×

عين الحلوة: سعيٌ إلى عمل لائق

التصنيف: Old Archive

2013-06-15  04:10 ص  758

 
انتصار الدنان

تعيش فاطمة عبد العزيز، من بلدة صفورية، في مخيم عين الحلوة، وهي أم لأربع بنات وصبي. هي معيلة أسرتها، بسبب مرض زوجها الذي لا يقوى على العمل. تعلمت فاطمة الخياطة في العام 1984، وما تزال حتى اليوم تعمل بهذه المهنة، لتؤمن حياة كريمة لعائلتها. تفتخر بأنها استطاعت أن تعلم ابنة من بناتها في «جامعة بيروت العربية». وقد تخرجت الفتاة مهندسة معمارية، بفضل جهد والدتها.
كانت فاطمة تخيط الملابس في منزلها، وتستخدم ماكينة الخياطة القديمة الخاصة بوالدتها. لكن مع مرور الزمن، وازدياد مصاريف عائلتها، لم تعد مهنة الخياطة في المنزل كافية للإعالة، ففكرت في أن تقوم بمشروع يسد لها احتاياجات أسرتها ويكون معيلاً لها. فمن خلال تمويل مشاريع صغيرة، كان الاتحاد الأوروبي يقدمها، استطاعت أن تؤمن لمشروعها مبلغ 1500 دولار، استطاعت من خلاله شراء (الماكينات اللازمة) للعمل. ومن ثم استأجرت محلاً مناسباً. وفكرة أن يكون المحل في عين الحلوة له أسبابه، كما تقول «لأنه وبصراحة أوفر، وأستطيع أن أوفر فرص عمل لبنات المخيم اللواتي لا يستطعن الخروج للعمل خارجه». ففي المخيم «إيجار المحل أقل كلفة، حيث لا يترتب عليه ضرائب وغيرها، وكذلك لا مواصلات»، وفق فاطمة. وقد حققت نجاحاً في مجال عملها، وخاصة عندما بدأ يقصدها أشخاص من خارج المخيم، لاستئجار فساتين للأعراس.
واللافت أن الأشخاص الذين يدخلون إلى المخيم، كانوا عندما يسمعون عين الحلوة سابقاً، قد يعتريهم بعض من الخوف، لكن ما إن دخلوه حتى شعروا بحياة المخيم. فدارت في رؤوسهم أسئلة عدة، كيف يستطيع الناس في هذا المخيم العيش على الرغم من ضيق المساحة الجغرافية، وإحكام «الطوق السياسي» عليهم؟
المخيم حياة الفلسطينيين المقيمين فيه، لأن الفلسطيني خارج المخيم تضيق عليه الحياة، ولا يستطيع العمل لأسباب عديدة تتعلق بقانون العمل وقرارات وزارية. وإن قُدر له ووجد عملاً خارج المخيم، فإن الراتب لا يكفيه حتى لدفع مواصلاته. ففي المخيم، يبتعد عن ذلّ السؤال ويبحث عن البديل، البديل الذي يكفل له حياة كريمة. وهو في إيجاد عمل داخل المخيم.
محمد أبو عطية، وهو أيضاً من سكان عين الحلوة، عنده معمل لصناعة المفروشات في المخيم. والفكرة لم تأته صدفة، إنما لها أسباب عدة، يقول: «كنت أعمل أجيراً في أحد المصانع خارج المخيم، دهان موبيليا. وكنت أتقاضى أجراً زهيداً لا يسد لي احتياجات معيشتي، ففكرت أن أستأجر محلاً صغيراً في المخيم، لأحسن من وضعي المعيشي». يضيف «صرت أشتري المفروشات القديمة ومن ثمّ أعمل على إعادة تنجيدها وأبيعها بسعر أقل من أسعار الآخرين، وهكذا بدأت بتطوير عملي إلى أن صرت أصدر مصنوعاتي للمعارض الموجودة خارج المخيم، وفي كل المناطق اللبنانية، بدءاً من صيدا فالنبطية، وإلى مدينة طرابلس في الشمال اللبناني». ويفضل أبو عطية «أن أبيع الزبون الموجود داخل المخيم، لأنه زبون دائم، ويستفيد أكثر من السعر، لأن المعارض ستبيعه بسعر مرتفع». في مصنعه، يعمل اليوم خمسة عشر عاملاً، أي أنه يطعم خمس عشرة أسرة فلسطينية. أحد العمال في المصنع، أحمد، يقول: «استطعنا في المصنع أن نعمل بكرامتنا، من دون أن نسمع كلمات التوبيخ والإهانة، كما استطعنا ضمنا تأمين حياة كريمة لأسرنا».
أما خالد ومحمد شرقية، اللذان يعملان في محل لبيع السندويشات، تعلما وتخرجا وفي جعبتهما أحلام كبيرة. أحدهما درس فندقية، والآخر تجارة ومحاسبة. لكنهما لم يستطيعا إيجاد عمل، فـ«السوق الخارجي لا يرغب بتشغيل الفلسطينيينن، و توجهه يصبّ نحو تشغيل السوري». من هنا، أتت فكرتهم بفتح محل متواضع داخل المخيم، يضمنان من خلاله تأمين رزقهما الكريم، بالإضافة إلى وجودهما داخل المخيم وبالقرب من بيتهما وأهلهما.
محلهما المتواضع يعمل فيه ثلاثة عمال، يؤمنون قوتهم ورزقهم الكريم. يختمان «مخيم عين الحلوة مكان يضج بالحياة، فالمحل قرب المحل، وكل ما تطلبينه تجدينه

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا