كيس قمامة أم ميت؟
التصنيف: المرأة
2013-06-06 12:43 م 590
ليان راشد
هل تسلّمتم يوماً جثمان قريب لكم، أو عزيز؟ هل شعرتم حينها بذلك الوجع الصامت الذي يغوص في القلب ويمزقه عند رؤية من تحبّونه يعطى لكم كأنه شيء كريه أو كيس قمامة يجب التخلص منه؟
هاكم روايتي، وهي حقيقية مئة في المئة، وأنا على يقين من أنها تتكرر كل يوم، في مستشفيات وأماكن متعددة.
وصل موكب سيارات العائلة والأقرباء والأصدقاء إلى ذلك المشفى القابع على جانب الطريق. حضرنا جميعاً لتسلم جثمان فقيدنا الغالي ومرافقته بالصلاة.
توجهنا إلى شبّاك الاستعلامات، حيث أرشدتنا العاملة إلى باب الطوارئ، ومنه خرجنا إلى الباحة الخارجية.
التقينا بموظف آخر دلّنا إلى درج خلفي صغير، لولبي، ولجناه نزولاً. ضيِّقاً كان ذلك الدرج، مزعجاً، ومثيراً للرهبة.
نزلنا إلى الطابق الأول، ثم إلى الثاني، ودخلنا في ممرّ معتم يشبه السرداب، ومنه وصلنا إلى باب آخر، ومنه خرجنا إلى باحة خلفية أخرى، جرداء، قبيحة، ناشفة.
كانت الشمس ضاربة وحارقة. مولّدات الكهرباء تهدر وتبصق دخانها الأسود في وجوهنا. الباب الحديد الداكن على جانب الحائط مغلق، خلفه أصوات وضجيج.
كانت الحجرة صغيرة. أمتار أربعة. لا أكثر. ولا أقلّ. على الحائط المواجه مغسلة وحنفية ماء ومرشّة ولوح حديد طويل. في الجهة المقابلة طاولة تبعثرت عليها علب وأغراض.
كان هو هناك في وسط الغرفة، في نعشه، محمّلاً على عربة لنقل البضاعة.
كم يصعب أن أصف لكم الشعور بالإهانة التي يواجَه بها الموت، ويُعامَل بها الميت؟
وقف الموظفون أمامنا. كانوا ثلاثة، ببزاتهم البيضاء، أيديهم داخل قفازات طبية، وعلى رؤوسهم تلك القبعات السخيفة. تمتموا شيئاً من عبارات العزاء العابرة، وعلى وجوههم بدت علامات استعجال.
اقترب الكاهن وبدأ الصلاة. كنا نصلي معه بحرارة وخشوع. رنين هاتف خليوي صدح فجأةً بإحدى أغاني هذا العصر. ابتعد صاحب الهاتف قليلاً، وأجاب متحدثاً بصوته العالي الذي امتزج بهتافات وضحكات.
في تلك اللحظة، غمرني الحزن والأسى واليأس. وبكيت... ليس فقط على من يرقد في ذلك النعش، وهو لقي في رحمة الموت خلاصاً من عذاب لا رجاء منه. بل بكيتُ على الإنسان الذليل والمهان في بلادي، حياً وميتاً. بكيتُ على الحياة التي تفقد معناها كل يوم. بكيتُ على الكرامة التي تزول وتضمحل. بكيتُ على نفسي حين أموت.
أخبار ذات صلة
لقاء حواري للهيئة النسائية الشعبية في التنظيم الشعبي الناصري حول " دور المرأة في زمن الحرب"
2024-08-18 09:01 م 216
شابة عمرها 35 عاماً تكسب نصف مليون دولار وهي في منزلها
2024-06-22 05:09 ص 309
الهيئة النسائية الشعبية في التنظيم الشعبي الناصري تعايد بشهر رمضان المبارك
2024-03-13 12:32 م 230
الهيئة الوطنية للمرأة في مدينة صيدا وبمناسبة يوم المرأة العالمي
2024-03-09 05:55 م 219
إعلانات
إعلانات متنوعة
صيدا نت على الفايسبوك
صيدا نت على التويتر
الوكالة الوطنية للاعلام
انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:
زيارة الموقع الإلكترونيتابعنا
أطباء يحذرون: لا تجلس على المرحاض لأكثر من 10 دقائق لهذا السبب
2024-11-14 09:31 م
بدر زيدان: لخدمة صيدا وأبنائها وهو يسير على درب والده السيد محمد زيدان
2024-11-14 03:35 م
خليل المتبولي - المحبة بين الناس: جوهر العلاقات الإنسانية في زمن الحرب
2024-11-06 12:23 م
حكم وعبر في الحياة
2024-11-04 10:37 م
بالصور غارة على بلدة الغازية
2024-11-03 01:32 م
من هم أبرز المرشحين لخلافة السنوار
2024-10-19 06:19 ص
كارثة صحية تهدد مستشفيات صيدا بعد استنفاذ مخزونها من المستلزمات الطبية
2024-10-18 09:40 ص
حمام الشيخ في صيدا القديمة يفتح أبوابه لتمكين النازحين من الاستحمام
2024-10-17 03:02 م
مبروك المصالحة مبروك لصيدا وللنائب الدكتور أسامة سعد والمحافظ منصور ضو
2024-10-10 10:39 ص
بالصور تعليق عدد من اللصوص على الأعمدة في وسط الشوارع بالضاحية الجنوبية