخية أنه تعرض للهدم بفعل الزلزال ثم بني من جديد، والكتابات التي على الضريح تشير إلى أن مجدد البناﺀ هو الوالي أحمد باشا، والمقام مغطى بالقماش الأخضر كبقية المقامات الإسلامية في مدينة صيدا ويؤكد المؤرخ الصيداوي الدكتور عبد الرحمن حجازي انه منذ زمــن غير بعيد كــان اهالي صيدا يــزورون المقام ويتنزهون فــي السهول المحيطة بــه، غير ان هــذه السهول اختفت بفعل العمران وتشرف على المقام عائلة من آل صالح.
ومن مقامات صيدا الشهيرة مــقــام "أبــــي روح" ويـــعـــود إلــى الصحابي الجليل شبيب بن نعيم أبي روح الكلاعي الحمصي، ويقع عند منطقة البرغوث ويتألف من أرض كبيرة اضــافــة الــى مصلى داخله ضريح المقام، غطي بقطعة قماش خضراﺀ كبيرة، كتب عليها: "إن الدين عند الله الإسلام" وسط غرفة مربعة الشكل تعلوها قبة.
يــؤكــد المشرف على المقام الــقــيﱢــم الــشــرعــي محمد تيسير أرنـــاؤوط "أن العقبة الأولــى التي واجهتنا هي ايضاح حقيقة هذا المقام للناس، في ظل الشائعات التي وصلت إلى حد الاعتقاد بأن مقامه كان ليهودي، إذ أن المنطقة التي يقع فيها اشتهرت بامتلاك اليهود لها، وخصوصاً انه يجاور مقبرة الــيــهــود ووجــدنــا صعوبة في العثور على مراجع للكتب أو مؤلفات تؤرخ لحياة هذا الصحابي الجليل" أبي روح "، إلى أن توصلنا إلــى بعض الأدلـــة الــدامــغــة بأنه صحابي، فحفظته فــي" كتيب "صغير لاظهارها للناس، والحمد لله لقد استجابوا، بخاصة بعدما قمنا بترميم وتأهيل مقامه".
امــا مــقــام الصحابي شرحبيل بــن حــســنــة، فــيــقــع شـــرق صيدا في المنطقة التي تعرف باسم الشرحبيل أو الحبايبة وهو الصحابي شرحبيل بن حسنة بن عبدالله بن المطاع بن عمرو بن كندة، المكنّى بأبي عبدالله، شــارك فــي حــروب الــردة على رأس قوات المسلمين في جيش خالد بن الوليد في فتح العراق، فشهد معاركه كلها، فتح الأردن، ثم ســار مع يزيد بن أبي سفيان في فتح الساحل اللبناني وأقام الجيش الإسلامي إلى الشمال الشرقي من مدينة صيدا وتوفي العام 18 هـ وله من 76 العمر سنة ويؤكد المؤرخون أنه توفي ودفن في شرقي صيدا التي افتتحها بنفسه العام هـ. 51 ويـــقـــول الـــصـــيـــداوي احــمــد دنــدشــلــي "انــنــا عـــادة نـــزور هذه المقامات للتبرك منها، لدينا اعتقاد راسخ انها لاولياﺀ صالحين، لاننا عندما نزورها نشعر برهبة المكان فتخشع القلوب والنفوس وتدعو الله لقضاﺀ حاجتها، الا انها تحتاج الى الرعاية والاهتمام أكثر".
وهناك مقامات أخرى في صيدا وضــواحــيــهــا، مــقــام الزويتيني، صــيــدون، الست نفيسة، الشيخ محمد ابو نخلة، الشيخ عمر الجلالي، مقام النبي يونس عليه السلام في الجية شمال صيدا، مقام النبي داود عليه السلام، مقام النبي إدريس في الغازية جنوب صيدا ومقام شمعون الصفا، ويــقــال انــه أحد حواريي المسيح عليه السلام في قرية شمع القريبة من بلدة الناقورة على الحدود مع فلسطين.
اضــافــة الــى المقامات، هناك الزوايا والتكايا وابرزها زاويــة آل جــلال الدين، آل البابا، الرفاعية، الشيخ محمود الكبي، آل الدقور، آل الزعتري القادرية، آل كالو وتكية عبد القادر الجيلاني.