في اطار المرحلة الثالثة من الإستراتيجية الوطنية للتربية البيئية التي وضعتها جمعية الثروة الحرجية والتنمية AFDC والمركز التربوي للبحوث والانماء تحت اشراف وزارتي التربية والبيئة ، والتي اختيرت ثانوية السفير- الغازية من بين ثلاث مدارس في لبنان مدرسة بيئية نموذجية لتطبيقها في الجنوب وتعميمها على المجتمع المحلي انطلاقا من المدرسة ، نظمت ادارة الثانوية بالتعاون مع الجمعية والمركز التربوي وبدعم من مؤسسة" هانس زايدل "الألمانية ورشة عمل بيئية مشتركة مع المجتمع المدني لمناقشة الخطة ووضع آليات عمل لتعميمها ، شارك فيها ممثلون عن بلدية الغازية وعدد من الجمعيات البيئية والأهلية ولجنة الأهل ولجنة البيئة في المدرسة وحشد من الأهالي والمهتمين .

 واستهل رئيس مجلس ادارة ثانوية السفير احمد نجيب نحولي الورشة بكلمة ترحيبية عرض فيها لأهداف الثانوية في تبني وتعميم التوعية البيئية انطلاقا من الأجيال الجديدة فقال: عندما افتتحتُ ثانويّة السّفير، كان يسكُنني همّان، أوّلُهما بناءِ أجيالٍ واعيةٍ متعلّمة، وثانيهما الحفاظَ على البيئة وحِمايتُها من كلّ ما يؤذيها.والواقعُ أنّ هاجسَ البيئة سـيطر عليَّ منـذ فتـرةِ الثمانينيـات، ولعــلّ ما أثّــر فيّ كثيـراً، مـقالـةٌ قرأتُها في مجلّة الزراعة في العالم العربي وهي مقالةٍ مترجمه عن مجلة إنكليزيّة، يقول كاتبُها إنّ الدّراساتِ أثبتت أنّ ستّين في المئة من الأمراضِ الخبيثـة الّتي تضربُ البشر إنّما تعود إلى الموادّ الكيماويّة الّتي تُغـذّىَ بها المزروعاتُ والخضروات والّتي تتحوّل إلى سمومٍ قاتلة يتناولها المُستهلك من دون أن يدري ما تحمِله له من نتائج  وخيمة تدمرُ جهاز المناعةِ لديه.ولكي أكون أكثر صراحةً، أقـول إنّ أرضنا باتـت موبـوءة نتيجةَ جشع الشّـركات الرّاغبـة بالمزيـد من الإنتاج بغضّ النّظر عن النّوعيّة، وجهلِ المستهلكين ، بدءاً من أجدادنا والآباء وانتهاءً بأبناء جيلِنا الّذين قد يدركون مخاطر الموادّ الكيماويّة من دون أن يعملوا على تجنّبها.

واضاف: انطلاقاً ممّا تقدّم ومن قناعتي الرّاسخة بضرورة الحفاظ على البيئة، فقد كرّستُ العمل التّربويّ ليكونَ في خدمة البيئة وحمايتِها، وإذا كانت مؤسّستُنا قد اختيرت هذا العام كمدرسٍة نموذجيّةٍ لتطبيق سياسة الحفاظ على البيئة، فإنّني لا أعتبرُ ذلك سوى محطّةٍ على الطّريق الطّويل الّذي أسعى إلى سلوكِه وصولاً إلى الأهدافِ الكبرى المرتسمةِ في ذهني. وفي هـذا الإطار، وضعْنا للمدرســه خطّةً خمسيّـة تقـوم على الاستغناء عن الطّاقة  من مصدرها الحالي واعتماد الطاقه البديلة المتجدده، وترشـيد استخدام المياه، وإعادة تدوير النّفايات واعتمادِ الزّراعة العضويّة.وفي المجالِ الأخير، أي الزّراعةِ العضويّة، أفخرُ بأنّني بدأتُ مشروعاً على المساحةِ المحيطةِ بثانويّة السّفير يعتمدُ الزّراعة الخاليةَ تماماً من أيّة موادّ كيماويّة، وافتتحتُ معرضا لتصريفِ الإنتاجِ في مدينـة صيدا كي يشـعرَ المستهلكُ بالنوعيةِ للزراعات الطبيعيه، والأهمُّ من كلِّ ذلك أنّ هذا المشروع يقوم على إشراكِ الطّلاّب في العمل الزّراعيّ على أن ينالوا مقابلَ ذلك نصيباً من ريع الإنتاج ، وذلك لتحقيق عدّةِ أهدافٍ في الوقتِ نفسِه، منها أن يكونَ الطّالبُ قريباً من الأرض وصديقاً لها، ومنها أن يتحمّل مسؤوليّة العمل فيها فلا يؤذيها، ومنها كذلك أن يثقَ بنفسه وبقدرتهِ على العطاء، ومنها أيضاً أن يكونَ قادراً على البحث عن مصادرَ للدّخْلِ تعودُ عليه بالفائدة. وإنّني أعتبرُ إتاحةَ الفرصةِ أمام الطّلاّبِ للعمل الزّراعيّ الصّديق للبيئة إنجازاً هامّاً، لأنّ هؤلاءِ الطّلاّبَ هم رجالُ الغد الّذين سينمو فيهم حُبّ الأرضِ وحُبّ حمايتها، وهذا مشروعٌ له طابع الدَّيمومةِ في مستقبل الأيّام. وأخيراً، أشكر لكم حضورَكم ومشاركتَكم آملاً أن نكون جميعا، جنـودا عاملين في سبيل حماية هذه الارض وبيئتها. وأن تكونَ حمايةُ البيئة موضعَ اهتمام المجتمع الأهليّ كي ننعمَ فعلاً بأرضٍ خاليةٍ من الأمراض والأوبئه، وببيئةٍ سليمةٍ تحمل الصّحّةَ والسّلامةَ، لنا ولأبنائنا وأحفادِنا من بعدنا.

ثم تحدث مدير برنامج الحفاظ على البيئة في جمعية الثروة الحرجية والتنمية AFDC هشام سلمان فأشار الى ان هذا اللقاء يهدف لعرض ومناقشة خطة المدرسة البيئية التي تم وضعها بوحي من الاستراتيجية الوطنية للتربية البيئية في لبنان والتي تم اطلاقها العام 2012 برعاية وزيري التربية والتعليم العالي والبيئة. وقال: لقد عملت جمعية الثرورة الحرجية والتنمية AFDC منذ العام 2009 على تطوير هذه الاستراتيجية بالتعاون مع المركز التربوي للبحوث والانماء CRDP وبدعم من مؤسسة هانس زايدل الألمانية HSF . وتندرج اهمية الاستراتيجية بوضع خطة بيئية شاملة لكل مدرسة من المدارس اللبنانية بقطاعيها الخاص والعام . وتحدد الخطة المدرسية مسارا بيئيا لها يشمل كل اقسام ومكونات المدرسة من ادارة وقطاع تعليمي ومناهج وانشطة صفية ولا صفية وابنية ومجتمع محلي محيط بالمدرسة ولجان اهل ودراسات وابحاث بالاضافة الى تقييم التطور وتحديد الانجازات ومكامن الضعف . وتأمل الجميعة من هذا اللقاء مناقشة خطة المدرسة مع المجتمع المحلي الحاضر معنا اليوم مثل البلدية ولجنة الأهل وجمعيات بيئية حاضرة وفاعلة ومؤسسات اقتصادية ، ويضمن هذا النقاش تعاونا كاملا بين المدرسة والمجتمع المحلي من اجل تحقيق بيئة افضل لأولادنا ونشر مفهوم المحافظة وحماية بيئتنا لضمان استدامتها للأجيال القادمة.

وتحدث الدكتور محمد فريد خليل الأستاذ في الجامعة اللبنانية الدولية وجامعة الاسكندرية متناولا دور الجامعات في القضاء على التلوث البحري ودور المنظمات الأهلية في دعم مشاريع الطلاب الخاصة بالنشاطات البيئية ، عارضا لبعض نماذج من هذه المشاريع في مجال الحفاظ على البيئة والحد من التلوث وترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية والمائية .. ومنوها بجهود ونشاط ثانوية السفير في هذا المجال .

ثم استعرضت منسقة التربية البيئية في جمعية الثروة الحرجية والتنمية سهام سلمان الخطوط العريضة للإستراتيجية الوطنية للتربية البيئية في لبنان واهدافها ومراحل اعدادها وتطبيقها فقالت: بعد عمل استمر ثلاث سنوات خرجت الاستراتيجية الوطنية للتربية البيئية ، واخترنا 3 مدارس من لبنان هي ثانوية السفير في الغازية ومدرسة المنار في رأس المتن ومدرسة قب الياس الأهلية لتطبيق هذه الاستراتيجية ، وتم تدريب المدرسين والادارة حول كيفية تطبيقها عبر وضع خطة استراتيجية للمدرسة والسير وفقا لها خلال 3 او خمس سنوات تطبق فيها النقاط التي ركزت عليها الاستراتيجية الوطنية للتربية البيئية ..والهدف كان ان تنهض المدرسة بمجال التربية البيئية من خلال المناهج المدرسية وتطبيقها على الأرض مع التلاميذ وتعميمها على المجتمع المحلي ، لنصل الى مواطن واع بيئيا ..

واضافت :ان التربية البيئية حاجة آنية ومستقبلية ما يجعلها تربية مستدامة وشاملة تهدف الى تحسين نوعية حياة الانسان اللبناني عبر المحافظة على البيئة التي يعيش فيها من خلال التربية وصولا الى تحقيق التنمية المستدامة .. وحددت سلمان اطار تطبيق الاستراتيجية بحلقة متكاملة تشمل " المنهاج التربوي والادارة والأبنية المدرسية والمجتمع والثقافة والمشاركة والقياس والتقويم " ومجالاتها " الدراسات والبحوث والمناهج التعليمية والكتب المدرسية والأنشطة والسلطات والبيئة المحلية والمعلمين والادارة المدرسية والاعلام والمنظمات المانحة وصولا الى التقويم والتصويب ". ثم عرضت الخطة الخمسية لتطبيق الاستراتيجية والتي تمتد لخمس سنوات ، والآلية التنفيذية.

وتحدث المهندس بسام التقي عن مشروع ترشيد الطاقة الكهربائية الذي بدأت بالتحضير له ثانوية السفير عبر تحويل التغذية الكهربائية في المدرسة من الكهرباء العادية الى الطاقة الشمسية فقال: يجب ان نعرف كيف نحسن سلوكنا مع الطبيعة ، ومتى نستخدم الطاقة وما مقدار ما يجب ان نستخدمه بحيث كل حركة من حركاتنا تكون متجانسة مع حركة الطبيعة ، هذا يتطلب ثقافة علمية مع قليل من الخبرة ، في استخدام الطاقة . والهدف هو ان نصل خطوة خطوة الى الاستغناء عن الكهرباء حتى عن المولد ، وان نصل بكهرباء المدرسة الى الصفر، وهذه الثقافة يجب ان ننقلها من المدرسة الى الطلاب وعبرهم الى الاهل والمجتمع .. لافتا الى ان المشروع سينفذ على مراحل : مرحلة رصد مكامن الهدر واين الأحمال التي تصرف وتحجيمها ، وتحسين ادارة الأحمال بعد توفيرها ثم توليدها من الشمس الذي قال انه امر يفيد المدرسة ويفيد الشبكة العامة كونه يخفف عنها الأحمال ويخفف بالتالي من الطاقة المهدورة ،ونستطيع في مراحل لاحقة ان نغذي الشبكة الرئيسية بان نعيد اليها الطاقة التي ناخذها منها .

وشرحت ممثلة اللجنة البيئية في ثانوية السفير ارابيلا عبد الهادي خطة المدرسة في مجال البيئة والزراعة العضوية وترشيد الطاقة فقالت: منذ ان انطلقت ثانوية السفير في العمل كان للأنشطة البيئية حيز هام في نشاطاتها ، وبعد وضع الاستراتيجية الوطنية للتربية البيئية في لبنان من قبل جمعية الثروة الحرجية والتنمية وبالتعاون مع المركز التربوي للبحوث والانماء اتسع نطاق هذه الأنشطة .. وتتضمن هذه الخطة اشراك والانفتاح الحقيقي على المجتمع المدني ليكون العمل اكثر شمولية ، حيث تتحول حماية البيئة الى عمل يومي ويغدو هذا النشاط جزءا اساسيا وعنصرا مهما من شخصية المتعلم .. بناء على هذا تم تأسيس اللجنة البيئية من الهيئتين الادارية والتعليمية لمواكبة تطبيق الخطة الخمسية .التي من اهدافها العامة خلق انسان واع بيئيا وجعل ثانوية السفير مدرسة صديقة للبيئة . وهذه الخطة تقوم على : التخفيف من إنتاج النفايات ، وفي هذا الجانب سيصار إلى إيجاد السبل التي تؤدي إلى التخفيف قدر الإمكان من كمية النفايات وذلك وفق طرق عملية موضوعية .والتخفيف من استهلاك الطاقة واعتماد الطاقة البديلة المتجددة كالطاقة المائية والطاقة الشمسية ، نظراً لما تؤمنه هاتان الطاقتان من توفير من دون أن تسيئ إلى البيئة،  واعتماد الزراعة العضوية، وهي الزراعة التي لا يرفدها أي نوع من أنواع المواد الكيماوية ، وهو أمر هام في زمن باتت فيه المواد الكيماوية والهرمونات عصب الزراعة السائدة . كما نسعى هنا إلى إنتاج السماد الطبيعي. وفي هذا الإطار اعتماد سياسة التشجير وخلق بيئة مساعدة ومناسبة للزراعة ، وترشيد استهلاك المياه ، فالمياه طاقة هامة ينبغي الحفاظ عليها والإفادة منها بالحد الأقصى الممكن ، وإعادة تدوير النفايات ، وهو امر هام جداً نظراً لما يؤدي إليه من تخفيض من كمية النفايات ، والافادة من النفايات التي يصار إلى تدويرها ، وإشراك المجتمع المدني في المشروع بحيث تشعر القوى الفاعلة في المجتمع بان هذا المشروع يعنيها ويلامس مصالحها ، وفي الوقت نفسه من شان هذا المشروع أن يشعر الطلاب بأنهم معنيون بإنجاز هذا النشاط .

*وداخل المربي والمؤلف عبدو لبكي ( من دار الابداع للنشر ) فقال: انا يشرفني ان اكون في مدرسة السفير التي تحمل لواء التربية وهم الانسان والبيئة ، ولو كنت رئيس للوزراء لإخترت الأستاذ احمد نحولي وزير للبيئة .. واشكر جمعية الثروة الحرجية والتنمية والمركز التربوي والمؤسسة الألمانية لاختيارها مدرسة السفير وقد احسنت الاختيار لكي تكون مدرسة نموذجية في الجنوب لإستراتيجية وطنية للتربية والتنمية البيئية ..فعندما نصل الى هذا الوعي البيئي ونوصله لأولادنا وطلابنا عندها يصبح بالامكان التعامل مع الطبيعة والبيئة تعاملا سلوكيا . المهم هو السلوكيات البيئية . يجب ان ننفذ الى داخل البيئات العائلية ايضا ، انا اقترح ان نختار من طلابنا ابناء العائلات ان يكونوا رسلا للبيئة في عائلاتهم . لافتا الى انه من المهم ان تتضمن المناهج التعليمية اشارات بيئية الى ما يجب ان يسلكه المتعلم في بيئته ، وخلص للقول :وطننا صحيح هو لغتنا ولكن هو ايضا بيئتنا .

*وكانت مداخلة من علي بدران ( عضو الهيئة الادارية لجمعية المحافظة على البيئة في الغازية ) الذي استعرض ما قامت وتقوم به الجمعيات البيئية والأهلية في المنطقة على صعيد الوصول الى بيئة نظيفة معتبرا ان اهم شيء هو وجود النية والبنية والاستمرارية وتبني السلطات المحلية لأي خطة او عمل يصب في مجال حماية البيئة وايجاد الحوافز للمجتمع المحلي لتبني الخطط  والأنشطة البيئية ايجاد الرادع من قبل الجهات المختصة للحد من التلوث البيئي .

*وتحدث الأب ميشال قنبر فقال:ان احترام الخليقة هو من احترام الخالق، فاذا ربينا اولادنا على ان يبدأوا باحترام بيئتهم كما تتفضلوا بهذا المشروع فانكم بذلك تساهمون بعمل روحي مهم جدا .. قادرون ان ننمي الحس البيئي لدى اولادنا للوصول الى الغاية المنشودة .

*وداخلت رئيسة المنتدى الثقافي في الغازية امل ايوب غدار فعرضت لتجربة المنتدى في موضوع تدوير النفايات واعتماد الفرز من المصدر ، وتطرقت الى ضرورة تأمين الأماكن التي تذهب اليها النفايات التي تفرز ليعاد تدويرها .. معتبرة انه هو عمل متكامل ، يحتاج الى تعاون وتضافر جهود الجميع .

*وداخلت رئيسة التنظيم المدني في صيدا المهندسة آية الزين حول موضوع النفايات التي لا تدخل في اعادة التدوير ولا في الادارة المتكاملة للنفايات المعتمدة حاليا مثل فضلات السمك ونفايات المسالخ والنفايات الناجمة عن تشحيل الشجر والتي تحرق في ارضها، وكيفية الافادة منها في صناعة سماد يساعد في الزراعة واستصلاح الاراضي.

*كما كانت مداخلة للمهندس علي خليفة ( شركة دبانة ) حول الزراعة العضوية واهميتها وايجابياتها على البيئة وصحة الانسان .

*وبعد نقاش مستفيض، انتهت اللقاء الى توصيات من المشاركين على ضرورة متابعة تنفيذ الأفكار والمقترحات التي خرجت من هذه الورشة ، واهمية تطبيق القوانين التي تحد من تلوث البيئة وتحمي التنوع البيولوجي والطبيعي في لبنان ، مثل قوانين منع الصيد وووقف عمل المرامل والكسارات وغيرها من القوانين وتطبيق سياسة بيئية صحيحة بالتزامن مع تنفيذ الخطط البيئية وتعميمها واعادة تقويم السلوكيات في مجال التعاطي مع البيئة المحيطة، وفي الختام تبنت ثانوية السفير ومعها جمعية الثروة الحرجية تنفيذ بعض الأفكار المطروحة لإيجاد حلول للمشاكل البيئية التي تواجه المجتمع المحلي والصعوبات التي تواجهها المنظمات العاملة في هذا الاطار .