×

مكالمة نص ليل

التصنيف: المرأة

2013-06-25  11:31 م  1435

 

جورج موسى
 الو، مرحبا!
- أهلاً، هل أنت بخير؟ أرعبتني.
- لا تقلقي، أنا "منيح".
- ما الخطب اذاً! لأيّ سبب قد تطلبني عند الأولى فجراً؟
- أعتذر، لكنّ رغبة ملحّة بـ "النق" تجتاحني. أريد أن "أنق" كثيراً. هل لديك الاستعداد لسماعي؟
- اتصلت بي وانتهينا. لن أقفل الخط بوجهك - مع أنني أرغب بذلك - ماذا تريد أن تقول؟
- هل أنا إنسان طبيعي؟
- لِمَ هذا السؤال الغريب؟
- لا تردي على سؤال بسؤال، هل أنا إنسان طبيعي؟
- أجبني أنت بداية، ماذا تعني بكلمة "طبيعي"، من أي معيار تنطلق؟
- من الناس الذي يحيطون بنا، من قدرتهم على التكيّف مع كل حفلات الجنون التي تدور حولنا.
- ومن قال لك إن المحيطين بنا متكيّفون مع كل هذا الجنون الذي تتحدث عنه؟
- أجدهم، مبتسمين سعداء!
- من قال لك أيضاً إنهم سعداء. ثم، ما الذي تريده منهم: يغرقون في اليأس، فيما الأمل بحياة أفضل، يبدو بعيداً مئة سنة ضوئية عنا؟
- إسمعي، أعرف أن حديثي ممل، لاسيما في هذا الوقت المتأخر. لكنّ ثمّة بركاناً يغلي في صدري. أراني مكتئباً بلا سبب وجيه.
- يا عزيزي، كلنا يعيش اكتئاباً مقلقاً. لكننا نحاول التحايل على الأمل في بلاد الزمن الضائع. ترانا نبتسم له، علّه يحنّ بدوره علينا ويبقى ملازماً لنا. نتحايل حتى على الفرح. نسرق خلسة لحظات نادرة للسعادة. نبتهج أحياناً لأسباب لا تبدو وجيهة. نخاف في الليلة الأولى من صواريخ غامضة تخرق قلب المدينة، ثم نهرول في اليوم التالي إلى جونيه لنلتقط صوراً ملوّنة للألعاب النارية، ونأمل معها بإنطلاق موسم المهرجانات والصيف. في اليوم الثالث، نستعير حلم شاب فلسطيني بالشهرة والمجد، ونعيش معه ومع شعبه – فرحة ولو هشّة – بإنتصار، قبل أن نعود في اليوم الرابع إلى جحيم صيدا .
- هذا ما أتحدث عنه. أتعلمين، أنا أغار. أغار من كل من يمكنه أن يحقق انتصاراً في زمن الإنكسارات. أغار من كل من يمكنه أن يحب - ويدمن الحب - في زمن الحقد والكراهية والاقتتال. أغار من كل من يضع جدولاً منطقياً لمشاريع حياته في زمن العبثيّة. أغار من كل من يستطيع الحلم في زمن الخيبات. أغار من كل من يشعر بالانتماء تجاه وطن يقتل فيه جيشه من دون أن يحرك أحدهم ساكناً. وأغار أيضاً من كل من يمكنه أن ينجب طفلاً - ويفرح بوصوله - في وقت يقتل فيه الأطفال ويُغتصبون ويُعرضون للبيع في أسواق سوداء ومزادات علنيّة.
- أنت قادر على تشخيص الحالة وتحديد العلاج! المشكلة ليست في كونك طبيعياً. المشكلة أنك لست شجاعاً كفاية لمواجهة الظروف وربما التغلّب عليها. تقول أوبرا وينفري إننا نحصل في الحياة على ما نملك الشجاعة لنطلبه أو نسأل عنه. الليلة، أنت قطعت نصف شوط لأن الشجعان وحدهم، من يملكون الجرأة للبوح علناً بمكامن ضعفهم. نم ملء جفنيك، وتذكّر: أحياناً، علينا أن نوهم الخوف والجبن بأننا أقوى منهما حتى يرحلا، وأحياناً علينا أن نغوي الحظ ليقترب منا.... تصبح على خير!

georges.moussa@annahar.com.lb
Twitter: @moussa_georges
 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا